خلافات على هامش مؤتمر المجموعة الدولية لدعم سورية في نيويورك
افتتح أمس، في نيويورك مؤتمر المجموعة الدولية لدعم سورية، بحضور وزراء خارجية 18 دولة، من ضمنهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا، وممثلي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
المؤتمر الدولي خصّص للبحث عن تسوية سياسية للأزمة السورية، وخاصة توحيد قائمة المجموعات الإرهابية، وقائمة المعارضة، لتشكيل وفد واحد يمثلها في المحادثات المقبلة مع الحكومة السورية.
وأعلن لافروف، قبل الاجتماع، أن روسيا تؤيد فكرة عقد الاجتماع المقبل للمجموعة الدولية لدعم سورية على المستوى الوزاري في نيويورك، وأضاف قائلاً «نأمل في نهايته نهاية الاجتماع ، أن تتم موافقة جميع أعضائه على وضع مشروع قرار، أمام مجلس الأمن الدولي، يؤكد على جميع المبادئ المنصوص عليها في وثيقة فيينا، وبيان مؤتمري فيينا يوم 30 تشرين الأول، و14 تشرين الثاني من هذا العام».
وكانت مصادر صحافية نقلت في وقت سابق، عن وصول وزير الخارجية الروسي متأخراً إلى قاعة المؤتمر وأصرّ على عقد اجتماع مع نظيره الأميركي جون كيري يسبق اللقاء الدولي، حيث وصفت المصادر هذه المفاوضات بالصعبة.
وأكدت المصادر وجود تعديلات روسية كثيرة على مشروع القرار حول سورية تتعلّق بالإرهاب وترك مصير الحكم بيد الشعب السوري، في حين أكد نائب وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان أن المفاوضات صعبة لا سيما بشأن تحديد قائمة التنظيمات الإرهابية.
هذا ولمح المندوب الروسي فيتالي تشوركين إلى وجود خلافات كبيرة بين الدول الخمس، وقال للصحافيين من دون إفاضة «لست واثقاً من أن هذا الاتفاق سيحدث، لأن هناك للأسف محاولات متعمّدة أو غير متعمّدة لاجتزاء وثائق فيينا، ونحن لا نريد لهذا أن يحدث».
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير أنه لم يتم حتى الآن الاتفاق على مشروع القرار الأممي حول سورية، وقال إن هناك «قدراً من الحركة» في المحادثات، موضحاً أن أحد أهداف اجتماعات نيويورك هو توضيح الجدول الزمني لمحادثات السلام بين الحكومة والمعارضة.
من جهتها، أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن السلام طويل الأمد من المستحيل إحلاله في سورية طالما يحكمُها الرئيس بشار الأسد، وقالت خلال مؤتمر صحافي «أكدنا أهمية العملية السياسية.. لكن السلام طويل الأمد لا يمكن إحلاله مع النظام السوري الحالي».
هذا وكان مجلس الأمن الدولي قد اتخذ بالإجماع قراراً يُلزم الدول بمكافحة تمويل الإرهاب ومنع تقديم أي مساعدة أخرى لتنظيمَي «داعش» و«القاعدة»، وأي شخص أو مجموعة أو شركة أو منظمة مرتبطة بهما.
ويطالب القرار الملزم للجميع، المستند على المادة 7 من ميثاق الأمم المتحدة، كذلك بـ«التجميد الفوري» لموارد التنظيمين وأرصدتهما المالية، ولا يسمح بتوريد «مباشر وغير مباشر» للسلاح لهما، ويدعو كذلك الى «اتخاذ تدابير نشطة وجذرية لوقف تدفق الأموال والأصول المالية الأخرى والموارد الاقتصادية الموجهة للأفراد والمنظمات».
وأكد مجلس الأمن أن مَن يدعم «داعش» أو «القاعدة»، «يخضع لضمّه في قائمة العقوبات»، أما «المذنبون في تنفيذ أو تنظيم أو دعم الأعمال الإرهابية، فتجب معاقبتهم».
ويطالب القرار الدول الأعضاء «بالتحرك بشكل نشط وحاسم لقطع التمويلات وباقي الموارد الاقتصادية لتنظيم داعش ولمعاقبة الداعمين الماليين للمجموعة بشكل أقوى».
كما دُعيت الدول إلى أن تجعل من تمويل الإرهاب «جريمة خطرة في قوانينها الوطنية»، حتى في غياب أي صلة بعمل إرهابي محدد، وإلى تكثيف تبادل المعلومات بهذا الشأن بما في ذلك بين الحكومات والقطاع الخاص.
وأشار وزير المالية الأميركي جاكوب لو، الذي ترأس الجلسة، إلى أن هذا القرار «يكمل إجراءات سابقة ويعزز الأدوات الموجودة»، مضيفاً «أنها خطوة مهمة، لكن الاختبار الحقيقي سيكون التحرك بتصميم لتنفيذه»، داعياً بالخصوص إلى «تعميق التعاون مع الشركاء في القطاع الخاص».
من جهته، ذكر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن الروسي سبل تسوية الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب وقطع قنوات تمويله.
إلى ذلك، أعلن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أنه لا يستبعد إمكانية انضمام الجيش الحر إلى القوات السورية في مكافحة «داعش» إذا غيّر طبيعته وأوقف توجيه السلاح ضد المدنيين.
وقال المقداد أمس، «إذا كان الجيش الحر قادراً على تغير طبيعته والتعاون مع القوى التي تناضل ضد الإرهاب، فهذا يجب أن يكون أمراً معلناً، ويجب أن يتوقف هذا الطرف عن توجيه السلاح على المدنيين والأبرياء وتدمير المدن وإعادة المختطفين، علماً أن هذا التنظيم لم يعد له وجود على الأرض».
ورفض المسؤول السوري إمكانية مشاركة دمشق في «تحالفات وهمية التحالف الإسلامي ذات طابع طائفي أو ديني، لأن الإرهاب لا دين له ولا لون»، مضيفاً «لا أعتقد أن هناك فرقاً بين ما يفعله تنظيم داعش والحكومة السعودية التي تقف خلف تمويل الجماعات الإرهابية وتسليحها ودعمها في سوريا، وبالتالي لا يمكن أن تكون جزءاً من الحرب ضد الإرهاب».
وقال المقداد إن دمشق تابعت لقاء الرياض للمعارضة السورية، وتبين لها أن السعودية سمحت بتواجد وجوه فيه لا تمثل المعارضة السورية، فضلاً عن أنه ضمّ مجموعات إرهابية، مشدداً على أن الحكومة السورية لا تلتقي مع المجموعات الإرهابية إلا على أرض المعركة.
وأَضاف «هؤلاء لا يمكن اللقاء معهم إلا في ساحات القتال، نحن مع الحوار مع قوى معارضة حقيقية موجودة على الساحة ولها تأثير ولا نعتقد أن السعودية كانت مؤهلة لعقد مثل هذه اللقاءات، لأنها تدعم بشكل مكشوف المجموعات الإرهابية المسلحة وتتناقض بشكل واضح للجميع مع قرارات جنيف 1 و 2».
وأكد المقداد أن سورية لم ولن تشتري النفط من «داعش»، مشيراً إلى أن دمشق تستورد النفط من الدول الصديقة وعلى وجه الخصوص من إيران، وقال «بصراحة نحن نقوم باستيراد النفط من الدول الصديقة وبشكل خاص من جمهورية إيران الإسلامية، التي تقوم بنقل 3 بواخر شهرياً»، مؤكدا «لم نقم على الإطلاق بشراء أي نفط من داعش، لأن ذلك سيكون إهانة لنا كسوريين، فكيف نقوم بمحاربة داعش وشراء نفط منه، هذا لا منطقي ودعاية رخيصة من تركيا وأميركا».
ميدانياً، يتابع الجيش السوري تقدّمه في المحور الأوسط لريف اللاذقية الشمالي، حيث سيطرت وحداته أمس على جبل السيد المشرف على قريتي المريج والكوم والمقابل لسلمى، وسط قصف مدفعي وصاروخي تمهيدي ينفذه الجيش باتجاه قرية المارونيات.
كما سيطر الجيش على المرتفع 5.754 وبرج السيريتل وجبل الأسود الكبير وقرية عطيرة في الريف الشمالي الغربي للاذقية، وأحكمت وحدات الجيش السوري سيطرتها النارية على بلدات بيت ملك والقنطرة وبيت شروق والخضراء وزاهية والكبير والصواف وقلعة بوجاك، ما يعني اقتراب الجيش من ربيعة والتي تعد معقلاً أساسياً للمجموعات المسلحة في المنطقة.