«المستقبل» يرمي الكرة في ملعب فرنجية و«القوات» تتوعّد «الأزرق» بـ«عواقب وخيمة»

في ظلّ تعثّر المبادرة الرئاسية التي طرحها الرئيس سعد الحريري المستنكف حتى الآن عن إعلانها رسمياً، استمرّ التباعد بشأنها بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية الذي توعّد حليفه الأزرق بـ«عواقب وخيمة» لمبادرته في حال بقيت في التداول. وفيما أقرّ التيار بـ«الخلاف الجذري» بينه وبين «القوات». وإذ لفتَ إلى أنّ المبادرة لم تنضج بعد ليتمّ إعلانها، رمى الكرة الرئاسية في ملعب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، معتبراً أنّ على الأخير أن يكون «توافقياً» إذا أراد أن ينجح.

أما بكركي التي ترغب بعقد لقاء للأقطاب الموارنة الأربعة، فقد بدا أنّ هكذا اجتماع لن يتمّ في القريب العاجل بانتظار إجراء المزيد من الاتصالات بين الأفرقاء المعنيّين لكي يُسفر الاجتماع عن نتائج إيجابية.

الراعي

وأمس، دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي خلال قدّاس افتتاح سنة يوبيل الرحمة الإلهية في بكركي «الجماعة السياسية في لبنان إلى عبور باب الرحمة، إلى خلاص الوطن من كلّ معاناته ولا سيّما من معاناته السياسية المتمثّلة بالفراغ الرئاسي منذ سنة وسبعة أشهر. ولن يستطيع الأشخاص المعنيّون ذلك من دون التحرر من عتيق نظراتهم ومواقفهم ومصالحهم. ندعوهم إلى العبور بالبلاد من خلال باب الرحمة إلى حياة اقتصادية منظّمة تُخرج الشعب اللبناني من معاناة الفقر والحرمان، وحالة الإذلال».

«المستقبل»

وبالتوازي، شدّدت كتلة المستقبل النيابية على «أهمية اغتنام فرصة الجهود التي قام ويقوم بها رئيس «تيار المستقبل سعد الحريري لإطلاق مبادرة تُنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية».

ورأت في بيان إثر اجتماعها الأسبوعي، أنّ «البلاد باتت بوضع بالغ الخطورة في ظلّ تعاظم المخاطر المحيطة بها على مستوى المنطقة، وتفاقُم التدخّلات والمواجهات الإقليمية والدولية، وفي ظلّ ازدياد التعقيدات الداخلية التي انعكست تعطيلاً لأعمال المواطنين، وتفاقم الأزمات المعيشية وتراجع مختلف المؤشرات الاقتصادية، ما يحتّم على الجميع عدم التردّد في العمل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي من شأن إتمامه إدخال البلاد في مرحلة جديدة تُعيد للمؤسسات الدستورية دورها، وتعيد للحياة السياسية حيويّتها، وتحمي لبنان من ارتدادات متوقّعة على المنطقة يصعب التكهن بتفاصيلها».

وأكّدت «أهمية الدور المعوّل عليه للجنة النيابية التي تبحث في بلورة قانون جديد للانتخابات النيابية لا يَغْبُن أحداً من مكوّنات المجتمع اللبناني، ويُسهم في إصلاح النظام السياسي اللبناني وتجديد الحياة السياسية».

وأكّدت الكتلة تمسّكها بتحالف «قوى 14 آذار» ،والمبادئ التي قامت عليها.

من جهته، أكّد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، أنّ المبادرة لم تُجمّد، والمسعى الذي يقوم به الرئيس الحريري «يتطلّب من الجميع مجاراته»، مشيراً إلى أنّ «العقدة لا تكمن عند القوات اللبنانية ورئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، بل لدى كل الأطراف السياسية بمن فيهم رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، ومواقفه».

واعتبر في تصريح أنّ «عودة الرئيس الحريري لا يُعلن عنها مسبقاً، وهي مرتبطة بأمور عديدة، والقرار في هذا الإطار يعود في النهاية للرئيس الحريري، وبالتالي كل ما ذُكر عن توقيت أو ما شابه غير دقيق، لأنّ القرار تحديداً لا أحد يملكه إلّا الحريري».

وأشار إلى أنّ هناك وجهات نظر مختلفة جذرياً بين «المستقبل» و«القوات»، مذكّراً بأنّ «هناك أربعة قادة اجتمعوا في بكركي وتوافقوا على أن يكون الرئيس في ما بينهم».

وأوضح أنّ «المبادرة عندما تنضج يُعلَن عنها، وهي لا ترتبط بمهلة زمنية محدّدة، وإذا لم تنجح يجب البحث عن حلول أخرى، وإذا أراد فرنجية أن ينجح عليه أن يكون توافقياً».

لقاء بكركي

وفيما يرى البعض ضرورة عقد لقاء القادة الأربعة في بكركي، أعلن المطران سمير مظلوم «أنّ أي لقاء من هذا النوع غير وارد، أقلّه في المدى القريب»، لافتاً إلى أنّ «العمل ينصبّ على إجراء اتصالات لتقريب وجهات النظر، ترجمة لما تمّ الاتفاق عليه لناحية جمع الأكثرية حول شخص المرشّح المُتَّفَق عليه، والترحيب به».

وإذ لفتَ إلى أنّ «الأمور تبدو أنها ستتطلّب وقتاً إضافياً»، أشار إلى أنّ «المهم في الوقت الراهن هو الحوار والتفاهم والتشاور تمهيداً لحصول لقاء للوصول إلى النتيجة المرجوّة».

وأمل في «ألّا يُخيّب الأقطاب الموارنة الأربعة ظنّ اللبنانيين، وأن يفوا بوعدهم».

عبّود

وفي السياق، أكّد عضو تكتّل التغيير والإصلاح الوزير السابق فادي عبود، أنّ «لا شعور هجومياً لدينا، ولا عداوة بيننا وبين الوزير فرنجية وتيار المردة». وقال: «هذا الموضوع ليس كما يُصوَّر. فالكثير من المهندسين رسموه ليؤدّي إلى خلاف بين الفريقين. غير أنّ لدى كل الفرقاء كما نرى اليوم بين «المستقبل» والقوات اللبنانية» ، هناك من يدقّ الأسافين. لن نسمح بهذا الأمر لأنّنا جمهور واحد، وما يربطنا أكثر بكثير ممّا يفرّقنا»، موضّحاً أنّ اللقاء المقرّر اليوم بين عون وفرنجية في الرابية» سيكون لتبادل وجهات النظر، لا لصبّ الزيت على النار».

وعن الحديث عن تجميد التسوية بعد «حماوة» الاتصالات السياسية في الأسبوعين الأخيرين، سأل عبود «ألم يكن من المفترض أن يصل الرئيس الحريري اليوم إلى بيروت؟ لماذا لم يأتِ؟» وقال: هذا يدلّ إلى أنّ «الطبخة لم تستوِ بعد». وهذه التسوية تمرّ، كما كل شيء في لبنان، بهبّات باردة وساخنة، وهناك أمور لا تزال بحاجة إلى إيضاحات».

وتناول الكلام عن اتّجاه قوّاتي إلى تبنّي ترشيح العماد عون، في مقابل النائب فرنجية، فكشف أنّ «هذا احتمال وارد»، وتابع: «لكنني أسأل بأسف: هل إنّ مسيحيي 14 آذار مجرّد «ديكور»، أم أنهم من ضمن تركيبة معيّنة ويُستشارون قبل اتّخاذ قرارات بهذا الحجم؟ هل هم أعضاء فاعلون في مجموعة 14 آذار أم أنهم موجودون بسبب المناصب؟»، معتبرا أنّ «المعركة اليوم على الشكل الآتي: إمّا أن يكون للمسيحيين رأي في رئاسة الجمهورية، وإمّا أن يفرض رئيس الحكومة العتيد أو المتوقّع شخصاً معيناً».

جعجع

في غضون ذلك، وبعدما ظهر التفكّك في تحالف «14 آذار» أكّد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أنّ «أيام المحن لا يصمد إلّا الأبطال. 14 آذار ليست تكاذباً لبنانياً كالعادة، بل معمودية دم ما فوق العادة»، مُشيراً إلى أنّ «المصطادين في الماء العكر لن يصلوا إلى مكان».

وأضاف في تغريدات عبر «تويتر»: «أكثر ما نحن بحاجة إليه في هذه اللحظة هو الهدوء والسكون. 14 آذار باقية باقية باقية لأنها روح لن يتمكّن أحد من إطفائها».

من جهته أوضح عضو كتلة «القوات» النائب فادي كرم، أنّ «القوات» تُعلن موقفها النهائي من التسوية عندما تصبح رسمية وواضحة من قِبل طارحيها، وهي لن تعرّض علاقاتها للخطر مع حلفائها في «14 آذار»، مشدّداً على أنّ «لا مناورة في العلاقة مع السعودية وتيار المستقبل، لأنّها علاقة مبدأ وتفاهم على مبادئ 14 آذار وأُسُسها، رغم التباينات التي يمكن أن تظهر في أي مبادرة».

واعتبر في تصريح، أنّ «مبادرة الرئيس الحريري ناقصة وفيها شوائب كثيرة، وهي تمرّ بمراحل إمّا التسريع وإما التراجع، وكان ينقصها التفاهم مع «القوات»، وشدّد على أنّ «التواصل مستمر مع «المستقبل».

وأكّد كرم أنّ «القوات» قد تشارك في اجتماع بكركي للأقطاب الموارنة الأربعة الذي يبدو أنّ البطريرك الراعي يريد عقده، «إذا رأينا له نتائج إيجابية».

وأشار إلى أنّ تيار المستقبل بات يُدرك أن الاستمرار بمبادرة الرئيس الحريري لها عواقب كبيرة وكبيرة جداً».

إلى ذلك، دعا «لقاء الهوية والسيادة» إلى «تسوية نبيلة بعيدة من الصفقة المطروحة، وإلى إقرار قانون انتخابي يوفّر التمثيل الصحيح».

أما كتائبياً، فقد أكّد النائب سامر سعادة، أن ليس للكتائب «فيتو» على أي أحد من الذين ترشّحوا للرئاسة من بكركي، لافتاً إلى «مواضيع تتعلّق بمبادئ وثوابت الكتائب في هذه المرحلة، وكل المراحل على المستوى السياسي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى