الفرزلي: ترشيح فرنجية لم يتعثّر لكن معركة ترشيح عون لا تزال مستمرة

حاورته روزانا رمال تحرير محمد حمية

أكد النائب الأسبق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي «أنّ مبادرة ترشيح الوزير سليمان فرنجية تحمل في طياتها أهدافاً مبيتة وفي مقدمتها ضرب المكون المسيحي بالمكون الشيعي، لكنّ المفاجأة كانت ردّة فعل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الهادئة والمقتدرة والواثقة بوفاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، شكك الفرزلي في نيات الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تجاه النائب فرنجية، لافتاً إلى أنّ «ترشيحهما له أمر مفروض عليهما، نتيجة لتغير موازين القوى المحلية والإقليمية، لكنهما تمنيا أن يُحدث هذا الترشيح زلزالاً وتداعيات ضمن مكون 8 آذار وعلى مستوى علاقة عون وحزب الله».

وإذ اعتبر أنّ ترشيح فرنجية «فرصة»، أوضح الفرزلي «أنّ مسألة استغلالها تحتاج إلى درس ونقاش». وتساءل: «أين قانون الانتخاب العادل والفعّال الذي يمثل شرائح المجتمع كافة ويشكل الضمانة الحقيقية للمكون المسيحي؟ ماذا لو أعيد إنتاج مجلس نيابي على قانون الستين، ماذا سيفعل الوزير فرنجية حينها»؟

ورفض الفرزلي مقولة أنّ ترشيح فرنجية تعثر، موضحاً أنه «ارتقى إلى مستوى الرئيس البديل الحقيقي لعون»، مطمئناً إلى «أنّ مسألة الخروج من واقع عون والبديل فرنجية إلى مرشح وسطي أمر أصبح من الماضي».

ورأى الفرزلي أنّ إخفاء الحريري أمر ترشيح فرنجية عن حلفائه «حمل في طياته إهانة حقيقية لهم، وهو بمثابة إعلان إلغاء الاعتراف بزعامة رئيس القوات سمير جعجع المسيحية في مكون 14 آذار»، جازماً بأنّ العماد عون «سيبقى مرشح حزب الله حتى قيام الساعة»، ورافضاً التهويل بنتائج عدم انتخاب رئيس».

وذكّر الفرزلي بأنّ الأحداث في البلد بدأت قبل الشغور، وقال: «كان هناك رئيس عندما أتى تنظيم داعش ووقف هذا الرئيس ليقول لا يوجد قاعدة في عرسال وغطى عملية تورط عرسال في الصراع وتورط لبنان في الصراع في سورية على رهان أن يسقط الرئيس بشار الأسد خلال أشهر».

ودعا الفرزلي القوى السياسية إلى «إقرار قانون الانتخاب النسبي أو انتخاب الرئيس الأقوى مسيحياً لتحقيق الاستقرار، والاقتناع بأنّ للمسيحيين حقوقاً دستورية مسروقة يجب أن تُردّ بقوة القانون والدستور وإعادة إنتاج الشراكة الوطنية على قاعدة إلغاء السرقة والنهب».

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً

ما هي الأسباب والخلفيات التي دفعت الرئيس سعد الحريري إلى طرح وتسويق اسم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟

لا يوجد شيء في حراك الحريري اسمه تسوية، بل مبادرة، وبالتالي هذا حراك من طرف واحد وله أسبابه الموجبة وخلفياته وأهدافه الاستراتيجية والتكتيكية. لم يتعثر ترشيح فرنجية، بل الذي تعثر هو الخلفيات الكامنة وراء المبادرة التي أطلّ بها الحريري. أولاً، إنّ التطورات التي طرأت على الساحة اللبنانية في غاية الأهمية منذ اقتراح القانون «الأرثوذكسي»، وتبيّن للبنانيين أنّ مصادرة الحقوق الدستورية للمسيحيين وتطبيق الدستور بشكلٍ منافٍ لمضمونه يتحمّل مسؤوليتهما طرف محدَّد استلذ بعملية استيلاد النواب المسيحيين في كنفه بنية الاستمرار في مصادرة النظام السياسي، كما تبين لهم أنّ فكرة النسبية مرفوضة لدى الطرف الآخر وهو لا يريد صوتاً آخر حتى ضمن طائفته، وعندما أتت انتخابات الرئاسة حُيّك التمديد للمجلس الينابي ولم يقرّوا قانون الانتخاب، وأراد الطرف الآخر إنتاج رئيس على صورة النواب المستولدين في كنف الكيانات المذهبية وتمّ التصدي لهذا الموضوع. صمد العماد عون وحليفه حزب الله الذي وقف إلى جانبه ورفض أي نقاش حول رئاسة الجمهورية، رغم رهانات البعض على أن تأتي التطورات الخارجية بصفقة ويتمّ سحب ترشيح عون كنوع من الضغط على حزب الله، لكنّ السيد نصرالله قال: لا تراهنوا على التدخلات الخارجية. جاءت مسألة الرئاسة ولاحظ الطرف الآخر أنّ حزب الله لم يتراجع عن مواقفه ووقعت طهران الاتفاق النووي مع السداسية الدولية وتعرض عون لأكبر حملة في تاريخه وخرج منها بقوة أعظم، عندما دعا إلى التظاهرة الشهيرة في ساحة الشهداء وأثبت حضوره الشعبي وخرج السيد نصرالله لاحقاً ليقول إننا نقف مع عون.

وبالتالي سقطت كلّ محاولات انتخاب رئيس من خارج التمثيل المسيحي على شاكلة الرئيس السابق الدمية، ثم بدأ هذا الطرف الآخر بالتفكير بمخارج، وخصوصاً مع استمرار الصراع في ظلّ التطورات الإقليمية وظهور تباشير انتصار واضح لسورية. بعد مجيء روسيا إلى المنطقة وبدء المعركة، أدركوا أنّ نتائجها على لبنان تتعلق بالرئيس بالحدّ الأدنى ومخاطر على اتفاق الطائف في الحدّ الأقصى فدرسوا الموضوع وأدركوا أن لا إمكانية للحديث إلا عن الرئيس القوي الذي فرضته موازين القوى الجديدة في المنطقة أو الرئيس الذي لا يشكل تحدِّياً لاستباحتنا النظام السياسي وشخصية تتوافر فيها مواصفات الصداقة مع سورية وإيران وحزب الله وحليف المقاومة، فكان الوزير فرنجية.

إذاً، هل حالت حسابات انتخابية وسياسية دون وصول عون إلى الرئاسة؟

لا يريد الطرف الآخر إعادة إنتاج الدور المسيحي على قاعدة الشراكة الوطنية، والدليل أنه لا يريد قانون النسبية. اختاروا فرنجية بمبادرة تحمل في طياتها إمكانية مناورة تحقق أهدافاً عدة في مقدمتها ضرب المكون المسيحي بالمكون الشيعي، لكنهم فوجئوا بردّة فعل العماد عون وسقطت المبادرة ولم تعد هناك مبادرة، بمعنى أن تحقق أهدافاً استراتيجية، وبالتالي سقطت. مبادرة الحريري لم تكن صدمة بل فرحة كبيرة، ترشيح فرنجية نصرٌ كبير لفريق 8 آذار لكنّ الصمود هو الذي أنتج فرنجية، والمزيد من الصمود سينتج أكثر.

لكنّ فرنجية قال بعد لقائه النائب وليد جنبلاط إنها فرصة يجب استغلالها؟

اعتبرها فرصة، لكنّ مسألة استغلالها تحتاج إلى درس ونقاش. وهنا نسأل: أين قانون الانتخاب العادل والفعال الذي يمثل كافة شرائح المجتمع والذي يشكل الضمانة الحقيقية للمكون المسيحي؟ ماذ لو أُعيد إنتاج مجلس نيابي على قانون الستين؟ ماذا سيفعل الوزير فرنجية؟ لحود كان رئيساً قوياً ومعه النظام في سورية وحزب الله الذي خرج منتصراً في حرب تموز 2006، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً بل رُمي خارج المفاوضات الدولية.

كيف تُفسر عدم إطلاع الحريري حلفاءه على المبادرة، وعدم إطلاع فرنجية عون على التفاصيل؟

تختلف خلفية عدم إطلاع فرنجية عون عن خلفية عدم الحريري تجاه حلفائه. في الحالة الأولى تخوَّف فرنجية من رفض عون أن يستمر فرنجية في هذا المسار، فإذا استمر فرنجية هناك مشكلة وإذا تمنَّع يعتبره مشروعاً تعطيلياً لموقع مغرٍ. أما في الحالة الثانية، يشعر الحريري أنّ حلفاءه مستولدون في كنفه ولا يرفضون، وعدم إطلاعهم حمل في طياته إهانة حقيقية لهم، وهو بمثابة إعلان إلغاء الاعتراف بزعامة رئيس «القوات» سمير جعجع المسيحية في مكون 14 آذار.

لكن يمكن للحريري أن يقول إنه لم يخن أحداً ولم يُرشح فرنجية رسمياً؟

– لا يستطيع قول ذلك، فهناك مبادرة تداولها الإعلام على مدى أسابيع وجنبلاط ذهب إلى باريس بعد مجيء فرنجية لمعرفة نتائج الاجتماع وعاد وتصرف على أساس أنّ هناك مبادرة وأنّ فرنجية مرشح. أشكّ في نوايا الحريري وجنبلاط تجاه فرنجية، صحيح أنّهما تبنّيا ترشيحه كأمر مفروض عليهما نتيجة موازين القوى المحلية والإقليمية، لكنّهما تمنيا أن تحدث المبادرة زلزالاً وتداعيات ضمن مكون 8 آذار، وخصوصاً على مستوى علاقة عون وحزب الله والمكون الشيعي والمسيحي، وهذا ما وُعدت به السعودية وفرنسا واتصال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بفرنجية جاء بعد زيارة الحريري ومن ضمن المناورة، وهذا فشل لأنّ عون تلقف الأمر بسعة صدر وصمت مدروس.

هل يدلّ ذلك على أنّ عون كان يعلم بطرح فرنجية الذي التقى السيد نصرالله قبل زيارته إلى باريس؟ هل يُعقل أن لا يُخبر حزب الله عون؟

عون لديه علم من حزب الله وغيره وليس من فرنجية، لكنّ ذلك لا يعني أنه وافق. هذا هدوء المقتدر والمتمكن من شعبيته ومن حلفائه ومن يملك ثقة مطلقة بالسيد نصرالله. لم يتعثر ترشيح فرنجية بل ارتقى إلى مستوى البديل الحقيقي لعون، ومسألة الخروج من واقع عون والبديل فرنجية إلى مرشح وسطي أمر أصبح من الماضي.

هل كان جنبلاط يسعى إلى استغلال هذه المبادرة لنسج تحالف رباعي جديد قبل الوصول إلى الاتفاق على قانون الانتخاب؟

طبعاً، يأتي فرنجية رئيساً يقهر عون ويُصاب بالإحباط وتتضاءل شعبيته وتبقى عملية استباحة المسيحيين. الطرف الآخر يرفض أن يلعب المسيحي دور الشريك الحقيقي، حتى وإن كان ذلك وفقاً للدستور في النظام السياسي.

إلى أي مدى يستطيع حزب الله أن يبقى متمسكاً بترشيح عون للرئاسة؟ وهل سيصمد لبنان بلا رئيس؟

سيبقى عون مرشح حزب الله حتى قيام الساعة، الأحداث في البلد بدأت قبل الشغور، وعلى القوى السياسية الذهاب إلى قانون انتخاب نسبي أو انتخاب الرئيس الأقوى مسيحياً. كان هناك رئيس عندما أتى تنظيم «داعش» ووقف هذا الرئيس ليقول لا يوجد «قاعدة» في عرسال وغطى عملية تورط عرسال في الصراع وتورط لبنان في الصراع في سورية، مراهناً على سقوط الرئيس بشار الأسد خلال أشهر، ما يعني أنّ الرئيس ليس المشكلة. من يريد استقراراً سياسياً في لبنان، يجب أن يقتنع بأنّ للمسيحيين حقوقاً دستورية مسروقة يجب أن تُردّ بقوة القانون والدستور وإعادة إنتاج الشراكة الوطنية على قاعدة إلغاء السرقة والنهب.

لماذ طُرحت الرئاسة قبل قانون الانتخاب؟

يريدون إفشال إقرار قانون الانتخاب، ويكون انتخاب فرنجية ثمن مطالب المسيحيين وهذا أمر لا يرضاه فرنجية.

إلام كان يهدف حزب الله من خلال موافقته على لقاء فرنجية ـ الحريري لبحث مسألة الرئاسة؟

مصلحة حزب الله أن يبقى فرنجية أحد المرشحين الأساسيين في لعبة الساحة اللبنانية، وقد أكد لفرنجية أنّ مرشحه الأول لا يزال العماد ميشال عون حتى ينسحب عون، وأرفق السيد نصرالله قبل وصول فرنجية مبادرة تقوم على سلة متكاملة وأراد التفاوض لمعرفة ما يريده الطرف الآخر، وعرف ذلك من ترشيح فرنجية. يريد معرفة من سيكون وزير الطاقة ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المئة وإبقاء قانون الستين، والأهم أنّ المرشح البديل لعون هو فرنجية، لكنّ عون هو المرشح الاستراتيجي. لا خروج لعون من المعركة بل سيسقط في أرض المعركة، التموضع الجديد الذي حدث على مستوى المنطقة، ولا سيما في سورية بقيادة الرئيس الأسد، ولبنان في كنف سورية سيغير المعادلات في الداخل.

نشهد تسويات متلازمة لملفات الرئاسة في لبنان واليمن وسورية، ماذا يعني ذلك؟

تجري هذه التسويات على قاعدة موازين قوى جديدة. في اليمن تسير لغير صالح الحرب واستمرارها ومعطيات جديدة على الأرض بعد سيطرة «القاعدة» على ثلاث محافظات. الأهم أننا سنشهد حرباً جديدة على «القاعدة» حتى لو وقع اتفاق في اليمن، وسيكون الملعب الخليجي برمته ساحة لها، وسنشهد تطورات على الساحة السورية تؤدي إلى إقفال الحدود العراقية – السورية ما سيؤدي إلى فرار المسلحين إلى الأنبار، وسنشهد انتصار القوات العراقية على الإرهابيين وفرار المسلحين إلى السعودية. لا بدّ من المبادرات قبل هذه المعركة ضمن عنوان الحرب على الإرهاب وستشهد سورية تطورات حاسمة في المعركة ضدّ الإرهاب تحت غطاء روسي، وسيحدَّد دور تركيا في منظومة الاستقرار الإقليمي الجديد.

يُبثّ هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويُعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردّد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى