مختصر مفيد
مختصر مفيد
في أوكرانيا ترتسم بدايات التفاهمات الدولية. ومن أوكرانيا أصلاً بدأت الحرب المعاكسة لتغيير قواعد التوزان الناشئ من سورية. جرّب الغرب اللعبة الأوكرانية فوجدها «روليت» روسية غير مضمونة النتائج والعواقب، ووجد لدى الكرملين خططه الجاهزة وأدوات تنفيذها التي تجعل مواصلة الضغط بخط اوكرانيا نحو الاشتباك، طريقاً مفتوحاً لتفجير وحدة كيانات أوروبية مشابهة التكوين الطائفي لأوكرانيا. فالفالق الأرثوذكسي ـ الكاثوليكي سيكسر وحدة بلغاريا وهنغاريا ورومانيا. فجرّب الغرب الطريقة السورية، باكتساح الجمهوريات الأوكرانية التي أعلنت الانفصال بعد التسليم بضياع القرم وضمها إلى روسيا، ففوجئ بصمود الشرق الأوكراني، وبتحوّل الحرب حرباً بلا أفق ولا نهاية، فكان الغاز سلاحاً ذا حدّين لمن يملك قدرة الصمود. أوروبا قبل حلول الخريف أم روسيا المحتاجة إلى العملات الصعبة، فكان التفاهم مع الصين على الغاز الروسي علامة الإصرار في موسكو. رضخت أوروبا وفريقها الأوكراني وغابت واشنطن عن الصورة لتفادي مرارة الهزيمة، أعلنت الهدنة الأوكرانية كمقدمة للحوار وصولاً لتشريع إصلاحات تحقق التوازن بين الحلفين المتقابلين، وفقاً لمعادلة رابح رابح مرّة أخرى.
في سورية يستمرّ الجيش بالتقدم ويستمر المسلحون بالتقهقر إلا في قناتي الجزيرة والعربية تخترع الأسماء الرنانة. من بركان حوران إلى عاصفة الشمال والعاصفة تهبّ مرتين وعودة الصقيع والطريق إلى جهنم، والحصيلة دائماً انسحابات تكتيكية، وبانتظار حكومة جديدة بعد القسم الدستوري تنتظر حلب خلاصها بعدما حلّت النعمة على كسب، والبداية كما تقول المعلومات تأمين موارد المياه خلال الأيام المقبلة، بينما كلام باراك أوباما عن اليأس من معارضة معتدلة يسلحها، تمحوه خمسمئة مليون دولار، لم يطلع عليها الصبح حتى تفكك الائتلاف وجيشه الحر ونشبت فيهما حرب «داعش والجرباء».
في مصر مواجهة متواصلة في كل المناسبات المتجددة للاحتفالات، والجيش في وجه «داعش» والأخوان، معادلة ينتقص منها ما لا ينتبه له قادة مصر وهو اللاتوازن بين أحقية المعركة ولا أحقية التحالفات، فلا حرب تنتصر فيها مصر على الأخوان والقاعدة بالتحالف مع الرياض وواشنطن وبركتيهما، وتقبيل رؤوس الحاكمين فيهما، فالمشروع العربي ينتصر في مصر عندما لا تقول مصر إن عبد الله بن عبد العزيز حكيم العرب، وعندما تنصف مصر سورية التي تقاتل على خط النار نفسه، وعندما تتخذ مصر حلفاءها وفقاً لمبدأ حسن الاختيار، فقل لي من تحالف أقول لك متى تنتصر وكيف؟
في فلسطين سقط التفاوض، وولدت المصالحة بين حركتَيْ حماس وفتح، وحكومة مصالحة بعدها ولدت ولم تولد، فجاء خطف المستوطين لصفقة تبادل وفشلت المحاولة، وها هي وحشية المستوطنين تهدد بحرب عنصرية تتفجر معها مواجهة مفتوحة، فلسطين تحت ضغط الإرهاب نحو الانتفاضة الثالثة وحرب مقاومة.
العراق آخر طلقة في الجعبة، يحاول الأميركي الابتزاز، التهويل بـ«داعش» على إيران بعد تفخيخ العراق، يتباطأ في تسليم الطائرات، يتواطأ مع السعودية وتركيا لوضع شروط على الحكومة العراقية لدفع أثمان التعاون، يشجع حكومة كردستان على الانفصال، الفوضى وإدارة الفوضى وصولاً إلى الحصول على أثمان، أو الحصول على طلب التدخل بالطائرات من دون طيار فيجعل مسرح العمليات سورية والعراق، لكن الجواب ليس بالرضوخ بل بالانتقال إلى الهجوم المعاكس. والسوخوي تصل مرتين، مرة من صفقة روسية ومرة من الوديعة الإيرانية. والجيش العراقي يتقدّم نحو تكريت وينسحب من الحدود مع السعودية، ويصير الضغط معكوساً، ها هو داعشكم يعود إليكم مع الشكر، ومشروع التقسيم ليس عراقياً ولا يقف في جغرافيا العراق فاستعدوا.