وصية الشهيد: آمل أن أكون وفيتُ عهدي
من وصية الشهيد سمير القنطار التي كتبها في شهر آذار الماضي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأنّ الله على نصرهم لقدير
صدق الله العظيم
منذ اختياري لطريق النضال والجهاد في سبيل رفع الظلم عن فلسطين وأهلها، ولدفع الظلم والموت عن أهلنا وشعبنا في لبنان، كنت على يقين أنّ هذه الطريق الذي اخترته بقناعة تامة نهايتها النصر أو الشهادة، ولأنّ النصر الكامل وإزالة هذا الكيان الصهيوني من الوجود يحتاج إلى تضحيات أكثر من التي قدّمت حتى الآن، وبالتالي إنّ العمل على تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى سنوات طويلة إضافية، فإنّ الشهادة على الأرجح هي التي ستسبق النصر، ولأنّني عاهدت كل المؤمنين بحرية فلسطين أنّني لم أعد من فلسطين إلّا لكي أعود إليها، فإنّني أصررت على أن أُكمل هذا الطريق، طريق الجهاد والتضحية، وعبر أرقى أشكاله الذي هو النضال المسلّح والبندقية، وقد أعزّني الله عز وجل وجعلني واحداً من رجال المقاومة الإسلامية، وبين إخوة أخذوا على عاتقهم القتال بعناد ورفض المساومة والتراجع. واليوم أعزّني الله بهذه الشهادة التي أسأله أن يتقبذلها، فإنذني أمضي وأنا على ثقة أنّ هذه المسيرة الجهادية لن تتوقّف، ولن تتراجع، ولن تحيد عن بوصلتها فلسطين، لأنّ الله أعزّ هذه المقاومة بقادة طالما زوّدونا بالثقة والإيمان بالنصر، بدءاً من باعث النهضة الإسلامية المعاصرة روح الله الموسوي الخميني قدّس سره الشريف ووريثه في حمل راية الحق وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظلّه الشريف وقائدنا في المقاومة الإسلامية سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، الذي أشكره من أعماق قلبي على الرعاية التي أحاطني بها فور تحرّري من الأسر حتى لحظة شهادتي، وأشكره على وعده الصادق الذي بفضل الله وبفضله تحرّرت من الأسر، وأسأل الله عزّ وجل أن يُديمه لهذه الأمة ولهذه المقاومة الإسلامية الباسلة، لأنّ في هذا الزمن لا أحد قادر أن يعوّضنا عن شخصية وحضور وحكمة وشجاعة سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، أسأل الله أن أكون قد وفيت عهدي ووعدي لشهداء الوعد الصادق، لأهل فلسطين، لجمهور المقاومة في لبنان الذي هو عنوان للكرامة والعزّة والصمود والشرف، وأقول لكل المحبّين لهذه المقاومة أنّ شهادتي وشهادة أيّ أخ في هذا الخط على يد العدو الصهيوني تُعتبر دافعاً إضافياً لهذه المسيرة إلى الأمام.
هذا العدو يتوهّم أنّه بقتلنا قد يجرّ المقاومة إلى مواجهة هو اختار زمانها ومكانها، ومن هنا أؤكّد لكل محبّي المقاومة أنّ الانتقام لدمائنا يكون من خلال التمسّك بهذه المسيرة، ومن خلال تنامي قوة الرّدع التي تمتلكها المقاومة، ومن خلال أيضاً استمرار رفع جهوزيّتنا التي تضمن تحقيق النصر على هذا العدو الصهيوني في أية مواجهة قادمة. إنّ النصر على هذا العدو هو الانتقام الأكبر والأهم لكل الدماء المظلومة، وقيادة المقاومة وعلى رأسها سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، تعرف وبدقّة متى وكيف تردّ على جرائم العدو، وتُدرك بمسؤولية تجنّب الانجرار لمعركة العدو حدّد زمانها ومكانها، فلا أحد يشتبه بجديّة المقاومة، وبأنّ كل دماء المقاومين عزيزة وغالية، وأنّ الردّ والانتقام الفوري يكون فقط إذا أضاف إنجازاً لرصيد المقاومة وجنّبها الانجرار لمعركة حدّد زمانها ومكانها العدو الغاصب، وقصد من هذا الاغتيال ذلك.
دماؤنا متساوية وقيادتنا حكيمة، هكذا أثبتت التجارب الماضية، لنردّد دائماً نداءً لبيك يا نصر الله وعيوننا تنظر إلى البعيد، إلى تحقيق الهدف الأكبر لنصر الله لنا على عدونا الظالم.