الخليفة السلجوقي… أساس التوترات الإقليمية في المنطقة
راسم عبيدات
لصّ حلب الخليفة السلجوقي يعبث بأم المنطقة تحت حجج وذرائع يغلفها بحماية الجماعات التركمانية في سورية تارة وتوفير ملاذ آمن لمئات آلاف اللاجئين السوريين في الشمال السوري تارة أخرى، أما حججه وذرائعه في دخول وتوغل قواته الى العراق خارج إطار أيّ قانون أو شرعية، فيغلفها بمنع تمدّد الأكراد والتركمان وحماية الداخل التركي من العبث، ولصّ حلب لا يجرؤ على القيام بأعمال البلطجة والزعرنة هذه من دون ضوء أخضر من أميركا والناتو والتوافق والتنسيق مع مشيخات النفط والكاز العربية، وفي المقدّمة منها السعودية وقطر.
لصّ حلب وسارق النفط السوري والعراقي، كان من أكثر المتشدّدين والرافضين والعاملين على تخريب أي حلّ سياسي للأزمة السورية، حلّّ يبقي الرئيس الأسد في السلطة، ولهذا الغرض عمل بتنسيق وتعاون مع مشيخات النفط والكاز الخليجية الحاضنة لتلك الجماعات الإرهابية والتكفيرية، «القاعدة» ومتفرّعاتها «داعش» و»نصرة» و»أحرار الشام» وغيرها من الكتائب والألوية الإرهابية التي تمارس كلّ أشكال الإرهاب والقتل والتدمير والتخريب في سورية، على إفشال كلّ اللقاءات والمؤتمرات التي جرت من أجل حلّ سياسي للأزمة السورية تحت سقف الرئيس الأسد، ورفضوا أية حلول تقوم على أساس الألوية لمحاربة الإرهاب، وليس رحيل النظام السوري.
استمرّ لصّ حلب في توفير الدعم العسكري واللوجستي والاستخباري والإقامة والإيواء والتدريب للجماعات الإرهابية مقابل بيعها له النفط السوري والعراقي المسروق بأسعار زهيدة جداً، بحيث يجرى تقاسم أثمانه مع تلك العصابات الإرهابية وأفراد من عائلته بمن فيهم نجلاه وصهره وزير الطاقة المتورّطان في ذلك مباشرة، معادلة نفط مسروق مقابل توريد أسلحة ومواد غذائية وبضائع تركية.
حاول أردوغان بشتى الطرق بما فيها الضغط على الناتو من أجل اقامة منطقة عازلة أو حظر جوي في الشمال السوري، ولكن تلك الخطوة فشلت عندما سحبت أميركا والعديد من الدول الأروربية صواريخ «الباتريوت» المنصوبة على الحدود التركية – السورية ولكن كل هذا لم يثني أردوغان عن أطماعه ولم يتخلَّ عن جنون عظمته هو ورئيس وزرائه أوغلو باقتطاع جزء من الأراضي السورية وتوسيع دولته أو امبراطوريته على حساب الجغرافيا والدم السوري.
جاء التدخل العسكري الروسي المباشر الى جانب الجيش السوري في الحرب على الإرهاب، لكي يقلب كلّ المعادلات ويقضي على أحلام هذه الخليفة السلجوقي في المنطقة العازلة واستمرار دعم «داعش» مقابل النفط المهرّب والمسروق، وحاول في بداية التدخل الروسي، هو وأميركا والغرب الاستعماري ومشيخات النفط والكاز الخليجية، أن يلعبوا على وتر بأنّ هناك إرهاباً جيداً وإرهاباً سيئاً، ولا يحق للروس قصف الجماعات الإرهابية المحتضنة من قبلهم، جبهة النصرة، على اعتبار أنها جماعات معتدلة، يمكن أن تكون جزءاً من المشاركة في الحل السياسي للأزمة السورية، ولكن بوتين رفض ذلك وقال بشكل واضح الإرهاب هو الإرهاب، ولا يحق لأميركا وحلفائها الاستمرار في سياسة الاحتواء والتوظيف للجماعات الإرهابية، وعندما شعرت أميركا وتوابعها بأنّ الروس جادّون في قضية محاربة الإرهاب، وجدوا أن ذلك سيشكل خطراً جدياً على مصالحهم، فأميركا مشروعها باستمرار نزيف الدولة السورية والتدمير للمشروع القومي العربي، واستمرار احتواء «داعش»، وتنشيط مصانع أسلحتهم والأرباح الكبيرة لكارتيلات السلاح الأميركي، أصبح كل ذلك في خطر، أما الخليفة السلجوقي فخطوط تهريب النفط السوري والعراقي أصبحت في خطر، وكذلك حلم المنطقة العازلة واقتطاع جزء من الأراضي السورية، سيسقط الى غير رجعة، ولذلك كان القرار بمنع الروس من القضاء على ذلك من خلال رسم خطوط لهم بالنار تمنع تقدمهم العسكري على الأرض السورية هم والجيش السوري، فكانت حادثة إسقاط الطائرة المدنية الروسية من قبل «داعش» وبعلم واشنطن ولندن وأنقرة وتل أبيب، ولكن تلك الجريمة النكراء لم تحقق أياً من أهدافها، فبوتين لم يتألب الرأي العام الروسي ضده، وبدا أكثر تصميماً على مكافحة الإرهاب، وهذه الجريمة مكنت بوتين من استخدام القاذفات الاستراتيجية «توبوليف» في قصف قواعد وتحصينات داعش في الرقة وادلب، وكذلك استخدام الصواريخ المجنحة من البحر في قصفها، ونشر صواريخ الدفاع الجوي اس 300 على الأراضي السورية، ومع تقدم الجيش السوري وقيام الطائرات الروسية بفضح وتعرية الخليفة السلجوقي وكشف دوره في تهريب النفط السوري والعراقي من خلال الإغارة على صهاريج النفط التركية التي تهرب النفط للموانئ التركية وتدمير المئات منها، فقد الخليفة السلجوقي صوابه، وأعطي ضوءاً أخضر من قبل أميركا والغرب الاستعماري، بإسقاط مقاتلتين تركيتين للطائرة الروسية سوخوي 24، ولكي يكون إسقاطها صاعقة وكارثة على الخليفة السلجوقي، حيث أنّ القيصر الروسي، كان ردّه ليس فقط بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والتجارية والسياحية وإعادة النظر في خط أنبوب غاز «السيل التركي»، خط أنابيب الغاز الروسي المار من الأراضي التركية، بل كان هناك تهديد روسي واضح لأردوغان بإسقاط أي طائرة تركية أو أي هدف جوي يتحرك فوق الأراضي السورية، ونشرت بطاريات صواريخ اس 400، أحدث صواريخ الدفاع الجوي الروسي فوق الأراضي السورية، وعزز الأسطول الروسي وجوده في البحر ببوارج وطوربيدات حربية، وقصفت تحصينات «داعش» في الرقة وادلب بصواريخ مجنحة من البحر، وسقطت المنطقة العازلة أو الآمنة على الأراضي السورية الى غير رجعة.
أزعر المنطقة وبلطجيها بقرار وأوامر من واشنطن وقوى الغرب الاستعماري، لكي يخلطوا الأوراق ويفرملوا الخطوة الروسية أو يستخدموا الورقة العراقية كورقة ضغط على موسكو في قضية الحرب على «داعش» و»النصرة» وغيرها من الجماعات الإرهابية، أرسل قواته الى الشمال العراقي تحت حجج وذريعة منع تمدد الكرد وحماية الداخل التركي، ويبرر انتهاكه لسيادة الأراضي العراقية، وبأن وجوده هناك بطلب من حكومة إقليم كردستان بقيادة مسعود البرزاني المتآمر، والتي وفقاً للدستور العراقي والقانون الدولي لا وجود لها في ما يتصل بوجود أيّ قوات أجنبية على الأراضي العراقية، حيث الشرعية واللاشرعية صفتان منوطتان حصراً بالحكومة المركزية، تمنحهما حيث يجب وتحجبهما حيث يجب.
آن الاوان لتأديب أزعر الإقليم، وانتهاكه للسيادة العراقية يجب أن يستدعي تنسيقاً على أعلى المستويات بين كل مكونات الحلف الروسي- الإيراني- السوري العراقي وحزب الله، تنسيق أولاً يدعم الجيش العراقي ويمده بأحدث ترسانة السلاح، حتى يتمكن من دحر هذا العدوان، ووضع حدّ لهذا الأزعر الذي يعبث بأمن الإقليم، الحكومة العراقية تتعامل مع هذا الغزو على أنه انتهاك صارخ لسيادة الأراضي العراقية وتدعو مجلس الأمن الدولي لوضع حد له، وكذلك هي روسيا، ولكن الغرب الاستعماري وأميركا يدعون الى ضبط النفس، وكأن المنطقة متنازع عليها، وليست جزءاً من السيادة العراقية.
لا مساومات على السيادة ولا بدّ من تأديب هذا الأزعر وتوجيه ضربة قاسمة له، لكي لا يجرّ الإقليم الى حرب عالمية ثالثة.
Quds.45 gmail.com