تكريم الأطفال ذوي الاحتياجات الإضافية في اختتام فعاليات «يومهم العربي»
دمشق ـ لورا محمود
إنهم أطفال، إنما هم من ذوي الاحتياجات الإضافية. ربما لا يفهموننا أبداً، وربما يفهموننا بطريقة سطحية، لكنهم يشعرون بما يجري حولهم، وينطبع في دواخلهم كلّ سلوك نقوم به أمامهم. ثبت أنّ لديهم ذكاء في بعض الأمور التي ربما يستغربها الأصحّاء. حقهم علينا أن نحترمهم ونحترم وضعهم، وأن نعاملهم معاملة كريمة وأن يكون لهم الحق في التعلم والعمل والحياة، وأيضاً مساعدتهم لا الشفقة عليهم. فربما نكون معوّقين، ولكننا بأرواحنا وعقولنا التي تمنعنا من النظر إليهم على أنهم أناس مثلنا، إنّما مختلفون صحياً.
ولأنه لا بدّ من إدماجهم بالمجتمع والاعتناء بهم، كان لهم يوم ليحتفلوا به ويُكرَّموا على إبداعاتهم. لذلك، أقيمت الفعالية الرابعة للأطفال ذوي الاحتياجات الإضافية في المركز الثقافي في كفرسوسة ـ دمشق، برعاية وزارة الثقافة ومديرية ثقافة الطفل، حيث وُزّعت الجوائز على الفائزين في مسابقات الفعالية. وذلك بحضور معاون وزير الثقافة ومدير الثقافة في دمشق ومديرة ثقافة الطفل، وحشد من أهالي الأطفال المشاركين.
قدّم الطفل الكفيف حمزة الأعرج أغنية «يا شام» في الحفل الذي شهد أيضاً عروضاً فنية راقصة أدّتها فرقة «أجيال».
أبو غنام
وفي حديث إلى «البناء»، قال معاون وزير الثقافة الدكتور بسام أبو غنام: أطفال سورية كلّهم يستحقون التقدير والاهتمام. ومن الضروري تشجيعهم اليوم وكل يوم. ونحن نعتز ونفتخر بأطفالنا ذوي الاحتياجات الإضافية، فهم يُعتَبرون ركناً أساسياً في مجتمعنا السوري، وسيكونون فعالين اليوم وفي المستقبل، إذ هم براعم سورية الذين سيساهمون في بنائها من جديد. ونحن اليوم كرّمنا الفائزين في مجالَي القصة والرسم، خصوصاً الرسم بالتلوين المائي الذي يعتبر من أصعب الفنون وأكثرها تعقيداً، لا سيما لأطفالنا من ذوي الاحتياجات الإضافية.
وأشار أبو غنام إلى أن الوزارة ربما تأخذ هذه اللوحات لعرضها في معارض خارج سورية، «لنثبت أن الطفل السوري قادر ـ على رغم الألم وآثار الحرب ـ أن ينهض ويقول إننا ننادي بالمحبة والسلام، وأنه قادرعلى أن يكون فعالاً ومبدعاً.
ولفت أبو غنام إلى أننا نحن أبناء الحياة، ونحن من أعطينا الثقافة والمحبة لكل العالم، ووزارة الثقافة لعبت دوراً مهماً خلال الأزمة السورية وما زالت تلعب الدور الأساس والرئيس في المجتمع السوري.
وأضاف أنّ وزارة الثقافة تدعم أطفال سورية كلّهم، لا سيما ذوي الاحتياجات الإضافية. وسيكون الدعم أكبر في المستقبل القريب، «فنحن في الوزارة نحاول العمل على بناء الإنسان من خلال القضاء على ثقافة الدم والتكفير والترهيب، لأننا شعب مثقف وواعٍ ولا تليق به إلا الحياة الكريمة والجيدة. فالإنسان السوري حمل حضارته إلى كل العالم، لذلك لا بدّ لنا أن نعيد بناء الإنسان لنعيد بناء الوطن، وثقافتنا كانت وما زالت ثقافة المحبة والسلام».
ياسين
بدورها، قالت مديرة ثقافة الطفل ملك ياسين لـ«البناء»: واجب علينا أن نعتني بكل الأطفال سواء الأسوياء أو المعاقين. فنحن في وزارة الثقافة ومديرية ثقافة الطفل بشكل خاص، نعتني بالأطفال ذوي الاحتياجات الإضافية، ولدينا أنشطة تهتم بالطفل على مدار السنة.
وهذه الفعالية هي تكريم من وزارة الثقافة للأطفال ذوي الاحتياجات الإضافية على إبداعاتهم التي قاموا بها، وكُرّموا من أجلها، ونحن نحرص على أن يكونوا موجودين في كل الفعاليات كي يُدمَجوا بالأطفال الأسوياء. فأهميتهم لا تقلّ عن أهمية أيّ طفل عادي.
ونوّهت ياسين أنه من المهم أن تكرَّم هذه الفئة على كل إبداع تقوم به. فهذا يعطيهم ثقة عالية وتفاؤلاً بالمستقبل. وهذا هو هدفنا أن نرسم بسمة على وجوههم تشعرهم بالأمل. وأضافت: لقد كانت هذه الفعالية الأخيرة لمديرية ثقافة الطفل لهذه السنة، فقد نظّمنا عشر فعاليات موزّعة على مدار السنة، إضافة إلى برنامج مهارات الحياة والدعم النفسي للأطفال اليافعين، إذ نعمل في تسع محافظات في مراكز الإيواء، وأيضاً نهتم بالأطفال أبناء الشهداء ضمن فرق وطنية في كل محافظة.
وأكدت ياسين: اليوم ختامها مسك بتكريم الأطفال من ذوي الاحتياجات الإضافية. فنحن أعطينا أملاً جديداً لهذه الفئة من الأطفال ليشاهد الجميع إبداعاتهم، ولكي نبتعد عن نظرة الشفقة نحو هؤلاء الأطفال. فهم لايختلفون عن غيرهم من الأطفال الأسوياء.
قاسم
أما الاختصاصية النفسية في معهد الإعاقة وعلاج الاضطرابات النفسية والسلوكية سلام قاسم، فقالت: إنها السنة الأولى التي نقوم خلالها بفاعلية يكون فيها تكريم. فنحن ننظّم فعاليات ونشاطات للأطفال في المعهد بمشاركة جمعيات خيرية، وأيضاً بالمشاركة مع وزارة الثقافة. لكنها المرة الأولى التي يكون فيها تكريم للأطفال من ذوي الاحتياجات الإضافية.
ولفتت قاسم إلى أنه بشكل عام، إذا أردنا أن نقيس تقدّم أي بلد في العالم وتطوّره، يجب أن نقيسه بمدى اهتمامه بهذه الشريحة من المجتمع، وكلما كان الاهتمام بهم كبيراً، كان تقدّم البلد وتطوّره أكبر.
وأكدت قاسم: نحن نهتم بهؤلاء الأطفال المكرّمين بالرسم وبسرد القصة، لأن لديهم مواهب. والموهبة تصقل الشخصية، فنحن ننتبه على الطفل وما لديه وكيف نستطيع أن نخرج هذا الإبداع منه.
وأشارت قاسم إلى أن أطفال الشلل الدماغي مثلاً يحبون الموسيقى والرقص، ولكن الإعاقة تمنعهم من ذلك. فنستغل ما هم قادرون على استخدامه كاليد مثلاً، ونحاول أن نصقل موهبتهم سواء في الرسم أو الزخرفة، وكذلك الرياضة. فهناك أولمبياد الرياضة نقوم به للأطفال القادرين على استخدام أيديهم أو أرجلهم.
وعن الأطفال الموجودين في المعهد ويعانون من اضطرابات سلوكية ونفسية نتيجة الأزمة، قالت قاسم: هناك آثار خطيرة خلّفتها الحرب على جيل الأطفال، من خوف وقلق واضطرابات سلوكية وصعوبات التعلّم، خصوصاً في المناطق الساخنة، نتيجة التهجير والانتقال من مكان إلى آخر، وظروف السكن، وكل ما يؤدّي إلى عدد من المشكلات، خصوصاً التأخر الدراسي، كذلك الخوف من الظلام نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المتواصل. لذلك نحن نعمل على مبدأ التخفيف، وتحويل الأثر السلبي إلى إيجابي. أي أننا نوجّه الأمهات ليعلّمن أولادهن مثلاً أن وقت انقطاع الكهرباء هو وقت للعب أو ممارسة أي تسلية يحبها الطفل، وأن هذا الوقت هو فرصة للترفيه.
وأضافت قاسم أن هناك اضطرابات يعاني منها بعض الأطفال نتيجة الأصوات العالية كالتفجيرات مثلاً، لذا نحاول إبعادهم قدر الإمكان عن كلّ ما يؤذيهم.
وأشارت قاسم إلى أنه على رغم ما تمر به سورية، إلا أن الاهتمام بهذه الشريحة لم يتوقف، «لأننا شعب لديه إرادة قوية ونحب الحياة، ونحن قادرون على النهوض بهذا الجيل الذي سيعيد بناء سورية».
ونوّه ذوو الطفل محمد زين طعمة، المكرَّم في مجال القصة القصيرة عن تكريم ولدهم، بالاهتمام الكبير الذي يتلقاه من قبل الطاقم التدريسي، لا سيما النفسي والسلوكي الذي يعمل على صقل موهبة الطفل وتعزيز ثقته بنفسه. فالأطفال ذوو الاحتياجات الإضافية لا يختلفون عن غيرهم من الأطفال الأصحاء، إنما يحتاجون إلى معرفة قدراتهم والعمل عليها.
هذا وتضمنت الاحتفالية ورشات رسم جماعية ومعرضاً فنياً لأعمال الأطفال الفائزين بمسابقة الرسم والتصوير الضوئي، ورسم وجوه الأطفال، إضافة إلى ورشة إيقاع موسيقي وحكواتي للأطفال المكفوفين.