الائتلاف الذي أنشأته السعودية ضدّ الإرهاب… من دون جدوى!
ما إن أعلن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان عن إنشاء ما سمّاه «الائتلاف الإسلامي لمحاربة الإرهاب»، وادّعى أنّ 34 دولة إسلامية انضمّت إلى هذا الائتلاف، باستثناء إيران وسلطنة عُمان الدولتين الإسلاميتين بامتياز، حتّى تعرّض هذا الإعلان إلى وابل من الانتقادات من كل حدب وصوب، لا سيما من الصحافة الغربية، التي وصفت هذا التحالف بأنّه خطوة رمزية غير مجدية.
في هذا السياق، أشارت صحيفة «كومرسانت» الروسية إلى أنّ الهدف من الائتلاف الجديد الوقوف في وجه إيران في المنطقة لا محاربة الإرهاب. واستناداً إلى ذلك، قد يكون تشكيل هذا الائتلاف مشروعاً لتعقيد مهمة موسكو في محاربة «داعش».
ونقلت الصحيفة عن خبراء دعوتهم إلى عدم اعتبار هذا الائتلاف قوّة دولية مضادّة لـ«داعش»، إذ سيكون آلية جديدة بيد السعودية لتأكيد زعامتها في المنطقة، وطبعاً لردع إيران منافستها الرئيسة في المنطقة. كما نقلت عن مدير معهد الدين والسياسة آلِكسندر إيغناتينكو، قوله إن تشكيل هذا الائتلاف يعدّ الخطوة الأولى لتحشيد الدول السنّية ضدّ إيران والمجموعات الموالية لها في الشرق الأوسط.
إلى ذلك، نشرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية مقالاً عنوانه: «التحالف العسكري السعودي الجديد خطوة رمزية لا حقيقية»، وقالت فيه إن إعلان السعودية إنشاءها تحالفاً عسكرياً سنّياً يوحي بالثقة بالإسم فقط. وأن الولايات المتحدة لطالما اشتكت من غياب وجود أيّ جيش سنّي على الخطوط الأمامية لمحاربة تنظيم «داعش». وتساءلت الصحيفة عن دور هذه الدول في هذا التحالف، فلم يفصح عن أيّ مؤتمر لتوضيح دورهم. وأضافت أنه في ظل عدم وجود خطة أو استراتيجية، فإن الإرهابيين لن يخافوا من هذا التحالف العسكري السعودي.
«كومرسانت»: تقسيم محاربة الإرهاب بين ثلاثة
تطرّقت صحيفة «كومرسانت» الروسية إلى الإعلان عن تشكيل ائتلاف ثالث لمحاربة «داعش» بزعامة السعودية، مشيرة إلى أنّ الائتلاف الجديد يضمّ الدول الإسلامية، والهدف منه الوقوف في وجه إيران في المنطقة.
وجاء في المقال: أنشأت المملكة السعودية ائتلافاً مستقلاً بزعامتها لمحاربة «داعش»، يضمّ دولاً إسلامية فقط. ولكن الخبراء عبّروا عن شكّهم في المبادرة السعودية، واعتبروا أنّ الهدف من تشكيل هذا الائتلاف مواجهة إيران والمجموعات الشيعية الموالية لها في الشرق الأوسط.
استناداً إلى ذلك، قد يكون تشكيل هذا الائتلاف مشروعاً لتعقيد مهمة موسكو في محاربة «داعش». لقد أعلن عن تشكيل هذا الائتلاف الإسلامي لمحاربة الإرهاب وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، الشخصية الثالثة في هرم السلطة في السعودية، إذ قال إنّ الائتلاف يضمّ 34 دولة إسلامية اتفقت على توحيد جهودها في محاربة الإرهاب الذي، بحسب قوله، أصبح خطراً على «الأمة الإسلامية». وأضاف: «حالياً، تحارب كل دولة إسلامية الإرهاب وحدها، لذلك فإن تنسيق جهودنا ستكون له أهمية كبيرة».
يفهم من تصريحات الوزير السعودي أن الائتلاف يضمّ، إضافة إلى بلدان الشرقين الأوسط والأقصى، بلداناً من أفريقيا وآسيا، مثل مالي والصومال وتشاد وباكستان وماليزيا وغيرها. على أن يكون مركز قيادة هذا الائتلاف في الرياض عاصمة المملكة السعودية. ولكن هذا الائتلاف لا يضمّ إيران إحدى الدول الإسلامية الرائدة.
ولم يعلن الوزير أيّ تفاصيل عن شكل العمليات العسكرية التي سينفّذها الائتلاف ضدّ الإرهابيين، كما انه لم يحدّد المجموعات التي سيحاربها الائتلاف باستثناء «داعش».
كانت لإعلان الرياض عن تشكيل هذا الائتلاف ردود فعل مختلفة في العالم. فقد رحّب به أحمد داود أوغلو رئيس وزراء تركيا فوراً واعتبره «أفضل ردّ على كل من يحاول مساواة الإرهاب بالإسلام».
أما موسكو، فأعلنت على لسان دميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس بوتين، أن توحيد الجهود في مكافحة التطرّف يعتبر، من الناحية النظرية بالطبع، ظاهرة إيجابية، ولكن قبل تقييمه من الضروري أن نتعرّف إلى تفاصيل الأسلوب الذي سيتّبع في محاربة التطرّف.
من جانب آخر، يدعو الخبراء إلى عدم اعتبار الائتلاف الذي شكّلته السعودية قوّة دولية مضادّة لـ«داعش». فالائتلاف الجديد سيكون، بحسب قولهم، آلية جديدة بيد السعودية لتأكيد زعامتها في المنطقة، وطبعاً لردع إيران منافستها الرئيسة في المنطقة.
يقول مدير معهد الدين والسياسة آلِكسندر إيغناتينكو، إن هذا الائتلاف شكليّ. وإنّ دولتين أو ثلاث دول فقط من مجموع الدول الـ34 المنضمة إليه، سيكون لها دور نشيط، أما باقي الدول فمشاركتها رمزية. وإن الهدف الحقيقي للائتلاف ليس محاربة «داعش»، إنما مواجهة إيران والمجموعات الشيعية الموالية لإيران في الشرق الأوسط. ولفهم دوافع إنشاء هذا الائتلاف الإسلامي من المهم، بحسب قوله، أن نعرف ما هو مفهوم الإرهاب عند القيادة السعودية.
وأضاف إيغناتينكو: قدّمت السعودية، قبيل انعقاد المرحلة الجديدة من المفاوضات في شأن تسوية الأزمة السورية، قائمة بالمجموعات التي تعتبرها إرهابية، ما يتطابق تقريباً مع المجموعات الشيعية الناشطة في المنطقة ومن بينها حزب الله الذي يساند النظام السوري مع إيران. ولا رأي موحّداً في العالم في شأن اعتبار هذا الحزب منظمة إرهابية أم لا، ولكن الرياض تصرّ على اعتباره منظمة إرهابية. وأنّ تشكيل هذا الائتلاف يعدّ الخطوة الأولى لتحشيد الدول السنّية ضدّ إيران والمجموعات الموالية لها في الشرق الأوسط.
وأشار إيغناتينكو في معرض ردّه على سؤال في شأن تصريح وزير الدفاع الإيراني حول قولهم إن الهدف من تشكيل الائتلاف محاربة «داعش»، أن ذِكر «داعش» كان ضرورياً لكي يكون تشكيل الائتلاف مقبولاً من جانب المجتمع الدولي ومراكز القوة في العالم. ولكنه في الواقع سيحارب مجموعات أخرى لا علاقة لها بـ«داعش». فهناك دولة أخرى في المنطقة إلى جانب السعودية، تعلن أنها تحارب «داعش» ولكنها لا تعمل أي شيء في هذا المجال. أقصد تركيا.
البروفسور غريغوري كوساتش، من الجامعة الروسية للعلوم الإنسانية، يؤيد ما جاء في تصريحات إيغناتينكو ويضيف، إن الهدف الرئيس من تشكيل الائتلاف محاولة من الرياض لتوحيد الدول الإسلامية للوقوف في وجه إيران وسياستها في المنطقة. ويضيف مختتماً حديثه: من الصعوبة اعتبار إنشاء هذا الائتلاف أمراً مريحاً لموسكو، لأنه سيعقّد تنفيذ مهامها في مكافحة «داعش» أي أنه موجّه عملياً ضدّ إيران وضدّ روسيا اللتين تجمعهما علاقات متينة.
«إندبندنت»: التحالف العسكري السعودي الجديد خطوة رمزية لا حقيقية
نشرت صحيفة «إندبندنت» مقالاً قالت فيه إن إعلان السعودية إنشاءها تحالفاً عسكرياً سنّياً يوحي بالثقة بالإسم فقط. وأن الولايات المتحدة لطالما اشتكت من غياب وجود أيّ جيش سنّي على الخطوط الأمامية لمحاربة تنظيم «داعش».
وأوضحت الصحيفة أن بعض المحللين يعتقدون أن هذا التحالف العسكري الجديد المؤلف من 34 دولة إسلامية سيأخذ زمام المبادرة لوضع يده على أكثر الجرائم الإرهابية تطرّفاً في المنطقة. وتتساءل الصحيفة عن دور هذه الدول في هذا التحالف، فلم يفصح عن أيّ مؤتمر لتوضيح دورهم.
ونقلاً عن بيان الأمير السعودي محمد بن سلمان، فإن التحالف العسكري الجديد لن يستهدف تنظيم «داعش» فقط.
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه في ظل عدم وجود خطة او استراتيجية فإن الإرهابيين لن يخافوا من هذا التحالف العسكري السعودي.
«واشنطن تايمز»: أميركا تحدّد مراكز دعاية «داعش»
قالت صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية إن أجهزة الاستخبارات الأميركية حدّدت بدقة أماكن وجود المراكز التي تنتج مواد الدعاية والإعلام لتنظيم «داعش»، وكشفت أن غالبيتها في المناطق الحضرية كثيفة السكان في العراق وسورية وليبيا.
وأوردت الصحيفة أن العاملين في مشروع سرّي يرتبط بالحملة الأميركية الشاملة ضدّ تنظيم «داعش» قضوا أشهراً وهم يعملون على تحديد المواقع الآمنة لهذه المراكز التي يعمل فيها عناصر التنظيم لإعداد الفيديوات الخام والمواد المطبوعة وتحريرها وتجهيزها لإصدارها في منتجات دعائية رقمية جاهزة للبثّ على الإنترنت.
وقال التقرير إن البيت الأبيض والاستخبارات المركزية CIA ووزارة الدفاع البنتاغون رفضت جميعها التعليق على وجود المشروع السري المذكور، لكن ذلك كُشف خلال نقاشات ساخنة في الإدارة الأميركية عما إذا كانت استراتيجية هذه الإدارة قوية بما يكفي لمواجهة الحرب الدعائية الرقمية التي يشنّها تنظيم «داعش» بمجموعة مهنيين جنّدهم من كل أنحاء العالم.
وأضاف أن الإدارة الأميركية تعمل علناً بأسلوب يجمع بين بثّ رسائل معدّة بعناية على الإنترنت وعبر شركاء محليين في كلّ أنحاء العالم، والضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي لإبعاد المحتويات التي يبثها تنظيم «داعش» والروابط التابعة له من منصاتها على الشبكة العنكبوتية.
وأشار التقرير إلى اتساع نطاق العمليات الدعائية لتنظيم «داعش» وتعقيدها وتطورها بشكل لم يسبق له مثيل في عالم الإرهاب، ونسبت إلى خبراء قولهم إن اختراق التنظيم للإنترنت يبدو أنه يعتمد على النشر الواسع اللانهائي للروابط على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ما يثير القلق أكثر من غيره هي المنتجات الإعلامية والدعائية التي تحملها هذه الروابط.
ولفت التقرير إلى أن 12 عدداً من مجلة «دابق» الدعائية الرسمية للتنظيم موجودة على الإنترنت بلغات عدّة، منها العربية والإنكليزية والروسية والفرنسية والتركية، وأن نوعية محتواها ودقة التنظيم والعرض أفضل كثيراً من النواحي المهنية من مجلات إخبارية أميركية كثيرة. إضافة إلى ظهور الفيديو الأول للتنظيم باللغة الصينية الأسبوع الماضي، يتضمّن أغنية تدعو المسلمين ليستيقظوا من حياة ذليلة دامت قرناً كاملاً.
وأضاف أن أكثر الأمور التي يمكن أن تجذب جمهور الشباب المولّع بالمنتجات البصرية تلك، العشرات من فيديوات التجنيد عالية التجهيز التي أنتجها شباب تنظيم «داعش» باستخدام الرسوم المتحركة دقيقة التفصيل، والمؤثرات الخاصة ونوعية الأصوات التي تضاهي ما تنتجه استديوات هوليوود.
ومضى التقرير في الحديث عن المنتجات الدعائية للتنظيم والحرب النفسية ضدّ الغرب التي تصف جنوده جنود الغرب بأنهم فاقدو الروح المعنوية ومكتئبون وينتحرون بالآلاف، وتتحدى أميركا أن تستطيع مواجهة التنظيم.
التقرير أشار أيضاً إلى دول أخرى غير العراق وسورية وليبيا فيها أماكن تحت سيطرة التنظيم يمكن أن تكون أماكن للإنتاج والبث الدعائي والإعلامي له، بينها مصر واليمن والجزائر وأفغانستان ونيجيريا وشمال القوقاز وغيرها، كما أشار إلى تقرير بريطاني يقول إن هناك 35 جهة تابعة للتنظيم تقوم بإنتاج مواده الدعائية والإعلامية على نطاق «دولة الخلافة».