ما ذنب الطفولة؟!
فدى دبوس
يتداول الناشطون مؤخراً فيديو يظهر الأطفال الذين يولدون مدمنين على المخدّرات في لحظاتهم الأولى في هذا العالم. ويظهر في هذا الفيديو حالات كثيرة لأطفال، منهم من ولد مدمناً على الهيرويين ومنهم من ولد مدمناً على الكوكايين، ومختلف أنواع المخدّرات المميتة التي لا تعدّ ولا تحصى. وقد انتشرت في الآونة الأخيرة فيديوات توعية للأمّهات اللواتي ينسين رسالتهنّ في هذه الحياة ويعشن الحياة غير عابئات بالمسؤولية الملقاة على عواتقهن.
هذه الفيديوات والتي تظهر أخطاراً هائلة في الولايات المتحدّة الأميركية تحديداً، تظهر حالة من التفلّت الأخلاقي والاجتماعي الكبير في دولة تظهر اهتمامها بحقوق الطفل والإنسان وهي مليئة بالحقد والفتن والمشاكل والتفلّت.
ربما لم يعرف بعضنا أن للمخدرات تأثيراً خطيراً على الجنين في رحم أمّه، وربما يتفاجأ البعض عندما يشاهد هذه الفيديوات من ردّات الفعل التي تظهر على هذا الجسد النحيل أثناء تلقّيه الصدمات، لكن ما ينفّر أكثر هي تلك الأمّ التي تركت نفسها لأهوائها وشهواتها متناسية فعلاً دورها الحقيقي في هذه الحياة، فكيف يجب على الأمّ أن تكون؟ ومن هي الأم الحقيقية؟ تلك هي الأسئلة التي تدور في ذهننا عندما نشاهد اعترافات الأمّهات المجرمات بحقّ الطفولة، لنقول ما ذنب الطفولة؟
المؤسف أن دور الأمومة اليوم بات يختصر بقليل من البهرجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلكي تكوني أمّاً عليك وصف مشاعرك الدفينة لابنتك أو ابنك على مواقع التواصل الاجتماعي، والتقاط الصور التي تظهر أنك تلك الوالدة المعطاء، والمحاولة بارتداء الأزياء نفسها مع الفتاة الصغيرة لكي تقول إنها نسخة عنها، لكن نسخة عن ماذا؟ عن شكلها؟ عن تصرّفاتها؟ عن نفسيتها؟ هل هذه الأمّ أو غيرها تعدّ أولادها بطريقة حضارية لكي يواجهوا هذا العالم العجيب بأسراره المخفيّة؟ هل نبني أسس الحوار السليم مع أطفالنا ونثقّفهم بدلاً من ابتياع حاجيّاتهم كافة التي تفنى يوماً بعد يوم ولا يبقى سوى المعايير الخلقية والاجتماعية التي يجب أن يتوارثها الأبناء عن الآباء؟
ربّما يقول البعض إن هذه الفيديوات هي فيديوات خاصّة بالمجتمع الغربي دون سواه، لكن عدم نشر فيديوات متعلّقة بمجتمعاتنا لا يعني خلوّنا منها، فما خفي كان أعظم!
نلاحظ يومياً وعبر برامج التلفزيون التي باتت لا تهتمّ سوى بنشر الفضائح ومشاكل الفساد التي تعيشها غالبية المواطنين بالخفاء أننا نعيش لوثة اجتماعية كبيرة قضت على جميع ما اعتدنا عليه، والمشكلة أننا نقف صامتين عاجزين أمام هذه المشاكل لانشغالنا بأمور أخرى لا يمكن لها أن تجعلنا نرتقي، فنقف أمام حضرة الجهل لننسى أننا نبع الحضارة. وبدلاً من الإفادة من تبادل هذه المشاكل ومناقشتها نرى أننا غير معنيين لننصرف إلى أمور غاية في الجهل والغباء، لذا فلنتّحد جميعاً لنعالج المشاكل الاجتماعية أولاً وليبدأ كلّ بنفسه، ومن ثمّ ننطلق إلى الأمام علّنا نغيّر شيئاً في أقدارنا.