«المنار»… نبضنا الدائم

عبير حمدان

أن تضمّ الخطوط المتوازية فتصبح باقة من الحضور الذي يرفض منطق تطويق الصوت والصورة على قياس ارتهانه لسياسة كمّ الأفواه، هذا فعل وجود يكرّس حجم تأثير الخبر اليقين على ما عداه من الضجيج. لطالما كان إيقاع الحدث متّزناً إلى درجة تحثّنا نحن جمهور «المنار» على الغضب، كونها لا تتبنى غضبنا وتعمّمه كما هو، فالدبلوماسية وجه من وجوه المقاومة، ونحن في لحظة فوران نقلب الموازين ويعلو صراخنا تحت وطأة القهر، القهر إذا ما تطاول أحد المارقين على المقاومة متعمّداً التقليل من شأن إنجازاتها.

وحدها قناة المقاومة والتحرير ترفض منطق الصراخ في وجه المتطاولين، وتعتبرهم ضالين يحتاجون إلى من يمسك بيدهم ويخبرهم أن هذا الوطن لنا جميعاً من دون استثناء.

لأن الوطن يتّسع للجميع، كانت قاعة التضامن مع «قناة المنار» منذ أيام نقطة التقاء، حتى من يختلف مع «المنار» في الرؤية والتسميات حضر رافضاً منطق كمّ الأفواه. ومن غاب قد تعذره «المنار»، فهي اعتادت الصفح واستيعاب الوطن الصغير بمساحته والكبير بمقاومته. الوطن الذي جمع التناقضات كافة تحت سماء التنوّع.

لكن، حين تكون الحرّية مسؤولية ينادي بها أهل الاستقلال والسيادة، فذلك يتطلب منهم الدفاع عنها ولو كلّفهم الأمر التجرّد من سطوة الإملاءات السياسية التي تحول دون حضورهم، وإلا فليخلعوا الأقنعة الناعمة وليرموا بياناتهم في سلة المهملات.

من يحجب صوت المقاومة كافر بما للكلمة من ثقل، إن لم نقل قاتلاً للأطفال والنساء والشيوخ على امتداد النزف العربي. فالمال الأسود الذي يُصرف على برامج اللهو التي تزيدنا جهلاً، يساهم في تغييب القضية المركزية التي لا يمكن فصلها عن بدعة «الربيع العربي» الآتي من مخاض إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط الجديد. ولا يظن أيّ إنسان عاقل أن زحمة الأضواء الاستعراضية والاجتياح الدرامي المستورد من تحت الطربوش العثماني تُضاف إليه فورة الألقاب التي تنبت «النجوم» مشهد بريء للترفيه على الشعوب اللاهثة خلف لقمة عيشها، بل كل ما تقدّم يدخل في إطار تسطيح العقول وتحويل الهوية إلى رماد بلا جمر، وتدمير الحضارة وتشويه التاريخ.

قناة المقاومة أكبر من قرار الحجب لأنها نبضنا الدائم. وفي النشيد وفعل الإعلام المرابض على الثغور ثقافة حياة لا تليق إلا بمن يحمل راية الحق ويصوّب بندقيته نحو المحتل. ولإننا نؤمن بقدرة هذه المقاومة، علينا التمسّك بها وتسخير حبرنا لها وحدها… لأنها «المنار»، نحن جميعاً مسؤولون، وفي ذلك فعل إرادة يفوق مساحة التضامن، نعم نحن مسؤولون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى