مقتل علوش واستشهاد القنطار لا يستويان فشتان بين قاتل ومقاوم…

سعدالله الخليل

قتل زهران علوش ولقي مصير من سبقه من إرهابيين أمعنوا في ارتكاب المجازر على امتداد الجغرافيا السورية خلال السنوات الخمس الماضية من عمر الأزمة السورية، ومما لا شك فيه أنّ مقتل زهران بعث برسائل للداخل والخارج السوري، وأثار موجة ارتياح في الشارع السوري لما ارتكبه تنظيم ما يسمّى «جيش الإسلام» من مجازر بشرية بحق المدنيين العزل، سواء في المناطق التي دخلها أو في الغوطة الشرقية حيث مراكز سيطرته دفعت المدنيين لرفع الصوت والتظاهر ضدّ سياسات التجويع وسرقة المساعدات الغذائية التي تدخلها المنظمات الإنسانية سواء لمدينة دوما أو إلى القرى والبلدات الخاضعة لسيطرته وفي دمشق، وبعد سنوات من القتل العشوائي بقذائف الهاون الذي استهدف الدمشقيين والتي تورّط فيها علوش ما جعل لخبر مقتله وقع خاص ورفع من مستويات الأمل والأمان في الشارع الدمشقي.

لا يخرج مقتل علوش باستهداف مقرّ اجتماعات قيادات لتنظيمات مسلحة عن سياق العمليات العسكرية في ريف دمشق والتقدّم الملموس في الغوطة الشرقية وسواء أكانت الغارات التي استهدفت الاجتماع سورية أم روسية فإنّ لدى الحلفين ما يكفيهم من الأسباب والمبرّرات لضربه ويكفي استهدافه السفارة الروسية مرات عدة ليمنح الطيران الروسي مبرّر قتل علوش ورفاقه.

أمام موجة التفاؤل والفرح التي ربما دفع الحماس الزائد والتزامن ما بين مقتل علوش وبين استهداف العدو الإسرائيلي لعميد الأسرى المحرّرين سمير القنطار في مدينة جرمانا لاعتبار مقتل علوش ثأر لدم القنطار، وربما يتشابه الاستهدافان في الشكل العام إلا أنّ الرسائل والمضمون والأهداف والغايات لا يمكن أن تدعا مجال للمقارنة بين العمليتين، فعلوش قاتل خلال مسيرته كقائد جماعة مسلحة متشدّدة ارتكبت المجازر بحق المدنيين واستهدافهم بالقذائف رغم دمويتها أخف من جرائمه بحق الإنسانية التي فاقت الجرائم النازية في القتل فمن أعدم المدنيين أحياء في فرن مدينة عدرا العمالية، ومن وضع النساء المختطفات في أقفاص حديدية ليمنع عن عصابته الغارات الجوية لا يمكن بأيّ مجال مقارنته بمناضل قارع الاحتلال الإسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو ابن السادسة عشر من عمره، وتحمّل تبعات ثلاثين عاماً من الأسر في سجونه دون أن يتراجع عن مواقفه، في حين قضى علوش سنوات حياته في السجون السورية بتهم النصب والاحتيال والاختلاس المالي باسم الدين تارة وبصفقات مشبوهة تارة أخرى، كما أنّ طيران العدو الإسرائيلي لم يستهدف القنطار نصرة لمشروع سوري، فلم يقف المناضل بوجه خيارات الشعب السوري بل ركز عمله النضالي في تحريك جبهة المقاومة الشعبية في الجولان بوجه المحتلّ «الإسرائيلي»، ولذلك كان القرار باغتياله في محاولة لإجهاض مشروع المقاومة، أما علوش فإنّ قرار تصفيته كأيّ قرار تتخذه القيادة السورية في حربها ضدّ الإرهاب وإنْ حمل قتل علوش رسائل مباشرة لمملكة آل سعود بأنّ مظلة الرياض عاجزة عن حماية إرهابيّيها على الأرض السورية ومشاركة فصيل علوش في مؤتمرها للمعارضة السورية لا يغيّر في التوصيف الإرهابي لعلوش ولا يمنحه صك براءة عن جرائمه بحق السوريين، في حين زيّنت أوسمة الشرف والنضال صدر القنطار مناضلاً وأسيراً ومحرّراً وشهيداً وفتحت أبواب الحساب مع العدو على مصراعيه لا يمكن أن يقفل بمقتل إرهابي.

لا يستوي مقتل علوش باستشهاد القنطار، فشتان ما بين قاتل ومقاوم… والثأر لدم القنطار لا يرضي أهل المقاومة إلا حين يطاول رؤوساً وازنة في المشروع الصهيو ـ وهابي لا الأذناب كعلوش وأتباعه.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى