المحور الروسي يستنسخ من الماضي حاضراً يفرمل هيجان الخصوم

جمال رابعة

بعد قرار التأميم الذي اتخذه الزعيم العربي عبد الناصر لقناة السويس تمّ الاعتداء على مصر بعدوان ثلاثي من بريطانيا فرنسا الكيان الصهيوني من مدينة السويس بحجة قناتها للانقضاض على مصر الكنانة من خلف الإقليم الجنوبي وبتحريض من آل سعود وبشكل خفي، هبّ الشعب العربي في مصر وسورية والعراق والمغرب العربي نصرة لمصر المعز، ووقف دولياً في وجه العدوان الذي انكفأ، واستطاعت مصر عبد الناصر أن تحافظ على السيادة الوطنية لأرض مصر وشعبها.

اليوم بعد انضمام بريطانيا إلى المسرحية الهزلية بطيرانها تحت مسمّى قوات التحالف لقتال «داعش» يتكرّر السيناريو، لكن العدوان يطال الإقليم الشمالي بحلف العدوان ذاته ضمن المشروع الاستعماري الذي خطه ورسم خطوطه العريضة بداية بلفور وزير خارجية بريطانية مروراً بسايكس وبيكو وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا وصولاً إلى ما يُسمّى بـ»الربيع العربي» المظلة التي من خلالها يستكمل المشروع التآمري على شعب وجغرافية العرب، اليوم أضيف وبشكل مباشر للحلف المعادي تركيا أردوغان ودكتاتوريات النفط يتقدّمهم آل سعود وبلا حياء، فاكتمل النصاب كما تمّ استيلاد وصناعة جيوش بالإنابة من «داعش» و»النصرة» وغيرها من التنظيمات التكفيرية. الاستهداف اليوم يشمل سورية الطبيعية بلاد الشام التاريخ والعراقة والحضارة والمجد والخلود بأهمّ دولتين فيها العراق وسورية العمق الاستراتيجي والاقتصادي والجغرافي لكلتي الدولتين والعرب في وجه ما يرسم من مشاريع ليست في مصلحة شعوب المنطقة والدول الإقليمية تصبّ في تحقيق أهداف الهيمنة والسيطرة من الحلف المعادي ورأس حربتهم هذا «الكيان الصهيوني» الذي استطاع من خلال تفعيل ما يسمى «الربيع العربي» ترحيل القضية الفلسطينية إلى أجل غير مسمّى وصولاً إلى نهاية القضية ونسيانها وانشغال الأمة بكيانات جديدة تخلق وتحدث محاور صراع في المنطقة تنسي الأمة القضية المركزية، لكن الخريطة الجيوسياسية اليوم طرأت عليها تغيّرات وتبدّلات لأنظمة وشعوب في المنطقة انتصرت بإرادتها على الظلم والعدوان مقارنة بخمسينيات القرن الماضي إقليمياً، تتقدّمهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدولة الصاعدة بقوة وجدارة الحياة ونقطة الارتكاز الأساسية للشعوب المقهورة والمظلومة في وجه الطغيان، والمقاومة اللبنانية بزعامة حزب الله، أما الجنوب العربي في اليمن هناك الثوار الحوثيون صانعو الحرية وفك طوق الهيمنة والتبعية من قبل آل سعود.

أما روسيا الاتحادية فقد وضعت حداً للقطبية الأحادية التي تفرّدت بها أميركا ردحاً من الزمن وأثبتت للقاصي والداني في العالم أنّ هناك دولاً لا يمكن تجاوزها، وأنّ الكون قد تغيّر وليس مرهوناً لأميركا، وبرهنت بالأدلة ذلك من خلال استرجاعها منطقة القرم ودعم الشعب في شرق أوكرانيا والمشاركة الروسية ووجودها إلى جانب الجيش العربي السوري.

الاتحاد الأوروبي ضاق ذرعاً بسياسات تركيا الأردوغانية التي يتبعها مع تحالفاته الاستبدادية ذات الطابع الإسلامي التكفيري والإقصائي، وبحسب وجهة نظر الساسة الأوروبيين تعرّض الأمن الأوروبي للخطر بسبب تبنّيه وتقديم كلّ الدعم اللازم لهذه الجماعات التكفيرية، هذا مؤدّاه إلى عدم التقاطع بل الاصطدام من خلال سياسته الرعناء مع المصالح الاستراتيجية لأوروبا وأميركا، وتمّ تظهير ذلك من خلال زيادة أعداد الحاضنة ضمن المجتمع التركي التي تؤيد «داعش» لجهة أسلمة الدولة التركية على يد أردوغان مستثمراً أزمة اللاجئين للضغط على الاتحاد الأوروبي وعدم انتقاد سياسته الاستبدادية التي ينتهجها، وحتى يضعوا حداً لذلك ورّطوا أردوغان المتغطرس في إسقاط الطائرة الروسية ودخوله في صراع سياسي وعسكري واقتصادي مخرجاته انهيار الدولة التركية وتفككها عرقياً وطائفياً، وهذا ما يصبو ويحلم به الاتحاد الأوروبي للتخلص من عامل الضغط التركي وابتزاز أردوغان لأوروبا.

ما يؤكد ما ورد جاء على لسان اللواء أنور عشقي مستشار الملك السابق لآل سعود ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية في اجتماع سري مع مسؤولين صهاينة أنّ مخطط السعودية وبالتعاون والتنسيق مع أميركا والكيان الصهيوني، يهدف الى القضاء على الوطن العربي واحتلال إيران من أهمّ بنوده الاعتراف بـ«إسرائيل» وتغيير النظام السياسي في إيران والعمل على إيجاد كردستان الكبرى، والسيطرة على جميع الموارد التي يمتلكها الشعب العربي وتسخيرها خدمة للصهاينة وآل سعود عبر جسر بحري يسمّى جسر النور يربط القرن الأفريقي بشبه الجزيرة العربية.

ختاماً يمكن القول إنّ هناك قوى صاعدة دولية وإقليمية كروسيا وإيران تحول دون تحقيق مشاريع شيطانية كهذه، أما حماقات أردوغان وأحلامه العثمانية حجبت عنه حقيقة المشاريع والمخططات التي تنتظر الفرصة السانحة لتنفيذها في تركيا، أما العين الإيرانية تراقب وتقرأ وتدرس كلّ الاحتمالات وتستعدّ، أما أنتم يا عرب ماذا أنتم فاعلون… أما آن الآوان لأن تنهضوا من سباتكم السرمدي.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى