هل يستغلّ «داعش لبنان» ما يجري في فلسطين

روزانا رمّال

يقول رئيس الموساد «الاسرائيلي» تمير باردو إنه يرى النزاع مع الفلسطينيين اليوم، هو التهديد الأساسي لـ«الأمن القومي «الإسرائيلي»»، وليس البرنامج النووي الإيراني.

مصادر صحيفة «هارتس» «الاسرائيلية» تعقب على هذا الحديث وتقول: باردو استعرض المشاكل الأمنية الثلاث التي تواجهها «إسرائيل»، أولها سباق التسلح النووي الإيراني، ثانيها النزاع الفلسطيني، وثالثها الجهاد العالمي. وفي ما يتعلق بقضية النووي الإيراني يعتبر باردو أنّ على «إسرائيل» فعل أيّ شيء من أجل منع إيران من امتلاك القدرة على التسلح بسلاح نووي، لكن التهديد المركزي لـ«إسرائيل» هو الصراع مع الفلسطينيين.

لم يكن الأسبوع الفائت أسبوعاً عادياً في الاراضي المحتلة، لا في القدس وجوارها ولا في غزة، فقد فجرت مواجهات بين أهالي حي شعفاط بالقدس وقوات الاحتلال، بعد خطف وقتل الطفل محمد أبو خضير و«حرقه حياً» وفق ما أثبتت نتائج تشريح الجثة، حيث كان الشهيد متوجهاً لصلاة الفجر، ما شكل صدمة بين الأهالي. وتقول المعلومات إنّ قتل الشاب محمد أبو خضير جاء انتقاماً لمقتل ثلاثة مستوطنين شبان بالقرب من مدينة الخليل بالضفة الغربية الشهر الماضي ما أدى إلى بلوغ التوتر ذروته.

صحيفة «اسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو قالت إن «هناك حرصاً كبيراً في وزارة الأمن الداخلي «الإسرائيلية» والشرطة على عدم استخدام مصطلح «انتفاضة ثالثة»، لكن يبدو أنّ إسرائيل لم تكن منذ سنين طويلة قريبة من استعار نار كبيرة كما يحصل بين المواطنين العرب داخل حدود 1967 واننا قريبون من انتفاضة ثالثة.

كل هذه الأجواء تدفع للحديث عن ضرورة توقع الأسوأ بالنسبة لـ«الاسرائيليين» واعتبار انّ امكانية الدخول في زمن استنزاف حقيقي داخل الأراضي المحتلة قد بدأ فعلاً بغضّ النظر إنْ كان التحرك قد سُمّي «انتفاضة فلسطينية ثالثة» او هربت اسرائيل من التسمية، خصوصاً أنّ هذه الاحداث والاضطرابات في شرق القدس امتدت منها لتصل إلى الناصرة.

وعليه لا شك في ان هذا التوتر يؤثر في المنطقة وحراكها السياسي الأمني، وهذا شأن كلّ ما يتعلق بأزمات تطاول «اسرائيل»، وبالنسبة للجوار او الدول المحيطة بالاراضي المحتلة أخصّها لبنان، فإنّ المخاطر تتصاعد والمخاوف على الحدود اللبنانية الفلسطينية من ايّ تدهور أمني تزداد وبهذا الشأن يحذّر مصدر أمني مضطلع من استغلال أحداث فلسطين كحجة لتوتير الحدود مع جنوب لبنان عبر إطلاق صواريخ مجهولة المصدر كما سبق وحصل في مرات عدة حيث عمدت الجهات المطلقة نشر بيانات تبني جهات ومجموعات غير معروفة بمعظمها من اجل التوتير او الضغط السياسي، ومما يزيد المخاوف اليوم يضيف المصدر عينه ان مجموعات مثل «داعش» يهمّها جذب الشارع الاسلامي، وتجد في استخدام الملف الفلسطيني جاذبية، تماماً مثلما ادعت مسؤوليتها عن اختطاف المستوطنين «الاسرائيليين» الثلاثة، على رغم انّ موقفها من فلسطين غريب وغير مفهوم، فهي تحض الفلسطينيين على الهجرة الى دولة الخلافة.

ووسط اللغط حول حضور تنظيم داعش وما يعادله في لبنان والكلام المتفاوت حول حقيقة قدراتهم وامتداداتهم يخرج ما يسمّى «لواء أحرار السنة – بعلبك» للتصويب على جهود الأجهزة الأمنية اللبنانية والتقليل منها ببيان مفاده «أنّ الأجهزة الأمنية لن تستطيع منعه من تنفيذ عملياته أينما يريد ومتى يشاء متوجهاً إلى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالقول: «أنت وأجهزتك الأمنية الصليبية – حسب البيان – التي تتباهى بها تتمتعون بدرجة عالية من البساطة والسخافة، ستعجزون عن منعنا من تنفيذ عملياتنا الجهادية المباركة أينما نريد ومتى نشاء»، وعليه طالما أنّ الاسم الوهمي نفسه لتنظيم «لواء أحرار السنّة» كما قال وزير الداخلية هو الاسم ذاته الذي استخدمه تنظيم «داعش» لإعلان مسؤوليته عن عملية ضهر البيدر الانتحارية، وانطلاقاً من انه على الأجهزة الامنية التعاطي جدياً مع اي بلاغ او تهديد، تحسّباً لأيّ تدهور سيّئ، فإنّ كلّ ما سلف يضع في الحسبان ان سيناريو استغلال الاراضي الحدودية جنوباً لتوسيع دائرة عمليات «داعش» وأخواته في الرقعة العربية جذباً واستغلالاً من خلال فلسطين فإنه من المستبعد اذا استمرت المواجهات في فلسطين على ما هي عليه او حتى تصاعدت وتيرتها ودخلت المنطقة في فجر انتفاضة جديدة تؤكد المعطيات أنها اليوم اقرب من أي وقت مضى، يصير السؤال: هل يستطيع تنظيم مثل «داعش» أن يتطلع إلى لعب دور محوري في مساحة المنطقة ويعمل بعقلية براغماتية واقعية وليس بمنطق إدارة الظهر للمتغيّرات بحسابات عقائدية جامدة كما كانت تفعل الجدة «القاعدة»، لذلك يصير منطقياً ان يستخدم «داعش» هذا المتغيّر لتموضع يسمح بالحضور والاستقطاب وتوسيع دائرة المنضوين تحت لوائه إضافة الى الجاذبية الشعبية التي يوفرها.

الأجهزة الأمنية تتنظر أن تندلع شرارة مفاجئة على الحدود، وترتب توتراً أمنياً مباغتاً على الحدود اللبنانية الفلسطينية ما يستدعي تنسيقاً أمنياً اكبر بين الاجهزة الامنية كافة وبين حزب الله، وتحديداً جهاز أمن المقاومة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى