اليوم يبدأ الاختبار اليمني لتموضع السعودية… وغداً كيري في موسكو لـ«سورية» تركيا بين نارَيْ روسيا والعراق وخطوات انتحارية تلعب بنار الموصل والبوسفور

كتب المحرّر السياسي

اليوم يبدأ العمل بوقف القتال في اليمن ويُفترض أن يعلن الرئيس اليمني من كنف القرار السعودي دعوة لوقف إطلاق النار، دأبت السعودية على رفض التزامن بينه وبين كل محاولة تفاوضية بين الفريقين اليمنيين، ويُفترض أن يتضمن الإعلان عن وقف التحالف الذي تقوده السعودية الغارات وسائر الأعمال الحربية التي تقوم بها في اليمن، ويدعو بالمقابل لشمول وقف النار الحدود السعودية اليمنية، حيث تسبب الضغط الذي يمارسه الحوثيون والجيش اليمني بتغيير نوعي في الموقف السعودي، وسيشكل صمود وقف النار وجدية الالتزام به اختباراً لمدى صدقية التموضع السعودي ضمن خيار التسويات، بعد ممانعة طويلة ارتبطت بالرهان على نجاح الخيار العسكري بتحقيق السيطرة على اليمن.

في قلب مسار التسويات يصل غداً وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو في محاولة للتفاهم على صياغة قواعد وضع لائحتَيْ التنظيمات الإرهابية والوفد السوري المعارض في العملية السياسية، بعدما سقطت محاولة الرياض الاستئثار بهذه المهمة، وأدى تفردها عبر مؤتمر الرياض إلى تهديد لقاء نيويورك الذي دعا إليه كيري ليوم الجمعة، وعارضته موسكو وطهران، وتستبعد مصادر إعلامية روسية نجاح المباحثات بتعويم لقاء نيويورك، لأن حدوث تفاهم روسي أميركي سيترتّب عليه مشاورات مع الأطراف المختلفة بصدد اللائحتين، تستغرق أكثر من الوقت المتبقي لموعد نيويورك المفترض.

وعكس مسار التسويات، تمارس حكومة أنقرة لعبة العبث بالنار مع الجيران بلا استثناء، من روسيا إلى العراق ومعهما طبعاً سوريا وإيران، والعبث التركي يبدو إلى المزيد من لعب الأوراق الخطرة، فمن جهة شكل إعلان الرئيس التركي رجب أردوغان عن نيته الحفاظ على وجود قواته متزامناً مع إعلان عزمه على ضمّها لقوات التحالف الدولي، بينما وزير الخارجية العراقية يعلن أن لا وجود عسكرياً منفصل لا لقوات التحالف ولا لإيران، وكل المستشارين العسكريين للتحالف وإيران يقيمون في معسكرات للجيش العراقي والحكومة العراقية ليست بوارد قبول أي نقاش لتغيير هذا المبدأ بينما على ضفة العلاقة مع روسيا فقد شكلت استفزازات ومواقف تركية إشارة لفتح ملف العبور الروسي في مضيق البوسفور، حيث اقترب زورق تركي من منطقة أمان مدمّرة روسية ما اضطرها لإطلاق النار تحذيراً، وتحدثت أوساط في الخارجية التركية علناً عزمها إعادة تقييم العبور الروسي العسكري والتجاري في مضيق البوسفور، ما يعني تصعيداً انتحارياً، معلوم أنه سيذهب بالمنطقة نحو حرب أوسع مما يمكن تخيّل أبعاده، بينما قالت أوساط إعلامية في موسكو إن خطوات روسية احتياطية قيد الدرس في حال دخول أنقرة مرحلة الجنون السياسي الكامل.

لبنان بين هذه وتلك، مسار التسويات ومسار التصعيد، يختار التجميد، فذلك أشد أمناً حتى تتبلور المؤشرات، فقد شهدت الاتصالات التي أجراها الرئيس سعد الحريري صاحب مبادرة التسوية الرئاسية القائمة على ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، إعلاناً ضمنياً عن تجميد المبادرة دون سحبها، فالأكيد صار أن الحريري لن يعلن ترشيح فرنجية قريباً بانتظار ضمان نجاح المبادرة، كما قالت أوساطه، بدلاً من إعلان كان يفترض أن يساهم في النجاح. واتصل الحريري بفرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للتداول في مبادرته وتأكيد استمرارها، لكن دون مفاعيل عملية بانتظار المزيد من المشاورات، مبدياً الحرص على علاقته بفرنجية وتمسكه به مرشحاً رئاسياً من جهة، ومبدياً الحرص على علاقته بجعجع من جهة مقابلة وتمسكه به حليفاً ثابتاً.

الحريري يتّصل بفرنجية

لا تزال مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية تدور في حلقة مفرغة وفي دائرة المراوحة من دون أن تسجّل خرقاً يذكر، على رغم حركة الاتصالات التي سجلت أمس بين الحريري والوزير سليمان فرنجية وبين الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع وتمّ خلالها بحث الملف الرئاسي.

وفي السياق، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري، أن الأخير أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية تبادل خلاله الرجلان الرأي حول مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية.

وفي بيان، لفت إلى أن الاتصال خلص «إلى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية».

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «الحريري أبلغ فرنجية أنه مستمر في عرضه وينتظر من فرنجية أن يذلل العقبات أمام الترشيح لدى فريق 8 آذار»، ولفتت المصادر إلى أن «الحريري لن يُقدِم على ترشيح فرنجية رسمياً قبل أن تتغير الظروف ويطمئن إلى أن الانتخاب يمكن أن يحصل من دون فيتوات».

وتشير المصادر إلى أن «الاتصال هو نوع من احتفاظ الحريري بورقة فرنجية كاحتياط وتبرير عدم التزامه بإعلان الترشيح رسمياً، كما كان متفقاً عليه لا سيما وأن الكرة بالنسبة لفرنجية هي في ملعب الحريري الذي كان عليه أن يأتي إلى بيروت ويعلن الترشيح وفقاً لاتفاق باريس».

..واتصال بين الحريري وجعجع

وفي محاولة لرأب الصدع في فريق 14 آذار الذي أحدثته مبادرة الحريري، سجل اتصال هاتفي بين الحريري وجعجع، تم خلاله البحث في الملف الرئاسي.

وأكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» ملحم رياشي أن «الاتصال بين رئيس الحزب سمير جعجع ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري كان ودياً وتفاعلياً وديمقراطياً، حيث كان هناك احترام لآراء الجانبين»، مشيراً إلى أن «الاتصال كان مطولاً جداً، وعلى خط آمن، حيث ليس باستطاعة أحد أن يتنصّت على الاتصال».

وأوضحت مصادر «قواتية» لـ«البناء» أن «الاتصال لم يحمل أي جديد وأن الأمور لا تزال في مكانها وأن جعجع لا زال على موقفه الرافض لترشيح فرنجية». وأضافت المصادر أن الاتصال كان جيداً ولم تستبعد المصادر أن يعقد لقاء بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وجعجع».

وتشير مصادر في 14 آذار لـ«البناء» إلى أن «الحريري كان جافاً خلال الاتصال مع جعجع على غير عادته، في المقابل كانت نبرة جعجع عالية أيضاً إلى أن بتر الاتصال قبل إنهاء النقاش ليترك لكل طرف الوقت لإعادة تكييف وقته قبل أي اتصال جديد، بخاصة أن اتجاه الاتصال كان تفجيرياً وهذا ما لا يريده الطرفان».

وحدة الصف والموقف

وفي السياق، بقي اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والوزير سليمان فرنجية في دائرة الضوء، فقد أكد مصدر في 8 آذار لـ«البناء» أن «اللقاء الذي تم بين السيد نصرالله والوزير فرنجية، أكد وحدة فريق 8 آذار والتزام جميع أقطاب هذا الفريق بوحدة الصف والموقف وعطّل الفخ الذي كان منصوباً له، وقطع الطريق على محاولات الالتفاف على طرح السلة الكاملة المتكاملة الذي عرضه السيد نصرالله منذ أسابيع وبالتالي صحيح أن الفريق الآخر لا زال يعتبر أن هناك صعوبات لوصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة، لكن مجرد طرحه ترشيح فرنجية يكون فريق 8 آذار قد قطع نصف الطريق أمام إيصال عون، لأن ترشيح فرنجية يفرض أمرين، الأول أن يكون الرئيس من 8 آذار والثاني تسهيل الاتفاق على عون لكون هذا الفريق وافق على ترشيح فرنجية ويبقى عليه أن يرضخ للخيار الثاني ويوافق على عون وتحل أزمة الرئاسة، خصوصاً أن عون يحظى بدعم فريق 8 آذار».

جنبلاط: التسوية تعطّلت أو تأخّرت

وأعلن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، في سلسلة تغريدات على «تويتر»، أن «تسوية انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية تعطلت أو تأخرت «بفضل تلاقٍ عجيب وغريب لقوى متناقضة شكلياً على الأقل».

.. والراعي: لن أسمّي أحداً

وجدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الرعوية إلى أبرشية مصر والسودان المارونية، تأكيد أنه «على مسافة واحدة من كل المرشحين وأنه لن يسمّي أحداً، لأنه مقتنع بأنه لا يحق لأحدٍ تسمية الرئيس أو إقصاء أحد، وأن ترشيح الرئيس يعود إلى الكتل السياسية والنيابية ونحن نعيش في ظل نظام ديمقراطي».

تحذيرات ذات طابع سياسي

أمنياً، تردّدت معلومات نسبت إلى مرجعٍ أمني، تتحدث عن «مراجعات دورية تتلقاها السلطات الأمنية اللبنانية من سفارات خليجية وغير خليجية لرفع مستوى الحماية الأمنية في ضوء معلومات تتلقاها هذه السفارات عن احتمالات تعرّضها لاستهدافات، إضافة إلى استمرار وجود خطر العمليات الإرهابية، خصوصاً في فترة الأعياد».

وعلقت مصادر واسعة الإطلاع على ما نُسب إلى هذا المرجع الأمني، وأكدت أنه «ذو طابعٍ سياسي أكثر من أمني وعسكري، لأن الجميع يعلم أن أحداً من الدول لا يستطيع أن يحكم السيطرة الأمنية مئة في المئة، بل تبقى بعض الخروق كما حصل في أميركا وفرنسا وبريطانيا».

وطمأنت المصادر إلى أن «الوضع الأمني في لبنان، كما يصفه الخبراء، هو وضع متماسك وتحت السيطرة مع عدم استبعاد حصول بعض الخروق الأمنية المحدودة التي تعتبر بمثابة لسعات أمنية»، أما سبب التهويل الغربي الخليجي، فترده المصادر إلى أمرين: «الأول مرتبط بفشل التسوية الرئاسية»، ويذكر المصدر بتهديد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الذي هدّد بالدم إذا لم يتم انتخاب رئيس وفقاً لإخراج سعد الحريري، و»الأمر الثاني مرتبط بمؤتمر الرياض وما أعقبه من تصريح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن على الرئيس بشار الأسد أن يرحل سلماً أم حرباً. وقد ترجم التهديد السعودي في دمشق قذائف أطلقها مسلحون من دوما على العاصمة، لتؤكد السعودية أنها قادرة على ارتكاب جرائم بحق المدنيين السوريين».

وفي السياق، يرى الخبير العسكري الدكتور العميد أمين حطيط في حديث لـ«البناء» أن «تهديد الوضع الأمني والإشاعات في لبنان تشبه إلى حدٍ ما القذائف التي تساقطت على دمشق، ما يعني أن هناك ضغطاً على محور المقاومة في لبنان من الباب الأمني لانتزاع تنازلات سياسية».

توقيف البقار في طرابلس

على صعيد آخر، استمر مسلسل التوقيفات لإرهابيين متورطين بعمليات إرهابية، فقد أوقفت القوة الضاربة التابعة لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، في طرابلس مساء السبت المدعو بلال البقار، المطلوب بمذكرات توقيف قضائية على خلفية أعمال إرهابية لا سيما مشاركته في التخطيط لتفجيري برج البراجنة.

.. وتفكيك جهاز تجسّس «إسرائيلي»

أمنياً أيضاً، استهدف الجيش اللبناني، تحرّكات للمسلحين في جرود عرسال، بالمدفعية الثقيلة والصواريخ، وحقق إصابات مباشرة في صفوفهم. كما فكك فوج الهندسة في الجيش جهاز تجسس «إسرائيلياً» في محيط بلدة تولين في قضاء مرجعيون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى