الوزير سجعان قزي: هناك دول خليجية تدعم «داعش» والإرهاب في المنطقة
حاورته روزانا رمّال
حزب الكتائب أعرق الأحزاب اللبنانية وأنتج رئيسين للجمهورية وكان شريكاً في الحكم منذ عهد الإستقلال، ولاعباً حاسماً على الساحة السياسية هو اليوم في الحكومة ويقدم نفسه قوة وسطية تحتفظ بعلاقات في الجبهة المقابلة التي ينتمي إليها فريق الرابع عشر من آذار يقدم رئيسه الرئيس أمين الجميل لملء الفراغ وحل الأزمة.
نائب رئيس «حزب الكتائب» وزير العمل في الحكومة اللبنانية سجعان قزي كان ضيفاً في الحوار المشترك بين صحيفة «البناء» اللبنانية وقناة «توب نيوز» حيث أطلق عدداً من المواقف المغايرة والمتمايزة لمعظم شخصيات وقوى فريق 14 آذار وربما تشكل مفاجأة للكثيرين من فريقي الثامن والرابع عشر من آذار، وإن دلت هذه المواقف على شيء، فهو من جهة تمتع هذا الوزير الكتائبي والذي يشغل موقعاً قيادياً في الحزب بهامش واسع من الإستقلالية والحرية في التعبير عن آرائه إن كان داخل حزبه أو داخل فريق 14 آذار. لكنها تعكس من جهة ثانية إعادة تموضع كتائبي على ضفة المراقب للأحداث والتكيف مع المعطيات الجديدة على مستوى المنطقة والعالم خصوصاً في سورية والعراق بعد تمدد ظاهرة الإرهاب وتشظيها لتطاول لبنان أيضاً.
الوزير قزي اعتبر الإنقسام المسيحي ليس سبباً في عدم التوافق على رئيس للجمهورية، في حين يذهب بعيداً في الإنفتاح على سورية التي اعتبرها الدولة الشقيقة وأقرب الأشقاء ودعاها للإنفتاح على لبنان وتغيير ممارستها تجاهه.
أما في العلاقة مع حزب الله، فكان واضحاً في مد يده إلى الحوار حول نقاط عديدة منها سلاح حزب الله وكيفية بناء الدولة، مؤكداً أن حزب الله لم يطلب أي ثمن من الرئيس الجميل في مقابل دعمه رئاسة الجمهورية، ولا يخفي قزي حاجة لبنان إلى سلاح حزب الله للدفاع عن لبنان لكنه يشترط أن يكون في ظل الشرعية والدولة اللبنانية وضمن المؤسسات وقرار الحرب والسلم في يد الدولة.
يتمسك قزي برأيه السابق في عدم وجود ربيع عربي واصفاً أياه بأنه ربيع «إسلاموي»، ويربط هذا الذي سمّي زوراً «ربيعاً عربياً» كما يصفه بالمشروع الأميركي الجديد للشرق الأوسط معتبراً أن ذلك يشكل خطراً على الوجود المسيحي في الشرق.
يذهب قزي حيث لا يجرؤ الآخرون بالحديث عن أن هناك دولاً خليجية تدعم «داعش» وتدعم الإرهاب في المنطقة.
وهذا النص الكامل للحوار:
لماذا لم نستطع أن نصل إلى توافق وإجماع حول شخصية رئيس الجمهورية؟
لو لم يكن المسيحيون منقسمين لوجب تقسيمهم والإنقسام والتعددية المسيحية هي حالة صحية طبيعية في الجسد المسيحي وفي الحالة الوطنية في لبنان، والوحدات الأخرى هي وحدات اصطناعية لأن هناك محوراً إقليمياً يوحد هذه الطائفة ومحوراً إقليمياً آخر يوحد تلك الطائفة».
لكن هل هذا يعني بقاء هذا الوضع كما هو إلى ما لا نهاية؟
الإنقسام المسيحي ليس سبباً في عدم الإتفاق على رئيس، إن تحميل المسيحيين مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية هو تبرير لعدم إرادة الآخرين لانتخاب رئيس جديد، وهناك قوى داخلية وخارجية تربط انتخاب رئيس للجمهورية في ملفات المنطقة، وهناك قوى لا تنتمي إلى فريق واحد ولا إلى طائفة واحدة تحاول تغيير هوية لبنان ورسالته أو يعتقد أن لحظة تغيير لبنان قد أتت، ومن يريد تغيير لبنان هم الذين يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية ومن يعطل انتخاب رئيس للجمهورية هو من يعطل جلسات مجلس النواب ولا أقصد كل قوى 8 آذار بل هناك فريق منه يحضر الجلسات وهو الرئيس نبيه بري وحركة أمل».
هل يمكننا أن نتحدث عن سياسة من دون ديبولوماسية وتواصل مع الخارج؟
هناك فرق بين التواصل مع الخارج وبين الإرتهان للخارج ونحنا نتواصل مع الجميع ونفتخر بذلك كحزب كتائب ولدينا علاقات تبدأ بإيران ولا تنتهي بأميركا ومن 14 آذار إلى 8 آذار ومن البقاع إلى الجنوب، لكن لا ننتقل من موقع الحوار مع الآخر إلى موقع العضوي معه أو نأتمر بأوامره أو نخضع لإرادته، ونحن نقيم علاقات لندعم الدولة اللبنانية، ونحن نريد أن نقول لإيران وللسعودية ولإميركا ولسورية وكل العالم أن يدعموا النموذج اللبناني لكي يكون رسالة لكل القوى والأديان بأننا نستطيع أن نعيش، مسيحيين ومسلمين، معاً في لبنان».
بما أن الرئيس أمين الجميل هو مرشح لرئاسة الجمهورية وهو في حاجة الى أصوات حزب الله في المجلس النيابي، ما هو الثمن الذي يجب أن يقدمه الجميل لحزب الله؟
ليس مطلوباً من الرئيس الجميل أو حزب الكتائب أن يقدم ثمناً لحزب الله ليقبل بالرئيس الجميل رئيساً ولا المطلوب أن يقدم حزب الله ثمناً لحزب الكتائب وللرئيس الجميل بل المطلوب من حزب الله وحزب الكتائب ان يقدما إلى لبنان، وإذا كنا سنقدم لبعضنا أثماناً وتنازلات، فمن سيقدم للجمهورية والدولة؟ وحزب الله لم يطلب من الرئيس الجميل ثمناً أو تنازلات لدعمه لرئاسة الجمهورية، وإذا حصل حوار بين حزب الله وحزب الكتائب والرئيس الجميل سنبحث الكثير من النقاط خصوصاً سلاح حزب الله والسلاح غير الشرعي وكيفية بناء الدولة وإنقاذ الصيغة، وأنا لا أقصد بالسلاح الغير الشرعي فقط سلاح حزب الله بل كل السلاح غير الشرعي في كل لبنان، ولا يمكن أن يكون جيش للدولة وإلى جانبه جيش آخر، ولكن في المقابل إذا كانت لقوى لبنانية قدرة وطاقات في الدفاع عن لبنان فيجب أن نحافظ عليها برموش العين ولكن في ظل الدولة والشرعية اللبنانية وفي ظل قرار الحرب والسلم بيد المؤسسات الشرعية اللبنانية، وإذا أراد حزب الله أن ينخرط في سلك الدولة عليه أن يقبل بهذه المعطيات ولا يتنازل «لإسرائيل» بل للدولة اللبنانية».
إذا حصل الحوار على الرئاسة في ظل وجود حزب الله كقوة إقليمية ويقاتل في سورية ولن ينسحب من سورية، كيف سيحكم الرئيس الجميل في ظل لاءات حزب الله؟
الحل ان لا نتورط بصراعات الآخرين، ولكن أي عدو يعتدي على لبنان سنتحول كلنا إلى مقاومة، ولدينا عدو واحد هو العدو «الإسرائيلي» عدو الشعب الفلسطيني وعدو الحق الإنساني، وسورية دولة شقيقة وأقرب الأشقاء إلينا ولكن إذا حاولت الإعتداء على لبنان أو على أي فريق لبناني فهي دولة معتدية ولكن ليس بالمفهوم العداء «لاسرائيل».
