مماليك الغرب… وخيارات «ما تبقّى» من إرهاب!
فاديا مطر
مع تقدم الجيش السوري في تكتيك إفشال مفاعيل التسلل الإرهابي في الريف الدمشقي، وبدء استعادة مناطق استراتيجية تقطع أعصاب التواصل مع المراكز العصبية للمجموعات الإرهابية المسلحة في الغوطتين الشرقية والغربية، وتضييق الخناق على مناطق سيطرتها، مع السيطرة الكاملة اليوم على بلدة «مرج السلطان» ومطارها العسكري من قبل الجيش السوري، فقد عاشت العاصمة دمشق أمس يوماً دامياً جراء جولة عنيفة من الصواريخ التي تساقطت بشكل لافت رداً على عمليات الجيش السوري في ريفها، والضغط الذي حتّم على هذه المجموعات إثبات أنهم لا يزالون قادرون على الترهيب، في ظل ما يتستّر من حديث عن مبادرات الحل السياسي التي لم يرشح الكثير عن تفاصيل محتوياتها، فاستفاقة يوم 13 كانون الاول الحالي على موجة استهداف صاروخي إرهابي مصدره المجموعات الإرهابية في بلدات الغوطة الشرقية لدمشق، والذي خلف أعداداً من الشهداء والجرحى والخسائر المادية، هي رد إرهابي على الأداء السياسي والعسكري المتقدم للدولة السورية وحلفائها وآخر ما تبقى من خيارات أمام الرد اللحظي لسلاح الجو السوري على مرابض إطلاق هذه الصواريخ، والذي يؤدي إلى شلل إمكانية المواصلة في الاستهداف الإرهابي بتنسيق بين الغطاء الجوي والتقدّم البري وقطع شرايين الدعم الإرهابي الاستراتيجية، مما يعزز طوق إحكام السيطرة عسكرياً على العديد من مناطق الغوطة الشرقية ويعيد الحياة للعمليات المؤجلة نحو محاور أخرى تنتشر فيها مجموعات إرهابية تدعمها دول إقليمية بدأت بترتيب أوراق حلول سياسية فاشلة كفشل مجموعاتها في شكل شمل قيادات هذه المجموعات الإرهابية في تلك الاجتماعات، كما بدا في مؤتمر الرياض في 9 كانون الأول الحالي بعد انسحاب ما يُسمّى «حركة أحرار الشام» الإرهابية وعودتها للمؤتمر في شكل لم يخلُ من مشاهد واضحة لفقدان التوافق والتنسيق في الرؤية السياسية الصحيحة، والذي شهد رداً كردياً من الحسكة عبر «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي في مؤتمر موازٍ، وكانت موسكو قد اعتبرت المؤتمر السعودي محاولة للالتفاف على جهودها الدبلوماسية التي بدأت مطلع العام لتشكيل وفد موسّع للمعارضة يضم القوى كافة ولا يستثني أحداً، في مقابل موقف أميركي غامض ومتردّد إزاء الاصطفافات الإقليمية والدولية في جدلية الحل السياسي السوري، فتوجّه وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى موسكو من أجل الحديث عن الملف السوري وما جرى في مؤتمر الرياض وتسوية وضع المعارضة يؤكد الفشل السعودي في القدرة على الاستئثار بملف تجميع المعارضة، وعدم القدرة على الفصل بين المعارضة السياسية والجماعات المسلحة، بحسب ما أوضح السيد الرئيس بشار الأسد للصحيفة الاسبانية في 10 كانون الأول الحالي متهماً السعودية والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بضمّ المجموعات الإرهابية إلى مفاوضات الحل السياسي المرتقب، فأوراق دمشق المؤثرة على العملية السياسية المقبلة قوية وهو ما يوضح ارتفاع نسبة أحداث توترات أمنية وعسكرية على محاور جديدة في فترة العملية السياسية التي لم تتوفر لها نيات صالحة غربية وعربية، والتي بدأت مع تجدد قصف دمشق بالصواريخ واستهدافها بالسيارات المفخخة في حمص وغيرها من مسارات توتر الأمني الذي يحاول رسم معالم خريطة جديدة لموازين القوى على الأرض السورية على وقع نكسات سياسية وعسكرية سعودية ـ تركية ـ أميركية واضحة على مختلف الجبهات، بسبب المكتسبات العسكرية السورية مع الحلفاء التي بدأت تُخرج من المعادلة السياسية أوراقاً إقليمية ودولية نحو أي إمكانية لمؤازرة المجموعات الإرهابية التي تقاتل بمربعات مباشرة أو بالوكالة على الأرض السورية، فجلاء الخيارات السياسية الإقليمية والدولية هو ما يوظف أوراق ضغط معروفة الأهداف في سورية، خصوصاً على ضوء فقدان مبدأ التدخل البري والمناطق العازلة وغيرها من الأوراق القوية التي بدأت تقضم بعضها على وقع تنسيق روسي ـ سوري بدأ يقرّبها من فوهة المحرقة ليكون الردّ الإرهابي الدولي «ليس بالإمكان أفضل مما كان»!