حزب الله رفض بالمطلق الدخول في تحالف مشبوه فتوش: إعلان الحرب من صلاحية مجلس النوّاب

توالت تردّدات انضمام رئيس الحكومة تمام سلام إلى حلف الرياض، والذي قاربته شخصيات نيابية وأحزاب من الزاويتين القانونية والدستورية والسياسية، مؤكّدة أنّ لا صلاحية لسلام بالترحيب بالحلف، لأنّ الأخير إعلان حرب، وهو حق سيادي تعود صلاحية بتّه إلى مجلس النوّاب، ودعتْ إلى التنبّه من «مشروع حرب جديدة يُطل على أرض لبنان برؤوسها السبعة»، واصفةً الحلف بأنّه «مشبوه».

وعبّر حزب الله في بيان «عن شكوك عميقة بالخلفيات والأهداف وراء إعلان المملكة السعودية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب»، ورأى «في هذا الإعلان استجابة من السعودية، ومن دول أخرى، لقرار أميركي يعمل على تأمين قوات من أنظمة معيّنة في المنطقة العربية والإسلامية تحت مسمّيات طائفية ومذهبية، بديلاً عن إرسال قوات أميركية بريّة إلى المنطقة».

وقال: «إنّ إنشاء هذه التحالف هو أمر دُبّر على عجل وبشكل مشبوه، ما يطرح الكثير من الأسئلة، وعلى رأسها السؤال حول مدى جدارة السعودية في قيادة تحالف ضدّ الإرهاب، وهي التي تتحمّل مسؤولية الفكر الإرهابي المتطرّف والمتشدّد، كما أنها تستمر في تبنّي هذا الفكر ودعمه في كل العالم.

وممّا لا يخفى على أحد، أنّ السعودية هي التي تمارس إرهاب الدولة كما فعلت في اليمن، وهي التي تدعم حركات الإرهاب في سورية والعراق واليمن، وتقف إلى جانبها دول أعضاء في التحالف المفترض، تقوم بالدور نفسه في دعم الإرهاب وحركاته».

وتابع: «ولا بدّ من سؤال من يقفون وراء هذا التحالف عن الإرهاب الذي ينوون محاربته، وما هي صفاته ومن هم المُدانون به، وأين هو موقع إسرائيل وعدوانها وإرهابها المستمر بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة منه، فهل سيحاربها هذا التحالف أم أنّه سيحارب حركات المقاومة ضدّ العدو الصهيوني؟».

وأضاف: «أنّنا في حزب الله فوجئنا بإعلان السعودية أنّ لبنان هو جزء من هذا التحالف، من دون علم أحد من اللبنانيين بهذا الأمر، وذلك في خطوة تمثّل انتهاكاً للدستور والقانون وكلّ الأصول المتّبعة في لبنان». ورأى «في ما قاله رئيس الحكومة اللبنانية رأياً شخصياً لا يلزم أحداً، لأن رئيس الحكومة ـ أيّاً كان ـ لا يمكنه الموافقة على الدخول في حلف عسكري تحوم حوله كل هذه التساؤلات، إذ إنّ هذا الأمر يجب مناقشته في مجلس الوزراء لاتّخاذ القرار المناسب بشأنه موافقةً أو رفضاً، وفي حال كان اتفاقية أو معاهدة عسكرية، فهو يحتاج أيضاً إلى موافقة مجلس النوّاب اللبناني، وبالتالي فإنّ هذه الموافقة كعدمها ليس لها أي أثر قانوني أو سياسي أو إجرائي».

وأعلن الحزب رفضه المطلق «الدخول في تحالف من هذا النوع، وبهذه المُعطيات المشبوهة»، مؤكّداً أنّ «لبنان كان سبّاقاً في مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، سواء كان الإرهاب «الإسرائيلي» المزمن، أو الإرهاب التكفيري المستجدّ».

لقاء الأحزاب

من جهته، أعلن لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، في بيان أصدره إثر اجتماعه الدوري في مقرّ «حركة الناصريين المستقلين المرابطون» برئاسة أمين الهيئة القيادية في الحركة العميد مصطفى حمدان، «عن رفضه للقرار غير الدستوري بانضمام لبنان إلى ما يُسمّى بالتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب»، متسائلاً «كيف يتّخذ مثل هذا القرار الذي يورّط لبنان في أحلاف مشبوهة حتى من دون علم الحكومة صاحبة الصلاحية في اتّخاذ مثل هذا القرار في ظلّ الفراغ الرئاسي».

ورأى اللقاء «أنّ النظام السعودي آخر من يحق له الادعاء بمحاربة الإرهاب، وهو المصنّع والداعم الأول له، والمموّل الرئيسي لجميع المنظمات الإرهابية في سورية والعراق».

من جهةٍ أخرى، دان اللقاء «قرار الكونغرس الأميركي إدراج «حزب الله» وقناة «المنار» على ما يُسمّى لائحة الإرهاب وفق المنظور الأميركي – الإسرائيلي»، كما دان «بقيّة بنود هذا القرار»، مؤكّداً «أنّ أميركا و«إسرائيل» هما زعيمتا الإرهاب في العالم، وتقومان بدعم وتمويل وتدريب المنظمات الإرهابية لإسقاط حكومات دول وطنية وديموقراطية في العالم والمنطقة، وذلك بهدف فرض مخططاتها في الهيمنة والسيطرة على الشعوب، وثرواتها».

فتوش

وفي هذا الإطار، اعتبر النائب نقولا فتوش، في بيان أنّ «إعلان الحرب حق سيادي لا تبعي»، وقال: «هذا ليس بمعاهدة، فالمعاهدة تكون خطية وليس باتصال هاتفي ترحيبي. وليس بحلف المجرّد من كل إثبات، إلّا من أقوال وليّ وليذ العهد الأمير محمد بن سلمان»، مستنتجاً من أقوال الأخير، أنّ «الحلف المزعوم، هو إعلان حرب على الإرهاب الذي أوجده الغرب وموّلته بعض الدول العربية بالمال والسلاح».

وأشار فتوش إلى أنّ إعلان الحرب عالجه الدستور في المادة 65 منه، والتي نصّت فقرتها الأخيرة على ما حرفيّته: «أما المواضيع الأساسية فإنّها تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدّد في مرسوم تشكيلها. ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي: تعديل الدستور ، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية».

ورأى فتوش أنّ «التحالف المزعوم، هو إعلان حرب على الإرهاب، أيّ إرهاب؟ وبالتالي لا صلاحية لرئيس الحكومة بالترحيب بحلف الرياض الذي يفترض أن يصدر عن الملك، وليس عن وليّ العهد».

وعن تذرّع سلام بالبيان الوزاري لإعلان موقفه، أكّد فتوش أنّ الدستور يسمو على البيان الوزاري، لافتاً إلى أنّ «صلاحية إعلان الحرب والسلم التي قد يتوقّف على نتائجها مصير الاستقلال والكيان، تعود إلى مجلس النوّاب باعتباره ممثّلاً لسيادة الشعب وإرادته، ومن المنطق المتوافق في هذه الحالة مع العرف الدستوري، أن يتّخذ قرار إعلان الحرب مجلس النوّاب كونه المرجع الأعلى لسيادة الدولة، وأن تتولّى الحكومة، بالتالي، تنفيذ هذا القرار بإبلاغه للدولة المُعلَن الحرب عليها. وهذا التبليغ يتمّ عادة عن طريق وزير الخارجية، الذي يستدعي رئيس البعثة الدبلوماسية المعتمدة في لبنان من قِبل الدولة المعادية، فيسلّمه رسمياً مذكّرة تتضمّن هذا الإعلان».

وتابع، إنّ «هذا الإعلان لا يمكن الترحيب به، لأنّه مخالف لأحكام الفقرة «ب» من مقدمة الدستور التي تنصّ على أنّ: لبنان عربي الهوية والانتماء. وليس دولة إسلامية سنية، ويُخالف الفقرة «ي» من المقدمة التي تنصّ على أنّ لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك» مشدّداً على أنّ «التبليغ الشفهي لرئيس الحكومة وعدم وجود مستند خطّي واضح، يجعل من التبليغ والترحيب فاقدين كل قيمة قانونية له».

ولفتَ إلى أنّ «التحالف استبعد سورية، ولا يمكن ولا يحقّ للبنان أن يأخذ بإعلان الحرب ويتجاهل الاتفاقيات الأمنية بين لبنان وسورية المصدّق عليها من قِبل المجلس النيابي، وأن يخالف لبنان مضمونها. ولا سيّما أنها في تسلسلها تأتي قبل القوانين الوضعية». كما أشار إلى أنّ «التحالف استبعد إيران والعراق وترك القارئ يستنتج أنّه حلف سنّي يؤثّر على العيش المشترك في لبنان».

ودعا فتوش إلى «الوعي والحذر والتنبّه من مشروع حرب جديدة تُطلّ على أرض لبنان برؤوسها السبعة»، مشدّداً على أنّ «السيادة لا تُعالج أمورها بالترحيب».

تجمع العلماء

واعتبر «تجمّع العلماء المسلمين» أنّ «الحلف الذي أُعلن عنه في السعودية ليس موجّهاً ضدّ «داعش» أو «النصرة» أو «القاعدة» بقدر ما هو موجّه ضدّ المقاومة خاصة، وأنّ الدولة الراعية اعتبرت سابقاً أنّ حزب الله جماعة إرهابية،»، وسأل التجمّع «رئيس الحكومة المتمسّك بسياسة النأي بالنفس عن سبب موافقته على دخول لبنان إلى هذا الحلف»، لافتاً نظره إلى «أنّ الحكم في لبنان جمهوري ديمقراطي وليس ملكياً ديكتاتورياً حتى يتفرّد برأيه من دون الرجوع إلى مجلس النوّاب وإلى مجلس الوزراء، وهل أدرك ساعة موافقته أنّه قد يُطلب منه بناءً لهذا الالتزام محاربة شعبه من خلال اعتبار حزب الله حركة إرهابية؟!» مُشيراً إلى أنّ «قراره هذا غير دستوري ولا قانوني ولا أثر له، ويرفضه أغلب الشعب اللبناني».

ورأى رئيس حزب الوفاق الوطني بلال تقيّ الدين، «أنّ عدم تحديد الإرهاب هو لغم قد يتسبّب بخطوات كارثيّة»، معتبراً «أنّ أكثر الدول في التحالف غير قادرة على المشاركة العسكرية والبشرية».

ولفتَ تقيّ الدين إلى «أنّ هناك ارتباطاً بين مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، وإطلاق تحالف الدول الإسلامية».

وقال: «هناك بعض الدول العربية تمنح نفسها حق المهاجمة، وما تراه إرهاباً في نظرها».

بدوره رأى المؤتمر الشعبي اللبناني في بيان، «أنّ إنقاذ الأمن القومي يكون بإطلاق القوة العربية المشتركة، ثمّ الانفتاح على الدول الإسلامية على قاعدة الاستقلالية والتحرّر من الأطلسي»، مشدّداً على «أنّه لا يمكن تشكيل حلف ضدّ التطرّف، وإهمال المخطط الصهيوني ومشروع الأوسط الكبير».

وإذ أعلن الأمين العام لـ«التجمّع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة» الدكتور يحيى غدار، أنّ التحالف «وُلد ميتاً»، دعا إلى الحذر «من وقوع لبنان في منزلقاته وكمينه الذي يستهدف وحدة شعبه وجيشه ومقاومته، في محاولة لتأجيج الفتنة والانقسام بين مكوّنات ثالوثه، الذي أثبت بوحدته واستراتجيته مدى التماسك والجهوزية بمواجهة العدو الصهيوني والتكفير والاحتراب الداخلي، الذي ما زال عصياً على الاستكبار والرجعية والإرهاب».

غندور

وتساءل رئيس «اللقاء الإسلامي الوحدوي» عمر عبد القادر غندور، «لماذا كل الجهود العسكرية السعودية لا تتوجّه صوب فلسطين والقدس؟». وقال في بيان: «سارع وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إلى تأييد التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي تقوده السعودية، داعياً إلى دور سنّي أكبر، في حين أعربت مجموعة من الدول عن دهشتها من إعلان السعودية ضمّها إلى تحالف عسكري جديد، وهي باكستان وأندونيسيا وماليزيا وعُمان».

وأضاف غندور: «من حق المواطن العربي أن يطرح سؤالين: هل كانت الولايات المتحدة ستؤيّد الحلف السعودي الإسلامي لو كان لمحاربة الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة؟ ولماذا لا تشكّل السعودية حلفاً عسكرياً لمحاربة الصهاينة في فلسطين على غرار تحالفها العربي الدولي لمحاربة اليمن وحلفها الجديد ضدّ الإرهاب الذي حرصت على شموليّته، والذي يمكن أن يكون أيضاً غير داعش وباقي الإرهاب التكفيري؟».

وتابع غندور: «ثمّة مآزق تندفع إليها مملكة آل سعود التي تخلّت عن دبلوماسيتها الهادئة، واندفعت إلى سياسة حامية تعبّر عن شخصية وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان مواليد 1980، ما يجعله أصغر وزير دفاع في العالم، ويذكر دبلوماسيون أنّ الأمير الشاب يتحدّث عن رؤيته لمستقبل السعودية كما لو أنّ حكمها سيؤول إليه فعلاً، وهو ما تسبّب في بروز غضب بين أفراد العائلة المالكة، وهناك من يتحدّث عن انقلاب في القصر. وفي تقرير للمخابرات الألمانية أنّ الأمير الشاب «مندفع» وحذّر من جنوح السياسة السعودية إلى الاندفاع تحت تأثيره، ويشير التقرير إلى أنّ الأمير هو الذي قرّر شنّ الغارات على اليمن، وإدخال السعودية في حرب واسعة في المنطقة».

في المقابل، رحّب «لقاء الجمهورية» بالتحالف معتبراً أنّه «لا يجوز الخلط بين «إعلان بعبدا» الداعي إلى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والمطالبة باعتماد سياسة «النأي بالنفس» عن المشاركة في التحالف العربي لمحاربة «داعش»، بصرف النظر عن المسار الدستوري المتعلّق بكيفية انضمام لبنان إلى هذا التحالف في ظلّ عدم وجود رئيس جمهورية يتولّى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة وأخذ موافقة مجلس الوزراء، كما تنصّ المادة 52 من الدستور».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى