بري يبحث قرار «عربسات» مع ممثلي المحطات التلفزيونية: مع الصحافة ظالمة كانت أم مظلومة… والمعركة مع الإعلام خاسرة

متابعة لموضوع القرار الذي اتخذته إدارة قمر «عربسات» بحجب قناة «المنار»، زار وفد من ممثلي المحطات التلفزيونية، وعلى رأسه رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.

محفوظ

وقال محفوظ بعد اللقاء: «باختصار شديد، يمكن تلخيص موقف دولة الرئيس بري من حجب قناة المنار عن عربسات بأنه مع الإعلام ظالماً كان أم مظلوماً. وقد قام دولته بالاتصالات الضرورية للاعتراض والاحتجاج على مثل هذا القرار حتى مع الجهات السعودية، كما بحث هذا الأمر في لقاء الأربعاء النيابي، وبالتالي تمّ إبلاغ سعادة السفير السعودي بالموقف اللبناني الرسمي الذي يعترض على مثل هذه الإجراءات وفي الوقت نفسه، وهنا أهمية المسألة».

وأضاف: «إنّ الدولة اللبنانية تنطلق من فكرة الإجماع بدعم قضية المنار وبدعم الإعلام اللبناني لذلك سوف يكون هناك نوع من التنسيق بين الرئيسين بري وسلام، وبالتالي سوف يتم العمل على تحصين الإعلام اللبناني وذلك بأن يكون من الخارج نايلسات هو القمر الصناعي المعتمد على أن تراعى في ذلك شروط حماية الإعلام اللبناني عند وقوع أي مخالفة من أي مؤسسة بحيث يتم إبلاغ لبنان. شكراً لدولة الرئيس بري».

ورأى محفوظ أنّ تحصين الإعلام اللبناني يعني «تحصينه بالتفاوض السياسي وباعتبار لبنان هو مرجعية دولة البثّ، وعند وقوع أي مخالفة يتم إبلاغه. وإذا كانت هناك فعلاً مخالفة استناداً إلى القوانين اللبنانية، وتحديداً القانون المرئي والمسموع يؤخذ بهذه المخالفة، وفي الحالة المعاكسة يتم الوقوف إلى جانب المؤسسة التي يتم الاعتراض عليها».

فرحات

وقال المدير العام لتلفزيون «المنار» ابراهيم فرحات، بدوره: «تتويجاً للحركة التي بدأت من لجنة الاتصالات والإعلام النيابية كان اللقاء اليوم مع دولة الرئيس بري. وسوف تتابع هذه الخطوات، والحكومة اللبنانية ممثلة بوزير الاتصالات دعت عربسات إلى لبنان وهناك اجتماع قريب معها. وهذه خطوة من الخطوات التي اتفقنا عليها في لجنة الإعلام. وهناك خطوات ستتخذها الحكومة وأخرى سنتخذها نحن، وسوف يبقى الحراك مستمراً. وكما تفضل الأستاذ عبد الهادي نقلاً عن دولته إنّ المعركة مع الإعلام معركة خاسرة ولا أعتقد أنّ أحداً يستطيع أن يربحها».

وعمّا إذا كان الانتقال إلى «نايلسات» يعني قطع العلاقة مع «عربسات»، أجاب:

«هو ليس انتقالاً إلى نايلسات، فالإعلام المرئي اللبناني كله موجود على نايلسات منذ وقت طويل وهناك تعاقدات تجارية في هذا الشأن. وما نقوم به هو محاولة القول إن لا استباحة للسيادة اللبنانية من أي ناقل إشارة لأنّ وظيفته ليست لها علاقة بالمضمون بل هي وظيفة هندسية. أما المرجعية الناظمة والمرجعية المسؤولة في لبنان فهي المجلس الوطني للإعلام، وهناك حكومة لبنانية يمكن مراجعتها بأي خلل. وسبق للمجلس الوطني أن اتخذ مجموعة تدابير في حقّ قنوات لبنانية مختلفة، وهذا يُثبت أنّ هناك سلطة مختصة تقوم بالتدابير لكنّ هذه التدابير تكون متوازنة وليست مجحفة والذهاب إلى قطع بث الإشارة من طرف واحد عندما يحصل أي خطأ ليس هو العقوبة المتناسبة مع حجم الخطأ الذي ترتكبه أي قناة في حال سلمنا بحصول هذا الخطأ».

لقاء تضامني في صور

ونظمت «الجمعيات الأهلية في مدينة صور» لقاء تضامنياً مع قناة «المنار» في مواجهة الهجمة الشرسة التي تستهدف الإعلام الحر والمقاوم، بعنوان «2006 بربرية صهيونية ـ 2015 تكفيرية عربساتية»، وذلك في قاعة مسرح الثانوية الجعفرية في المدينة، في حضور عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي، عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب عبد المجيد صالح، وفد من «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، ووفود من «حزب الله»، حركة «أمل»، والأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، رئيس أساقفة صور للطائفة المارونية المطران شكر الله نبيل الحاج، ممثل المطران الياس كفوري الأب نقولا باسيل، رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق، رئيس منتدى الفكر والأدب الدكتور غسان فران، ممثلين عن قناة «المنار»، وعدد من العلماء والشخصيات والفعاليات البلدية والاختيارية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والأدبية، وحشد من المواطنين.

قدم اللقاء الزميل علي عبد الرسول، وبعدها كانت وقفة مع النشيد اللبناني والنشيد الرسمي الخاص لقناة «المنار».

خضرا

ثم تحدث نائب رئيس «جمعية التضامن الثقافية الاجتماعية» يوسف خضرا باسم «الجمعيات الأهلية في مدينة صور»، لفت فيها إلى أنّ «المنار نهضت من بين ركام القصف والدمار عام 2006 ونقلت إلينا أخبار الصمود والانتصار، وكانت كلما تعرضت لعدوان تنهض أقوى من ذي قبل، وكانت تعكس لنا تباشير النصر، فقد واكبت المقاومين الأبطال في مواجهة الإرهاب التكفيري في لبنان وسورية، ونقلت إلينا أخبار إنجازاتهم وتضحياتهم، وزفت منهم الشهداء الأبطال، وإننا إذ نعلن تضامننا مع قناة المنار، فإننا نبارك لها صمودها ونستنكر هذه الأساليب البغيضة من أعداء الحرية والكرامة».

معنّى

وألقى الإعلامي حسين معنى، بدوره، كلمة باسم الإعلاميين في الجنوب رأى فيها «أنّ استهداف المنار ومحاولة حصارها وإسكات صوتها هو نتاج الخوف من الحقيقة التي تعري أنظمة الجهل والاستسلام، وتفضح عجزهم وتقاعسهم، فهي اليوم تعاقب لأنها منبر المقاومة وصوت الانتفاضة والقضية الفلسطينية، وصوت صناعة الجيل المقاوم الواعي والمؤمن بقضيته، فلا سبب لمعاقبة المنار إلا لهذه الأسباب، وبالتالي فإنّ القرار الظالم بحقها هو قرار صيغ بأحرف أو بلغة أقرب إلى العبرية منها إلى العربية»، داعياً باسم الإعلاميين في منطقة صور إلى «العودة عن هذا القرار السياسي المدان والجائر بحق السيادة اللبنانية والمنار التي ستبقى متألقة، تغني الأثير بعبق الكلمات المضمخة بطيب الشهداء».

قصير

وألقى الزميل الإعلامي علي قصير كلمة قناة «المنار» شكر فيها الجمعيات الأهلية في مدينة صور على هذه الوقفة التضامنية مع قناة المنار، وكلّ الذين شاركوا في اللقاء من النواب وبلدية صور وممثلي الأحزاب والقوى اللبنانية والفلسطينية، وكلّ الشخصيات العلمائية والاجتماعية والثقافية والتربوية والإعلامية، معتبراً أنّ «هذا الاعتداء العدواني الذي قامت به شركة عربسات بمنعها بث قناة المنار هو اعتداء على المقاومة وقناتها بما يمثلانه من رصيد قيمي وأخلاقي ووطني لدى أبناء الأمة جمعاء». وشدّد على أنّ «المنار ثابتة في مدارها وأثيرها الذي هو أثير المقاومة كصوتها النابض بالحق من أجل القضايا المحقة، ولذلك قد اجتمعت اليوم حولها كلّ هذه الأصوات الحرة في هذه اللقاءات التضامنية التي تمثل الرفض لسياسات كمّ الأفواه المنتهجة في هذه الأيام في الفضاء العربي والإسلامي»، مشيراً إلى أنه «من الواضح أنّ القيمين على شركة عربسات وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية أرادوا باستهدافهم قناة المنار استهداف الكلمة الحرة، لأنهم ضاقوا ذرعاً بما تمثله هذه القناة التي وقفت إلى جانب الشعوب المظلومة، فعملوا على إيقاف بثها عن قمر عربسات، في وقت نراهم فيه يطلقون العنان لقنوات التكفير والحقد والتحريض على المذهبية في الصبح والمساء وفي كلّ يوم وساعة».

ولفت إلى «أنّ قرار عربسات هو قرار سياسي بامتياز، وأنّ تهديده إنما هو للسيادة اللبنانية، والمطلوب في هذه الحالة من كلّ المعنيين بالإعلام والسيادة اللبنانية أن يقفوا وقفة واحدة متضامنين ليس فقط مع قناة المنار، وإنما مع كلّ الإعلام الحر».

دبوق

وأشار دبوق إلى «أننا في هذا الزمن الصعب حيث تمر فيه المنطقة والعالم بمرحلة حرجة، ويجول الإرهاب فيه ويصول مشوها القيم الإنسانية والعقائدية، ومهدداً الاستقرار لا وبل الوجود، تأتي أهمية الإعلام الحر والمقاوم كمنبر للحق والحقيقة، لينقل الصورة الحقيقية والرأي الحر، ومساهماً بذلك في محاربة التطرف والإرهاب في عقر فكره».

صالح

بعدها ألقى صالح كلمة أكد فيها أنّ «المنار هي إعلام ملتزم تأخذ دور الرجل الإطفائي الذي يساهم في قمع أي فتنة على المستوى الإسلامي والمسيحي وعلى كل المستويات، فهي ليست مجموعة من الأبنية والتقنيات التكنولوجية، لأنها لو كانت كذلك لكانت قد عصفت بها ريح التدمير والحرب».

ولفت إلى أنّ «الذين حجبوا قناة المنار عن قمر عربسات قد خدموها خدمة كبيرة، لأنها حظيت بمشاركة واسعة من قبل اللبنانيين الذين نادراً ما يجتمعون على قضية أو أمر ما، فهذا الالتفاف الكبير حول هذه القناة عطل الموقف الأساسي لإحدى الفضائيات المشبوهة التي أرادت التطبيع مع جبهة النصرة».

الموسوي

ورأى الموسوي، أنّ «الذهنية السياسية التي كانت وراء قرار إسكات قناة المنار هي غير مؤهلة لرعاية الصيغة اللبنانية القائمة على العيش بين أتباع أديان ومذاهب وأفكار مختلفة، والتي تكمن في التعددية وحرية الرأي، فمن لا يستطيع احتمال التعددية وحرية الرأي، لا يمكن أن يعهد إليه بالإمساك في الملف اللبناني، لأنّ هذه العقلية تعني القضاء على الصيغة التعددية اللبنانية لإحلال صيغ مستبدة ذات صوت واحد محل الصيغة اللبنانية التي نعتز بها، والتي نحن من العاملين للحفاظ عليها وتنميتها وتطويرها».

وقال: «إنّ الذي يقفل المنار ويترك أصوات الفتنة التي تحرض المسيحيين على المسلمين، والشيعة على السنة، والسنة على الشيعة، لا يمكن أن يعهد إليه بأن يكون مشرفا على الشؤون اللبنانية، ولذلك نسأل أين هو الذكاء السياسي في أن تقوم جهة معنية في إدارة الملف اللبناني بإرسال رسالة من هذا النوع أنها في صدد إسكات صوت وإلغاء مكون، وهل يستقيم قرار إقفال المنار مع سياسة إخراج لبنان من أزمته الحالية عن طريق انتخابات لرئاسة الجمهورية، وهل يمكن لمن أسكت المنار أن نطمئن إليه بأنه قادر على إقرار قانون للانتخابات يسمح بتمثيل حقيقي للبنانيين، ويعبر فيه المكون اللبناني المتنوع عن صوته المتعدد، وما دامت المنار مقفلة، فهي علامة ساقطة لمن يدعي إمكانية رعاية الملف اللبناني، ونحن أساسا لا نعتقد أن تلك الذهنية قادرة على رعاية المسألة اللبنانية، فهم اليوم يزيدوننا قناعة وشكوكا وهواجس».

أضاف: «إننا لا نطمئن إلى العقليات السياسية التي ستعبث بالملف اللبناني، ونحن لا نثق بتلك العقلية، ونعتبر أنّ تدخلها في الشأن اللبناني بات يهدِّد الصيغة اللبنانية، ولذلك على المعنيين بالشأن اللبناني أن يبادروا إلى إنقاذ لبنان وصيغته المتعددة من الذهنية التي أوصلت إلى إقفال المنار، ونحن قادرون على إيصال صوتنا عبر قنوات شتى، ولكن ليس لنا إلا لبنان واحد، وعلينا أن ندافع جميعا عنه، وليست المنار وصوتها في خطر، فمن يواجه الخطر فعلاً هو لبنان الذي يريد البعض أن يسلمه إلى الذهنية التي أسكتت المنار، وإنّ الشعب اللبناني الآن لن يتأخر في الدفاع عن تعدُّديته وحريته وساميته في مواجهة الذهنية الفتنوية التكفيرية الاستئصالية».

وفي ختام اللقاء، تلا رئيس منتدى الفكر والأدب الدكتور غسان فران البيان الختامي للقاء باسم الجمعيات الأهلية في مدينة صور، أكد فيه «أنّ محاولات إسكات صوت المقاومة عبر منع بث قناة المنار على القمر الصناعي عربسات يدلّ على ضعف الحجة والمنطق عند الجهة التي ضغطت لذلك»، لافتاً إلى «أنّ هذا القرار هو دليل عن نجاح هذه القناة في الوصول إلى قلوب وعقول المشاهدين، لأنّ نبض الناس اليوم مقاومة وعقلها مقاومة، ولم تعد تجد ما يتناغم مع هذا النبض سوى هذه القناة وأمثالها».

ورأى «أنّ هذه الهجمة الظالمة على قناة المنار ناتجة عن استراتيجية واضحة لدى الدول المحرضة في تغييب القضية الفلسطينية لصالح الفتنة في العالم العربي، وحيث أنّ قناة المقاومة كما شعب المقاومة يحملان هم فلسطين كان القرار بإسكات هذا الصوت».

ولفت إلى «أنّ قناة المنار التي لم يفلح العدو الصهيوني خلال حرب تموز 2006 في إسكاتها ستستمر في نقل رسالتها عبر البث الفضائي بأساليب وطرق مختلفة، ونحن على قناعة تامة بأنّ العقول التي حيرت إسرائيل في الحرب ضدها، ستوجد كافة البدائل التقنية التي تضمن وصول المنار إلى كلّ مشاهديها».

ودعا البيان الحكومة اللبنانية «إلى القيام بدورها لملاحقة عربسات قضائياً، كونها قد أخلت بواجباتها القانونية تجاه لبنان، أولاً: عبر نقل البث من جورة البلوط دون إعلام الدولة اللبنانية، وثانياً عبر منع بث قناة المنار دون مناقشتها في الأسباب التي دعت لذلك، بل عبر تزييف السبب باقتطاع مشاهد مجتزأة من المقابلة».

وختم البيان بتأكيد «أنّ قناة المنار ستبقى منارة المقاومة وفلسطين والوحدة الإسلامية، ولن ينفع معها أسلوب الإسكات، بل سيزيدها ذلك عزيمة وثباتاً».

الخليل

من جهة أخرى، لا تزال المواقف المستنكرة لقرار «عربسات» تتوالى، وفي السياق، رأى النائب أنور الخليل «أنّ قرار إدارة القمر الاصطناعي عربسات السياسي، مخالف لوظيفته التقنية، لأنّ مسائل الرقابة تخضع للقوانين الوطنية وليس للمزاج السياسي لإدارة القمر، وقد نصّ القانون رقم 531 المتعلق بالبث الفضائي في مادته الثالثة على شروط عمل المحطات، ونحن من موقعنا كوزير سابق للإعلام، لم نر أنّ محطة المنار قد خالفت مندرجات هذا القانون أو القوانين الأخرى ذات الصلة».

وطالب الخليل، في تصريح، وزيري الإعلام والاتصالات بالقيام بالإجراءات اللازمة «لوقف هذا الإعتداء الصارخ على سيادتنا، ووقف مفاعيل قرار من شأنه تقويض سلطة الدولة اللبنانية والمسّ بصدقيتها».

جبهة العمل

واعتبرت «جبهة العمل الإسلامي في لبنان»، في بيان، أنّ «الإعلام المقاوم، وخصوصاً قناة المنار الفضائية والميادين وإذاعة النور وغيرها من الفضائيات والإذاعات الوحدوية المقاومة، تدفع ثمن وشرف انحيازها ودعمها وتبنيها للنهج الجهادي الوحدوي المقاوم، وللقضية الفلسطينية المحقة، وهذا ليس يعيبها، بل يشرفها ويعلي قامتها».

«الديمقراطية لتحرير فلسطين»

وأكد عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» علي فيصل في تصريح خلال زيارته في عداد وفد فصائل المقاومة مقرّ قناة المنار تضامناً معها، «أنّ استهداف المنار هو استهداف للقضية الفلسطينية وللانتفاضة الفلسطينية ومحاولة لاغتيال صوت الحقّ والحقيقة لأنّ المنار شكلت على امتداد مسيرتها صوت الذين لا صوت لهم، وصوت فلسطين وكلّ أحرار العالم».

ودعا إدارة القمر الاصطناعي «عربسات» إلى «التراجع عن قرارها حظر قناة «المنار» لأنّ ذلك «يخالف أبسط الحقوق الإنسانية في ما يتعلق بحرية الرأي والاختلاف».

ستبقى شعلة لن تنطفئ على الدوام

عبد الحكيم مرزوق

كيف يمكن أن نقرأ إيقاف بث قناة «المنار» على قمر «عربسات»، هل يمكن أن نضعه في خانة يأس المحور المُناهض لمحور المقاومة، وعجزه عن القيام بأي دور تجاه هذا المحور الذي يقدم يومياً الانتصار تلو الانتصار، وتُظهره على كافة الشاشات عبر الأسلوب الجديد الذي اتبعه «الإعلام الحربي» وهو خطوة متطورة ومتقدمة عمّا قدمه سابقاً في حرب تموز إبّان العدوان الصهيوني على جنوب لبنان وفي الوقت عينه، فإنه يُظهر خسارة أعداء المقاومة في معظم جبهات القتال التي فتحتها في الحرب على سورية ولأنّ قناة «المنار» هي قناة المقاومة بالدرجة الأولى، فقد أصدر آل سعود الذين يقبعون في عصور الجهل قرار إيقاف «المنار» ليسكت صوت الحق، الذي لن يسكت أبداً بقرارهم الجاهل واللامسؤول.

إنّ قرار آل سعود لن يكون مجدياً، على الرغم من دعم الأميركيين والصهاينة الذين يحيكون المؤامرات تلو المؤامرات ضدّ محور المقاومة الذي تقف سورية في طليعته، وهي التي دعمت حزب الله في حرب تموز ولا تزال حتى الآن، وذلك لعدة اعتبارات أولها أنّ هناك بدائل كثيرة يمكن أن تتبعها إدارة القناة في التعامل مع هذه القرارات كما فعلت قبل ذلك قناة «الميادين» التي تمّ حجب بثها على القمر نفسه، إضافة إلى أنّ الجمهور لم يعد غبياً فهو يدرك حجم اللعبة الدولية وحجم التآمر على محور المقاومة وعلى فلسطين وعلى سورية أيضاً، لذلك فإنه لم يغير بوصلته في مشاهدة تلك المحطة ولا غيرها لأنّ هناك تردُّدات أخرى يمكن أن تبث من خلالها رسائلها الإعلامية وعبر أكثر من قمر اصطناعي يقوم بهذه المهمة، إضافة إلى أنّ «المنار» قد استفادت من تجربتها في حرب تموز حين تمّ قصف مقرها ولم يتوقف بثها إلا لدقائق، إذ نهضت من تحت الركام وقامت بالبثّ وواصلت تقديم برامجها وهذا ما لا تستطيعه كبرى المحطات التلفزيونية المدعومة من قبل دول البترودولار، وذلك لسبب بسيط هو أنّ تلك المحطات لم تتعلم بعد ثقافة المقاومة ولم تتعلم إلا ثقافة التآمر والخنوع لأسيادها الأميركيين والصهاينة الذين يوجهون دولها ومحطاتها الإعلامية التي تبدو أنها ناطقة بالعربية وهي لا تبثُّ إلا السموم لشباب واقعين تحت تأثير المخدرات التي يتاجر بها أمراء السعودية ودول الخليج.

إنّ الدور المُناط بتلك المحطات يقتصر على تخدير الشعوب العربية، وقبل ذلك تخدير ملوك وأمراء تلك الدول ومن ثم تعميم ذلك التخدير، فهل يمكن أن نفسر تلك المحطات الإعلامية الخليجية الكثيرة التي تهتم بالرقص والأغاني والأفلام والمسلسلات على مدار الساعة إلا بأنه تخدير للشعب العربي؟ هل يمكن المقارنة بين التطور العلمي في إيران مثلاً والتطور العلمي في السعودية ودول الخليج؟

أعتقد أننا سنجد الهوة كبيرة بهذه المقارنة لأنّ إيران أصبحت دولة نووية بسبب استثمار نفطها وعائداته في البحث العلمي، أما السعودية فقد استثمرت نفطها في الدعارة وتجارة المخدرات وتخدير الشعوب عبر محطاتها الإعلامية وهذا بالطبع مرسوم من قبل الإدارة الأميركية التي لا تريد للعرب أن يكونوا باحثين وعلماء ولهم حضورهم في العالم وهذا أيضاً يُفسر قتل العلماء والباحثين العرب لأنهم يشكلون خطراً على الإدارة الأميركية وبوجودهم سينحسر الوجود الأميركي ولن يكون لهم ذلك الدور الفاعل، فمصلحة أميركا وأوروبا أن يبقى العرب غارقين في تخلفهم كما هي السعودية القابعة في عصور الجهل والانحطاط وملكها لا يعرف أن يفكّ الحرف وهو الذي وصف الشعب السعودي بالشقيق، فهل كان قد تناول حبة أم إبرة جعلته لا يميز شعبه عن الشعوب الأخرى؟

من يريد أن يبقى في عصور الانحطاط سيبقى، ومن يريد أن ينهض سينهض، و«المنار» لن تتأثر بقرار منحطّ من عصور الانحطاط وستبقى دائماً «شعلة لن تنطفئ» مهما أراد لها أعداؤها أن يطفئوا نورها المتقد على الدوام.

كاتب وصحافي سوري

marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى