زمامُ المبادرة في يد سورية وإيران

أكدت روسيا وإيران أنهما لا تزالان تملكان زمام المبادرة في أحداث المنطقة، سواء على جبهة العلاقات الأميركية ـ الروسية، تمهيداً للقاء نيويورك حول سورية، أو على جبهة التوغل التركي في العراق. وبرغم المحاولات الحثيثة لاسترداد زمام المبادرة من قوى حلف الحرب على سورية بالجملة أو بالمفرّق، بتنسيق ومن دون تنسيق، لا تزال المحاولات تُمنى بالفشل، وتتثبّت المبادرة في يد حلفاء سورية.

هذا هو المشهد الذي رسمه ديبلوماسي مخضرم، تعليقاً على مبادرة واشنطن بالدعوة إلى نقل اجتماع فيينا إلى نيويورك واستثمار رئاستها لمجلس الأمن لترؤس الاجتماع، بعد الردّ الروسي على المبادرة، وتعليقاً على التموضع العسكري التركي في العراق والردّ العراقي المدعوم إيرانياً، وتعليقاً على تعثر الرئيس سعد الحريري في القيام بالنقلة الثانية من مبادرته التسووية للملفّ الرئاسي اللبناني.

تصرّف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، باعتبار الكلام الذي قاله عن دور الرئيس السوري بشار الأسد في التسوية السياسية، ثمناً كافياً لوضع اليد على قيادة المسارين المتلازمين للحرب على الإرهاب والحلّ السياسي في سورية وسرقتهما من يد روسيا، فقدّم بمناسبة ترؤس بلاده لمجلس الأمن هذا الشهر مقترحاً بعقد الجلسة المقبلة للدول المشاركة في مسار فيينا في نيويورك ليترأسها ويتولى القيادة من هناك، فكان الردّ الروسي مثلثاً، أولاً، لا ترى موسكو عجلة للقاء مقبل ما لم يتمّ نزع صلاحية تسمية الوفد السوري المعارض من يد أيّ دولة تتفرّد بذلك، كما تفعل السعودية، ويتمّ استرداد الصلاحية للقاء فيينا حيثما يُعقَد، ويكون جاهزاً للقيام بذلك. وثانياً تعتبر موسكو أنّ تصنيف التنظيمات الإرهابية التي تستهدفها الحرب قد طال كثيراً، ولا مبرّر للانتظار أكثر، وأيّ اجتماع مقبل في نيويورك وغيرها يجب أن يحسم هذا الأمر. وثالثاً تصرّ موسكو على عدم التفرّد بتحديد مكان الاجتماع من دون موافقة المشاركين.

وفي شأن نيويورك، يجب الوقوف على رأي إيران ورغبتها وقدرتها على قبول المشاركة في لقاء يُعقَد في نيويورك. ولم ينسَ لافروف أنّ يملح الردّ بكلامه عن ادّعاءات كيري بأنّ كلامه عن دور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية يستند إلى ثقته بموافقة روسيا على تنحّيه بعد نهاية هذه المرحلة، ليكون كلام لافروف من عيار أقله اتهام كيري بالكذب وعدم اللياقة وتزوير كلام الرئيس الروسي يُعتَبَر عيباً على وزير خارجية دولة عظمى وخطأ ديبلوماسياً جسيماً.

إلى الجبهة التركية العراقية، استمرّ الجوّ المتوتر وتواصل التصعيد السياسي بين الحكومتين، على خلفية ما كشفته التقارير العراقية عن حجم التوغل التركي على مجرى نهر دجلة قرب الموصل، بصورة تتيح إقامة منطقة عازلة تفصل أكراد تركيا عن أكراد سورية وكليهما عن أكراد العراق، وهذا الهدف غير المعلن للتموضع الذي ضمّ ثلاثة أفواج تركية وعشرات المدرّعات وعدداً من بطاريات المدفعية بذريعة ملفقة هي تدريب «البيشمركة» ومواطنين متطوّعين من الموصل لقتال «داعش»، تحوّل إلى أزمة إقليمية بسبب ما ينطوي عليه من عبث بالجغرافيا السياسية للمنطقة الأشدّ حساسية في المنطقة الواقعة في قلب مربّع تركي ـ عراقي ـ سوري ـ إيراني، يجعل الصمت عمّا يجري تساهلاً مع أمر واقع يغيّر التوازنات ويقلبها، وهذا ما دفع إيران إلى دعم العراق في الردّ الرادع على هذا «الدفرسوار» التركي الخطير، ليأتي كلام رئيس الحكومة العراقية ومعه الحشد الشعبي ووزير الدفاع بمستوى التحذير من حالة حرب، بينما يستشعر حزب العمال الكردستاني خطورة الخطوة وتتحدّث مصادره عن الاستعداد لقطع الطريق على عملية إقامة منطقة عازلة تقطع أوصال أكراد سورية والعراق وتركيا.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى