عدوان واضح الأهداف

حميدي العبدالله

استهداف الطائرات الأميركية لأحد معسكرات الجيش السوري في محافظة دير الزور لا يمكن تبريره من قبل الولايات المتحدة على أنه حدث عن طريق الخطأ. فالموقع المستهدف هو معسكر ثابت، وهو يقع على بعد حوالي 2 كيلو متر عن مواقع سيطرة تنظيم «داعش»، وليس هناك تداخل في المواقع يمكن أن يحدث من خلاله خطأ، كما كان يحدث للأميركيين في أفغانستان والعراق.

الولايات المتحدة تنصّلت من مسؤولية وقوع هذا الاعتداء، ونفت أن تكون أيّ طائرة من طائرات التحالف الأميركي هي التي استهدفت الموقع، ولكن هذا النفي لا يمكن أخذه على محمل الجدّ، فهل مثلاً الطائرات السورية أو الروسية هي التي قصفت الموقع؟ أم طائرات مجهولة؟ وهل تجرؤ أيّ دولة، سواء كانت تركيا أو غيرها على إرسال طائراتها إلى هذه المنطقة للقيام بعمل عدواني ضدّ الجيش السوري؟

لا شك أنّ التنصّل الأميركي من مسؤولية هذا الاعتداء ونفي حصوله بالأساس، وعدم التذرّع كما جرت العادة بوقوعه عن طريق الخطأ، نابع من قناعة أميركية بأنّ أحداً لن يصدّقها إذا ادّعت أنّ ما حصل كان نتيجة خطأ في ضوء مواقف الولايات المتحدة العدائية إزاء سورية وإزاء جيشها، ولأنها مدركة أنّ أحداً لن يصدّق ادّعاءها بوقوع قصف عن طريق الخطأ لجأت هذه المرة إلى الزّعم بعدم قيام طائرات التحالف بشنّ هذا الاعتداء.

لكن الاعتداء قد وقع، وتسبّب بسقوط ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، وبالتالي لا يمكن للنفي أن يلغي حدوثه، وبالتالي السؤال المطروح الآن، لماذا عمدت الولايات المتحدة في هذا التوقيت بالذات إلى شنّ عدوانها على سورية؟

واضح أنّ الجيش السوري وحلفاءه، وفي ظلّ المساندة الجوية الفعّالة التي يقدّمها سلاح الجو الروسي، حقق نجاحات كبيرة في مواجهة تنظيم «داعش» على المحاور الرئيسية، وتحديداً محور مهين القريتين تدمر، ومحور كويرس دير حافر، ومن شأن استمرار هذا التقدّم مصحوباً بصمود الجيش السوري في دير الزور أن يجعل سورية وحلفاءها في وضع يؤهّلهم للحسم السريع واستعادة السيطرة على المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة «داعش» في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، ومن شأن ذلك أن يحبط المخططات الأميركية، لا سيما في ظلّ تعثر تشكيل قوة برية للسيطرة على هذه المناطق قبل وصول الجيش السوري وحلفائه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى