صحافة عبريّة
ترجمة: غسان محمد
«إسرائيل» ترسم صورة «الفدائي الفلسطيني» الجديد
منذ اندلاع الانتفاضة الثالثة في بداية تشرين الأوّل الماضي، تسعى الاستخبارات «الإسرائيلية» إلى سبر غور ظاهرة «الفدائيين الفلسطينيين الجدد» ومحاولة رسم بروفايل لهم. كما أنّ مراكز الأبحاث على مختلف مشاربها تقوم هي الأخرى بنشر الدراسات والأبحاث عن «الفدائي الفلسطيني الجديد».
وفي هذا السياق، قالت مصادر أمنية في «تل أبيب» إنّ الأجهزة الأمنية بلورت تصوّراً حول الفلسطينيين الذين ينفّذون العمليات، مشيرةً إلى أنّ سوادهم الأعظم نفّذوا عملياتهم وحدهم، وعلى الأكثر كان للمنفّذ شريك واحد. وحتى لو كان للمنفّذين، في حالات قليلة، انتماء تنظيميّ سابق وبنسبة أقل كانت لهم سوابق أمنية، فإنّ العمليات لم تنفّذ انطلاقاً من انتماء تنظيميّ أو نتيجة قرار من الأعلى، وفق المصادر، التي قالت إنّ الاستثناء من ذلك كانت مجموعة «حماس» التي نفّذت عملية قرب نابلس، وأدّت إلى مقتل مستوطنين اثنين.
وأوضحت صحيفة «هاآرتس» العبرية أنّ هذه المعطيات جمعت حتى منتصف الأسبوع الماضي، انطلاقاً من دراسة شملت 123 فلسطينياً إما نفّذوا عمليات أو حاولوا ذلك.
ووفق هذه المعطيات، فإنّ العمر المتوسط لهؤلاء 21 سنة ونصف السنة: 51 منهم بعمر العشرين وما دون، وبعضهم شبان في أعمار تراوح بين 13 إلى 15 سنة. ومن ضمنهم أيضاً 15 امرأة. وخلافاً للتقديرات، التي نشرت في الأشهر الأخيرة، بينّت التحليلات، التي تستند إلى مقابلات مع عدد من الذين اعتقلوا، أنّ ما سمّته المصادر التحريض في الإنترنت أو أي وسيلة إعلامية أخرى لم يكن بالضرورة عاملاً أساسياً في اتخاذ المنفذ قراراً بتنفيذ عمليته. بل في غالبية الحالات كان المنفذون يعملون وحدهم ويبلورون قراراً نهائياً في مدّة قصيرةٍ نسبياً، وأحياناً خلال أقل من ساعة.
ولفتت الصحيفة، نقلاً عن المصادر عينها، إلى أنّ قرار تنفيذ العملية اتّخذ في أكثر من حالة، في أعقاب تقرير عن حادثة معينة عبر قناة تلفزيونية محلية أو سمع بها، ولكن لم يكن المنفّذون كلّهم ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، بل إنّ قسماً منهم لم يكن لديه أي تواصل مع الإنترنت. وإلى جانب التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية، برز إلى حدّ أقل تأثير «شبكات» تقليدية، مثل قرابة عائلية أو عشائرية، أدّت إلى اتخاذ المنفذ قراراً بتنفيذ عملية. وأشارت الصحيفة إلى أنّ بروز أبطال وبطلات محليين دفع آخرين إلى تنفيذ عمليات.
وكجزء من محاولة الاستدلال على صحة دعواه، لفت نتنياهو إلى استطلاعات الرأي الفلسطينية التي تشير إلى أنّ 75 في المئة من الفلسطينيين يرفضون حلّ الدولتين، وأن 80 في المئة منهم يؤيدون عمليات الطعن. وكان لرئيس السلطة، محمود عبّاس، نصيبه عندما كرر نتنياهو اتهامه بالتحريض على «إسرائيل» طوال الوقت عبر دعاية كاذبة عن المسجد الأقصى وعن عمليات إعدام ترتكبها «إسرائيل»، وأنها ترفض استئناف المفاوضات، قال رئيس الوزراء «الإسرائيلي».
اليسار «الإسرائيلي»… صداع مزمن يدفعه إلى الدفاع عن نفسه
كتب درور إيدار: أنا لا أحبّ فيلم «إن شئتم». فهو متكدّر زيادة عن اللزوم، ويربط بين شخصيات يسارية وبين غرس السكين في ظهر الأمة. هذا أمر غير ملائم. صحيح أن هناك حاجة إلى إحداث النقاش لدى الجمهور عن طريق الاستفزاز، لكن يمكن الحديث بشدة من دون الذهاب إلى الأماكن التي لا تتسبب بالاستماع إلى أقوالك بل إلى الخوف منك. لذلك، كان الأجدر ألا يتم عمل الفيلم، لكن بما أنه قد عمل ـ فمن الجدير التطرق إليه وإلى النقاش الجماهيري الذي جاء في أعقابه.
أنا أسمع صرخات الانكسار «تحريض تحريض»، حيث يتهم رجال «إن شئتم» بالمسؤولية عن إلحاق الضرر بشخصيات الفيلم. القلق واضح ومن الواجب ترك النقاش في إطار الكلام. لكن ماذا عن إلحاق الضرر بالجيش «الإسرائيلي» ومواطني الدولة؟ هنا نحن نعفي منظمات اليسار من المسؤولية؟ اذا كنا سيئين إلى هذا الحدّ، قتلة ومعتدين ـ فإن مقاومتنا المسلحة ليست مسموحة فقط بل هي واجبة، الجهاد بغطاء من اليهود.
في صيف 2014، في وقت عرّض آلاف الجنود أنفسهم للخطر في قطاع غزّة من أجل الدفاع عن الجنوب، نشر أفنير غبرياهو من منظمة «نحطم الصمت» مقالاً في صحيفة «إندبندنت» البريطانية صاحبة العداء لـ«إسرائيل». عنوان المقال كان: «كجندي سابق في الجيش الإسرائيلي رأيت كيف أن الجيش يتعامل مع الفلسطينيين بطريقة مزعزعة»، وهناك عنوان فرعي: «هناك خطوط أخلاقية لماذا نسعى دائما إلى تجاوزها؟»، ومع المقال ظهرت عشرات الأفلام حول ما يفعله الجيش «الإسرائيلي» في غزة من دون أيّ ذكر لأسباب ذلك.
في مكان آخر، حلّلت مقال غبرياهو ونرجسيته الأخلاقية. أذكر فقط أن المقال قدّم شهادة لجندي «إسرائيلي» حول ما فعله الجيش «الإسرائيلي» بحق الفلسطينيين في «الجرف الصامد»، في وقت يستذكر غبرياهو أموراً من حرب لبنان الثانية ومن «الرصاص المصبوب».
لم يكن في المقال ما يتعلق بالحرب الحالية. ومع ذلك سعى غبرياهو إلى تشويه صورة الجيش «الإسرائيلي» كمن يتجاوز الخطوط الحمراء بشكل اعتيادي. لا يفعل ذلك من يريد إصلاح مجتمعه بل من يريد تحسين صورته «الأخلاقية» على حساب «جرائم الحرب» التي «ارتكبها» أبناء شعبه، وفي السياق يقدّم تبريراً غير مباشر لاستمرار الإرهاب ضدنا.
الادّعاء القديم ـ الجديد لمنظّمات اليسار أنهم يضعون أمام المجتمع «الإسرائيلي» مرآة تعكس «قبحه». وهنا عندما يأتي تنظيم يشوّه صورتهم بالطريقة نفسها ـ يسارع أصحاب المرايا إلى كسرها.
لماذا؟ هل الفيلم مخيف؟ هكذا تبدو نبوءات الغضب حول نهاية المجتمع «الإسرائيلي» إذا لم يخضع لموقفكم، وهكذا تفعلون من أجل تشويه صورتنا في العالم. هذا الفيلم السيّئ لا يقاس بملايين الشهادات والمحاضرات والمقالات والأفلام والدعاوى التي قدّمتها عشرات منظمات اليسار تجاه «إسرائيل» والمجتمع الذي فيها والجيش «الإسرائيلي».
من يستمع لكم فقط ـ هناك الكثير في العالم الواسع ـ يقتنع أن دولة «إسرائيل» وحش يهدّد السلام العالمي، وأن الجيش مجرم وأن عرب «إسرائيل» يعانون من التمييز العنصري بشكل أكبر من الذي كان في جنوب أفريقيا، وأن عرب «يهودا والسامرة» الفلسطينيين يُقتلون من دون تمييز، وأن اليهود الذين يجلسون في ظهر الجبل «المستوطنون» ـ هم أعداء الإنسانية ودمهم مُباح.