وطن الياسمين

قلب العروبة درّة التاريخ حقاً يا شآم

كم كان في أجوائك الزرقاء يستبق الحمام

والياسمين بثغره البسّام يفترش المقام

في الليل ينشر عطره الفوّاح والناس نيام

وأزقّة الحارات ينبض في حناياها الوئام

بردى ترقرق بينها يحكي حكايات الغرام

والبلبل الولهان يصدح عازفاً لحن السلام

تلك السنون الخاليات مضت بعزٍّ وانسجام

حتى إذا امتدّت أيادي الهدم في حلك الظلام

وتحوّل البنيان أنقاضاً وكمّاً من ركام

وتناثرت جدرانه السمراء في قلب الحطام

هجرت نوافذه البلابل مذ طغى شبح الحمام

والبوم أمسى ناعقاً ينعى بأسماع الأنام

صبراً دمشق ستنجلي البلوى وينحسر الظلام

فالصِّيد أهلك أقسموا عهداً لمن فرض الصيام

قد أقسموا أن يا شآم… أبداً كيانك لن يضام

نادوا صلاح الدين أدركنا سنفتقد الزمام

سمعوا صهيل حصانه، غضبان قد كسر اللجام

هبّوا إلى الهيجاء كالأشبال وامتشقوا الحسام

فوق الأكفّ رخيصة أرواحهم تفدي الشآم

وقرارهم في البأس فعل بطولةٍ يُنهي الكلام

في البأس تنتزع الكرامة في خضمّ الالتحام

أرض الشآم عزيزة والله باركها دوام

عد يا زمان القهقرى عد يا سنونو يا يمام

سيعود سوق الهال مزهوّاً ويملؤه الزحام

ويعود للساحات رونقها يزيّنها الرخام

وعلى ضفاف النهر تصطخب المقاهي بالكلام

بنسيم عطرٍ من صَبا بردى يظلّله الغمام

صبراً دمشق ستنجلي البلوى وينحسر الظلام

العميد الركن سلامة سليمان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى