بوتين: موقفنا من الأسد لم يتغيّر ولا تطبيع مع تركيا بقيادتها الحالية
طرح المندوبان الروسي والأميركي أمس، في مجلس الأمن مشروعا مشتركا لقرار يهدف إلى مكافحة تمويل الإرهاب.
وأعلن أدام شوبين، نائب وزير المالية الأميركي، أن موسكو وواشنطن تتعاونان بشكل وثيق جدا في هذا المجال، مضيفا أن الطرفين يتوقعان تبني مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً حول تطبيق نظام العقوبات، الذي فرض على «القاعدة»، ضد تنظيم «داعش»، معرباً عن قناعته بأن مشروع القرار هذا بعد اعتماده سيمكن من «تقليص واردات تنظيم «داعش» بشكل ملموس».
ويأتي طرح المشروع الأميركي الروسي المشترك قبل يوم واحد من الجولة الثالثة من المحادثات المرتقبة الخاصة بسورية التي ستنطلق اليوم الجمعة في نيويورك، حيث سيركز المشاركون اهتمامهم على تصنيف المجموعات السورية الى إرهابية ومعارضة معتدلة.
كيربي
وقد اعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية جون كيربي بأن من المتوقع ان يشارك ممثلو 17 دولة في هذه الجولة بنشاط كالسابق، بهدف تعزيز جهود التعجيل بإنهاء الصراع بما في ذلك المفاوضات الرسمية الضرورية بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة.
وقالت الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية جون كيري سيرأس اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم جهود إنهاء الصراع في سورية، مشيرة إلى أن النقاشات ستركز على «جهود تشجيع وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد والمفاوضات الموازية بخصوص الانتقال السياسي من أجل إنهاء الصراع مع تصعيد القتال» ضد تنظيم «داعش».
جاء ذلك في وقت أكد مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن الأردن سلم الجانب الروسي قائمة بنحو 160 تنظيما مشتبها في التورط في الأنشطة الإرهابية في سورية، وذلك قبيل اجتماع نيويورك.
نوفوستي
ونقلت وكالة «نوفوستي» عن المصدر قوله «الأردن سلمنا القائمة، وهي تضم نحو 160 تنظيما»، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تطرح القائمة الأردنية للنقاش خلال الاجتماع الوزاري لمجموعة دعم سورية.
وكان المشاركون في المجموعة قد كلفوا الأردن بوضع قائمة موحدة للتنظيمات الإرهابية في سورية، وذلك على أساس معلومات قدمتها الدول الأخرى، منها روسيا والولايات المتحدة والسعودية. ومن المتوقع أن تحال القائمة، بعد توافق جميع الأطراف بشأنها، إلى مجلس الأمن الدولي، لإدراج تلك التنظيمات رسميا على قائمة المنظمات الإرهابية.
وحسب المصادر، وضع الأردن على رأس القائمة تنظيم «داعش» والجماعات التي تتبعه في أنحاء سورية كافة، كما ضمت القائمة «جبهة النصرة» وكافة كتائبها، و«جيش المهاجرين والأنصار»، و«فجر الإسلام»، و«جند الأقصى»، و«حركة نور الدين زنكي» و«لواء التوحيد»، و«أحرار الشام».
وفي السياق، بحث لافروف وكيري هاتفيا أمس ضرورة الالتزام بمبدأ التوافق داخل المجموعة الدولية لدعم بسورية، اضافة لموضوع اللقاء المحدد اليوم الجمعة في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية.
وكان جون كيري قد زار موسكو الثلاثاء الماضي التقى خلالها نظيره الروسي، ومن ثم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث استمرت المباحثات لأكثر من ثلاث ساعات اتفق خلالها الأطراف على عقد لقاء نيويورك، وأكدت التوصل الى تقارب في المواقف من سبل حل الأزمة السورية.
كي مون
هذا وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قد أكد في وقت سابق أن تسوية الأزمة السورية يجب ألا تتوقف على مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وقال إن «القرار حول مستقبل الأسد ينبغي أن يحدده الشعب السوري نفسه»، مشددا في الوقت نفسه على أن توقُّفَ الأزمة السورية وحلها على مسألة مصير شخص واحد يعد، باعتقاده، أمراً غير مقبول.
وأشار بان كي مون إلى أن بعض الدول تقترح إبقاء الأسد على رأس السلطة لأشهر محدودة، «ولكن القرار بهذا الموضوع سيتم اتخاذه لاحقا»، معتبراً أن الخطوة الأكثر أهمية في المرحلة الراهنة تكمن في التوصل إلى وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن.
وأضاف أن هذا الأمر «سيسهم لا في التسوية السياسية فحسب، بل وسيمكن الوكالات الإنسانية من تقديم المساعدة للسكان»، إذ يعاني نحو 13 مليون شخص من المواطنين السوريين من الحاجة الماسة لهذه المساعدة، حسب بان كي مون. ودعا الأمين العام أطراف الأزمة السورية إلى التوصل إلى هدنة عسكرية أوسع ما يمكن، وذلك بالرغم من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على عدد من المناطق السورية.
هذا وأشار بان إلى أن مدينة نيويورك ستستضيف اجتماعاً ثالثاً لـ «مجموعة دعم سورية»، بالإضافة إلى عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث سبل التسوية السورية.
دي ميزير
من جهته، قال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير، إن الاستقرار في سورية على المدى البعيد لن يتحقق إلا بعملية برية ضد مسلحي تنظيم «داعش».
وأضاف دي ميزير أن العملية الجوية في سورية مجدية، ولكن الاستقرار في هذا البلد يتحقق فقط بعملية برية، مشيراً إلى أن مشاركة القوات الأوروبية في هذا العمل لم تتم مناقشتها وأن هذه المسألة يجب أن تحل في إطار إقليمي.
بوتين
في غضون ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو تؤيد مبادرة واشنطن إلى مشروع قرار دولي بخصوص سورية، وتتفق مع أهم نقاطها، إلا أنه لم يستبعد الا تعجب بعض تلك النقاط الحكومة السورية.
وخلال مؤتمره السنوي الموسع في موسكو أمس، قال بوتين «نؤيد بشكل عام مبادرة الولايات المتحدة، بما في ذلك الاقتراح حول إعداد مشروع دولي حول سورية. وجاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو بهذا المشروع بالذات»، مضيفاً «أعتقد أنه بعد أن تتعرف القيادة السورية على نقاط القرار يجب أن تقبل به».. واستطرد «ربما هناك بعض النقاط التي لن تعجبها».
وشدد الرئيس الروسي في هذا السياق على أن تسوية أي نزاع مسلح مستمر منذ سنوات، تتطلب دائماً قبول جميع الأطراف حلولا وسطا، وقال «نرى أنه اقتراح مقبول بشكل عام، على الرغم من أنه يتطلب مواصلة العمل على صياغته».
واعتبر بوتين أن المبادرة الأميركية تدل على قلق واشنطن والدول الأوروبية من التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، ولاسيما في اليمن وسورية والعراق، كما تعهد بأن موسكو ستساهم بشتى الوسائل في تسوية الأزمة السورية وستسعى إلى المساعدة في اتخاذ قرارات سترضي جميع الأطراف.
وشدد الرئيس الروسي على ان العمل يجب أن يبدأ من إعداد دستور سوري جديد، ومن ثم يجب استحداث آلية موثوقة وشفافة للرقابة على الانتخابات المستقبلية، وأضاف «على أساس هذه الإجراءات الديمقراطية يجب أن تتخذ سورية بنفسها القرار حول نظام الحكم المقبول بالنسبة لها، وتحدد الشخص الذي سيقود البلاد».
في الوقت نفسه أكد الرئيس الروسي أن بلاده لن تقبل أبداً أن يفرض أحد من الخارج مَن سيحكم سورية، أو أي بلد آخر، مشدداً على أن الموقف الروسي من هذا الموضوع لن يتغير، وقال «إنه أمر لا يتوافق على الإطلاق مع العقل السليم والقانون الدولي».
وتابع بوتين أنه بحث هذا الموضوع في أثناء لقائه مع كيري، قائلا «إن موقفنا لم يتغير، ويبقى مبدئياً. إننا نرى أنه لا يحق لأحد، باستثناء الشعب السوري، أن يحدد مَن سيقوده ووفق أي معايير وقوانين».
وشدد على أنه لا بديل للحل السياسي لتسوية الأزمة، مؤكدا أن التصور الروسي في هذا المجال يتطابق تقريبا مع الخطة الأميركية. وأوضح «تتطابق خطتنا في النقاط الرئيسية مع الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة، ويدور الحديث عن صياغة الدستور بجهود مشتركة، واستحداث آليات للرقابة على الانتخابات المبكرة، وإجراء الانتخابات وقبول نتائجها»، مشيراً إلى أنه على جميع الأطراف المتصارعة في سورية أن تبذل كل ما بوسعها من أجل تقريب مواقفها.
إلى ذلك، أعلن بوتين أن روسيا تنجح جزئياً في توحيد جهود الجيش السوري وقسم من المعارضة المسلحة في مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، موضحاً أن روسيا تمكنت من إقامة اتصالات بأشخاص يمثلون المعارضة المسلحة التي ترفض أي تعاون مع الحكومة السورية، لكنها تريد محاربة «داعش» وتقوم بذلك على الأرض. وأكد أن سلاح الجو الروسي يؤيد جهود هذه القوات المعارضة مثلما يدعم الجيش السوري.
كما كشف بوتين أن بعض السياسيين الغربيين عرضوا عليه صفقات مختلفة بشأن سورية، وتعهدوا بـ«أخذ مصالح روسيا بعين الاعتبار»، وسألوه «هل تريدون أن تبقى قاعدتكم هناك؟». واعتبر أن روسيا ليست بحاجة إلى قاعدة عسكرية دائمة في سورية.
وتساءل «لماذا؟ هل هناك داعٍ لأن نفرض رقابتنا على كل شيء هناك؟ في السابق لم يكن لدينا صواريخ متوسطة المدى علماً بأن الاتحاد السوفيتي أتلف جميع هذه الصواريخ في إطار اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة ، أما الآن فنملكها. ونملك على سبيل المثال الصاروخ البحري «كاليبر» الذي يبلغ مداه 1.5 ألف كيلومتر، وصاروخ « -101» الذي تحمله الطائرات ومداه 4.5 ألف كيلومتر. فلماذا نحتاج إلى قاعدة هناك؟ إذا كانت هناك حاجة في أن نصل إلى أحد ما، فسنصل إليه حتى بدون مثل هذه القاعدة».
وأكد بوتين أن سلاح الجو الروسي سيواصل شن الغارات على مواقع تنظيم «داعش»، طالما استمرت العمليات الهجومية للجيش السوري، وقال «لكن عندما سنرى انطلاق عملية سياسية، وستقول السلطات السورية أنه حان الوقت لوقف إطلاق النار والشروع في التفاوض، عندها لن نخطط لأن نكون سوريين أكثر من السوريين أنفسهم، بدءاً من هذه اللحظة».
وفي معرض تعليقه على إعلان السعودية عن قيام التحالف العسكري الإسلامي لمواجهة «داعش»، استبعد بوتين أن يحمل هذا التحالف طابعا معاديا لروسيا، وقال «إنني أعول على أن يعمل التحالف الجديد في سياق المصالح المشتركة، وآمل في أننا سنتمكن من وضع مقاربات وقواعد مشتركة، بالإضافة إلى إطلاق عمليات فعالة مشتركة وآليات فعالة».
كما أقر بوتين بوجود خلافات بين روسيا والسعودية حول التسوية السورية، لكنه أكد أن هناك نقاطاً متطابقة في مواقفهما أيضا. وأشاد بتطور العلاقات الثنائية قائلاً «إننا ندرس حاليا مشاريع مشتركة مع السعودية في مجال التعاون العسكري التقني. ويدور الحديث عن برنامج متكامل بمليارات الدولارات».
هذا وأكد الرئيس الروسي أن تركيا طالما كانت تخترق الأجواء السورية، لكن الوضع تغير جذريا بعد إسقاط القاذفة الروسية، علما بأن هذه «الطعنة في الظهر» دفعت بروسيا إلى نشر منظومات دفاع جوي متقدمة في سورية.
وتابع أنه لا يرى آفاقا للتعاون مع القيادة التركية في المجال السياسي، وأقر بأن موسكو تضطر لاتخاذ إجراءات عقابية معينة في المجالين الاقتصادي والإنساني أيضا.
ولم يستبعد أن يكون الهجوم على القاذفة الروسية مرتبطا بمحاولة أطراف ما في القيادة التركية إرضاء الأميركيين، لكن تساءل حول ما إذا كانت واشنطن مهتمة بمثل هذه «المغازلة».
وتساءل «أنني لا أفهم من أجل ماذا؟ هل فكروا أننا سنهرب من سورية؟ لكن روسيا ليست هذا البلد الذي يهرب . إننا قمنا بتعزيز وجودنا العسكري في سورية وتكثيف عملياتنا. لم تكن في سورية أي منظومات روسية للدفاع الجوي، أما الآن، فنشرنا هناك «أس- 400» ومنظومات «بوك». فليحاولوا التحليق في الأجواء السورية !».