الراعي: لمقاربة جدية للمبادرة الرئاسية وقانون انتخاب يؤمّن المناصفة الفعلية
طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن، باعتباره مسؤولية وطنية جامعة لا تنحصر بالمسيحيين عامة والموارنة خاصة»، لافتاً إلى «أنّ الرئيس هو رئيس للدولة، لا ممثل لطائفة».
ودعا الراعي في رسالة الميلاد «الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة جدية للمبادرة الجديدة المختصة بانتخاب الرئيس، فإنها تتصف بالجدية كما هو ظاهر في عامل الثقة والأمل الذي أحدثته على المستوى النقدي والمصرفي، وفي الدفع الجديد للتفاهم بين فريقي 14 و8 أذار. فبات على الكتل السياسية والنيابية أن تلتقي حول هذه المبادرة، من أجل كشف الأوراق بموضوعية وشجاعة، واتخاذ القرار الداخلي الوطني، والذهاب إلى المجلس النيابي وإجراء عملية الانتخاب وفقاً للدستور والممارسة الديمقراطية».
وسأل: «ما معنى وجوب سلة أو تسوية متكاملة مع انتخاب الرئيس؟ ومعلوم أنّ البرنامج الأساس لرئيس الجمهورية هو احترام الدستور، وضمانة عمل المؤسسات العامة، والحفاظ على وحدة الوطن وعلى استقلاله وسيادته وسلامة أراضيه المادة 29 من الدستور ، وحماية العيش المسترك، ورفض أي فرز للشعب أو التجزئة أو التقسيم أو التوطين بأي شكل أو نوع كان مقدمة الدستور: ي و ط . دور الرئيس تحقيق تصميم اللبنانيين على قيام الدولة الديمقراطية البرلمانية المدنية ومؤسساتها، وتحفيز دور المجتمع المدني في مسيرة النهوض الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي».
وشدّد على ضرورة «وضع قانون انتخاب جديد، وهو من مسؤولية مجلس النواب كسلطة تشريعية، بحيث يأتي وفقاً للميثاقية اللبنانية، فيترجم المشاركة الفاعلة في تأمين المناصفة الفعلية، ويضمن الاقتراع الحر وحق المساءلة والمحاسبة، ويؤمن التنافس الديموقراطي، ويلغي فرض نواب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية مذكرة وطنية، صفحة 12، فقرة 23 . فلا يحقّ للمجلس النيابي التلكؤ عن وضع هذا القانون، لكي يصار على أساسه إلى إجراء الانتخابات النيابية في بداية ولاية الرئيس الجديد».
كما طالب الراعي بـ«التزام الحكومة بممارسة مسؤولياتها كسلطة إجرائية وفقاً للدستور، وتفعيل عمل المؤسسات العامة، ومنع الفوضى والفساد فيها وتحفيز مسؤولية المواطنين، ومعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، وإخراج المواطنين من حالة اليأس وفقدان الثقة بوطنهم».
وإذ رأى أنّ الحكومة «لا تستطيع إهمال قضية النازحين السوريين إلى لبنان»، مؤكداً التضامن إنسانياً معهم أعرب عن خشيته «إذا طال بقاؤهم في لبنان، أن يستغلوا من قبل المتطرفين والتنظيمات الإرهابية لأهداف تخل بالأمن والاستقرار، وأن يروا نفوسهم مقحمين على ارتكاب جرائم لكسب المال وخلق الفوضى وزعزعة المجتمع».
وتطرق الراعي في رسالته إلى القرار 2254 الذي صدر عن مجلس الأمن حول سورية، وقال: «إننا لا نرضى بأن تكون عودة النازحين «طوعية» كما جاء في نصّ القرار. فما ينطبق على اللاجئين إلى أوروبا وغيرها لا يمكن أن ينطبق على النازحين إلى لبنان للأسباب المذكورة أعلاه، ومنعاً للمطالبة فيما بعد بتوطينهم ومنحهم الجنسية اللبنانية. بل يجب أن تكون العودة إلزامية، لكي يحافظوا على حقوقهم في وطنهم، وعلى هويتهم الوطنية، الثقافية والحضارية».
وكان الراعي استقبل في الصرح البطريركي في بكركي شخصيات سياسية وديبلوماسية وعسكرية واجتماعية مهنئة بالأعياد، فالتقى رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على رأس وفد من الهيئة التنفيذية في المجلس.
وبعد خلوة مع البطريرك قال الخازن: «كانت مناسبة مباركة للإشادة بالمواقف والدعوات الوطنية الجامعة التي يطلقها نيافته منذ مطلع جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مهيباً بالجميع «ألا يفرطوا ويتأخروا أكثر عن احترام هذا الإستحقاق لأنّ الإخفاق هو دليل عجز وفشل عن الوصول إلى وفاق عادل، ما يعكس أمام الرأي العام الخارجي أنّ اللبنانيين غير قادرين على إدارة شؤونهم بأنفسهم وهم بالتالي قاصرون وبحاجة إلى وصاية دائمة. وهذا ما لا يريده أحد بعيداً عن أي تخويف أو تهويل أو استقواء لأنّ اختيار رئيس جديد إنما يمثل رمزاً لوحدة البلاد وجمع الشمل حول كلّ القضايا المشكو منها من هذا الفريق أو ذاك».
كما التقى الراعي قائد الجيش العماد جان قهوجي. وأعرب خلال اللقاء عن «تقدير عميق لعطاءات المؤسسة العسكرية ولتضحياتها وخصوصاً في هذه الايام العصيبة التي يمر بها الوطن،» سائلاً الله أن «يعرف الأسرى العسكريون الحرية في أقرب وقت ليعودوا إلى وطنهم وأهلهم» وملتمساً «الرحمة لأنفس الشهداء».
وإذ وجه تهنئة بالأعياد للمؤسسة العسكرية قيادة وضباطاً وأفراداً، نوه البطريرك الراعي «بالمهمّات التي تنفذها وحدات الجيش لمواجهة الإرهاب، ولا سيما في المناطق الجردية في أجواء مناخية قاسية».
وشكر قهوجي، بدوره، للراعي «دعمه المستمر للمؤسسة العسكرية»، وأكد أنّ «الجيش كان وسيبقى حامي الوطن».
كما أثنى على «الدور الوطني بالإضافة إلى الدور الروحي الذي يضطلع به البطريرك الراعي في هذه الظروف الدقيقة»، معتبراً أنّ «مهمّة غبطته مثقلة بالمصاعب، ولكنّ الإيمان والرجاء يبقيان الركيزة الأساسية لإيجاد حلول للمشاكل التي تعصف بلبنان».
ومن زوار الصرح: السفير البابوي غابريال كاتشيا.