كيري وفابيوس: لتعاون الحكومة والمعارضة ضدّ الإرهاب في ظلّ الأسد صراع الحريري ـ جعجع وتفاهم عون ـ فرنجية يقرّران مستقبل الرئاسة
كتب المحرّر السياسي
لا وقت للترف بعدما دقّت سكاكين «داعش» وانتحاريّوها أبواب باريس وواشنطن، ولا وقت للترف بينما أقصى ما يستطيعه التركي والسعودي هو الندب واللطم من مضامين التسويات المتاحة، ولو استمعت واشنطن لنصائح الضلع الثالث الذي يمثله بنيامين نتنياهو للثنائي السعودي – التركي، وما تقدّم به هذا المثلث تجاه التفاهم النووي مع إيران، لضاعت الفرصة وكانت إيران اليوم دولة نووية عسكرية، كما أوحى وزير الخارجية الأميركي جون كيري في كلامه الذي أشاد خلاله بالتفاهم، وهو يتقدّم خطوة لينطق بالموقف الجديد تجاه الحرب مع الإرهاب، داعياً إلى تعاون الحكومة السورية وجيشها مع المعارضة الجادّة والمعتدلة في ظلّ وجود الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه الرئاسي، وداعياً لإرجاء هذا الأمر، رغم تكرار حديثه عن الرغبات الأميركية برحيله، ولأنّ الرغبات لا تلبّى دون قدرات، تحلّى كيري بالواقعية ومثله فعل نظيره الفرنسي لوران فابيوس، للتخلي عن شرط رحيل الرئيس السوري لإقلاع التسوية الداخلية، وكلّ ذلك تمهيد لضمان نجاح اجتماع نيويورك الذي سيترأسه كيري مع ترؤس واشنطن لمجلس الأمن هذا الشهر، وفي قلب مهام هذا اللقاء الذي سيشكل الثالث للمشاركين في مسار فيينا سيكون البحث بالدعوة إلى حوار سوري – سوري في جنيف على خلفية تشكيل حكومة تساند الجيش السوري ومَن يرغب من المعارضة، وفقاً لصيغ مناسبة للتنسيق مع الجيش في الحرب على الإرهاب التي صارت أولوية الأولويات.
تركيا والسعودية تتلقيان الصدمات، فقبل استيعاب صدمة تأتي ركلة، وقبل التأقلم مع الركلة تجيء صفعة، هكذا هو حال السعودية اليمني، وفي سورية، وحال تركيا مع روسيا قبل الركلة العراقية التي تضمّنت إنذاراً بسحب القوات التركية خلال يومين قبل اللجوء إلى إعلانها قوات احتلال، وها هي تركيا تتراجع وتعلن بداية إيقاف إرسال المزيد إلى شمال العراق وتالياً دراسة الإنذار العراقي.
لبنانياً صارت المعادلة الرئاسية، تتسلسل وفقاً لجدول يُفترض أن يبدأ بعودة الرئيس سعد الحريري وإعلانه ترشيح النائب سليمان فرنجية، ليبدأ بعدها سعيٌ لإنتاج تفاهم العماد عون مع النائب سليمان فرنجية بمعونة حزب الله، لتتبلور سلة ترتبط بفرضية وصول كلّ منهما إلى الرئاسة وتتضمّن التزاماتهما تجاه الخيار المرتبط بقانون الانتخابات والتزامات كلّ منهما تجاه الآخر، وفي المقابل تبلور خلاف الحريري مع حليفه رئيس حزب القوات سمير جعجع حول مخاطر ترشيح فرنجية، مدعوماً من عون وتهيئته للزعامة المسيحية المقبلة، واحتمال قيام جعجع بخيار دعم عون أملاً بتثبيت مكانة مسيحية له، لتعود المعادلة إلى تفاهم عون – فرنجية بكيفية التصرّف في حال قيام جعجع بهذه الخطوة، حيث القرار لديهما أن يسيرا معاً نحو الاستحقاق، مهما كانت الخيارات.
ترشيح الحريري لفرنجية لم يأتِ وحزب الله يدعم ما يقرّره عون
يدخل لبنان في الأيام القليلة المقبلة عطلة الأعياد، ولم يأت الترشيح الرسمي من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية المفروض أن يعوّل عليه ليشكل نقطة انطلاق، ويبدو أن الأمور لا تزال في مكانها من دون أية تطورات جديدة تشي أن التسوية قد نضجت وتمّ الاتفاق على بنودها بالكامل.
وأبلغ كل من حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد الوزير فرنجية عن قرار لا رجوع عنه أن «أي تسوية لا يمكن أن نسير بها إلا إذا حظيت بدعم العماد عون». وفي معلومات «البناء» من مصادر واسعة الاطلاع أن حزب الله «أبلغ منذ أيام قليلة العماد عون موقفاً واضحاً، جديده تأكيد حزب الله موقفه الثابت المعروف وحرصه الشديد على دعم ما يقرره الجنرال، وعلى منع حدوث شروخ بين الحلفاء الكبار العماد عون والنائب فرنجية ، وهذا ما يهمه وليس العراضات التي تحصل، ويهمه أيضاً الحفاظ على سلم الأولويات بما يقفل الطريق على أية نيات سيئة لإحداث شروخ بين الحلفاء وأن النيات الحسنة في خواتيمها».
وتؤكد مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» «أن الهدف من المبادرة الحريرية «هو وضع فريق 8 آذار أمام خيارين: الأول: الانقسام الداخلي والاختلاف على خلفية عدم إجماع كل فريق 8 آذار على الوزير فرنجية، والخيار الثاني: إذا حصل الاتفاق، وهذا أمر مستبعَد، فإن تيار المستقبل يستطيع استعادة كل أوراقه التي خسرها في لبنان وتحقيق مكاسب جديدة». وإذ تحدثت المصادر عن شروط وضعها الرئيس الحريري، أشارت إلى أن لدى فريق 8 آذار شروطاً أيضاً وأبرزها شرط العماد عون لينسحب لمصلحة فرنجية أن يضمن الأخير له ولفريق 8 آذار مجتمعاً إقرار قانون انتخابي ينصّ على اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية». ورأت المصادر أن «السلة المتكاملة معقدة جداً وأن المسألة بحاجة إلى وقت».
وأكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أول أمس من البترون أن «لن نأخذ الفتات بل سنكون أصحاب الحصة الشعبية، ليس بمعنى التقاسم، بل بمعنى أن ما يطلبه اللبنانيون الذين يريدون قانون انتخاب يمثلهم ويعطيهم حقهم ويعطيهم قيمة صوتهم ويريدون رئيس جمهورية يمثلهم».
وفيما ينوي فرنجية، بحسب ما ذكر موقع «ليبانون فايلز» زيارة العماد ميشال عون في منزله في الرابية خلال الساعات الـ72 المقبلة، وستتم الزيارة بعد إتمام سلسلة من الاتصالات بدأت بعد زيارة فرنجية لعون إلى كاتدرائية القيامة في الرابية لتأدية واجب التعزية بشقيقه روبير، علمت «البناء» من مصادر مطلعة أن الأمور تعقَّدت جداً وأن الوزير فرنجية لن يترك نفسه يحترق ومن المتوقع أن ينسحب من التسوية الأسبوع المقبل لعون، إذا تجرّأت الأطراف الأخرى مسيحياً، خصوصاً القوات على دعم ترشيح عون علناً بعد ترشيح الحريري لفرنجية المتوقّع مع عودته إلى بيروت الأسبوع المقبل.
التسوية ليست «طبخة أميركية»
وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ«البناء» أن لا اتفاق خارجي على اسم الوزير فرنجية، مشيرة إلى «أن الدول الداعمة للتسوية لا تعكس توافقاً خارجياً على وصول فرنجية أكثر مما هي محاولة لسد الفراغ الرئاسي، مهما كان المرشح». ولفتت المصادر إلى «أن الخارج الذي يتمنّى أن يبقى الوضع مستقراً في لبنان، يعتقد أن انتخاب رئيس، أياً كان هذا الرئيس، من شأنه أن يثبت الأوضاع أكثر في البلد».
وينقل عن السفير الأميركي في بيروت لـ«البناء» أن هذه التسوية ليست «طبخة أميركية»، وأن ما يهم الولايات المتحدة انتخاب رئيس بغض النظر عن اسم الرئيس»، متحدثاً عن «اتصالات محلية لبنانية دبلوماسية وغير دبلوماسية بمسؤولين أميركيين تشيد بهذه التسوية، وبما يمكن أن تحققه وضرورة الاستفادة من تمريرها».
وتؤكد أوساط مقرّبة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لـ«البناء» أن «التسوية الرئاسية لم تعد مضمونة وهناك صعوبات كثيرة تقف في وجهها». ولفتت المصادر إلى «الموقف المسيحي الموحّد الرافض لتسمية فرنجية من الرئيس الحريري، ورفض حزب الله الإدلاء بأي موقف والتزامه الصمت». وشدّدت مصادر أوساط النائب جنبلاط على «أن تحديد موعد الجلسة الرئاسية في 16 كانون الأول لم يكن سوى محاولة للضغط لتسريع المشاورات بخاصة أن الرئيس بري كان واضحاً أن تسوية فرنجية إذا طالت أكثر من أسبوعين يعني أنها مَوْدَرَتْ».
التواصل بين الحريري وجعجع مقطوع
وأشارت مصادر نيابية في 14 آذار لـ«البناء إلى «أن المسيحيين يتحرّكون لهبّة رفض تعيين الرئيس الحريري والنائب جنبلاط ممثل الرئاسة الأولى من دون الأخذ برأيهم، بصرف النظر عن الشخص». ولفتت المصادر إلى «أن الموقف المسيحي أدّى إلى تراجع البطريركية المارونية عن الضغط الذي كانت تمارسه منذ 25 آذار الماضي حتى اليوم من النزول إلى المجلس وانتخاب رئيس بأيّ ثمن، إلى الدعوة للحوار قبل النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس».
وتشير المصادر إلى فشل المستقبل والسعودية في معالجة موقف جعجع المتصلب الذي يتجه إلى ترشيح العماد عون. وفي معلومات خاصة لـ«البناء» أن «السعودية غير راضية عن موقف جعجع. وهذا الأمر تجسّد بعدم زيارة جعجع حتى الآن، فمساعي جعجع لإيصال وجهة نظره وسماع وجهة النظر السعودية من السعوديين باءت بالفشل، فهو نصح عبر القناة السعودية المعمول بها معه بـ»التواصل مع الحريري». وأفادت المعلومات الخاصة بـ»البناء» أيضاً أن «التواصل بين الحريري وجعجع ليس في أحسن أيامه وأنه مقطوع بإرادة أحد الطرفين وليس بإرادتهما معاً».
العقدة المسيحية قائمة وعصيّة على الإغراء
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «تطورات الساعات 48 الماضية أظهرت أن ثلاثية السد المسيحي المكوّن من التيار الوطني الحر وحزب الكتائب وحزب القوات تتمتع حتى الآن بقدرة على الصمود أمام لعبة الإغراءات بالمفرق التي تتعرّض لها هذه القوى، وأن موقف النائب أنطوان زهرا عبر قناة الـ «أوتي في» أنه عندما نصل إلى المفاضلة، ستكون لرئيس تكتل التغيير والإصلاح الأولوية، وتهنئة وزير حزب الكتائب سجعان قزي حزب الله بوفائه لحليف الجنرال وتهنئة الجنرال بحليفه حزب الله، دليل أن هذا الثالوث المسيحي المتماسك وموقف البطريركية المارونية وبيان مجلس المطارنة الذي يشجّع على الاستفادة من الفرصة، كل هذا يثبت أن العقدة المسيحية لا زالت قائمة وعصية على الإغراء».
مداهمة منزل الإرهابي محمد حمزة مهمة وقائية
أمنياً، قام الإرهابي «محمد حمزة» وهو مطلوب بقضايا إرهاب وقتال ضد الجيش وبالانتماء لمجموعة أسامة منصور والموقوف خالد حبلص الإرهابية بتفجير نفسه عند الساعة 4 والنصف فجراً، خلال مداهمة الجيش اللبناني لمنزله برمي قنبلة باتجاه الدورية ما أدى إلى جرح خمسة عسكريين، هم: الملازم حسن صفا والرقيب فادي كنج وخضر ديب ووسيم خليفة وحسن تليجة. وعلى الأثر تولّت قوة أخرى العملية ووقع اشتباك مسلح استمر لبعض الوقت. ورجّحت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن «تكون لحظة مداهمة القوة الأمنية لمنزل الإرهابي حمزة هي لحظة استعداده لخروجه لتنفيذ مهمته»، متخوّفة من أن يكون جديد قضية الانتحاريين «تحضيرهم للأحزمة الناسفة وإبقائها في جهوزية دائمة خوفاً من الاعتقالات». ولفتت المصادر إلى دقة العملية، التي «صحيح أنها أدّت إلى مقتل عائلته وإصابة عدد من الأمنيين بجروح، إلا أن المهمة تعتبر من المهمات الوقائية لمنع ارتكاب مجزرة جديدة بحق الجمهور العام».
من ناحية أخرى، وفي اعتداء جديد على الإعلام المقاوم قررت شركة «عرب سات» منع بث قناة المنار على قمرها الاصطناعي في اعتداء فاضح بعيد عن أصول التعاقد، لما تنتهجه القناة من سياسة مقاومة ضد العدو الإسرائيلي والإرهابيين التكفيريين ولنصرتها القضية الفلسطينية. ولفت مدير عام قناة المنار إبراهيم فرحات إلى أن «5 من جمهور المنار يحضر المنار من «عربسات» ويمكنهم مشاهدتها على القمر الاصطناعي «نايل سايت»، مؤكداً أنه ستكون هناك خطوات جديدة كبديل عن عربسات والقناة التي لم تكسرها «إسرائيل» لن تنال منها «عرب سات».