الجلسة الثامنة… حضرت مبادرة عون وغابت الانتخابات

هتاف دهام

لا جدال في لبنان بأن جلسات انتخاب رئيس الجمهورية تشبه حكاية إبريق الزيت، طالما أن لا أفق لهذا الاستحقاق في المدى القريب. في الجلسة الثامنة لانتخاب الرئيس أمس، لم يتغير شيء باستثناء عدم حضور رئيس المجلس النيابي نبيه بري وغياب رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عن المجلس النيابي ما انعكس على الاجراءات الأمنية التي كانت شبه معدومة.

تنتظر الانتخابات الرئاسية تطورات إيجابية اقليمية تخرجها من قمقم الانتطار. فأية مبادرات أو طروحات جديدة ستبقى عقيمة في ظل الأوضاع الاقليمية.

قذف رئيس المجلس النيابي الجلسة التاسعة لانتخاب الرئيس الى 23 الجاري بعد إعلانه في فترة سابقة أن الفترة الفاصلة بين الجلسات في شهر رمضان ستصبح أطول، لا سيما أن أي بصيص أمل غير متوافر في الوقت الحاضر.

وفيما هزلت الاهتمامات بكرسي سدة الرئاسة الأولى، فإن شاغل سياسيي 14 آذار الجنرال ميشال عون حط أمس في المجلس النيابي، عبر طرحه للانتخابات الرئاسية على مرحلتين وما يتطلب ذلك من تعديل دستوري. حضر رئيس تكتل التغيير والاصلاح في ساحة النجمة من دون أن تطأ قدماه المجلس النيابي. تمحورت المؤتمرات الصحافية لكتلة نواب زحلة والقوات اللبنانية وتصريحات النواب حول المبادرة العونية التي لم تكن لتطرح لولا فشل الحوار مع رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري.

طرح الرابية لم يناقشه رئيس التيار مع أي من حلفائه الذين لم يعلقوا لا سلباًَ ولا ايجاباً، مكتفين بالقول لو كانت هناك مؤشرات توحي بحلحلة مستقبلية للملف الرئاسي، لما كان العماد عون في حاجة إلى البحث عن أطر جديدة يتحرر فيها من الحاجة الى موافقة الكتل السياسية، ولاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة.

انعدمت حظوظ الجنرال بالرئاسة ووصلت الى طريق مسدود مع انقطاع التواصل مع الحريري. اقترح عون مخرجاً للرئاسة الأولى، بدأ التداول به بعد زيارته الاخيرة عين التينة، من دون أن يعني ذلك أن الرئيس بري دعاه الى تقديم هذا الاقتراح. فما حصل في اجتماع عين التينة مفاده أن رئيس التغيير والاصلاح سأل الرئيس بري أثناء الحديث عن الاستحقاق الرئاسي لماذا لا يتم انتخاب الرئيس من الشعب أمام فشل كل المحاولات، عندها رد الرئيس بري عليه بالقول: «اطرح الأمر».

طرح الجنرال المبادرة من وجهة نظره. فأتاه الرفض من حلفائه قبل خصومه. فحزب الله الذي يؤيد وفق مصادر مطلعة الانتخابات الرئاسية من الشعب على المستوى الوطني ينتخب خلالها اللبنانيون من مختلف انتماءاتهم الطائفية الرئيس العتيد، يرفض مقولة أن تُجرى هذه الانتخابات على دورتين الاولى تأهيلية على مستوى الناخبين المسيحيين، والثانية على المستوى الوطني.

الموقف الرسمي لحلفاء التيار البرتقالي من المبادرة العونية لم يصدر حتى الساعة. النائب عن الوفاء للمقاومة علي عمار الذي أتى الى المجلس لإتمام معاملة خاصة في الدوائر، رفض التعليق على اقتراح عون، فيما اكتفى عضو كتلة التحرير والتنمية النائب قاسم هاشم بالقول إن طرح عون سياسي وليس دستورياً لأن آليات تعديل الدستور معروفة والمجلس النيابي ليس في دورة عادية.

يبدي فريق 8 آذار استعداده لبَلع الموسى مرّة جديدة على أداء الجنرال. إلا أن فريق 14 آذار والوسطيين ليسوا مضطرين لذلك. فوجّهوا سهامهم نحوها. وزير الصحة وائل أبو فاعور رفض مبادرة عون في المضمون والتوقيت، قائلاً «ما يحصل غير منطقي، فمرة يقول عون انتخبوني تأمنوا، ومرة يطالب بتغيير النظام للوصول الى خيارات محددة في الرئاسة، وهذا أمر خطير جدا»ً.

وبيما ارتاحت القوات اللبنانية لإطاحة تيار المستقبل ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، اعتبر النائب ايلي كيروز أن طرح الجنرال «محاولة غير موفقة لتغطية مسؤوليته المباشرة عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي وايصال البلاد إلى شغور الموقع الوطني والمسيحي الأول في الدولة والتمادي في تغييب مرجعيته». وسأله لو وافق الرئيس سعد الحريري على ترشيحك لرئاسة الجمهورية، فهل كنت لتطرح ما طرحته من مبادرة مزدوجة، وكأنك سلمت بأن لا أمل لك بالوصول الى رئاسة الجمهورية من خلال المجلس النيابي والتوازنات السياسية القائمة.

وتساءلت النائب ستريدا جعجع لماذا التوقيت اليوم؟ هل هو لأن الجنرال ميشال عون لم يستطع ان يصل الى رئاسة الجمهورية؟ وقالت «ثمة من يريد نقل الامور الى مكان آخر كلياً لعرقلة الاستحقاق ومن هنا يطرح أموراً أخرى لناحية اتفاق الطائف وقانون الانتخابات». واقترحت «أن ينزل نواب الامة ويمارسوا حقهم بغض النظر عمّن سيصل الى رئاسة الجمهورية أكان سمير جعجع ام ميشال عون ام هنري حلو أم زيد أم عبيد المفترض ان يمارسوا واجبهم الوطني. هناك مجموعة اليوم تعرقل هذا الاستحقاق عن سابق تصور وتصميم».

ورأى النائب طوني أبو خاطر باسم نواب زحلة أن هذه الكتل تطرح حلولاً لا يمكن البحث فيها في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة وسأل الى متى سيبقى فريق سياسي «يمعن بأخذ البلاد الى المجهول ومن يتحمل التبعيات الامنية والارهابية ويكشف المؤسسات في أدق مرحلة نعيشها».

الحملة الآذارية والقواتية كان سبقها تصريح للنائب آلان عون أكد فيه «أن كل الكتل السياسية أمام خيارين: إما تطبيق اتفاق الطائف كما يجب وإما تعديله»، على ان ذلك لا يعفي العماد عون وتكتله من إثبات جدية مبادرته من خلال التقدم باقتراحات قوانين موقعة من عشرة نواب الى المجلس النيابي لتتم مناقشتها في المجلس بالطرق الدستورية اللازمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى