الإرهاب… من غلاف الواقع إلى صفحات التداعيات
فاديا مطر
مع التغيير الميداني الذي شهدته منطقة الغوطة الشرقية لدمشق بعد التوافق الدولي الأخير واستعادة الجيش السوري وحلفائه لمنطقة «مرج السلطان» ومطارها العسكري الاستراتيجي في عمق الغوطة، يبرز عدد من التداعيات السياسية والدبلوماسية في مسارات مرتقبة تُعيد عوامل ميدانية وعسكرية تؤسس لعملية مفصلية تخلق أجواء مؤاتية لتوقف الحرب مع المجموعات الإرهابية التي تسيطر على مناطق في الغوطة الشرقية، والتي منها خروج لمسلحي تنظيم «داعش» و«النصرة» الإرهابيين من مناطق جنوب دمشق عبر مراحل تنفيذية أولها خروج 20 حافلة غادرت منطقة جنوب دمشق مع بدء الاتفاق مع الحكومة السورية بمساعٍ أممية.
لكن المرحلة الثانية من أتفاق اليرموك لإخلاء أكثر من ألفي مقاتل من تنظيم «داعش» الإرهابي وفصائل متشدّدة أخرى جمّدتها صعقة البرودة التي تلقتها المجموعات الإرهابية باستهداف الجيش السوري اجتماعاً لقيادات ما يُسمى «جيش الإسلام ـ أحرار الشام ـ فيلق الرحمن» في بلدة أوتايا في 25 الجاري، والتي قتل فيها الإرهابي زهران علوش متزعِّم ما يُسمَّى بـ «جيش الإسلام» الإرهابي مع عدد كبير من قياداته وقيادات إرهابية أخرى لتكون العملية طياً لصفحة دمشقية وفتحاً لصفحة أخرى في الصراع مع تنفيذ مصالحات جنوبها، لأن التأجيل الحاصل من المرحلة الثانية بحسب مصادر مطلعة سببه توفير ممر لوجستي آمن لخروج 4000 مسلح ومدني بينهم 2000 مسلح من «النصرة» و«داعش» عبر طريق «بئر القصب» في ريف دمشق الجنوبي، ومنها إلى مناطق توجه المسلحين في شمال وشرق سورية، وهي منطقة يسيطر عليها «جيش الإسلام»، بالإضافة إلى طلب مقاتلي «النصرة» التوجه إلى محافظة إدلب شمال غرب سورية بدلاً من ريف حلب الشمالي، وهو ما أخّر العملية لوضع لوجستيات خاصة بمهمة النقل المتفق عليه.
شكل مقتل «زهران علوش» إحدى الصفحات لجهة إزالة عثرة فاعلة في منع المصالحات ومشاريع التسويات، وتوسيع لحزام واسع حول العاصمة دمشق مع تكتيك استخباري وعسكري ناجح يقوم به الجيش العربي السوري وهو ما يؤكد أن لا فصل بين قتال التنظيمات الإرهابية وارتباط عمليات الإخلاء بالمجمل ككل متكامل. فالمرحلة الثانية ستنفذ بتأمين طرق بديلة وحلول للإشكاليات، وهي ستترك بصماتها البارزة على ما يتحضَّر من ساحة سياسية تقود مسارات تفاوضية أعلنت عنها الأمم المتحدة في 25 كانون الثاني المقبل، لكن بعض أطراف هذه الساحة انكشف عنها غطاء ما يُسمّى «مؤتمر الرياض» للمعارضة السورية وكشف عنها مقتل الإرهابي «علوش» كحقيقة داخل الائتلاف، الذي طالب مجلس الأمن بالإدانة لمقتل «زهران علوش» على اعتباره من «القوى المعتدلة»، فالمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات «رياض حجاب» كان قد حذّر من تبعات الاستهداف، وهو بدلالته يحمل وجود تيارات سياسية تدخل من باب شبه حلف غير معلن للعمل على تحقيق إعادة الغليان إلى المناطق القابلة للبرودة وتكريس إيديولوجية الإرهاب على طاولات الحوار السياسي في محاولة لتغيير الواقع الموجود في مناطق جنوب العاصمة السورية، والتي بدأت تخرج من قبضة الإرهاب الذي تدعمه مملكة «آل سعود» وقوى إقليمية أخرى على أمل أن تكون تلك التيارات خطاً خلفياً للسعودية، في حال حصول أي تطور عسكري يكون عائقاً أمام مشاريع المصالحة، ومحاولة لتبديل جغرافيا محيط العاصمة بجغرافية بعيدة غير مترابطة تعزز ما ضعُف من القوة الإرهابية التي جذورها في الرياض وأنقرة وتل أبيب وأوراقها الصفراء تتساقط على محيط دمشق، فهل تفتح الصفحات الجديدة للجيش والدولة السورية ملفات إرهابيين آخرين شربوا من ماء الإرهاب «الصهيو ـ سعودي» وسيلقون مصير من سبقهم؟!..