لماذا رحّب مندوب سورية في الأمم المتحدة بالقرار 2254؟

حميدي العبدالله

رحّب ممثل سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري في كلمته التي ألقاها في جلسة التصويت في مجلس الأمن على القرار 2254 بصدور هذا القرار، وهذا يعني أنّ حكومة الجمهورية العربية السورية موافقة على القرار، وقد أسقط الترحيب رهان البعض على ما ورد في المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي توقع أن لا تعجب أو أن لا توافق الحكومة السورية على بعض ما جاء في نص قرار مجلس الأمن الجديد.

لكن ما هي الحسابات التي دفعت حكومة الجمهورية العربية السورية للترحيب بهذا القرار على عكس كثير من التوقعات، بما في ذلك توقعات الرئيس الروسي عن عدم رضا المسؤولين السوريين عن بعض فقرات هذا القرار؟

لا شك أنّ ثمة حسابات جوهرية هي التي دفعت سورية لاتخاذ هذا الموقف الإيجابي بشكل عام من القرار 2254.

أولى، هذه الإيجابيات أنّ هذا القرار والقرار الذي سبقه وصدر قبل يوم واحد والذي حمل الرقم 2253 يشكلان غطاءً دولياً وإقليمياً للدولة السورية والجيش السوري لمكافحة الإرهاب. وبديهي أنّ هذا الغطاء ضروري لما يترتب عليه من جهد دولي وإقليمي لتقليص مستوى الدعم الذي قدّم ويقدّم للمجموعات المسلحة وعلى رأسها التنظيمات الإرهابية، من الدعم المالي إلى الدعم بالسلاح، إضافةً إلى غضّ النظر عن تسلل آلاف الإرهابيين عبر الحدود، والسماح لشبكات تجنيدهم بالعمل على امتداد القارات الخمس.

ثانية هذه الإيجابيات، ما نصّ عليه قرار مجلس الأمن من استثناء الجماعات الإرهابية من وقف العمليات العسكرية، الدفاعية والهجومية، وما سيتركه ذلك من إرباك في مناطق سيطرة هذه الجماعات المسلحة، وربما حتى نشوب اقتتال في ما بنيها على خلفية تنفيذ قرار وقف إطلاق النار. من شأن مثل هذا الارتباك أن يؤثر على قدرة الجماعات المسلحة المصنّفة إرهابية، أو المصنّفة معتدلة على الصمود في وجه هجمات الجيش السوري وحلفائه، بما سينعكس بسرعة على تحقيق الانتصار في مناطق عديدة.

ثالثة هذه الإيجابيات، أنّ قرار مجلس الأمن سوف يخلق مناخاً يعزز خطط المصالحات الذي شقّ طريقه في مناطق سورية عديدة حيث كانت للسوريين الغلبة بالمقارنة مع المقاتلين الأجانب، طالما أنّ الجهد الدولي والإقليمي الآن، بدلاً من محاربة الجيش والدولة السورية يركز على البحث عن حلّ معهما. وحتى إذا كان خيار المصالحات لن يطرأ عليه تغيير لأنّ الجماعات الإرهابية لن تسمح به في مناطق سيطرتها الأساسية، فإنّ نسبة هروب وفرار السوريين من العمل في صفوف التشكيلات المسلحة والالتحاق بأجهزة الدولة، سيكون أوسع مما كان عليه في الفترة السابقة، حيث كان الشك يهيمن على قناعات كثيرين حول قدرة الدولة على الصمود والبقاء في وجه حرب إرهابية مدعومة من عشرات الدول الكبرى في المنطقة والعالم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى