تحرير الرمادي ماذا بعد؟

حميدي العبدالله

أعلنت القوات التي كُلفت بتحرير الرمادي عاصمة محافظة الأنبار عن تمكنها من تحرير هذه المدينة التي شكلت معقلاً من معاقل سيطرة «داعش» وهي أوسع محافظة عراقية من الناحية الجغرافية، حيث تبلغ مساحتها 150 ألف كيلو متر مربع.

يمكن القول إنّ المعركة لم تكن شرسة، فمدينة صغيرة مثل بيجي ومصفاتها تطلبت وقتاً أكبر من وقت تحرير الرمادي، ولهذا فإنّ سرعة تحرير مدينة الرمادي في الوقت الذي عجزت فيه القوات العراقية عن تحرير مدينة أصغر من الرمادي هي مدينة الفلوجة، تشير إلى واحد من احتمالين: الأول، أن تكون هناك أوامر قد صدرت لتنظيم «داعش» بالانسحاب من المدينة، وهذا الأمر صدر من قبل الدول التي دعمت تحرك «داعش»، بعد أن حققت هذه الدول بعض أهدافها، وفي مقدمة هذه الأهداف عودة قدر من النفوذ الأميركي إلى العراق، ورفض مشاركة الحشد الشعبي في الهجوم على مدينة الرمادي، بل إنّ البعض يذهب بعيداً ويقول إنّ تحرير الرمادي يمثل الخطوة الأولى على طريق إعلان الإقليم السني. الاحتمال الثاني، أن يكون «داعش» قد قرّر الانسحاب من المدينة لتجنب وقوع خسائر كبيرة، وانكفأ إلى المناطق المجاورة، ولكنه سيشنُّ لاحقاً هجمات لاستنزاف القوات العراقية التي دخلت إلى المدينة، ومن ثم يعمل على استعادتها من جديد، وثمة إشارات كثيرة توضح أنّ «داعش» يعتمد هذا الأسلوب العسكري في العراق وفي سورية. مثلاً في العراق انسحب من بيجي أكثر من مرة، ومن ثم هاجمها من جديد، وحتى في مدينة الرمادي انسحب أكثر من مرة ثم عاد إلى الهجوم. وأيضاً في سورية فقد انسحب «داعش» من بلدة مهين عندما كان هجوم الجيش السوري قوياً على هذا المحور، ولكنه عاد لاحقاً للهجوم من جديد على البلدة والسيطرة عليها.

في مطلق الأحوال، إنّ سيطرة القوات العراقية على مدينة الرمادي هو انتصار واضح على تنظيم «داعش» وهو تأكيد جديد على أنّ ثمة مبالغة بقوة وقدرة هذا التنظيم العسكري، وبالتالي إذا كان لـ«داعش» من قدرات فهي تأتي من مستوى الدعم الذي يحصل عليه من دول في المنطقة، وحتى من أطراف كانت تشارك في السلطة العراقية. وعندما يتم حجب هذا الدعم، وتتوقف محاولات عرقلة توجيه ضربات لهذا التنظيم، فإنه من السهولة إلحاق الهزيمة به. قوة «داعش» تكمن حصراً في عنصرين، العنصر الأول، عدد كبير من الانتحاريين، غالبيتهم من جنسيات غير عربية، أو على الأقلّ غير سورية وغير عراقية. والعنصر الثاني، الدعم الدولي الذي يقدم لهذا التنظيم الإرهابي من دول المنطقة والحكومات الغربية التي اعتمدته كوسيلة لتحقيق بعض أهدافها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى