رد المقاومة على الاعتداءات يضع حكومة العدو أمام ثلاثة احتمالات في محاولة لتغيير قواعد الصراع

حسن حردان

ردت المقاومة الفلسطينية بقوة على التصعيد في الاعتداءات «الإسرائيلية» ضد قطاع غزة، وقصفت المستوطنات الصهيونية في جنوب فلسطين المحتلة بـ17 صاروخاً، ما أدى إلى إصابة جندي «إسرائيلي». وترافق ذلك مع إعلان حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلغاء الهدنة التي كانت قائمة بوساطة مصرية.

على أن جيش الاحتلال هدد بشن عدوان على غزة إذا لم يتوقف إطلاق صواريخ المقاومة، وقام بحشد قوات برية على طول الحدود مع القطاع، استعداداً إما لتوجيه ضربات محددة، أو القيام باجتياح بري.

وتؤشر هذه التطورات إلى أن الحكومة «الإسرائيلية» تواجه مأزقاً فعلياً، فهي غير راغبة في الذهاب حالياً إلى موجة تصعيد واسعة، وتريد العودة إلى التزام التهدئة. لكنها لا تريد الظهور بمظهر من يطلب ذلك حتى لا يفسر على أنه ضعف وعجز. وفي المقابل لا يمكن للمقاومة أن تقف مكتوفة الأيدي حيال الاعتداء «الإسرائيلي» على القطاع ولا تمارس حق الرد بشكل يتناسب مع حجم الاعتداءات «الإسرائيلية».

هذا الوضع يجعل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات. فالحكومة «الإسرائيلية» تسعى إلى تغيير قواعد اللعبة بأن تفرض على المقاومة التوقف أولاً عن إطلاق الصواريخ كشرط للعودة إلى العمل بالتهدئة، والمقاومة ترفض هذا الشرط «الإسرائيلي» وتسعى إلى تكريس معادلة توازن الردع والرعب التي فرضتها في خلال عدوان 2012.

لذلك فإن قادة العدو الصهيوني يدفعون الأمور إلى حافة الهاوية عبر حشد القوات والتهديد بالعدوان، ما يجعل الوضع أمام ثلاثة احتمالات:

الأول: أن تنجح الوساطات الجارية عبر مصر وتساهم فيها الولايات المتحدة في دفع الجانبين للعودة إلى التهدئة عبر وقف متزامن للقصف.

الثاني: قيام حكومة العدو تحت ضغط اليمين بشن عملية محدودة، تجري بعدها العودة إلى التهدئة.

الثالث: غير أن العملية المحدودة قد تتدحرج إلى عملية واسعة. وقيام جيش الاحتلال بعملية توغل بري لإحدى مناطق القطاع على خلفية الرد القوي من قبل المقاومة بقصف تل أبيب والقدس، في محاولة من حكومة العدو لفرض قواعد جديدة للصراع.

لكن مثل هذا الاحتمال غير مضمون النتائج، لأن الجيش «الإسرائيلي» لا يتحمل عملية عسكرية طويلة وهو يريد تحقيق أهدافه في غضون أسبوع، الأمر الذي قد يدخله في حرب استنزاف طويلة نسبياً، تجعله في مأزق مضطر إلى الخروج منه والتسليم بوقف متزامن للنار والانسحاب إلى تخوم القطاع.

في السياق، فإن تنامي قوة «داعش» واستحواذها على قدرات مالية وعسكرية كبيرة وإعلانها دولة الخلافة الإسلامية يوفر لها مزيداً من الإمكانات لاستقطاب مقاتلين مدربين في العراق، ومضاعفة أعداد المنضمين إلى صفوفها، وهو ما أدى إلى خلق موازين قوى لصالح داعش مكن من حسم الصراع مع جبهة النصرة في شرق سورية التي سارعت عناصرها إلى إعلان انضمامها إلى داعش.

على أن واشنطن المترددة في تقديم الدعم العسكري المطلوب للجيش العراقي، بدأت تبرر تباطؤها في تسليم العراق طائرات أف 16 المقاتلة بعدم وجود طيارين عراقيين مؤهلين لقيادة هذه الطائرات، وأنهم لن يكونوا مستعدين لذلك قبل منتصف آب المقبل.

غير أن الصحافة الأميركية كشفت حقيقة الأمر عندما تحدثت عن وجود مخاوف لدى الإدارة الأميركية من أن نشر صواريخ هيل فاير الموجهة بالليزر وطائرات الأباتشي المقاتلة قد يستخدم في غير مصلحة السياسة الأميركية.

في هذه الأثناء كشف النقاب أميركياً عن قيام واشنطن باستخدام المساعدات السنوية المالية في دعم الإخوان المسلمين في مصر خلال الانتخابات الرئاسية عام 2012، الأمر الذي يؤكد العلاقة التحالفية التي تربط الإخوان بواشنطن واستمرار الأخيرة في دعمهم حتى الآن والضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي للتحاور معهم والتسليم بدورهم، ودفعه إلى التراجع عن محاولته انتهاج سياسات مستقلة بعيدة من الارتباط والتبعية للولايات المتحدة الأميركية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى