هيلين سيغارا: لبنان بلد مكافح ونابض بالحبّ… والله لا يحضّ على القتل
عقدت النجمة الفرنسية العالمية هيلين سيغارا مؤتمراً صحافياً أمس الخميس في فندق «إنتركونتيننتال فينيسيا»، لمناسبة زيارتها لبنان من أجل إحياء حفل العشاء السنوي الذي تنظّمه جمعية «Neonate Fund».
شارك في المؤتمر الصحافي رئيس الكونسرفتوار الوطني الدكتور وليد مسلم ممثلاً وزير الثقافة ريمون عريجي، إضافة إلى رئيسة الجمعية رادة اللوزي الصوّاف، ورئيس قسم العناية الفائقة لحديثي الولادة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور خالد يونس.
وبعدما حيّت الصحافيين بـ«صباح الخير» بالعربية، قالت سيغارا: عندما اتصلت بي رادة الصوّاف قبل أشهر طالبةً منّي المشاركة في الحفلة، كان قد تم اختياري للتوّ كي أكون عرّابة حقوق الطفل في «يونيسف»، وبدت لي المشاركة في عشاء «Neonate Fund» وكأنه استكمال لهذه المهمة العالمية. فصحيح أن حقوق الطفل مهمة، ولكن قبل ذلك يجب أن يكون ممكناً للأطفال أن يبدأوا حياتهم وهم بصحة جيدة.
وتابعت: لم أكن لأفوّت ـ لأيّ سبب ـ فرصة الحضور إلى لبنان لدعم هذه القضية، خصوصاً أن لبنان تبنّاني منذ أعوام عدّة. عندما زرت أمس قسم العناية الفائقة لحديثي الولادة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية، قابلت أشخاصاً رائعين تأثرت بإنسانيتهم التي أصبحت نادرة جداً في أيامنا. لقد زرت مستشفيات كثيرة للأطفال في حياتي، ولكنني لم أزر يوماً قسمَ عناية فائقة للمولودين قبل أوانهم، وتأثرت خلال زيارتي هذا القسم في المركز الطبي للجامعة الأميركية برؤية هؤلاء الأطفال وهم في وضع حسّاس، وتأثرت بالعناية الدقيقة بهؤلاء الأطفال، وبالأهل الذين يعيشون تجربة صعبة.
ودعت سيغارا الجميع إلى زيارة قسم العناية الفائقة بهؤلاء الأطفال لكي يفهموا سبب وجود هذه الجمعية التي تسعى إلى إنقاذ هؤلاء الأطفال. وأضافت: أشكر ربي أن أولادي بصحة جيدة، وهذه أجمل هدية من الحياة. ولو كان الوضع غير ذلك، لكنت تعايشت مع الأمر بشكل صعب جداً.
واعتبرت سيغارا أن الموسيقى تساهم في دعم هذه القضية، والكفاح من أجل إنقاذ الأطفال أهم من بريق الحفلات. وأضافت: لبنان بالنسبة إليّ بلد مكافح، نابض بالحبّ، وهذا ما يثير دائماً إعجابي عندما آتي إلى لبنان.
وسُئلت سيغارا عن رسالتها في شأن الأعمال الإرهابية التي طاولت فرنسا ولبنان، فأجابت: البعض ينفّذون الأعمال الإرهابية بِاسم الدين، لكنّ الله في الواقع لا يحضّ البشر على القتل، لا بل أن الإيمان يجب أن يقرّب البشر لا أن يقسّمهم.
وأضافت: عندما حصلت اعتداءات باريس الإرهابية، تأثرت كثيراً، خصوصاً أنه كان يفترض أن أغنّي خلال حفلة في اليوم التالي. ولكنني فكرت أن هذا الاعتداء أمر عابر في فرنسا، ولكن الناس يعيشونه باستمرار في أماكن أخرى من العالم، كما في لبنان وفي أفريقيا حيث حصلت اعتداءات إرهابية.
وردّاً على سؤال عن كيفية جمعها بين رعايتها أكثر من جمعية، قالت: لقد كان تركيزي دائماً ولا يزال على الطفولة، وأعطي الأولوية لكل ما يتعلق بها. وفي الواقع أتلقى طلبات رعاية كثيرة لجمعيات، لكنني أعتذر عن عدم تلبية عدد كبير منها، لأنني لا أقبل أن أكون عرّابة وهميّة أو افتراضية، بل أحرص على أن أكون عرّابة فعلية، وأن أعمل على الأرض.
وكان مسلّم قد نقل إلى الحضور تحيات وزير الثقافة روني عريجي، واصفاً قضية الأطفال مبكري الولادة قضية إنسانية حسّاسة تعني كلّ شخص. وأشاد بعمل «Neonate Fund» والإنجازات التي حقّقتها في ثلاث سنوات. وأبدى إعجابه بمسيرة سيغارا الفنية وأنشطتها الإنسانية، شاكراً مجيئها إلى لبنان لدعم هذه القضية الإنسانية، واعتبر أنّ موهبتها وصوتها وجمال روحها وشفافيتها تساهم في تحقيق الأمل والفرح للملايين، وهي تضع هذه الموهبة في خدمة قضايا إنسانية كقضية الأطفال مبكري الولادة.
ورحّبت الصواف بالنجمة العالمية، مشيرة إلى أنها على رغم نشاطاتها الكثيرة، أعطت أولويةً للمجيء إلى لبنان في هذه الظروف، للتضامن مع الأطفال مبكري الولادة.
وأشارت إلى أنّ «Neonate Fund» تعتبر أن الفنّ وجه من وجوه الأمومة كما الصوت والغناء. وأضافت أن موهبة سيغارا ستساهم، من خلال مشاركتها في العشاء السنوي للجمعية، في إنقاذ عدد من هؤلاء الأطفال الذين ينتظرون مَن يعطيهم أوكسيجين الحياة. وشددت على أن لاختيار الجمعية لسيغارا أسباباً أبرزها أن هذه الفنانة تمرّدت على المصاعب وكانت مثالاً للمرأة المؤمنة بالعطاء والحياة، وهي تشكّل نموذجاً يحتذى به لكلّ من يواجه صعوبة في حياته. والسبب الآخر أن سيغارا لم تقع في الابتذال الفنّي وارتقت بصوتها إلى مستوى الرسالة الإنسانية، وهذا بالتحديد ما يشكّل نقطة التقاء «Neonate Fund» بهذه الفنانة الكبيرة.
ووجّهت نداءً صادقاً إلى كل القيمين من أجل تمكين «Neonate Fund» حتى تزيد من أعداد الأطفال الممكن انقاذهم. وشكرت كل الشركاء. وتمنت أن يساهم صوت هيلين سيغارا برفقة غي مانوكيان ومارك رعيدي في زيادة الوعي حول قضيةٍ يجب أن يتحرك كلّ المجتمع ليحدّ من تفاقمها.
وقال يونس إن الجمعية تكرّس اهتمامها لمساعدة الأطفال المبكري الولادة. وأشار إلى أن عدد الولادات في لبنان قبل الأزمة السورية كان ما بين 75 و85 ألفاً سنوياً، أما اليوم فيبلغ مئة ألف. وأضاف: من المواليد الـ75 ألفاً، كان نحو ثمانية آلاف يولدون قبل أوانهم سنوياً. وأشار إلى أن قسم العناية الفائقة لحديثي الولادة في المركز الطبي للجامعة الاميركية في بيروت يعالج سنوياً نحو 300 من الأطفال مبكري المولودين قبل أوانهم، موضحاً أن هؤلاء يحتاجون إلى علاج دقيق جداً وعناية غالباً ما يستمران لمدة طويلة. وأشار إلى أن القسم يعنى أيضاً بعلاج الأطفال الذي يعانون تشوّهات عند الولادة.