من غورو وكليمنصو إلى سعيد عقل شوارع بأسماء المستعمرين والمتعاملين!

أ.ط.

عجيب أمرك أيها «اللبنان»، تتناسى من ضحوا بدمائهم في سبيل حياتك وعليائك، وتتجاهل من رفعوا اسمك عالياً في المحافل الدولية، بينما نجدك تمجّد مستعمريك، وتحتفي بمن تعامل معهم أو رحّب بهم.

عجيب أمرك أيها «اللبنان»، كيف تستحضر بعضاً من إبداع واحد من أبنائك، لتكرّمه على أساس هذا الإبداع، بينما تتناسى أنهّ، في وقت من الأوقات، أو ربما في أوقات كثيرة، كان يطعنك في ظهرك، ويرحّب بأعدائك، ويتلمس العمالة علّه يحظى بقليل من «المجد».

فاجأ أحدهم أبا نوّاس وهو يقرأ القرآن ويشرب الخمر فنهره، فقال أبو نواس حينذاك:

أحسُ من ذا ثلاثاً

واقرأ من ذا أحرفا

فخير ذا بشرّ ذا

يكون الله قد عفا

فحتى لو عفا الله عن خطيئة أبي نواس تلك، فإن أطفال بيروت وقانا والمنصوري وصور وصيدا وجنوب لبنان لا بل لبنان كلّه، لن يعفوا عن سعيد عقل الذي رحّب بالجيش «الإسرائيلياني» كما يسميه هو ، فقط لأنه كتب بعضاً من الشعر الجميل.

إن خطيئة سعيد عقل تلازمه منذ اقترفها حتى اليوم، وتلغي عشرات السنوات من حياته الإبداعية، فعذراً لبنان، سعيد عقل لا يستحق التكريم، ولا يستحق أن يسمّى أيّ شارع باسمه، لا هو، ولا كليمنصو، ولا فرساي، ولا غورو، ولا أيّ مستعمر أتى يحتلّ بلادنا، ويقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا ورجالنا، ويسرق بسماتهم ومستقبلهم.

منذ أيام قليلة، دعا مجلس بلدية بيروت، ورئيس جامعة سيدة اللويزة، إلى احتفال بمناسبة ذكرى ميلاد الشاعر سعيد عقل السادس بعد المئة، فأُطلق اسم الشاعر سعيد عقل على احد شوارع مدينة بيروت، حيث رفعت الستارة عن اللوحة التذكارية التي كتب عليها «شارع سعيد عقل، قرن من العطاء والإبداع والوطنية الصادقة»!.

عفواً، أيّ وطنية صادقة تلك التي يتكلمون عنها؟ هل الوطنية الصادقة لدى سعيد عقل تلك التي دغدغته لأن يصف فلسطين برأس الإرهاب الدولي، ولأن يطلق على الجيش «الإسرائيلي» تسمية «جيش الخلاص»؟!

أقيم الاحتفال في حديقة السيوفي في الأشرفية، وحضره وزير الثقافة ريمون عريجي ممثلاً رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، والنائب جان أوغاسابيان، والوزراء السابقون: مروان شربل وغابي ليون وجوزف الهاشم، والأب جورج فارس ممثلاً البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي والمطران بولس مطر، ورئيس بلدية بيروت بلال حمد، ورئيس بلدية زحلة جوزف دياب المعلوف، والمطران كيرلس بسترس، والأرشمندريت آلِكسي مفرج واسطفانوس عبد النور ممثلان المطران الياس عودة، ورئيس جامعة سيدة اللويزة الأب وليد موسى، ونائب الرئيس سهيل مطر، والفنان الياس الرحباني، والشاعران هنري زغيب وحبيب يونس، ونقيب الأطباء السابق شرف أبو شرف، وفاعليات.

لا جدوى لنقل كلمات المحتفين إلى القرّاء، فكلّها تبجيل في تبجيل، ولكن الأسئلة التي تحضر في بال أيّ متابع: هل شاهد مكرّمو سعيد عقل الفيديو الذي يتضمّن لقاءه مع التلفزيون «الإسرائيلي» في مطلع ثمانينات القرن الماضي؟ إن شاهدوه، هل يوافقون على فحواه؟ وهل يغضون الطرف عن مواقفه من العدوّ «الإسرائيلي»؟ وإذا صدف أن «اضطرّ» بعض المواطنين القاطنين في «الشريط الحدودي» إلى التعامل مع العدوّ، فلماذا يتبرّع شاعرٌ لا يعيش تحت الاحتلال إلى مديحه بوقاحةٍ عزّ نظيرُها؟ وهل اعتذر سعيد عقل عن كلامه قبل أن تكرّمه الدولة، وإن عبر بلدية عاصمتها؟

في ما يلي النص الحرفي لحديث سعيد عقل إلى التلفزيون «الإسرائيلي»، ويمكن لأيّ أحد أن يكتب جملة سعيد عقل يرحب بالجيش الإسرائيلي في محرّك البحث الخاص بموقع «يوتيوب» ليشاهد بأم العين ويسمع «بأمّ الأذن» ما يقوله سعيد عقل، ننقله هنا ونتركه برسم المواطنين وعائلات الشهداء والمهجّرين والمعوّقين بسبب جرائم العدو «الإسرائيلي».

«ما في خطوة تانية. خطوة واحدة، وهيي إنّو يكمِّل ها البطل مناحيم بيغين تنضيف لبنان من آخر فلسطيني. هيدا المطلب يللي بدّو يّاه لبنان. إذا ها الأمر هيدا ما تمّ، أنا بكون تعيس، والشعب اللبناني بيكون تعيس معي. أوّل ما فات الجيش الإسرائيلياني على لبنان، كان لازم كلّ لبناني يقوم يقاتل معو. أنا لو عندي تنظيم حربي، هلّق بقوم بقاتل مع الجيش الإسرائيلي وما بخلّي الجيش الإسرائيلي يقاتل وحده. أنا بجريدتي اليوم لبنان ، وأنا عمْ إشكر الجيش الإسرائيلي، بعنوان «إسرائيل عنّا»، بقول أنا مبسوط لسببين: لأنّو ها الجيش عم يخلّصنا، ولأنّو عمْ يخلّص العالم وعمْ يِسْحق راس الحيّة اللي إسمو الإرهاب، وهلّق بحكيك عنّو هيدا. بس بقول إنّي زعلان لأنّو مِش نحنا يللي عم نخلّص لبنان، مع الإسرائيلياني، من ها الوسخة اللي اسمها العنصريّة الدمويّة الفلسطينيّة، اللي هيّ راس الإرهاب بالعالم… أنا بعتقد إنّو فيه كمْ سياسي منزوعين بلبنان، وأكترُهم بالحكْم، هنّي اللي ما خلّوا الشعب اللبناني يشترك بالحرب إلى جانب إسرائيل. الشعب اللبناني بها الحرب عمل حربْ حلوة ضدّ الفلسطينيّي. إنّما كِيس عرفات مرّاتْ، هيْدا عاملْ نصب، وعامل ابتزاز هايل على دول البترول، ومعو شي 70 مليار. هيدا اشترى بهاليومين زعامات بأوروبا وبأميركا حتى تمشي ضدّكم أيها الإسرائيليون ، حتى تقول ها الجيش اللي جايي يخلّص لبنان هيدا جيش غزو. اللي بيقول جيش غزو، بدّو قصّ راس! أنا بإسم كلّ لبنان بقول: هيدا الوحيد جيش الخلاص!».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى