الاتحاد الأوروبي «يدلّل» تركيا وفقاً لمصالحه لا أكثر
تكثر الشكاوى في المحافل الدولية على تركيا بسبب تصرّفاتها وإجراءاتها اللامسؤولة والتي تعتبر انتهاكاً لسيادة دول مجاورة لها. فبعد إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، إلى التوغّل العسكري لقوّاتها في شمال العراق. لكن هذه الشكاوى لا تلقَ أي ردّ أممي، فيما الاتحاد الأوروبي «يدلّل» أنقرة وفقاً لمصالحه لا أكثر.
هذا ما تطرّقت إليه الصحيفة الروسية «نيزافيسيمايا غازيتا» في تقرير نشرته أمس، مسلّطة الضوء على اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، ناقلةً عن نائبة مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا قولها إنّ أوروبا قد تقف إلى جانب تركيا في نزاعها مع موسكو، وهذا يرتبط بمصالح أوروبا. ولكننا إذا تحدثنا استناداً إلى القانون الدولي لرأينا أنه يجب على أوروبا شجب الغزو التركي للعراق. ولكن الاتحاد الأوروبي يفكر انطلاقاً من مصالحه السياسية والاقتصادية. ففي حال مدّ أنبوب الغاز من قطر إلى تركيا عبر كردستان العراق، فإن موقف الاتحاد سيكون متساهلاً أكثر، إضافة إلى أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا ليست على ما يرام حالياً.
وفي سياق الحديث عن «داعش» ومصادر تمويله، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تحقيقاً استقصائياً عن مصادر تمويل تنظيم «داعش» من جباية أموال «الزكاة» والضرائب والأتاوات المفروضة في المناطق التي يسيطر التنظيم عليها في ظل تضييق الخناق عليه بقصف المنشآت النفطية وطرق تجهيز النفط لديه. وتقول الصحيفة إن تنظيم «داعش» يحقّق إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات المصادَرة والابتزاز، تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام. مضيفةً أنّ التنظيم يجني ما يعادل 23 مليون دولار من الضرائب التي يفرضها على الرواتب التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين في مدينة الموصل طبقاً لتقديرات الصحيفة بناءً على إحصاءات حكومية لعدد الموظفين.
«نيزافيسيمايا غازيتا»: الاتحاد الأوروبي وتركيا يحدّدان موقفهما من الشرق الأوسط
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنّ كل بند في جدول الأعمال تضمّن تذكيراً بروسيا وإن لم تدرج مسألة العقوبات ضدّ روسيا فيه.
وجاء في المقال: بدأ اجتماع بروكسل مناقشة برنامج «الشركة الشرقية» الذي تشترك فيه أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا، إذ أكد الحاضرون أهمية المبادرات الهادفة إلى تعزيز «البعد الإقليمي» من خلال البرامج الاقتصادية.
وتشير صحيفة «حرييت» التركية إلى أن أكثر المسائل السياسية حدّة برزت خلال فترة الغداء مع وزير خارجية تركيا مولود تشاوش أوغلو، الذي أشار إلى أن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي تحركت بعد ركود استمر خمس سنوات. وأن مشكلة الهجرة لعبت دوراً مهماً في هذا. وتضيف: لم يكن حضور الوزير التركي في بروكسل عفوياً، لأن الاتحاد الأوروبي ينوي مناقشة تأزم علاقات العراق وروسيا مع تركيا.
فكما هو معروف، انتهكت وحدات عسكرية تركية حرمة الأراضي العراقية، ما اضطر بغداد إلى أن تطلب من مجلس الأمن الدولي مناقشة هذا الموضوع. وقد أصبح معلوماً أيضاً أنّ تركيا سحبت قسماً من هذه الوحدات من معسكرها قرب الموصل باتجاه الشمال، ولكنها ترفض سحبها نهائياً، لا بل على العكس، يعتقد الخبراء أنها تنوي تعزيز وجودها العسكري هناك.
تقول نائبة مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا إن عملية غزو العراق خُطّط لها بحيث تساعد في تعزيز الوجود العسكري التركي هناك، وبحيث يمكن مستقبلاً وبدعم من الجيش التركي أن يعلن الأكراد تنظيم استفتاء في شأن انفصال إقليم كردستان، الذي تربطه علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع تركيا، عن العراق.
وقد عبّر وزراء الاتحاد عن دعمهم البرنامج الوطني العراقي في شأن الاصلاحات وأكدوا على وحدة أراضي العراق وسيادته، ولكنهم لم يوجّهوا أي انتقاد إلى تركيا.
إن العلاقات التركية الروسية تأزمت بعدما أسقطت الطائرات الحربية التركية قاذفة القنابل الروسية فوق الأراضي السورية. وحول هذه المسألة قال الوزير التركي تشاوش أوغلو في تصريح أدلى به لصحيفة «Corriere della Sera» الإيطالية، أن على روسيا وتركيا تطبيع علاقاتهما وإعادة الثقة المتبادلة التي سادت سابقاً إليها، ولكن لصبرنا حدوداً. من جانبه كان رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو قد أعلن أن بلاده مستعدة لأيّ حوار في شأن تطبيع العلاقات مع موسكو ولكنها لن تناقش مسألة الاعتذار والتعويضات.
تقول غلازوفا: قد تقف أوروبا إلى جانب تركيا في نزاعها مع موسكو، وهذا يرتبط بمصالح أوروبا. ولكننا إذا تحدثنا استناداً إلى القانون الدولي لرأينا أنه يجب على أوروبا شجب الغزو التركي للعراق. ولكن الاتحاد الأوروبي يفكر انطلاقاً من مصالحه السياسية والاقتصادية. ففي حال مدّ أنبوب الغاز من قطر إلى تركيا عبر كردستان العراق، فإن موقف الاتحاد سيكون متساهلاً أكثر، إضافة إلى أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا ليست على ما يرام حالياً.
هذا الأمر هو واقع ملموس، وليس في الافق ما يشير إلى تحسنه. فقد أصرّ رؤساء دول البلطيق على تمديد العقوبات ضدّ روسيا، وهذا المقترح مدعوم من قبل بعض الدول الأعضاء في الاتحاد. فقد أعلنت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل في خطابها في مؤتمر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أن فرض الاتحاد عقوبات على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية كان خطوة صحيحة. ومن جانبها صرّحت المفوضة في الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني لصحيفة «وول ستريت جورنال» أنها لا ترى ما يمنع تمديد العقوبات ضدّ روسيا.
ولكن لم يناقش اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي هذه المسألة في بروكسل، علماً أنها ستناقش في قمة الاتحاد التي ستنعقد يومي 17 و18 كانون الأول الجاري.
لقد اهتم اجتماع بروكسل بمسألة محاربة الإرهاب، إذ كانت موغيريني قد أرسلت رسائل إلى وزراء خارجية الاتحاد تتضمن الاجراءات التي اتخذت على ضوء قرارات مجلس مكافحة الإرهاب. وبحسب صحيفة «Politico» الأميركية، كثف الاتحاد الأوروبي من نشاطه في محاربة الإرهاب بعد العمليات الإرهابية التي نفّذت في باريس.
ويقول رئيس قسم الأمن الأوروبي في معهد أوروبا، دميتري دانيلوف: ليس هناك ما يشير إلى تنظيم حملة مشتركة ضدّ «داعش». وبرأيي، إن احتمال تنسيق حملة أوروبية مشتركة أمر مستبعد. وأعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن تتوصل الدول الأوروبية إلى قرار موحد، على رغم أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة العلنية لتنسيق السياسات الأمنية والدفاعية ضمن اطار الاتحاد على أساس اتفاقية لشبونة.
«فايننشال تايمز»: مصادر تمويل «داعش» غير النفطية… ضرائب وعمليات مصادَرة وابتزاز
انفردت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية بنشر تحقيق استقصائي على صفحتها الأولى عن مصادر تمويل تنظيم «داعش» من جباية أموال «الزكاة» والضرائب والأتاوات المفروضة في المناطق التي يسيطر التنظيم عليها في ظل تضييق الخناق عليه بقصف المنشآت النفطية وطرق تجهيز النفط لديه.
وتقول الصحيفة إن تنظيم «داعش» يحقّق إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات المصادَرة والابتزاز، تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام.
وتشرح الصحيفة، نقلاً عن أشخاص تقول إنها التقتم عبر الإنترنت في مناطق خاضعة للتنظيم، الآلية التي يجبي بها التنظيم ضرائبه وأتاواته من التجار وأصحاب المحلات في هذه المناطق، مقدّمة أمثلة عملية عنها.
وتشدّد الصحيفة على أن الإيرادات النفطية تشكل ظاهرياً أكبر مصادر تمويل مسلحي الجماعة، بيد أن ما تجنيه من الجبايات المحلية والضرائب التي تفرضها والبضائع والمواد التي تصادرها سيجعل حركة الاقتصاد الذي تديره مستمرة حتى لو نجحت خطط الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا في ضرب عمليات إنتاج وتهريب النفط الخام التي تقوم بها الجماعة وقطع طرق تهريبها.
ويخلص تحقيق الصحيفة إلى أن أصابع تنظيم «داعش» تمتد لتصل إلى مجمل النشاطات الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، ويجني من ذلك مئات الملايين من الدولارات سنوياً.
وتوضح الصحيفة أنها بعد أشهر من المقابلات مع مسؤولين ومحللين وأناس على الأرض في المناطق الخاضعة للتنظيم، توصلت إلى أن أموالاً تصبّ في النهاية في خزائن التنظيم تأتي من الضرائب على التجارة والزراعة والتحويلات، لا بل حتى من الرواتب التي تمنحها الحكومات التي يقاتلونها.
وتنقل الصحيفة عن أحد قياديي «المعارضة السورية» ممن اشتركوا مع التنظيم في عمليات عسكرية لسنوات قبل أن يفرّ إلى تركيا قوله: إنهم لا يتركون أي مصدر للمال من دون أن يصلوا إليه. وهذا شريان دم الحياة لديهم.
وتقول الصحيفة أن مؤسسة «راند البحثية» في الولايات المتحدة الأميركية قدّرت أن التنظيم قد جنى نحو 875 مليون دولار قبل سيطرته على الموصل في حزيران.
ويوضح التحقيق أن التنظيم عندما يسيطر على منطقة ما يقوم بمصادرة الموارد وسرقة البنوك والقواعد العسكرية وبيوت المسؤولين الحكوميين فيها. وقد أنشأ في كل ولاية في المناطق التي يسيطر عليها دائرة لـ«غنائم الحرب» تقوم بإحصاء ما غنمه وصادره من أصول وأموال ومعادلتها بالدولار، ثم منح نسبة خمسها إلى مسلّحي التنظيم.
وتباع البضائع والمواد غير العسكرية في أسواق محلية لبيع المسروقات، كما يسمح لمسلّحي التنظيم بشراء هذه البضائع بنصف قيمتها المعروضة.
وتنقل الصحيفة عن أحد أصحاب المحلات قرب سوق في قرية الصالحية على الحدود العراقية ـ السورية قوله: يمكنك أن تشتري أيّ شيء من أبواب المنازل والثلاجات والغسالات إلى السيارات والأبقار والأثاث.
وطبقاً لمصادر استخبارية ومقاتلين سابقين، فإن ما جمعه التنظيم من الضرائب و«الزكاة» والمواد المصادرة والمسروقات يعادل ما جناه من تهريب النفط الخام، الذي يقدّر بأكثر من 450 مليون دولار خلال السنة الماضية.
كما يجني التنظيم ما نسبته 2.5 في المئة من مدخولات المسلحين والناس الذين يعيشون المناطق الخاضعة للتنظيم تحت باب «الزكاة».
وتقول الصحيفة إن التنظيم يجني ما يعادل 23 مليون دولار من الضرائب التي يفرضها على الرواتب التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين في مدينة الموصل طبقاً لتقديرات الصحيفة بناءً على إحصاءات حكومية لعدد الموظفين.
وتنقل الصحيفة عن أعضاء في اللجنة المالية في البرلمان العراقي قولهم إن الحكومة العراقية ما زالت تدفع أكثر من مليار دولار كرواتب، ويقوم التنظيم باقتطاع نسب تصل ما بين 10 إلى 50 في المئة منها. كما يأخد التنظيم أيضاً نسبة من الحوالات المالية التي ترسل إلى أناس يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرته.
كما يحصل التنظيم على 20 مليون دولار سنوياً من الضرائب التي يفرضها على محاصيل الحبوب والقطن. ويقدّر تحقيق الصحيفة ما يحصل عليه التنظيم من الضرائب والأتاوات التي يفرضها على البضائع والشاحنات التي تدخل إلى العراق عبر المناطق التي يسيطر عليها بنحو 140 مليون دولار.
وترى الصحيفة أنه على رغم تشديد التحالف بقيادة الولايات المتحدة في استهداف مصادر تمويل التنظيم النفطية، إلا أنه سيجد طرقاً لجني الأموال وتمويل عملياته ما دام تدفّق البضائع التجارية أو المحاصيل الزراعية والتحويلات المالية مستمرّاً في المناطق التي يسيطر عليها.