بعد الذي حصل في سورية، ووجود الجماعات المتطرفة التي انتهكت مقدسات المسيحيين، هل بدأنا نلتمس أن هناك شيئاً تغير أو مفاهيم كانت خاطئة وتغيرت؟
أنا أول من كتب عن عدم وجود ربيع عربي بل هو ربيع «إسلاموي» وتلقيت عتاباً كثيراً ومن 14 آذار، ولا أعتقد ان ما حصل في العالم العربي من «ثورات» لم يكن لأجل الديمقراطية والحرية وقد تكون تلك أفكاراً راودت شباباً سوريين أو تونسيين أو مصريين لكنه سمّي زوراً «ربيعاً عربياً» بل كان التعصب الديني المحرك الأساسي له ولكن لو لم يكن هناك تعصب أيديولوجي لما حصلت هذه التظاهرات ولا هذا الدفق الشعبي في الشوارع ولا كانت استمرت الثورات، ونحن أمام مرحلة جديدة ولم تعد الحقيقة تسمح بالحديث عن ثورات عربية ولا عن تغيير أنظمة عربية وكل الأنظمة التي تغيرت تراجعت».
أنت تتحدث عن مشروع أميركي جديد في الشرق الأوسط؟
نعم هناك مشروع أميركي للشرق الاوسط الجديد وأنا اعتقد ان الأميركيين لديهم الجرأة ليتحدثوا عن مشروع أميركي في المنطقة أكثر من الذين يتحمسون لأميركا أكثر من الأميركيين أنفسهم، وهذا المشروع الأميركي يشكل خطراً على الوجود المسيحي في الشرق، وهذا لا يعني أن الانظمة العربية هي انظمة لا تحترم حقوق الانسان ولا تحترم حقوق المواطن».
ماذا عن علاقتكم مع سورية؟
انا ضد النظام السوري في لبنان وضد ممارساته السابقة، لكن، لا أتدخل في وضع النظام داخل سورية فهذا شأن يقرره السوريون، وأناشد النظام السوري تغيير سلوكه والانفتاح تجاه لبنان، وأعتقد أن حزب الله لا ينفذ الاوامر السورية ولا الرئيس نبيه بري بل لديهم القدرة على التصرف باستقلالية معه ولأن سورية في حاجة الآن إلى حزب الله، ونحن رحبنا بانفتاح العماد عون على سورية، ولكن نسأل ماذا قدمت سورية للعماد عون؟ لم تقدم شيء بل انفتاح عون على سورية هو لأسباب اخرى لا أريد ذكرها؟ وما فعله الأميركيون في العراق كان لا بد أن يؤدي إلى تقسيم العراق وانطلاق دورة العنف فيه.
و»داعش» ليست ميليشيا، بل هي الجيش العراقي السابق الذي حلّه الأميركيون بعد دخولهم إلى العراق، لذلك ندعو للاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية, وندعو لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم انتظار المصالحة الإيرانية – السعودية ونريد رئيساً لكل لبنان ودولة واحدة في هذا الشرق المعذب.
هل هناك دول إقليمية تدعم «داعش»؟
بالتأكيد هناك دول خليجية تدعم «داعش» وتدعم الإرهاب في المنطقة، لذلك على المسيحيين اليوم أن يعيدوا تقويم نظرتهم إلى ما حصل في العالم العربي منذ عام 2010 وان يعتبروا أن ما حصل قد يكون في بداية ايامه الاولى انتفاضة من اجل الحرية والكرامة والديمقراطية وحقوق الانسان، لكن سرعان ما دخلنا لا سيما أننا في زمن لا إلله إلا الله و«جبهة النصرة» و«داعش» و«القاعدة» والمحاور الاقليمية، وأخاف أن ننتقل من الدولة المركزية إلى الدولة المنقسمة على بعضها بعضاً وبالتالي أخاف على وحدة لبنان كما على وحدة سورية والعراق والمنطقة العربية، وسورية تتعرض لخطر التقسيم إذا لم يستطع الجيش السوري من استعادة المناطق التي تسيطر عليها «النصرة» و«داعش»، والمجتمع الإسلامي يتجه نحو التطرف، لكن ليس الدين الإسلامي هو المتطرف بل فئات قليلة منه ولكنها استطاعت أن تسيطر على الاكثرية، وعلى المسلمين أن يأخذوا المبادرة النيرة والديمقراطية وأن يقفوا في وجه تشويه صورة الإسلام، ولا يعيدوننا إلى الجاهلية بل إلى ما قبل الجاهلية وهذا يكون في صعود العسكر كما حصل في مصر بعد انتخاب السيسي رئيساً للجمهورية.
كما وجه الوزير قزي تحية إلى صحيفة «البناء» التي قال عنها «انها تحاول أن تقوم بعمل صحافي في الساحة اللبنانية والمشرقية»، وتحية أيضاً إلى قناة «توب نيوز» التي تسجل تقدماً يوماً بعد يوم.