نجوم الدراما السورية لـ«البناء»: الدراما الشامية هي الأفضل رغم الحرب والأسى
محمد أنور المصري
كثيرة هي المسمّيات التي انطلقت من الدراما السورية لتكون أساسَ تسمية أنواع الدراما العربية. فبدءا من أعمال «الفانتازيا»، إلى موجة الأعمال التاريخية، ثمّ أعمال البيئة الشعبية، فالأعمال الاجتماعية والعشوائيات، وأعمال الأزمة. ومنذ سنوات قليلة، ظهرت موضة جديدة في الدراما السورية إضافة إلى ما سبق، تمثلت في دراما الجرأة الاجتماعية. أعمال طرحت أفكاراً اجتماعية جريئة جداً لم نعتد عليها في الدراما السورية والعربية، تناولت قضايا الخيانة والمحرّمات الاجتماعية بشكل مباشر وموسّع يمتد إلى ثلاثين حلقة، تُستعرَض من خلالها تفاصيل الخيانات ومسبّباتها والأمراض الاجتماعية الناتجة عنها.
«البناء» رصدت آراء نجوم الدراما السورية حول ما قدّمته هذه الدراما خلال عام 2015، وإذ تباينت هذه الآراء، إلّا أنّها أجمعت على ضرورة استمرارية الدراما السورية في موقعها المتقدّم عربياً، على رغم الحرب والأسى.
توجّه الفنانة شكران مرتجى في بداية حديثها إلى «البناء»، تحية إلى صنّاع الدراما السورية جميعاً، وإلى كلّ من أصرّ على بقائها سفيرةً لنا في العالم. وقالت: أتمنى النجاح للجميع، وكل عمل سوري حقيقي يمثلني. وأتمنى النجاح لكل زملائي، كلّنا تعبنا ووصلنا إلى عقولكم وقلوبكم بكلّ محبتنا.
من جانبها، عبّرت الفنانة ريم عبد العزيز قائلة: أحيّي كلّ من عمل في الدراما السورية لتبقى صامدة صمود الأبطال في زمن صعب… ولكن مع محبتي للجميع، ثمة مجموعة من الأعمال كانت جيدة على مستويَي النصّ والإخراج، وكانت هناك أعمال متوسطة الأداء وأعمال رديئة. وككل سنة، تصعب الغربلة بين الأعمال لصعوبة المتابعة. تابعتُ هذه السنة «امرأة من رماد» لوجودي ضمن فريق العمل، وتابعت «أهلين جارتنا» أيضاً لوجودي فيه. أنا سعيدة لاختلاف أدواري ما بين التراجيدي والكوميدي. أما بالنسبة إلى باقي الأعمال، فأنا أحيّي كل الأعمال التي تساند الفنان السوري وتدعم مسيرته. ووجود الفنان في أيّ عمل مشترك سيغني العمل بالتأكيد. أتمنى من خلال الأعمال المشتركة ألّا يفقد الفنان السوري هويته. ولكن لديّ ملاحظة بالنسبة إلى الأعمال المعرّبة، كـ«العرّاب»، فأنا لا أرى أيّ فائدة من عمل كهذا يحكي عن المافيا. يكفينا ما رأينا من قتل وتدمير. وأرى أن إنتاج أعمال تتحدّث عن أمورنا وأحوالنا سيكون أكثر أهمية من إنتاج أيّ عمل أجنبي لا يمتّ إلينا بِصلة. وختاماً، أرى أن الأعمال المصرية التي قدّمت هذه السنة والسنة الماضية، وما تقدّمه من تنوع من ممثلين ونصوص وإخراج، مهمة جداً، وأتمنى أن نكون كذلك وألّا نكون أحاديي الجانب من حيث اختيار الأبطال أنفسهم في غالبية المسلسلات المطروحة كلّ سنة. فنحن نملك طاقات كبيرة تستحق منّا كلّ الاهتمام.
من جهته، قال الفنان الشاب عامر علي: أبارك لكلّ العاملين في الدراما السورية داخل البلاد وخارجها، عودة مميزة للنوعية والتميز في بعض الأعمال لتدخل في المنافسة بقوّة وثقة، على رغم أن الأعمال التي شاركت بها هذه السنة قد أُجّلت كلّها للعرض لاحقاً، لكن هذا لا يمنع أنني أفتخر بجميع العاملين في الدراما السورية.
الفنانة الشابة عهد ديب رأت أن الدراما السورية ستبقى في المقدّمة على رغم الحرب والأسى، وأنّ الدراما السورية هي الأفضل. وقالت: كلّ الحب والتقدير لكل من أثبت أن الهوية السورية هي الأساس في كل هذه الظروف. قاومنا لنكون موجودين.
من جانبه، قال الفنان الكبير أيمن زيدان: تستفزّني جدّاً في شارات أو تيترات بعض الأعمال التلفزيونية الصيغة التي يكتبها بعض المخرجين حين يستبدلون «إخراج فلان»، بـ«هذا العمل لفلان». من الذي قال إن هذا العمل هو لك أيّها المخرج الفلان. المسلسل حصيلة جهد الجميع وأنت مخرجه فقط.
المخرج محمد زهير رجب رأى أن بعض المسلسلات التي سبق عرضها حملات إعلامية ضخمة لم تكن بحجم هذه الحملات، أو أنها جاءت أقل من التوقعات بكثير.
من جانبها، قالت الممثلة سوسن ميخائل: بشكل عام، كمية الأعمال تدلّ على بداية معافاة الدراما وتقديمها التنوّع.
من جهته، قال الناقد الإعلامي الياس الحاج: لا بدّ من التأكيد أنه على رغم الظروف الراهنة، فإنّ الدراما في سورية مستمرّة بتحدي للظروف السياسية والاقتصادية. وحتى بعض الخطر في أيام التصوير، هي مستمرة في تقديم تنوع الأعمال الاجتماعية المعاصرة، التاريخية، البيئة التراثية والشعبية، وأيضاً الكوميدية، ودراما الموقع الواحد السيت كوم ، وهذا ما يجعلنا نشدّ على يد كل من عمل فيها واستطاع أن يكون عوناً لاستمرارها. لكن لو أتيحت لنا وقفة مع التصويت واستبيان ميدانيّ لآراء الجمهور والنقاد حول بعض تلك الأعمال وأهميتها في سباق مسلسلات موسم دراما رمضان 2015، لوجدنا انتقاداً كبيراً حول أمور باتت تستفز المشاهد والناقد، وعلى رأسها أن عدداً منها يقدّم «قلة الأدب»، في حين يدّعي أصحابها الأدب ورسائل القيم الأخلاقية. وأن الدراما لا بدّ أن تكون جريئة وإباحية في بعض جوانبها لتلامس الواقع. ويعتقد هؤلاء أن ما صنعوه من أعمال يجعلهم في المقدمة. أيضاً لا بدّ لنا أن ندرك أنه فُرض على الدراما السورية منذ بداية الأحداث التي تشهدها سورية ظروف عمل لدى المنتج والكاتب والفنان، وقد اتجه البعض إلى إنجاز أعمال بأقل التكاليف وأقل عدد من الممثلين، فبدت متباينة المستويات في طبيعة الأداء وحتى التصوير والعمليات الفنية، وهذه الأعمال أخذت المساحة الأكبر من الإنتاج الدرامي. مع تراجع عدد الأعمال ضخمة الإنتاج، أي تم إنتاج تلك الأعمال بشروط غير صحية، في ظروف إنتاج صعبة وغير صحية أيضاً، لكننا نلاحظ أنها أبرزت وجوهاً جديدة واعدة كبديلة عن الوجوه المكرّرة في الأعمال التي اعتدنا على متابعتها كلّ رمضان. كما أن هناك أعمالاً عدّة منتجة بشروط جيدة، وعلى رأسها أعمال مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، وبالتالي تستحوذ على استقطاب المشاهدين بمختلف شرائحهم لتنوع موضوعاتها السورية الجادة، والمدروسة بعناية، ومنها أعمال من واقع الأحداث الراهنة. وعلى سبيل المثال: مسلسل «حرائر»، ومسلسل «امرأة من رماد» مع الاختلاف في طبيعة العملين. وهنا يشار إلى أن هذه الأعمال تبتعد عن دراما النجم أو البطل المطلق كما نلاحظ في معظم الأعمال الأخرى، ومنها بالطبع أعمال متميزة وتستحوذ على متابعة جماهيرية واسعة، وعلى سبيل المثال مسلسلا «دنيا» الجزء الثاني، و«بقعة ضوء» الجزء الحادي عشر. أما المسلسلات التي جاءت نوعاً من العمل بهدف الإنتاج فقط ، فهي من وجهة نظري خارج تقييم المشاهد الذي لم تعد من اهتماماته، بل لنقل لا تتابع كما يتابع على سبيل المثال مسلسلات «العراب»، «عناية مشدّدة»، و«بانتظار الياسمين». وكما في كلّ سنة، تحتل أعمال البيئة الشامية المساحة الأكبر من الإنتاج من «باب الحارة» إلى «بنت الشهبندر»، إلى «الغربال» و«حارة المشرقة» و«حارة الأصيل»… وغيرها، فاسمحوا لنا أن نقول طفح كيل الكيل في تكرار حتى المشهد الواحد أو العبارات الممجوجة والمستعارة، وللأسف أن معظمها لم يخرج من شكل «القبضاي والعكيد والشبرية» وهي حالات لم تعد تتناسب مع جيلنا وما نتمناه لمجتمعاتنا.
كما أن الرهان على ما سمي بالجرأة وهي في الحقيقة «قلة أدب» خروج عن وقيم أهل سورية. أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشكل عملية فرز واختبار لمختلف تلك المقترحات المقحمة على مجتمعاتنا، كما ستكون اختباراً للوجوه القديمة المكرّرة في الأعمال وحتى الغائبة عن الشاشة، لا بل ستكون فرصة طيبة للوجوه الجديدة المجتهدة والتي نتعرف إليها في موسم رمضان، ومعظمهم من خرّيجي المعهد العالي للفنون المسرحية في سورية.
أما حول السيناريوات وأسلوبية الإخراج وإدارة التصوير والإضاءة والموسيقى… إلخ، فأعتقد أننا نحتاج إلى متابعة الأعمال كاملة لتقديم القراءة النقدية والفكرية والفنية الموضوعية للأعمال.