العمليات الفلسطينية تقضّ مضاجع الكيان الصهيوني أمنياً واقتصادياً
بشرى الفروي
اتسعت دائرة القلق والإرباك «الإسرائيلي» بعد بزوغ فجر الانتفاضة الثالثة، فالأراضي الفلسطينية تشهد منذ أول أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات «إسرائيلية»، اندلعت بسبب إصرار مستوطنين يهود متشدّدين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة قوات الجيش والشرطة «الإسرائيلية». مما دفع فلسطينيين إلى تنفيذ عمليات فردية، ضد «الإسرائيليين»، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وذلك بعيداً عن الإطار التنظيمي والفصائلي، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الأمن «الإسرائيلي».
فاستمرار العمليات التي ينفذها الشباب الفلسطيني أرهقت كاهل الاحتلال «الإسرائيلي» مشُكِّلة لقيادته السياسية والعسكرية حالة من الإحباط والإرباك لعدم مقدرتها وفشلها وقف عمليات «الطعن والدهس» التي جعلت المستوطنين والجنود يعيشون حالة رعب يومي. هذه الأحداث دفعت عشرات اليهود بالتظاهر في الخليل احتجاجاً على الوضع الأمني المتدهور في المدينة.
العمليات الفردية كشفت هشاشة الأمن «الإسرائيلي» وعجزه أمام هذا النوع من الهجمات، وهذا باعتراف رئيس الوزراء «الإسرائيلي» «بنيامين نتنياهو» بفشل حكومته في وقف العمليات التي ينفذها الشبان الفلسطينيون، في أماكن تواجد قوات الجيش «الإسرائيلي» والمستوطنين.
فالعمليات الفردية غير مرتبطة بتشكيلات تنظيمية واضحة، ولا تتلقى أوامرها من أحد، فهم يخرجون بدافع وطني مباشر من دون تردّد، فمن الصعوبة أن تتمكن «إسرائيل» وأجهزتها الاستخبارية من مواجهتها، وبالتالي لا تستطيع اجتثاث هذه الظاهرة لأن هذه الحركات غير منظمة. فهذا الواقع مربك لـ«إسرائيل» وتتسبب لها بعمى استخباري لمواجهة ذلك.
وزير جيش الاحتلال «الإسرائيلي»، «موشيه يعلون» اعترف بصعوبة منع تنفيذ العمليات الفردية، قائلاً: «أعترف أنه من الصعب إيقاف شخص لا يتبع لتنظيم فلسطيني وقرّر وحده تنفيذ عملية»، وأضاف: «لا توجد مؤشرات تدلُ على تراجع المقاومة، متوقعاً تصعيداً كبيراً خلال الفترة المقبلة».
ويتخوّف قادة الجيش «الإسرائيلي»، من تنفيذ المزيد من العمليات، ضد المستوطنين والجنود «الإسرائيليين»، رداً على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
موشيه يعالون وزير جيش الاحتلال «الإسرائيلي» أكد أن قوات الجيش والأمن مستعدة لمواجهة أي تصعيد محتمل للانتفاضة الحالية. ونقلت الإذاعة «الإسرائيلية» العامة عن «يعالون» قوله، إنه لم يتم احتواء الانتفاضة وموجة العمليات، وإن قوات الجيش تستخدم جميع الوسائل المتوفرة لديها لوقف هذه الموجة.
أجواء الخوف التي أثارتها العمليات الفلسطينية تُطيح الحركة الاقتصادية في الكيان الصهيوني، وخاصة في المدن الكبرى. فأسواق الصهاينة في القدس المحتلة تخلو من الزبائن نتيجة الرعب والقلق من العمليات الفلسطينية الحاصلة، فما زال الاقتصاد «الإسرائيلي» يتكبد الخسائر منذ بدء انتفاضة القدس مطلع أكتوبر الماضي، فيما يعمل أصحاب القرار في دولة الاحتلال على ضخ الأموال في محاولة منهم لانتشاله بعد الأرقام السلبية التي سجلها خلال الشهرين الماضيين، وهو ما يضع اقتصاد الاحتلال في مأزق.
التحديات أمام «إسرائيل» تتجه نحو مزيد من الخطورة والتعقيد وخاصة بعد ازدياد حجم الحضور الروسي في سورية، وهذا بالتالي عزّز من حضور أشد أعدائها إيران وحزب الله مما زاد مخاوف وقلق على أمن كيانها، فلم تفكر حتى في أحلامها أنها سترى منظومة «أس 400» المضادة للطائرات تنصب في سورية، فبات الجيش «الإسرائيلي» يستعدّ لمفاجأة على الجبهة الشمالية بعد نشر هذه المنظومة فقام بإجراء مناورة قيادية مفاجئة على مستوى القيادة الجنوبية تحاكي مواجهة واسعة في قطاع غزة، وهذا يتطلّب منه أن يبقى على جهوزية مرتفعة تفادياً لسيناريوات غير متوقعة، ويأتي ذلك في ظل الحائط المسدود الذي وصل إليه الاحتلال في المواجهات الفلسطينية الفردية في القدس المحتلة والضفة الغربية. فالظروف قد تغيّرت وعلى الكيان «الإسرائيلي» أن يستعدّ ويلائم نفسه على هذه التطورات غير المتوقعة.