نصرالله يعلن الردّ الليلة وتشييع «قائد المقاومة في الجولان وفلسطين» اليوم استنفار على مساحة كيان الاحتلال… ومقدّمات تضع المنطقة أمام الحرب
كتب المحرّر السياسي
يرتقي الشهداء بلا توقيت وبلا حساب، وتكبُر البلاد بكبارها وهم لا يعبأون بما سيقوله عنهم الأحبّة والأصدقاء ورفاق الطريق، فهم حيث يرتاحون لما أدّوه أفضل ما يكون الأداء، وما مهّدوا له أفضل ما يكون التمهيد، كانوا عنواناً لما كان وسيكونون العنوان لما سيكون، هكذا هي سيرة الشهيد القائد سمير القنطار الذي استهدفته غارة «إسرائيلية»، وفقاً لما تضمّنه بيان صادر عن حزب الله، أرادت أن تضرب عصافير عدة بحجر واحد، فتُحرج روسيا التي نشرت بطاريات الـ«أس 400» قبل أسابيع في سورية والتي تتيح مراقبة الأجواء الممتدّة إلى ما هو أبعد من سورية، وبدأت ماكينات الإعلام العاملة للتشويش تشتغل لطرح التساؤلات عن تنسيق روسي ـــ «إسرائيلي»، أكدت مصادر إعلامية روسية أنه لا يتعدّى منع التصادم بين الطيران الروسي والطيران «الإسرائيلي»، تاركة التوضيحات حول غارة الأمس للمصادر العسكرية، التي قال بعضها إنّ الصواريخ التي استهدفت القنطار أطلقتها طائرات «إسرائيلية» من الأجواء فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة في منطقة طبريا، بينما تجاهلت مصادر عسكرية مقرّبة من المقاومة كلّ هذا البحث، وقالت إنه لم يدخل في حسابها يوماً، أن يطال التعاون مع روسيا حماية كوادرها ومواقعها من الاستهداف «الإسرائيلي»، وأنّ الغارة لا علاقة لها ولن يكون لها تأثير على التموضع الواحد في خندق الحرب ضدّ الإرهاب التي تضطلع روسيا بدور هامّ فيها.
«الإسرائيليون» الذين لم يتجرأوا على إعلان مسؤوليتهم عن الاغتيال لم يتردّدوا بالاحتفال بالعملية، متحدّثين عن الشهيد القنطار كقائد للمقاومة في الجولان وفلسطين، بينما ستشيّع المقاومة شهيدها ظهر اليوم، ويتحدّث قائدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليلاً ليحدّد إطار العملية من منظور المقاومة، ويضع في المقابل الإطار لردّ المقاومة الذي سبق وقال إنه ردّ سيكون مفتوحاً على كلّ استهداف يتخطّى حدود المكان والزمان في إعادة ترسيم قواعد الاشتباك بعد الردّ على علمية القنيطرة التي استشهد فيها جهاد عماد مغنية ورفاقه، وردّت عليها المقاومة بالعملية النوعية في مزارع شبعا.
الردّ الأكيد للمقاومة، والمأزق «الإسرائيلي» أمام تراكم مؤشرات مسار التسويات، يضعان الأمور هذه المرة، بالتساوق مع الحرب البادرة المفتوحة على حزب الله التي تتشارك فيها مع «إسرائيل» كلّ من أميركا والسعودية، وفي ظلّ تسريع التفاهم التركي ـــ «الإسرائيلي»، أمام فرضية تصاعد السخونة بردّ وردّ على الردّ، تصل فيه المنطقة إلى حافة الحرب، أملاً باستدراج التدخّلات والضغوط الدولية لشمول جبهات المواجهة مع «إسرائيل» بمسار التسويات، ما يشجّع «إسرائيل» ويُغريها بخوض المغامرة، بينما القلق «الإسرائيلي» من انفلات الأمور من تحت السيطرة، يدفعها للتريث والارتباك والقلق من طبيعة ردّ المقاومة وكيفية التعامل معه.
«إسرائيل» تغتال القنطار ونصرالله يُطلّ اليوم
خطفت عملية اغتيال الأسير المحرّر سمير القنطار في غارة «إسرائيلية» على مبنى في جرمانا بريف دمشق الأضواء، وتقدّمت على ما عداها من ملفات وقضايا داخلية، بينما تنشدّ الأنظار إلى ردّ حزب الله حيث ستظهر ملامحه خلال مواقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي يُطلّ الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم، للوقوف على تفاصيل حادث الاغتيال والتصعيد الأمني على الحدود الجنوبية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «السيد نصرالله، سيشرح خلال كلمته تفاصيل عملية الاغتيال وطبيعة عمل القنطار في المقاومة وتحديداً في سورية، كما سيؤكد أن دماء القنطار لن تذهب هدراً وسيعلن أن المقاومة ستردّ بشكلٍ مؤلم في الزمان والمكان اللذين تختارهما وأنها لن تسمح للعدو الإسرائيلي ولا لأدواته من الإرهابيين أن يغيّروا معادلات الردع التي فرضتها المقاومة إن كان في لبنان أو سورية مع العدو الإسرائيلي أو مع المجموعات الإرهابية».
وشدّدت المصادر على أن «رد المقاومة لن يخرج عن قواعد الاشتباك القائمة حالياً على الحدود»، وأشارت إلى أن «جميع العمليات والاعتداءات الإسرائيلية التي تشهدها سورية ولبنان في السنوات الأخيرة تعتبرها المقاومة تراكم للمعطيات وللمبررات للمواجهة المقبلة والمفتوحة مع العدو التي لم يحدد زمانها ومكانها وطبيعتها بعد».
اغتيال بـ 4 صواريخ موجّهة
وفي تفاصيل عملية الاغتيال، أن طائرتين «إسرائيليتين» حلقتا فوق الجولان المحتل فوق بحيرة طبريا من دون أن تخترقا خط الهدنة أو تدخل الأجواء السورية عند العاشرة من ليل السبت وقصفت بـ 4 صواريخ موجّهة أحد أحياء جرمانا إلى الشرق من العاصمة، وأدّى انفجار الصواريخ إلى استشهاد القنطار وأحد مرافقيه.
وكشفت مصادر خاصة لـ«البناء» أن «جهات تابعة للعدو الإسرائيلي كانت تراقب تحركات القنطار قبل دخوله المكان المستهدَف، إذ لم يستمر وجود القنطار في هذا المكان 12 ساعة قبل استهدافه».
..و«إسرائيل» تعترف
وفي اعتراف شبه رسمي «إسرائيلي» بتنفيذ العملية، نقلت «الإذاعة الإسرائيلية» عن مصادر سياسية أن الأسير القنطار والذي وصفته بـ»المخرّب»، والذي «تمّت تصفيته في غارة جوية إسرائيلية قرب دمشق الليلة الماضية كان قنبلة موقوتة».
وأوضحت المصادر أن «القنطار وما لا يقلّ عن تسعة من قياديي الميليشيات الموالية للنظام السوري قد قتلوا في هذه الغارة التي استهدفت مبنى سكنياً مكوّناً من ستة طوابق في بلدة جرمانا جنوب العاصمة السورية، دمشق».
ثلاثة أسباب للاغتيال
وأشارت مصادر معنية لـ«البناء» إلى ثلاثة أسباب تتصل بعملية الاغتيال، «الأول متصل بالمقاومة في الجولان، فالقنطار يعتبر حلقة وصل ما بين المقاومة في لبنان والمقاومة الناشئة في الجولان ودوره كان يرتكز على ترسيخ المقاومة في الجولان، ثانياً، سبب متصل بقرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر السبت حول سورية والذي ثبّت هزيمة العدوان على سورية، ما دفع إسرائيل إلى توجيه هذه الضربة وخلق حدث معين لحجب عنوان التسوية في سورية عن الأضواء»، ثالثاً بحسب المصادر «رسالة من إسرائيل على أنها موجودة ومستمرة في ملاحقة عناصر وقيادات المقاومة لا سيما وأنها انخرطت والسعودية بتحالفٍ بنيوي ضد حزب الله، وكأن الضربة رسالة انتماءٍ إلى التحالف مع السعودية التي تعتبر المقاومة إرهاباً».
وجزمت المصادر بأن «الردّ سيكون حتمياً وقريباً، انتقاماً لدم الشهيد أولاً، وثانياً لدواعٍ استراتيجية لتثبيت معادلات الردع مع العدو وربّما يكون في جنوب لبنان أو في الأراضي السورية».
استنفار «إسرائيلي» على الحدود
وإثر حادث الاغتيال، ساد حال من القلق والترقب المنطقة الحدودية، ورفع جيش العدو إلى أعلى درجات حالة استنفار قواته، وأبعد دورياته عن الخط الحدودي المحاذي للسياج الشائك تحسباً لأي تطورات عسكرية، كذلك زادت «اليونفيل» من أعمال المراقبة لجانبي الحدود في ظل تكثيفها للدوريات على طول الخط الأزرق.
.. وقذائف على الجليل
وأطلقت ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة، ما أدى لإطلاق صفارات الإنذار في نهاريا والجليل ودعوة المستوطنين هناك للنزول إلى الملاجئ.
وأعلن جيش الاحتلال سقوط 3 قذائف بمنطقة الجليل الغربي قرب الحدود مع لبنان.
وكانت حلقت طائرات حربية «إسرائيلية» بشكلٍ مكثف في أجواء مناطق قضاء صور، على علو متوسط وأحياناً منخفض، مطلقة قنابل مضيئة، وخصوصاً فوق القرى الحدودية.
ولاحقاً ردت مدفعية جيش الاحتلال على سقوط الصواريخ على الجليل بـ 7 قذائف على وادي النفحة في القطاع الغربي جنوب مدينة صور من مستوطنة زرعيت، بالإضافة إلى سقوط قذيفتين في وادي زبقين بصور».
وأعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي أن «قوات الجيش «الإسرائيلي» قامت بقصفٍ مدفعي مستهدفةً جنوب لبنان وذلك في أعقاب إطلاق الصواريخ باتجاه شمال «إسرائيل»»، وفي تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد أن «الجيش «الإسرائيلي» يعتبر أن الجيش اللبناني هو المسؤول الوحيد عن كل ما يجري داخل أراضيه وسيواصل التحرك ضد أي محاولة للمسّ بسيادة «إسرائيل» وسلامة سكانها»، ولفت إلى أنه «في هذه المرحلة لا يوجد أي تغييرٍ في تعليمات الحماية لسكان المنطقة».
العملية وقواعد الاشتباك…
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«لبناء» أن «هذا النوع من العمليات يندرج في إطار قواعد الاشتباك مع العدو القائمة حالياً»، واستبعدت تدهور الوضع الأمني على الجبهتين اللبنانية – «الإسرائيلية» أو السورية – «الإسرائيلية»، «فهذا النمط من الاعتداءات يتخذ طابعاً أمنياً ورد الفعل عليه سيأخذ طابعاً أمنياً وموضوعياً ولن يذهب الوضع إلى التصعيد بشكلٍ مفاجئ، خاصة أن الشخص المستهدَف أي القنطار قيادي ميداني واستشهاده أمر يندرج ضمن الصراع الحاصل بين المقاومة وسورية من جهة وإسرائيل من جهة ثانية».
وأضافت المصادر: «صحيح أن الاستشهاد جاء غيلة واغتيالاً، لكن الرد قد لا يكون بعيداً وسيتخذ الطابع الأمني ضد العدو «الإسرائيلي» داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها من خلال عملية أمنية».
وأبدت المصادر اعتقادها أن «الأجواء ليست مهيأة للتصعيد أو الدخول بمواجهة مفتوحة على جانبي الحدود، وأن التصعيد يحصل في حال شنت «إسرائيل» هجوماً واسع المدى على لبنان أو سورية لكن الآن المشهد محصور بالإطار الأمني».
القنطار يُشيّع اليوم
ويُشيَّع القنطار اليوم الساعة 3.30 عصراً في روضة الحوراء زينب ع – الغبيري، حيث سينطلق موكب التشييع من أمام حسينية روضة الشهيدين. وتقبل حزب الله وعائلة الشهيد القنطار التعازي باستشهاده أمس في مجمع الإمام المجتبى في منطقة السان تيريز – حي الأميركان.
وأثارت جريمة الاغتيال جملة من ردود الفعل المستنكرة، وأجمعت على أنها ستزيد من عزيمة المقاومين لهزيمة العدوّين «الإسرائيلي» والتكفيري.
حزب الله
ونعى حزب الله عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار «الذي استشهد بغارة «إسرائيلية» على مبنى سكني في جرمانا بريف دمشق عند العاشرة والربع من ليل السبت، وقال الحزب إن الغارة أسفرت عن استشهاد عدد من المواطنين السوريين.
جنبلاط
وقال رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط: «بمعزل عن التباينات في الموقف السياسي حيال الأزمة السورية، فإننا ندين استهداف المناضل سمير القنطار»، لافتاً إلى أن «الشهيد القنطار كرّس حياته لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى عقوداً في زنزانات الاعتقال من دون أن يتراجع عن مواقفه ومبادئه، ثم خرج إلى الحرية أكثر إيماناً بالتوجّهات السياسية التي عمل في سبيلها».
أرسلان
واعتبر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان في بيان أن «استشهاد القنطار فخر للمقاومة ولبنان والعروبة التي آمن بها ودفع حياته من اجل قضيتها المركزية فلسطين».
وقال: «إنه لمن القدر أن يكون هذا الشهيد البطل من أهل الجبل الذين زادهم اليوم عزة أن ينضمّ ابنهم إلى قوافل شهداء المقاومة وفلسطين».
الحكومة تقرّ اليوم خطة الترحيل
في ضوء التطورات الميدانية على الحدود الجنوبية، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة على جدول أعمالها بند وحيد هو مناقشة خطة ترحيل النفايات إلى الخارج والتي من المتوقع أن تقر بأغلبية ساحقة.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» «أن بند النفايات سيكون البند الوحيد على جدول أعمال الجلسة، إلا إذا ارتأى أحد الأطراف طرح موضوع آخر سيطرح من خارج جدول الأعمال وبعد موافقة الرئيس تمام سلام إذا توافر المناخ الإيجابي لذلك».
ورجّح درباس أن «خطة ترحيل النفايات ستُقر بأغلبية ساحقة، إلا إذا عمل البعض على اختلاق العقد أمام اعتماد هذا الخيار»، وأشار إلى أن «الترحيل هو أسوأ الخيارات بعد أن رفض البعض خطة الطمر، رغم وجود الكثير من المناطق الصالحة لطمر وعلاج النفايات»، وتساءل: أليست مناطق كعكار والبقاع أكثر حاجة لهذه الأموال التي ستُصرف على خطة الترحيل؟
وأشارت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» إلى أن «الرئيس سلام سيذهب مكرهاً لإقرار هذا الخيار نظراً لتكاليفه المالية المرتفعة»، ولفت إلى أن «سلام والوزير أكرم شهيب يحاولان بالتعاون مع وزير المال علي حسن خليل التخفيف من هذه تكاليف المالية».
وكشفت المصادر أن «رفض العرض السوري لاستقبال النفايات جاء نتيجة الخلافات السياسية بين الأطراف الداخلية حول هذا الأمر، إذ لا يمكن في ظل هذه الأجواء تلقف هذا العرض».
وقلّلت المصادر من أهمية الخلاف حول انضمام لبنان إلى التحالف الإسلامي الذي شكلته السعودية، ووضعت اتصال ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس سلام في إطار التشاور «وما فعله سلام فقط أنه أبدى ترحيبه بإنشاء هذا التحالف، لكنه موقف مبدئي، وليس قراراً اتخذه سلام بمشاركة لبنان».
وسألت المصادر: «مَن يقف ضد مكافحة الإرهاب في لبنان؟ وهل يوجد إرهاب غير داعش؟ وشددت المصادر على أن الحكومة اللبنانية لا تعتبر أن حزب الله إرهاباً، بل هو شريك أساسي في هذه الحكومة، واستبعدت أن يؤثر هذا الملف الخلافي على وحدة الحكومة واستقرارها، ودعت إلى عدم تحميله أكثر مما يحتمل».
.. وهيئة الحوار تجتمع اليوم
وتستأنف هيئة الحوار الوطني اليوم جلساتها عند الساعة الثانية ظهراً في عين التينة بري، في غياب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يسمح للمتحاورين الاستفاضة في نقاش التسوية الرئاسية، مشيرة إلى أن البحث سيستكمل نقاش الملف الرئاسي والتسوية المتكاملة وتفعيل عمل الحكومة.