الحقوق المدنية للفلسطينيين تحصّن المخيمات أكثر
حسين حمّود
في خضم التلبّد السياسي والتهديدات والتهويلات بالفوضى والدم من جانب أركان تيار «المستقبل» في حال لم تُبصر صفقة الرئيس سعد الحريري النور في أسرع وقت. ووسط الضغوط السياسية والمالية والإعلامية التي تمارسها السعودية ضدّ حزب الله المعارض لسياساتها في المنطقة وتدخلها العسكري المباشر في اليمن، وغير المباشر في سورية والعراق وغيرهما، فضلاً عن اتهامها بعرقلة الاستحقاقات الدستورية اللبنانية وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية. في ظل هذا الجو القاتم، عادة ظاهرة الانتحاريين الانغماسيين أو «الشاردين» التابعين للتنظيمات الإرهابية، إلى الظهور مجدداً بعد فترة استنكاف.
فلا يمر يوم إلاً وتوقف القوى الأمنية ولا سيما مخابرات الجيش والمديرية العامة للأمن العام انتحارياً أو أكثر في عدد من المناطق اللبنانية، مزنّرين بأحزمة ناسفة ومجهّزة للتفجير إما لاستهداف الجيش اللبناني أو مناطق مأهولة، وذلك بحسب اعترافاتهم التي تنشرها القوى الأمنية المعنية بالتوقيف والتحقيق مع هؤلاء الإرهابيين.
وبعيداً من الاتهامات لهذا الطرف أو ذاك بإيقاظ الخلايا النائمة الإرهابية والغاية السياسية أو الأمنية من ذلك، يبقى تحصين الوضع الأمني هو الهاجس الأهم في المراحل كلها.
وفي هذا السياق، عادت الأنظار إلى المخيمات الفلسطينية التي يحذر مسؤولو الفصائل الفلسطينية من استخدامها، في أي عمل أمني أو استهدافها بفتنة مع الجوار اللبناني، جرّاء مزاعم بتورط عناصر فلسطينية في تفجيرات محتملة، على غرار ما حصل بعد تفجيرَيْ برج البراجنة الإرهابيين وزعم تنظيم «داعش» أن أحد الانتحاريين فلسطيني الجنسية ليتبين لاحقاً أنه قتل في سورية قبل نحو سنتين.
«إرهاب الفتنة» هذا حذّر منه أكثر من طرف فلسطيني، إذ إنه لا يزال ماثلاً في أذهان الفلسطينيين، منبّهين من استمرار تجاهل أبناء المخيمات والتعاطي معهم من الناحية الأمنية فحسب.
لذا رأت الأوساط الفلسطينية أن الأوضاع الفلسطينية المزرية الحالية والتي تتفاقم يوماً بعد يوم باتت تحتاج إلى معالجات جدية من جانب الدولة اللبنانية، مشدّدة في هذا المجال على ضرورة منح اللاجئ الفلسطيني حقوقه المدنية والإنسانية، كحق العمل والتملك بحدود معينة على سبيل المثال منزله على الأقل، والإقلاع عن ذريعة أن ذلك سيؤثر سلباً على القضية الفلسطينية ولا سيما حق العودة.
ولفتت الأوساط إلى أن الفلسطيني، في ظل الظروف المأسوية القاسية، لم يعد أمامه سوى الهجرة إلى بلد أجنبي ومن ثم الحصول على جنسية ذلك البلد، وهذا هو بالضبط ما يضع القضية الفلسطينية وحق العودة في مهبّ الضياع وليس منحه بعض حقوقه في لبنان.
وفيما تصرّ الأوساط على ضرورة تحقيق هذا الطلب تؤكد في المقابل أن المخيمات لم تكن ولن تكون حاضنة للإرهاب والإرهابيين، مؤكدة تشديد الإجراءات الأمنية داخل المخيمات كلها على الأراضي اللبنانية، ولا سيما نقاط المراقبة والتفتيش والتحقيق في أي عمل مشبوه وملاحقة المسؤولين عنهم مهما كانت الظروف لمنع أي عمل قد يمس بأمن المخيم أو جواره، إذ لا طاقة لأي فلسطيني، فرداً كان أو تنظيماً، على تحمّل تداعيات هذا العمل.
وفي السياق عينه أكدت المصادر أن ثمة اجتماعات كثيفة تعقد بين مسؤولي اللجنة الأمنية العليا واللجان المتفرعة عنها مع قيادات الأجهزة الأمنية اللبنانية، فضلاً عن جهات حزبية للتنسيق ولدرس سبل تحصين المخيمات من أي اختراق.
لكن الأوساط تشدّد على أن أهم إجراء للتحصين هو إراحة الفلسطيني اقتصادياً ومعيشياً بقدر معيّن بانتظار عودته إلى وطنه السليب.