بين صراع «الوقت والاستراتيجية».. الإرهاب يخسر بالجملة؟

فاديا مطر

لم يخلُ الحفاظ الدولي المساعد في الحرب على سورية من إعلان دعم المجموعات الإرهابية وردّ أي اهتزازات قد تنشأ من جراء تبدل خارطة المعارك العسكرية والسيطرة في مناطق تعول عليها قيادات تلك المجموعات الإقليمية والدولية، فطبيعة التغيرات التي شهدتها غوطة دمشق الشرقية بعد مقتل الإرهابي «زهران علوش».

بدأت أول خيوط نسيجها تتوضح في عباءة مَن كان يختبئ في ما يُسمى «قائد جيش الإسلام»، ووجود مؤشرات عدم انسجام في مكونات ما سمّي «هيئة التفاوض» التي تفرّعت عن «مؤتمر الرياض» ومخرجاته، والتي كانت اليد الأميركية بـ «أصابعها الستة» تكتب ظاهره وباطنه في صفحات ماضية وجديدة، وتركيب شخصيات قابلة للتبديل، فدوافع صدور بيانات تعزية من فصائل إرهابية أخرى يحمل في طياته غبطة ما في الشعور الداخلي من حيث الأولويات، لكن وزارة الخارجية الأميركية بلسان متحدثها «مارك تونار» أمس كان رأيها مُغايراً لجهة اعتبار تصفية علوش تعقيداً للعملية السياسية، رغم إعلان الخارجية الأميركية أنها قلقة من سلوك «جيش الإسلام» في ساحة المعركة.

فالسلوك الميداني للفصائل الإرهابية لم يخفِ الخلافات والشقوق العميقة بين مكوناتها ومشغليهم، لكن الإيديولوجية المشتركة مع «الأمركة» كانت غطاء التباين الداخلي، وتسمية «المعتدلة» كانت روزنامة أجندات امتدت من الخليج إلى باقي عواصم العدوان على سورية. فمقتل «علوش» له ذبذباته المنعكسة بقوة على دول كانت تعوّل على أسماء أمثاله لزجهم داخل سلة «الاعتدال» والتفاوض السياسي وجهود الأمم المتحدة في التسوية السورية، لكون الأخير أحد أهم مكونات «الهيئة العليا للمفاوضات» التي أفرزتها غدد الرياض السامة، وهو ما جعل مقتله رسالة واضحة لأطراف الدعم الإرهابي بأن التكتيك الميداني للجيش السوري وحلفائه ينفصل عن المسار السياسي والتسويات الجارية في عمليات إخلاء الإرهابيين من محيط دمشق الجنوبي، وهو ما جعل زيارة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى السعودية ذات انعكاسات مستقبلية لما يعانيه الطرفان من خيبة في الملف العراقي والسوري ويدل على «صراع الأجنحة» الإرهابية في عواصم دعم الإرهاب التي تبحث عن واقيات من ضربات السياسة والعسكرة للدولة السورية وحلفائها.

فالاستهداف ذو معنى كبير من حيث المعاني والآثار ودقة الإصابة في مقتل، بتوقيت غاية في القدرة لضرب الإرهاب في رأسه وفي معقله، رغم الدعم «السعو ـ تركي» لهذا الرأس، فهي عملية ذات قيمة كبيرة استراتيجياً وتكتيكياً ولها تداعيات كبيرة على واقع باقي مجموعات الإرهاب الأخرى التي ستضيع بين التشرذم والانهيار أمام الميدان السوري في مختلف جغرافيته العسكرية والسياسية، وهي تتزامن مع خرق آخر في محيط الغوطة الغربية وعمقها تضيف التقدم على المحاور كافة، وتجعل التطورات السياسية والميدانية تسير لمصلحة الدولة السورية وحلفائها. فاحتمالات المرحلة اللاحقة ميدانياً ستتقدم ما جعل بيان المبعوث الأممي «ديمستورا» في 27 الجاري يعوّل «على التعاون الكامل مع كل الأطراف السورية المعنية، وعدم السماح للتطورات المستمرة على الأرض بإخراج العملية السياسية عن مسارها»، في إشارة واضحة إلى تقدم معادلات السيطرة للجيش السوري وحلفائه، ومفرزات ما يتقدم من استراتيجية عسكرية بعد «مرج السلطان ومطارها الاستراتيجي» وتوسُّع الحزام الحيوي للعاصمة دمشق بشكل ينعكس بضوئه على الساحة السياسية والدبلوماسية ويعيد الصمت إلى الصخب الدولي من فرض الإرهاب كلاعب أساسي في دائرة من يعتبرونهم «معتدلين»، فهل تبديل الأسماء سيبدّل المواقف؟ أم أن الإرهاب العابر للقارات توريده سيستمر؟ فانتظروا إنّا معكم لَمنتظرون..!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى