العلاقات «الإسرائيلية» التركية.. من السرّ إلى العلن
ناديا شحادة
السياسة الخارجية التركية ما هي إلا تحوّلات فرضتها المصالح والأزمات التي تمر بها حكومة العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان الذي ينتابه شعور ورغبة في زيادة شعبيته في العالم العربي والإسلامي، وكان يستخدم معارضته لـ «إسرائيل» في السياسة الداخلية كما يشاء، حيث قال في معرض تعليقه على اعتداء «إسرائيل» على سفينة مرمرة «إسرائيل» ستدفع ثمن شهداء أسطول الحرية ومن الآن فصاعداً لن يكون أي شي كما كان في السابق، «إسرائيل» لا يمكنها تنظيف الدم الذي يلطخ يديها بأي شكل من الأشكال.
وبعد مرور خمس سنوات على هذه الأحداث وعلى التصريحات التي كان يطلقها أردوغان، بخصوص العلاقة الدبلوماسية مع «إسرائيل»، يؤكد المراقبون أن تلك التصريحات ما هي إلا مراوغة من أردوغان الذي يتعامل ببراغماتية في العلن، حيث يبدي تعاطفاً مع الفلسطينيين وفي السر يواصل توطيد علاقاته مع «إسرائيل» والموساد. فالعلاقة الاستراتيجية التركية الإسرائيلية لم تقطع حتى في ظل سحب السفراء، وهذا ما أكده الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين قائلاً «إن العلاقات التركية «الاسرائيلية» في خطوطها الأساسية غير متأثرة بالسجالات الإعلامية والخطابية». لتأتي التصريحات التي صدرت مؤخراً من دبلوماسيي البلدين التي تؤكد أن هناك خطوات واضحة تجاه تطبيع كامل للعلاقات بين أنقرة و«إسرائيل»، حيث أعلن مسؤول «إسرائيلي» في 17 كانون الثاني من العام الحالي أن كيانه وتركيا توصلا إلى تفاهمات لتطبيع العلاقات بينهما، وكذلك ما جاء على لسان رئيس الوزراء التركي احمد داود أغلو في 23 من الشهر الجاري، حيث أكد أن «المحادثات بشأن إعادة العلاقات مع «إسرائيل» مستمرة وتتطوّر بصورة إيجابية».
يؤكد الخبراء على أن خطاب أوغلو أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الذي ادعى فيه أن» أنقرة لن تنسى غزة وفلسطين والقدس والمسجد الأقصى حتى في أحلامنا فكيف في المفاوضات»، ما هو إلا بروباغندا تركية لترويج الاتفاق مع «إسرائيل»، فخطابه لم يقدم جديد للشعب الفلسطيني في غزة بخصوص رفع الحصار، والمعلومات التي سرّبت من نص الاتفاق تؤكد أن الاتفاق ينص على عودة السفراء ودفع تعويضات لذوي الضحايا الأتراك ومنع أي نشاط عسكري لحركة حماس وإسقاط الدعاوى القضائية كافة ضد «إسرائيل»، بالإضافة إلى البدء بمفاوضات حول مدّ خط غاز إسرائيلي عبر تركيا، وهذا ما أوردته معلومات إعلامية «إسرائيلية»..
فتركيا التي بدأت خلال السنوات الخمس الأخيرة علاقاتها الإستراتيجية والدولية تنهار نتيجة سياسة أردوغان الخارجية، ونتيجة ظهور الدور الحقيقي للحركات الإسلامية في المنطقة التي كانت أنقرة تعتبرها حصانها السياسي، باتت الآن تحاول الهروب من عزلتها مع الجوار إلى تعزيز علاقاتها مع كيان العدو وفي هذا الإطار جاءت دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام إلى ضرورة تحسين العلاقات مع إسرائيل، فالهروب التركي نحو أحضان «إسرائيل» يثبت من جديد أن فلسطين ليست في دائرة اهتمامات حكومة العدالة والتنمية ولم تكن يوماً على لائحة أردوغان الذي بات يظهر على حقيقته. تلك الحقيقة التي تغيب عن بعض من يصرّون على إلغاء عقولهم والتعامل مع أردوغان على انه نصير للفلسطينيين.