كيري إلى موسكو الثلاثاء لإنقاذ لقاء نيويورك الجمعة… والخلاف على اللوائح العراق يتوجّه لمجلس الأمن بشكوى ضدّ التوغل التركي… والعبادي يستنفر القوات
كتب المحرر السياسي
يستعجل الأميركي وضع سكك ومنصات التسويات قبل نهاية العام ليضمن تغطية وتعاون موسكو وطهران مع خططه لبدء تنفيذ سحب قواته من أفغانستان، وليتسنّى له التفرّغ للعام الانتخابي العاصف الذي يعني إطفاء محركات السياسة الخارجية عملياً، ولذلك يحاول الأميركي تدوير الزوايا بين تطلّبات حلفائه للسير بالحلول من جهة، والسعي إلى تسويق الممكن منها لدى الخصوم كشركاء إلزاميين في هذه التسويات وضمان نجاحها، لكن الوقائع تقول إنّ هذا المسعى يتعثر بغياب موقف أميركي حازم بوجه رعونة بعض حلفائه وغباء بعضهم وعجز بعض ثالث عن تقبّل واقعي للمتغيّرات وقدرة التأقلم معها.
اجتماع نيويورك الخاص بسورية من ضمن مسار فيينا ثبت أنه خطوة أميركية متسرّعة، لم تنضج شروط نجاحها، طالما يفوّض الأميركي ويبارك للرياض قيادة عملية تشكيل الوفد المعارض لأيّ عملية سياسية، معتبراً مجرّد قبول الرياض بالانخراط بمعادلات الحلّ السياسي والتخلي العملي عن وضع شرط تنحّي الرئيس السوري قبل أيّ بحث بالحلّ السياسي، وصولاً إلى تغييبه كمطلب من البيانات الخليجية، بالأمر الذي يستحق المكافأة، بينما تنظر كلّ من روسيا وطهران لهذا التذاكي الأميركي بعين الريبة، فمن يريد مكافأة حليفه فليفعل من جيبه، وليس على حساب ضمان شروط نزيهة للعملية السياسية لا نجاح بدونها، وبالتالي لا يمكن التسليم بمواصلة السعودية العبث بلائحتَي المعارضة السياسية والتنظيمات الإرهابية اللتين يتوقف على حسمهما نضوج شروط اللقاء التالي لمسار فيينا والجهة الوحيدة المجمع على قيامها بالتشاور اللازم مع الأطراف المشاركة في مسار فيينا، وصولاً لبلورة التفاهم على اللوائح هي الأمم المتحدة ممثلة بالمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
على المسار اليمني رغم صدور تأكيدات السير بالمفاوضات ووقف إطلاق النار بدءاً من يوم الاثنين، قبيل وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو، بيوم واحد، لا تزال الضبابية تحيط بمدى الجدية السعودية بتسهيل نجاح هذه الجولة التفاوضية ومعها وقف النار، خصوصاً لجهة الالتزام السعودي بفك الحصار المضروب على اليمن، وليس فقط السعي الحثيث لضمان الأمن الحدودي الذي يتعرّض يومياً لتوغّلات يمنية.
جولة كيري في موسكو التي ستتضمّن لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف ستتوقف بالإضافة لمقتضيات مسار فيينا بالنسبة لسورية أمام الملف الأوكراني، حيث الترجمات النهائية للتفاهمات الموقعة في مينسك يفترض تطبيقها نهاية هذا الشهر، وستكون مراجعة لهذه الإجراءات وتثبت من نجاحها، كما سيظهر على مستوى سورية بحصيلة هذه الجولة مصير عقد لقاء نيويورك ولو بعد تأجيله ربما للثلاثاء الذي يلي.
التوغل التركي في العراق لن يغيب عن لقاءات موسكو، وقد سبق لروسيا أن دعت لجلسة تداول غير رسمية بهذا التوغل، وعبّرت عن عدم رضاها عن مستوى التفاعل الذي لقيه الأمر لدى الشركاء الدائمين في مجلس الأمن، والمقصود قبل الجميع الموقف الأميركي الذي لم يتصرّف وكأنّ الأمر انتهاك سيادي للعراق، بل بوصفه مجرد خلل بين دولتين جارتين في ظروف الحرب على الإرهاب ما يستدعي التغاضي والتسامح والتراضي، وبالتالي انكشاف ما يدلّ على تغطية أميركية لتركيا ربما على خلفية تعويض الفشل التركي في سورية، بينما توجهت الحكومة العراقية بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، ودعا رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الجيش العراقي والحشد الشعبي إلى الاستعداد للدفاع عن السيادة العراقية ما لم تصل الطرق السلمية إلى الهدف المنشود، وهو خروج القوات التركية من الأراضي العراقية.
في هذا التسارع الداعي للتروّي، توقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والنائب سليمان فرنجية، في لقاء ضمّهما أول أمس أمام مشروع التسوية الرئاسية التي يتبناها الرئيس سعد الحريري والتي تقوم على دعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وعلى قاعدة القراءة الواحدة وتماسك الجبهة التي تمثل المقاومة محورها، ويعتبر حلفاؤها أنّ قراءتها تبقى هي الأساس في رسم السياسات. ثبّت اللقاء قواعد الإدارة الهادئة للاستحقاق الرئاسي، الذي يبدو ثابتاً أنه سيُرحّل إلى ما بعد نهاية العام، وأنّ ترشيح العماد ميشال عون لا يزال فيه هو الأساس، وأنّ ترشيح فرنجية ضمنه صار البديل الوحيد، لكن المسائل بمواقيتها.
لقاء بين نصرالله وفرنجية
يبدو أنّ الآمال المعقودة على انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية العام قد تبدّدت وبالتالي سينضمّ الاستحقاق الرئاسي إلى الملفات التي سترحّل إلى العام المقبل بعد أن تراجع الزخم الذي أعطي لمبادرة الرئيس سعد الحريري ريثما تنضج الظروف المحلية والإقليمية.
وتردّدت معلومات أمس عن لقاء جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله برئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وجرى عرض لكلّ ما يدور بشأن ملف الرئاسة.
وأكدت مصادر نيابية في كتلة تيار المردة لـ«البناء» حصول اللقاء بين السيد نصرالله والنائب فرنجية، وأشارت المصادر إلى أنّ «اللقاء كان إيجابياً ولا يمكن أن يجتمع نصرالله وعون أو نصرالله وفرنجية إلا ويكون اللقاء إيجابياً»، ولفتت إلى «أنّ أجواء اللقاء توحي بأنّ تريّث حزب الله باتخاذ موقف من المبادرة لا يعني رفضه ترشيح فرنجية ولا يعني أيضاً التخلي عن عون، والقضية ليست مع أو ضدّ، بل حزب الله مع كلّ مرشح من فريق 8 آذار ويتمّ اختيار الأنسب للمشروع السياسي لفريقنا وليس للشخص المرشح».
حزب الله: الصمت موقف
وفي ظلّ تريّث حزب الله تجاه اتخاذ موقف من مبادرة الحريري، شدّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على أننا «لا نغيّر موقفنا مع تغيّر الأوضاع والمصالح، نحن لا نتلوّن، ولا نباع ولا نشترى، ولا نؤمر ولا نأخذ التعليمات من أحد. نحن نعمل ما يمليه علينا ضميرنا وقناعاتنا لمصلحة هذا البلد، في بعض الأحيان تكون هناك أوضاع تتطلب موقفا معيّناً نصمت ولا نتكلم، ولكن اعلموا أنّ السكوت موقف، فنحن نحتاج إلى فترة لنتأمّل ونستكمل بعض الاتصالات لنعلن موقفنا النهائي من أيّ قضية، نحن جماعة نفكر ثم ننطق، ولسنا من الذين يتكلمون قبل أن يفكروا».
فرنجية والفرصة الذهبية
وفي السياق، وبعد اللقاء الذي جمع المرشحَيْن العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية منذ يومين، وصف النائب في «كتلة لبنان الحر الموحد» اسطفان الدويهي مبادرة الحريري بالفرصة الذهبية، وتساءل: «لماذا رفض الفرصة المتاحة بانتخاب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، مستغرباً المواقف المسيحية»، لافتاً إلى أنّ «المصلحة الوطنية والمارونية تقتضي بأن ننتخب رئيساً للجمهورية، سليمان فرنجية هو الفرصة الذهبية المتاحة، هل نرفضها ونهدم الهيكل على رأس الجميع؟».
وأشارت مصادر المردة لـ«البناء» إلى أنّ «أجواء لقاء عون فرنجية كانت إيجابية بمعنى أن لا خلاف بينهما ولكن لم يتمّ التوصل إلى اتفاق». ولفتت المصادر إلى أنّ المبادرة في تقدّم بطيء بانتظار المشاورات والتشاور في داخل فريقي 8 و14 آذار».
فرملة المبادرة
وأكدت مصادر مطلعة في قوى 8 آذار أنّ «مبادرة الحريري فرملت ويتمّ التعامل معها حالياً بشكل غير رسمي وملموس، وعلى أنّ الحريري لم يقدّم المبادرة رسمياً. ومن خلال السياق التي مرّت به المبادرة بات من الواضح أنها وصلت إلى مكان اصطدمت بحائط مسدود لسببين: الأول ثبات العماد عون على موقفه كمرشح أول ووحيد لحزب الله، وموقف النائب فرنجية أيضاً الذي أعلن أنّ مرشحه عون ما دام الحريري لم يرشحه رسمياً، الثاني هو أنّ الحريري لم يعالج الخلافات داخل فريقه السياسي لا سيما حزبي الكتائب والقوات الذين أدّيا دوراً أساسياً في إجهاض الطرح»، لكن الأهمّ، تضيف المصادر، أنّ «السعودية غير مؤهّلة بعد لمدّ اليد تحت أيّ عنوان لبناني ما دامت تصعّد في لبنان وفي ساحات أخرى، من خلال وضع أسماء من حزب الله على لائحة الإرهاب ومنع بث قناة «المنار» على قمر عربسات»، وهي أيضاً في ذروة التصعيد في اليمن وسورية، وبالتالي لا يمكن أن تنتقل من التصعيد المعمّم إلى حمامة السلام»
وأشارت المصادر إلى أنّ «الهدف المخفي من خلال طرح اسم من 8 آذار للرئاسة قد يكون زرع بذور الشقاق في فريق 8 آذار نفسه وبين حزب الله والتيار الوطني الحر، لكن هذا الفريق فوّت هذه الفرصة على خصومه».
ورأت المصادر نفسها في الدعوة السعودية إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لزيارة المملكة «محاولة من السعودية لإضفاء حيوية وزخم ودفع على مبادرة الحريري الرئاسية المدعومة سعودياً والإيحاء بأنّ روحية انفتاح المملكة على الآخر ما زالت موجودة». وإذ لفتت المصادر إلى أنه على «رغم من أنّ الدعوة وجهت إلى بري منذ شهر، لكن توقيتها مريب ويمكن ربطه بمبادرة الحريري»، وأشارت إلى أنّ «الظروف الحالية تحول دون تلبية الرئيس بري الدعوة».
حبيش في الرابية
وفي غضون ذلك، سُجّل تواصل هو الأول من نوعه بعد «لقاء باريس»، بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، تمثل في زيارة عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش الرابية، حيث التقى العماد عون. وأشار حبيش بعد اللقاء إلى «توافق على ضرورة استمرار الحوار بين الأفرقاء السياسيين للوصول إلى نتيجة وإنقاذ رئاسة الجمهورية»، لافتاً إلى أنّ «الجنرال منفتح على الحوار مع كلّ الأفرقاء السياسيين وصولاً إلى إنجاز الاستحقاق ونتمنى أن تصل الأمور إلى حلول قريبة».
و»الكتائب» في معراب
وفي سياق التواصل بين الأطراف المسيحية التي أبدت تحفظها على مبادرة الحريري، زار وزير العمل سجعان قزي معراب والتقى رئيس «القوات» سمير جعجع. وأشار قزي إلى «أنّ طرح الحريري تعثر حالياً وننتظر الفرج في السنة المقبلة». وأكد «أنّ الرئيس يجب أن يشكل عامل وفاق وليس انقساماً بين القوى السياسية واللبنانية، وهناك عقبات وهذا لا يحتمل التحليل وأنّ هذه الديناميكية اعترتها فرملة».
إرجاء جلسة الحوار الوطني
وأرجئت جلسة الحوار الوطني التي كانت مقرّرة في 14 الشهر الحالي إلى 21 منه في عين التينة، بسبب وفاة شقيقة الرئيس بري السيدة مريم بري.
واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال استقباله وفداً طالبياً من جامعتي AUB وLAU، أنّ «مفتاح الحلّ في لبنان هو انتخاب رئيس الجمهورية»، مشدّداً على «ضرورة الحوار الوطني واستمراره».
النفط إلى الواجهة
على صعيد آخر، عاد ملف التنقيب عن النفط إلى الواجهة، وقد تحرّك باتجاه إقرار المرسومين المتعلقين به في مجلس الوزراء. وبعد الاجتماع النفطي الذي شهدته عين التينة أول من أمس، ترأس رئيس الحكومة تمام سلام أمس في السراي اجتماعاً لمناقشة الملف، حضره وزير الطاقة والمياه أرتور نظريان ورئيس لجنة الأشغال العامة النائب محمد قباني وعدد من النواب. وأشار نظريان بعد اللقاء إلى أنّ «هدف الاجتماع تحريك مراسيم النفط، نظراً إلى ما يجري في المنطقة لا سيما بين إسرائيل وقبرص ومصر»، لافتاً إلى أنّ «لجنة الأشغال العامة وهيئة إدارة النفط ووزارة الطاقة على رأي واحد، وما سمعناه من رئيس الحكومة فيه شق إيجابي ولا توجد خلافات سياسية أو نظرية بين الأعضاء سواء في مجلس الوزراء أو مجلس النواب في موضوع تحريك ملف النفط».
على صعيد آخر نقل موقع «ملحق» معلومات خاصة مفادها انّ هنيبعل القذافي نجل الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي خطف يوم الاثنين الماضي داخل الأراضي السورية، بعد ان تمّ استدراجه إلى هناك من قبل نائب لبناني سابق ومجموعة مسلحة.
وبحسب المعلومات فقد تمّ لاحقاً نقل نجل القذافي الى لبنان، فيما أفادت قناة «الجديد» انه تمّ تسليمه إلى فرع المعلومات من قبل مجموعة لبنانية وسيطة، مساء الأربعاء الفائت.