زوابع الهروب: تحالف يوحِّد تركيا والسعودية بأمر أميركي سريع

فجأة تعلن السعودية عن تشكيل «تحالف إسلامي» عسكري من 34 دولة لمحاربة الإرهاب غابت عنه بصورة واضحة إيران والجزائر، بعد كلام أميركي يطالب دولاً خليجية بمزيد من الجهود لمساعدة الحملة العسكرية الأميركية في العراق وسورية…

هذا التحالف الذي يأتي بصورة مريبة في وقت كان ممكناً للسعودية تعزيز تعاونها مع التحالف الدولي مثلاً الذي تقوده أميركا في سورية. جاء كمن يريد أن يقول إنه قادر على أن يتصدَّر الواجهة وأن يفصل في الأزمة السورية، كما يشاء، تماماً كما قرّرت في مؤتمر الرياض تصنيف المعارضة السورية المسلحة منفردة.

لكنّ الخطوة السعودية، بغضِّ النظر عمّا تأمل به المملكة أو تحاول تسويقه، تأتي في ظلّ انكسار كبير وهزيمة لقواتها وللمرتزقة ولشركات «بلاك ووتر» ولكلّ من استنجدت بهم من أجل قتال اليمنيين وها هم جميعاً يواجهون رسالة مقاومتها الأخيرة بابتلاع الهزيمة المدوِّية والتوجه نحو جنيف قبل أن تطلق الصرخة الكبرى. فذكاء اليمنيين وتوقيتهم وضع النقاط على الحروف بأكثر من 150 قتيل بصاروخ استهدف قيادة قوات التحالف السعودي الخليجي في باب المندب.

يبدو أنّ السعودية اعتادت على زوابع الهروب وهي في خطوتها هذه غير مقنعة على الإطلاق، ففي وقت يجب عليها أن تتدارك الهزيمة الكبرى في اليمن والكارثة الأخيرة باكتشافها أنّ القوة الصاروخية في يد أنصار الله لا تزال سليمة ومعافاة وقادرة على استكمال الحرب هرعت لكي تشكل حلفاً إسلامياً لمكافحة الإرهاب في سورية والعراق، حلف ربما اتفقت على شكله هاتفياً في ليلة ليلاء وهذا كله لا يمكن أن يأخذ العين عن الأساس وبيت القصيد اليمن. فالسعودية اليوم لا يمكنها إقناع العالم بأنها تفكر في مكافحة الإرهاب في سورية قبل إقناعه بأنها مطمئنة على أمنها بعد خرق حدودها واستباحة سيادتها وتلقينها درساً لن تنساه، بحسب الحوثيين.

ها هي السعودية تبتكر زوبعة الهروب بحلف غير معروف الأهداف والمصير فهي اعتادت على نثر الغبار في كلّ مرة تتعرض لهزائم، والمثال على ذلك ما زال حاضراً في محاولتها التشويش على توقيع الملف النووي الغربي مع طهران بدخولها حرباً شرسة مع اليمن وأهله، وها هي اليوم تنوي حرف مسار المشهد الذي سيحكي قريباً إذعانها وهرولتها نحو الرضوخ والاقتناع بالحلّ بتحالف لمكافحة الإرهاب.

لكنّ زوبعة الهروب السعودية لا تبدو وحيدة، فهناك ما يدعو إلى الدهشة من الشريك الذي ينوي حذو حذوها فالمستحيل أصبح مُمكناً صدقوا أو لا تصدقوا فتركيا تدخل التحالف مع السعودية من أجل مكافحة الإرهاب وهي التي رفضت حتى دخوله مع الولايات المتحدة وهي التي تتعارض بمشروعها الإخواني مع كلّ أحلام المملكة والخليج، جملة وتفصيلاً، وكأنها تريد أن تخفي هي الأخرى هزائمها في سورية بمعارك الشمال وفشل المنطقة العازلة بأمر أميركي جاء من البيت الأبيض وانتكاستها مع روسيا وتراجعها بإعلانها عن نوايا إعادة تموضع قواتها في العراق بل وتلميحها إلى سحبها…

كيف توحّدت الأحلام السعودية والتركية فجأة؟ وما هي القطبة المخفية؟ ما الذي يجري في هذه المنطقة؟ ومن هو قائد الدفة الحقيقي؟

في الواقع، الإجابة أوضح اليوم فكلّ هذا ليس إلا أوامر أميركية بالإسراع في توحيد الأتراك والسعوديين، حيث بدا أنّ من يحتاج إلى التوحيد ليس المعارضة السورية المسلحة بل أربابها وأسيادها، وها هي واشنطن تنطلق بقيادة العمليات السياسية قبل نهاية العام باهتمام بالغ وتقول لحلفائها انتهى الوقت الضائع «ولو بدا تشتي معكم انتصارات كانت غيّمت».

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى