لا حلّ من دون موسكو

مصطفى حكمت العراقي

يتزايد توجه القوى الإقليمية والدولية نحو روسيا يوماً بعد يوم. فبعد دخول موسكو الحرب على الإرهاب بشكل مباشر في 30 أيلول الماضي، بطلب من الرئيس السوري بشار الأسد للقيام بضربات جوية دقيقة على مواقع العصابات الإرهابية في سورية… أصبحت العاصمة الروسية هي قبلة الدبلوماسية العالمية للتنسيق في مجمل القضايا العالقة بين أقطاب المنظومة الدولية… التحول العالمي للقبول بشروط روسيا حدث منذ الانتصار السياسي والعسكري لموسكو وحلفائها في اوكرانيا ثم توقيع الاتفاق النووي مع ايران.. نهاية بقرار مجلس الامن الاخير حول الازمة السورية والذي تبنى وجهة النظر الروسية بحل المشكلة السورية سياسياً واللجوء إلى صناديق الاقتراع من دون شروط مسبقة، وهو ما كانت تنادي به موسكو منذ بدء الأزمة… التنسيق الروسي مستمرّ مع كل القوى الفاعلة على الأرض، فالزيارة اللافتة على مستوى التوقيت التي قام بها رئيس حزب الشعوب الديمقراطي التركي المعارض صلاح الدين دميرطاش إلى موسكو. ولدت انزعاجاً تركياً واضحاً على لسان الرئيس التركي اردوغان ورئيس وزرائه داود اوغلو، حيث اتهما الحزب الكردي بالتعاون مع كل من لديه نزاع مع تركيا.. هذه الزيارة تناولت التوتر الروسي التركي الأخير ومحاربة التنظيمات الإرهابية… وقال دميرطاش… «منذ الأيام الأولى شدّدنا كحزب معارض، على أننا ضد تخريب علاقات تركيا مع جيرانها. كما انتقدنا علناً تصرفات الحكومة التركية عقب إسقاط الطائرة الروسية»، مضيفاً أن «المشاكل بين الدول قد تحدث، لكن يجب إبقاء الأبواب مفتوحة أمام الحلول الدبلوماسية لتنظيم المشاكل… ابرز مشاكل البلدين هو اتهام موسكو لأنقرة بدعم تنظيم داعش»، من جانبه قال وزير الخارجية الروسي لافروف إن «روسيا مستعدة للتعاون عن كثب مع الكرد الذين يقاتلون تنظيم داعش». مؤكداً علم بلاده بوجود كرد عراقيين وسوريين يقاتلون داعش وجماعات متطرفة أخرى… وأضاف أن روسيا ستضع في اعتباراتها تقييمات حزب الشعوب الديمقراطي في ما يتعلق بالوضع في سوريا… التوجّه الدولي نحو موسكو مستمرّ، حيث أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أن موسكو تدعم الجهود التي تبذلها باريس لتشكيل تحالف يواجه داعش في سورية والعراق.

وفي لقاء أجراه مع نظيره الفرنسي بيير دو فيلييه، أشار غيراسيموف إلى أن الأحداث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أثبتت أنه ليس بإمكان دولة واحدة أن تتصدّى وحدها لتهديد الإرهاب الدولي.

من جانبه قال دو فيلييه: «أن الأوان قد حان لنجمع قوانا في محاربة داعش وجبهة النصرة وباقي الفصائل الإرهابية المتطرفة»، مضيفاً أن الحديث يدور عن الأهداف المشتركة بين فرنسا وروسيا… فعالية تدخل موسكو في الحرب على الإرهاب أكدها تقرير المعهد الأميركي «IHS» الذي قال إن مساحة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» تقلصت في سورية والعراق، بشكل كبير خلال العام 2015 في ظل انخفاض قدرته المالية.

ويقول تقرير أصدره «المعهد» في غضون بضعة أشهر، فقد تنظيم داعش السيطرة على أراض واسعة في سوريا والعراق، حيت انتهى به الأمر إلى أقل من 14 من المساحة التي كان يسيطر عليها في السنة الماضية.. التقدم الروسي هذا انتقدته منظمة العفو الدولية بحجة استخدام روسيا القنابل العنقودية أثناء العملية في سورية… وهو ما رفضته موسكو، حيث قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف إن الولايات المتحدة تتلاعب بالمعلومات، بهدف صرف انتباه المجتمع الدولي عن الأسباب الحقيقية للمأساة السورية. وأضاف أن سلاح الجو الروسي العامل في سورية لا يستعمل القنابل العنقودية، مؤكداً عدم وجود مثل هذه القنابل في قاعدة حميميم… كل هذه المؤشرات توحي بأن العام المقبل سيكون حافلاً بالسياسة والميدان، فالتقدم السريع للجيش العربي السوري المدعوم بسلاح الجو الروسي، يشير إلى اقتراب الحسم الميداني والقضاء على الإرهاب… أما المسار السياسي فقد حُسم بالقرار الأممي الأخير… وبكل تأكيد ما لم يستطع الغرب أخذه من موسكو وحلفائها في الميدان فلن يأخذوه في السياسة وهو ما أكده المسؤولون الروس والسوريون في أكثر من مرة …

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى