عام ذهبي لحلف المنتصرين…

سعدالله الخليل

من حق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يزهو في مؤتمره الصحافي السنوي ويعلن وجهة نظره بكلّ صراحة ووضوح ويطلق المواقف دون أدنى اعتبارات سياسية كانت أم أمنية، وبالرغم من تشعّب القضايا السياسية التي تواجهها موسكو في الشأن الداخلي فإنّ الملف السوري والعلاقات مع تركيا تصدّرت النقاش بالنظر لما إلى تطوراتهما من أهمية على مستقبل المنطقة والعلاقات الدولية بشكل كبير.

استفاض الرئيس بوتين في شرح موقف روسيا الثابت حيال الأزمة، وقالها صراحة: لن نسمح لأحد بالحلول محلّ الشعب السوري في اختيار قراراته، وحذر أردوغان من التفكير بإعادة الكرة والمغامرة بدخول الأجواء السورية، ورفع سيف الصواريخ الروسية والسورية المعدلة، وألمح إلى تورّط البرزاني بالتغاضي عن تجارة النفط الداعشي كرمى لعيون الحليف التركي، وهو ما سيترتب عليه تحمّل تبعات مستقبلية.

وعلى الرغم من أجواء التوافق الروسي الأميركي في الملف السوري لم يوفر بوتين تحميل واشنطن مسؤولية تنامي قدرات التنظيم الإرهابي بالتغاضي عن 11 ألف صهريج غائب عن طائرات الـ»أف 16»، فكيف سيتمكن من استهداف عشرة قياديين مجتمعين في مغارات علي بابا والأربعين إرهابي، من أعضاء التنظيمات الـ160 المشتبه بتورّطها في عمليات إرهابية في سورية؟ والتي قدّمتها الأردن إلى روسيا لتطرح للنقاش في اجتماع «مجموعة دعم سورية» في نيويورك…

قوائم ربما استبعدت التنظيمات المحسوبة على السعودية كرمى لعيون مملكة الرمال، التي تتصدّر مشهد مكافحة الإرهاب بـ«تحالفها الإسلامي الكبير» لمواجهة التنظيمات الارهابية، عدا تلك المحسوبة على السعودية، لتكون محصلة المواجهة صفرية لتورّط المملكة بدعم وتسليح كلّ أشكال الإرهاب.

يتحدّث بوتين ويرسم مشهد العالم ويراقب إنجازات بلاده وحلفائها حول العالم… بدءاً من سورية التي قطعت أشواطاً متقدّمة في مواجهة الإرهاب، فيما خطى العملية السياسية تسير وفق ما تشتهيه سفن محورها، في وقت ترتب إيران أوراق عامها الجديد بلا عقوبات اقتصادية لتجني أرباح صمودها وإصرارها على انتزاع حقها النووي السلمي، وتجتاز إغراءات الغرب بربط التفاهمات النووية بموقفها من الأزمة السورية، حيث نجح التمسك الإيراني بقطف الثمار المزدوجة، فربحت التفاهم وصمود الموقف الداعم لسورية.

في المقابل لا يغيب عن القيصر الروسي مشهد خصومه المتهالكين في دوامة التراجعات عن حروب عبثية أشعلها حقد أعمى وسعي محموم لإسقاط إيران في ساحات خلفية لعجزهم عن المواجهة المباشرة، فتعاطوا مع القوة الإيرانية بمنطق أزعر الحيّ الذي يعترض طريق الكبار عن بعد، فيرمي موكبهم بالحجارة ويهرب، فكانت الحرب السعودية على اليمن التي زادت من تورّط الرياض وأجبرتها على كشف تحالفها مع «القاعدة» على أمل كسر شوكة الحوثيين، فجنت المملكة على نفسها ورضخت للتسوية من بوابة الأمم المتحدة أمام مشهد تساقط الصواريخ على أراضيها ومقتل كبار قادتها وآخر الغيث اليمني ضرب البارجة السعودية التي حاولت خرق الهدنة.

سيناريو السقوط السعودي في اليمن يتكرّر مع الأزمة السورية حيث تضطر إلى التسليم بمخرجات فيينا كقاعدة لقرار أممي يصدر عن مجلس الأمن وفق الرؤية الروسية الأميركية لاجتماع نيويورك، وهو ما يعني رمي مقرّرات مؤتمر الرياض ودعوته المحمومة للعودة إلى مقرّرات «جنيف 1» التي أكل عليها الدهر وشرب في أرشيف قناة «العربية» والديوان الملكي السعودي، والتي ربما يضطر الملك السعودي القادم للاستئناس بها في حال الرغبة بمعرفة هفوات ملك الزهايمر السعودي.

يتحدّث بوتين بكامل أريحية وثقة بمجريات الأمور كثقة حليفه الرئيس السوري بشار الأسد بإطلالاته المتكرّرة خلال العام الحالي من أنّ النصر حليف محور الصابرين في الحرب، وأما أولئك الذين سخروا قبل سنوات واعتقدوا أنّ الحرب نزهة فهم اليوم في صفّ الباحثين عن طوق نجاة يقيهم شرّ الهزيمة.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى