شبيب: محاولات دولية وإقليمية لتحضير «حريرية سورية»

حاوره سعد الله الخليل

رأى عضو المكتب السياسي لـ«حزب الشعب» سلمان شبيب أنّ تصدّي السعودية لتشكيل الوفد المعارض كأحد مخرجات مؤتمر فيينا الذي وضع شبه خارطة طريق للحلّ في سورية، خطوة لسحب المهمة من يد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.

وقال شبيب في حوار مع «البناء» و«توب نيوز» إنّ «مؤتمر فيينا أقرّ بإعداد قائمة للمجموعات الإرهابية لتتمّ محاربتها والقضاء عليها، وتصنيف المجموعات الأخرى المسلحة المعتدلة كمقدمة لوقف إطلاق النار في ما بعد على الأرض السورية، وأوكل المؤتمر إلى الأردن إنجاز هذا الأمر، كما أنّ تشكيل الوفد المعارض ليفاوض الحكومة ليس وليد المؤتمر، فموسكو أعدّت قوائم ضمّت 38 شخصية ممن دُعي إلى لقاء «موسكو 2» وهي قائمة متوازنة وتضمّ الائتلاف وتمتاز بتنوعها الواسع، والسعودية قدّمت قائمة من 22 شخصية ومنهم قدري جميل وهيثم المنّاع والائتلاف، وكان على روسيا أن تعترض لتصدّي السعودية للمهمة، لكنها وافقت في محاولة لنشر الأجواء الإيجابية فيما رحّبت أميركا وفرنسا بالدور السعودي ودي ميستورا تمنى للسعودية النجاح بالمهمة».

وتابع شبيب: «استغلت السعودية أجواء التشنّج والتوتر الدولي عقب مؤتمر فيننا بإسقاط الطائرة الروسية والتدخل التركي في العراق لتعويم أتباعها»، لافتاً إلى أن «المهم تصنيف القوائم المسلحة بقائمتين سوداوين للإرهاب تجب مواجهته وقائمة بيضاء تضم المجموعات المسلحة المعتدلة كشريكة إلى جانب الجيش السوري لمحاربة الإرهاب».

ورأى شبيب أن «تكليف السعودية تم بشكل غير مباشر، فيما كان واضحاً أن تشكيل الوفد هو مهمة المبعوث الدولي بالتنسيق مع مجموعة الدعم»، مشيراً إلى أن «السعودية لن تتخلى عن سعيها لإسقاط الدولة السورية سواء بالوسائل العسكرية أو السياسية فكان مؤتمر الرياض لإعادة تعويم الائتلاف والمجموعات الارهابية».

وتساءل شبيب «هل يمكن للسعودية أن يكون لها مصلحة بأن يكون في سورية نظام علماني مدني؟ في ظل عملها بأجندتها الوهابية والتي تختلف مع تركيا بالتعاطي مع ملف الإخوان المسلمين وتختلف معها في كل الملفات إلا الملف السوري». ورأى شبيب أن «هناك مخططاً واضحاً لضرب المؤشرات الإيجابية في فيينا والعودة إلى مسار جنيف وموضوع هيئة الحكم الانتقالي، وهو ما يندرج في سياق مقررات مؤتمر الرياض وجهود العودة إلى مجموعة ما يسمى «أصدقاء سورية»، كما بينت روسيا وحذرت منه معتبرة أن لا ضرورة لاستعجال فرنسا لعقد اجتماع عفا عليه الزمان وإعادة طرح شعارات الحرب على سورية والإصرار على تنحّي الرئيس بشار الأسد» ولفت إلى «ما أعلنه المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا عن أن الولايات المتحدة أصبحت مرنة وإيجابية في موضوع إيجاد تسوية لسورية».

ولفت شبيب إلى ظهور زعيم تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي أبو محمد الجولاني في هذا التوقيت «كمحاولة تركية قطرية لتحجيم الدور السعودي إلاّ أن كلام الجولاني أسقط الرهانات التركية والقطرية والفرنسية على تعويم جبهة النصرة كفصيل معتدل، وهو ما أفشله الموقف الروسي والإيراني، حيث أكد الجولاني تمسك النصرة بالتبعية لتنظيم القاعدة».

فيينا 3 أو نيويورك 1

ورأى شبيب صعوبة في انعقاد ملتقى فينا 3 أو نيويورك 1 من دون حسم ملف التنظيمات الإرهابية، ولفت إلى «التوجه الإقليمي أو ربما الدولي لإجهاض ما تم إنجازه في فيينا والعودة إلى مسار جنيف في 2012 الذي تجاوزته الأحداث كثيراً وفرض الإرهاب نفسه كأولوية. أما بيان جنيف 1 فقد سقط بالتقادم»، موضحاً أن هناك محاولة سعودية تركية وبتناغم فرنسي لإجهاض إنجازات فيينا».

وأضاف «السياسة السعودية لم تتغير فوزير الخارجية السعودي عادل الجبير حضر لقاء فيينا ووقع باسم السعودية على البيان، وخرج ليقول كلاماً يناقض البيان ولا نأمل أي تغيير في سلوك السعودية ولكن الرهان بأن تكون أميركا جادة بإيجاد تسوية كونها تملك سياسة عقول السعودية وغيرها».

وأضاف شبيب «الخلافات واضحة ولذلك أعيدت الكرة للسيد دي ميستورا ليحدّد أسماء الوفد المعارض ويشكّل وفداً من مختلف التيارات. وهذا المنطق كي ينجح مسار فيينا، يجب أن يشمل كل أطياف المعارضة في الداخل والخارج».

مشاركة «التنسيق» أساءت إليها

أسف شبيب «لمشاركة هيئة التنسيق الوطني في مؤتمر الرياض الذي أريد منه لعب دور البهارات الرديئة التي توضع على طعام فاسد»، وقال «للأسف ارتضى مَن بقي من هيئة التنسيق بعد خروج تيار «قمح» وبعد استبعاد المكوّن الكردي لعب دور الممثل في مسرحية».

وأضاف «لن نعاتب الأحزاب الناصرية إذا اجتمعت مع الأخوان المسلمين أو حين نرى الماركسيين يشيدون بجبهة النصرة والقاعدة وهو ضمن الإشكاليات التي تشهدها المعارضة السورية وتجب إعادة تصويبه، والأحداث في سورية أنتجت تناقضات لا يمكن تجاوزها كتنسيق ميشيل كيلو مع بندر بن سلطان واجتماعه مع جبهة النصرة وغيرها».

وأكد شبيب أن «مؤتمر الرياض خالف في مخرجاته كل ما ورد في فيينا وكان على السعودية عدم عرقلة مسار فيينا»، لافتاً إلى أن «السعودية وضعت الجميع أمام أمر واقع بأن ما يُسمّى «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» معتدلان». لكنه استدرك قائلاً: «كل دولارات السعودية لن تستطيع أن تمسح صفة الإرهاب عن هذه المجموعات، وخصوصاً قصف المدارس والمنازل، فهذا مستحيل أن يصنّف كمعتدل إضافة للذبح في عدرا العمالية. كما أنهم ما زالوا حتى الآن يضعون المخطوفين في الأقفاص على أسطح المنازل. فهؤلاء لا يمكن أن يصنفوا إلا إرهابيين، وأن أهالي الضحايا لن يغفروا لهم، وهم لا فرق بينهم وبين جبهة النصرة الإرهابية ولا يمكن أن يكونونا جزءاً من الحل في سورية ومهما بذلت السعودية من دولارات فهم إرهابيون».

حماية سورية من السقوط

وأكد شبيب أن معارضة الداخل لم تستطع إقناع الشارع السوري مسجلاً اعتراضه على تسمية تلك القوى «معارضة»، معتبراً أن «صفة المعارضة ليست تهمة يجاهد المعارض لنفيها وليست شرفاً يسعى لادعائه. والأهم أن سورية تحتاج جميع الوطنيين الذين يؤمنون بسورية الموحدة والديمقراطية والأحزاب المرخص لها وأعطت لنفسها اسم المعارضة. ومن الأفضل أن نسميها قوى وطنية لما أمامها من مهمة وطنية عظيمة وكبيرة تتمثل بحماية سورية من السقوط في السياسة بعد فشل إسقاطها عسكرياً».

وتابع «الدخول العسكري الروسي أسقط آخر حلم إسقاط الدولة السورية عسكرياً وأعطى حماية للدولة السورية ووضع خطاً أحمر لا يمكن التفكير بتجاوزه، بالإضافة لما قام به الحلفاء الإقليميون الإيراني وحزب الله والعمل الميداني الذي يقوم فيه الجيش السوري، فموضوع إسقاط الدولة السورية عسكرياً سقط، وسينتقل العمل إلى سيناريو آخر وهو إسقاط الدولة السورية سياسياً، فالمعلومات تؤكد أنه يجري العمل على ذلك من خلال صندوق الاقتراع، بتكرار سيناريو إسقاط الحكومات الوطنية عن طريق الانتخابات. وهذا ما يخطط له، فالتسوية السورية يمكن أن تتأخر شهوراً وربما أعواماً سيصل المواطن في نهايتها إلى صناديق الاقتراع، وعلى القوى الوطنية في المعارضة أو في السلطة مهمة كبيرة بحماية الدولة السورية من السقوط في تلك الصناديق».

قوى سياسية غائبة

ويضع شبيب مشهد القوى السياسية السورية ضمن نسقين: «الأول، قوى مشاركة في السلطة منذ عشرات السنين تتمثل بأحزاب الجبهة، وقد أصبحت مترهلة لا تملك أي حيوية باستثناء الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أظهر حيوية وقدّم شهداء، والحزب الشيوعي الذي كان وفياً لمبادئه وبقي يناصر الفقراء والمحتاجين بالرغم من فقدانه حيويته». وأضاف «رغم ما تعانيه القوى القومية السورية والشيوعية من انقسام لعبت بعض الأجهزة الأمنية دوراً فيه، بقيت تلك القوى قوية ومنعت القوى المتطرفة من أن تأخذ الشباب إلى أيديولوجيتها وتفكيرها قي حين فشل باقي الأحزاب».

وتابع شبيب «أما الأحزاب المعارضة التقليدية والأحزاب الجديدة فتعيش مرحلة طفولة لا تريد أن تخرج منها فتتوسع وتعقد مؤتمرات من دون نتيجة وأضرّت بالمعارضة السياسية لغياب الصفة السياسية لسلوكها والهوية لمؤتمراتها فيُعقد المؤتمر وينتهي من دون أي نتيجة». وأضاف «القوى الوطنية المرخصة وغير المرخصة لا أشكك في وطنيتها وأدعوها لأن تدرك بأن المرحلة المقبلة أنها ليست تقاسم سلطة بل مواجهة قوى سياسية متطرفة، وخصوصاً في الانتخابات حيث ستدفع ملايين الدولارات للترشيح وأخذ صوت الناخب كما تريده السعودية وسيكون رأس الحربة تنظيم الأخوان المسلمين بغلاف جديد وتيارات مخفية، وهم يتمتعون بإمكانات كبيرة ولديهم في الداخل السوري ماكينة إعلامية كاملة جاهزة للعمل مؤلفة من عدد كبير من الدعاة والمشايخ الذين للأسف تم تخريجهم في معاهد وزارة الأوقاف السورية، رغم محاولات وزير الأوقاف توعيتهم إلا أنهم ربما يكونون جاهزين للعمل مع الأخوان المسلمين في الانتخابات، وهو ما يفرض على القوى الوطنية أن تعمل منذ اليوم على استنهاض الناس وتأمين روافد للتواصل معهم لتكون شريكة في السلطة، وعلينا العمل على تغيير عقلية هذه القوى التي على رأسها حزب البعث والأحزاب المرخّصة لحماية سورية من السقوط في صناديق الاقتراع بيد «الاخوان» التي قد تخلع لبوس الإرهاب وتتقدم للانتخابات بطقم وربطة عنق».

لا طحين سوريّ

وأسف شبيب لغياب «الطحين» عن جعجعة المؤتمرات في الداخل والخارج السوري «لأن الدور السوري أصبح ضعيفاً أمام تدويل المشهد السوري، فالمعارضة لم يبق لها أي دور»، وإن اعتبر شبيب «مؤتمر المالكية ناجحاً بمخرجاته التي أفضت إلى انتخاب هيثم المنّاع وإلهام أحمد رئيسين مشتركين لمجلس سورية الديمقراطية المنبثق من المؤتمر». وأضاف «وجود المنّاع في سورية وعدم ذهابه إلى الرياض خطوة تؤكد التقاء حدث بين القوى الإقليمية والدولية ساهمت في إنجاح المؤتمر يهمها إبقاء سورية موحّدة ومنها روسيا».

وعن أجواء مكتب دي ميستورا قال شبيب «سلّمناه قائمة بما تم الاتفاق عليه من أطراف المعارضة السورية في الداخل من رؤية إلى فيينا وكانت الأجواء متفائلة بإمكان إيجاد حل، حيث يضع المبعوث الأممي إلى سورية سيناريو للحل قابلاً للتطبيق بعيداً عن اللجان الأربع التي تجاوزتها مخرجات فيينا». وأضاف «خطوات دي ميستورا واقعية ووقف إطلاق النار سيعلن فور بداية المفاوضات، حيث ستنضم المجموعات العسكرية بعد تصنيفها كمعتدلة في القائمة البيضاء ليُصار إلى مناقشة الموضوع الإنساني في الداخل السوري في شكل أوسع».

وأشار شبيب إلى تركيز لقاءات الرئيس الأسد مع الصحافة الغربية، على علمانية سورية، موضحاً أن «هذا التركيز مبني على هواجس ومستند إلى معطيات بأن هناك أطرافاً إقليمية ودولية تحاول أخذ سورية باتجاه طائف سياسي وإقامة نظام محاصصة طائفية كما في لبنان، حيث يتم الإعداد لمرحلة «الحريرية السورية». وهناك أشخاص يتحضرون في السعودية للعب دور رفيق الحريري في لبنان من بوابة إعادة الإعمار ومحاولة إغراء السوريين، كما حدث في عهد الرئيس رفيق الحريري في لبنان وهي خطوات للهيمنة على سورية».

تصعيد تركي

واختتم شبيب حواره مشيراً إلى أن «تصعيد الموقف الروسي حيال أنقرة يؤكد أن حادثة الطائرة ليس بحادث عابر بل لتأزيم الأمور، وأعلنت أنه حالة استفزازية، والأحداث التي وقعت خلال هذين اليومين الماضيين والتحذير الروسي بالنار لسفينة تركية لاقترابها من البارجة الروسية وتحذير البارجتين في البحر الأسود، يؤكد أن تركيا تعمل على إشعال المنطقة».

يُبَث هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة من مساء اليوم ويُعاد بثه الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034 قمر نيل سات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى