«المنار» ستبقى شعلة النضال

عباس الجمعة

إنّ قرار إدارة «عربسات» بحجب قناة «المنار» وقبلها «الميادين»، في ظلّ الانتفاضلة الباسلة على أرض فلسطين بمواجهة الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه، وأمام صمود قوى المقاومة في مواجهة الإرهاب التكفيري المدعوم من قبل القوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية، هو خطوة غير مبرّرة أخلاقياً ومهنياً وسياسياً وتندرج هذه الجريمة الإعلامية النكراء في إطار سياسات ممنهجة تسلكها هذه الإدارة خدمة لمشاريع أصبحت معروفة.

من هنا نرى أنّ ما أقدمت عليه «عربسات» يعتبر قمعاً لحرية الكلمة والتعبير، بحجب القنوات الفضائية الداعمة لفلسطين ولخيار المقاومة، باعتبار أنّ قناة المنار تشكل أحد رموز الإعلام المقاوم والشفاف والصادق في خطوة غير مبرّرة أخلاقياً ومهنياً وسياسياً، والهدف هو قمع حرية الفكر والكلمة الصادقة.

وأمام هذه الظروف نقول إنّ ما تتعرّض له القنوات الفضائية هو هدفه حرف بوصلة الشعوب عن القضية المركزية فلسطين من خلال استدراج المواطن العربي والعقل الإنساني إلى غياهب الماضي والتخلف والافتراء والكذب والدجل.

لذلك نرى أهمية العمل على استنهاض كافة المنابر الإعلامية لمواجهة هذه الحملة والتضامن مع القنوات الفضائية المقاومة التي تتخذ من فلسطين بوصلة لها وتفضح مخططات القوى الإمبريالية والصهيونية الداعمة للإرهاب، لأنّ قرار عربسات مخالف أصلاً لكلّ الأعراف الإعلامية ومواثيق الشرف المعتمدة في هذا الإطار.

إنّ قناة المنار ستبقى قناة المقاومة، رغم التحديات، وهذا ما نؤمن به وبقدرتها على مواجهة هذا الضغط بالمزيد من الشفافية وكشف الخزي والتآمر على الأمة، ولن يثنيها قرار عربسات عن متابعة المسيرة الإعلامية التي أنشئت من أجلها وعن المضي قدماً في التعبير عن صوت المقاومة والإنسان والضمير والعقل العربي النير الذي بنى المنطقة والحضارات وليس عن المتخلفين الذين ما زالوا يعيشون في عصور الجاهلية والظلام، وإنّ الكلمة والصورة تؤرقان الاحتلال، وتفضحان جرائمه، وتكشفان حقيقته أمام الرّأي العام العالمي، وهذه القناة التي نهضت من تحت ركام العدوان الصهيوني عام 2006 لتصنع مجد وانتصار المقاومة، قدمت قوافل من الشهداء الإعلاميين، وهي تحمل رسالتها بكلّ شجاعة وأمانة.

وأمام كلّ ذلك نقول إنّ المهمة التي قامت من أجلها قناة المنار هدفها إقامة توازن بين واجبها الإعلامي ومواكبة نضال الشعب الفلسطيني، وفضح وتعرية الإرهاب الصهيوني، إضافة إلى فضح مختلف أشكال الإرهاب الذي تتعرّض له أمتنا العربية.

قناة المنار لها اتجاهها المعروف، وتتوخى المصداقية في مادتها الخبرية قدر الإمكان، وبشكل يحرج كلّ فضائيات الكذب المزمن.

لم يُسجل للقناة طوال مسيرتها، اعتمادها لغة تحريضية في أخبارها طيلة حضورها القوي في تغطية الأحداث التي تجري، فمادتها الإعلامية تعتبر من أفضل وأقوى الأسلحة والأدوات للشعوب الرازحة تحت نير الاحتلال، بما لها من ميزات وقدرات على نفوس الشعوب وتصوير الحقائق كما هي، وبمعنى آخر فهي ملتزمة إيصال المعلومة الصادقة للمتلقي والجمهور الواسع والعريض في كلّ أنحاء العالم الذي تنهال عليه المعلومات المغلوطة والمزورة بكثافة وعلى مدار الساعة بغية التأثير عليه وجعله مصدقاً أو مكذباً لهذه المعلومة وذلك الخبر وبالتالي مناصراً أو طرفاً في الصراع القائم.

إنّ قناة المنار، وبتقنياتها الحديثة والتي تتطور بسرعة مذهلة، تشكل قوة ضاغطة على الأطراف المختلفة وتجعل من القضية المنسية، قضية حاضرة وفاعلة بقوة على المسرح السياسي والشعبي، ولعلّ كل صورة يتم التقاطها من ميدان الحدث سواء بأيدي مصورين مهنيين محترفين أو بأيدي متطوعين هي سند إثبات لحقيقة مهمّة وورقة رابحة في مسيرة التقدم والانتصار على أكاذيب العدو وإعلامه.

إنّ مجرد إيصال الحقيقة للجمهور فهذا يعني أنّ الإعلام مقاوم، بل وتكون كلمته أو صورته أجدى في بعض الأحيان من طلقات الرصاص، ولا ينبغي أن تحمل قناة المنار بندقية من أجل أن نقول عنها أنها مقاومة، القصة ليست في التعبير الرمزي وإنما في المعاني التي تحملها الكلمات.

نعم المنار صمدت وناضلت واجتازت الصعاب طويلاً في كل محفل من أجل أن تحصل على حقها في التعبير، وحقها في إيصال الحقيقة للشعوب، وأنّ سلاحها الصورة والكلمة في وجه الاحتلال الصهيوني والقوى الاستعمارية والإرهابية، وهذا ما تحتاجه الشعوب في الميدان، حيث ينقل مراسلو المنار بعدساتهم وأقلامهم الخبر تلو الآخر ويوثقون جرائم الاحتلال في حقّ الشعب الفلسطيني وجرائم الإرهاب في حقّ الشعوب العربية.

ختاماً، لا بدّ من القول إنّ قناة المنار هي صانعة الإعلام المقاوم إلى جانب قناة الميادين وقنوات الأخبار الفضائية الأخرى، حيث تشكل تحدياً حقيقياً في مواجهة العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية والإرهابية التكفيرية، باعتبارها تعبر عن رغبة الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا الأبي والشعوب العربية التي ترى فيها إعلاماً حراً نزيهاً عنوانه «مقاومة الاحتلال»، ويأخذ بناصيته خبراء وإعلاميون أكفاء، تتملكهم الجرأة وتعشق نفوسهم التضحية من حرية فلسطين وشعوب المنطقة، فالمنار ستبقى شعلة وجذوة الاهتمام بقضيتنا وبقضايا الشعوب العربية.

كاتب سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى