بغداد تشكو أنقرة إلى مجلس الأمن… والأخيرة تعيد ترتيب قواتها
وجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزارة الخارجية بتقديم شكوى رسمية من قبل الحكومة العراقية حول التوغل التركي ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته.
وشدد العبادي، بحسب بيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، على ضرورة مناقشة الأمر خلال جلسة خاصة لمجلس الأمن وتوزيع الشكوى كوثيقة رسمية، معتبراً التوغل انتهاكاً صارخاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وخرقاً لحرمة الأراضي العراقية.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أبلغ أول من أمس الخميس، وفداً تركيا وصل إلى بغداد بأن حلّ الأزمة بين البلدين ينحصر بسحب القوات التركية من الأراضي العراقية.
وقال مكتب العبادي في بيان إن «وفداً تركياً برئاسة وكيل الخارجية التركية فريدون سنرلي أوغلو ورئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان والوفد المرافق لهما قام بزيارة العراق للتوصل إلى حل للأزمة الحالية». وأضاف المكتب أن «الجانب التركي أعرب عن التزام تركيا باحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه والوقوف معه في محاربة إرهاب داعش».
وأشار إلى أنه «تم إبلاغ الوفد التركي بأن حل الأزمة ينحصر بانسحاب القوات التركية الكامل من الأراضي العراقية وهذا سيفسح المجال لعلاقات إيجابية والتنسيق والتعاون بين البلدين الجارين في المجالات المختلفة».
وكان الوفد التركي وصل إلى بغداد وعقد اجتماعاً مع وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري لبحث الأزمة الراهنة.
من جهة أخرى، قال مكتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن أنقرة قررت خلال محادثات مع «مسؤولين عراقيين» إعادة تنظيم قواتها المتمركزة في معسكر بعشيقة قرب مدينة الموصل شمال العراق.
وقال المكتب في بيان أمس إنه تم التوصل إلى اتفاق على بدء العمل لوضع آليات لتعزيز التعاون مع الحكومة العراقية حول القضايا الأمنية، من دون الإشارة إلى ما ستنطوي عليه عملية إعادة تنظيم القوات.
وفي السياق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدداً رفضه لسحب الجنود الأتراك من الأراضي العراقية.
على الصعيد ذاته، طالبت المرجعية الدينية في النجف الاشرف، أمس، دول الجوار باحترام سيادة العراق والامتناع عن إرسال قواتها لأراضيه من دون موافقة الحكومة المركزية، فيما حملت الحكومة مسؤولية حماية سيادة العراق وعدم التسامح مع أي طرف يتجاوز عليها.
وقال ممثل المرجعية في كربلاء السيد أحمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة، نقلاً عن «السومرية نيوز»، إن «هناك قوانين ومواثيق دولية تنظم العلاقة بين الدول واحترام سيادة كل دولة وعدم التجاوز على أراضيها هو من أوضح القوانين التي نصت عليها القوانين والمواثيق الدولية»، مشيراً الى أنه «ليس لأي دولة إرسال جنودها الى أراضي دولة أخرى بذريعة مساندتها بحجة الإرهاب ما لم يكن هناك اتفاق على ذلك بين حكومتي الدولتين بشكل واضح».
ودعا زعيم ائتلاف دولة القانون في العراق نوري المالكي، الحشد الشعبي إلى الاستعداد والانتباه لما سماها بـ«مخططات الأعداء»، متهماً تركيا بممارسة «النفاق» في محاربة جماعة «داعش» الإرهابية.
وأفاد موقع «السومرية نيوز» أمس الخميس، أن المالكي قال خلال لقائه تشكيلات تابعة للجناح العسكري لمنظمة بدر: «إن الشذاذ والمجرمين والقتلة حاولوا أن ينالوا من العراق لكن بفضلكم وبتضحياتكم أحبطت كل المخططات الشريرة».
وأشار إلى أن «من واجب الحكومة وواجب الجميع أن يقدم لكم كامل الدعم والإسناد، لأن الذي تحقق على أيديكم لم تستطع جيوش بكامل عدتها وعتادها أن تحققه».
ودعا المالكي الحشد الشعبي إلى «الاستعداد والانتباه لمخططات الأعداء الذين يحاولون من جديد تنفيذ مشاريعهم التقسيمية على أرض العراق عبر محاولة فصل الأنبار من جهة وإدخال قوات تركية في الموصل من جهة أخرى».
واعتبر أن «تركيا تُمارس اليوم النفاق في محاربة الإرهاب وداعش، لأنها تدعي تصديها للجماعات الإرهابية في حين أنها تدعم تلك الجماعات سراً عبر تجهيزها بكل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات وإمكانيات».
وأوضح المالكي أن «تلك القوات هي قوات غازية وعليها المغادرة فوراً وإلا ستكون خيارات المواجهة على الأرض كثيرة ومتعددة لأن الشعب العراقي بجميع مكوناته يرفض وجود القوات الأجنبية على أراضيه».
وطالب الشعب العراقي بـ«الخروج والمشاركة في تظاهرات اليوم السبت المقبل لرفض الوجود التركي على الأراضي العراقية»، مبيناً أن «هذه التظاهرات ستكون بمثابة الرد على من يحاول انتهاك أرض وسيادة العراق».
وأعلنت الخارجية العراقية أن سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين لدى بغداد اعتبروا توغل قوات تركية في العراق «خرقاً» للسيادة العراقية، مؤكدين أن بلدانهم ستساند موقف العراق. كما أعلنت وزارة التجارة، إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية ب تركيا.
وفي ردود الفعل على دخول قوات تركية إلى الأراضي العراقية، وصف خطيب جمعة طهران المؤقت السيد كاظم صديقي تطاول تركيا على العراق بأنه يضر المنطقة ولا يستند لأي منطق.
وأفادت وكالة «إرنا» أن صديقي قال: «من المؤكد أأن الشعب التركي وهو شعب مسلم لن يرضى بما قامت به حكومته فإن هذا الشعب لا يمكن أن يوافق على الإساءة لدول الجوار أو المسلمين». وأضاف: «نحن ندين مثل هذه الإجراءات وننصح المسؤولين الأتراك بأن يكفوا عنها من حيث أنها لن تصب في مصلحتهم ولا تخدم أحداً سوى أعدائهم».