الثأر للقنطار… مسؤولية فلسطينية أيضاً
د.نسيب حطيط
تُطرح أسئلة عديدة وملحّة على حزب الله، وجوهر الأسئلة مهما تنوّعت صياغتها ولغتها… متى سيردّ حزب الله على اغتيال الشهيد سمير القنطار؟
والسؤال بحدّ ذاته يؤكد ثقة الجميع أعداء وأصدقاء أنّ الردّ آتٍ مع جهل المكان والزمان والطريقة. وهذه ثقة كبيرة بالمقاومة وصدقية تهديدها، ولكنه يحمّلها ضغط الانتظار الذي يعيشه جمهورها بانتظار الردّ الثأر في لحظة مفصلية على مستوى المنطقة، وهي التي بدأت تعيش إرهاصات الحلّ السياسي، مما سيجعلها في ذروة العنف والاشتباك والضربات السريعة والقاصمة من كلا المحورين المتصارعين المحور المقاوم والمحور الأميركي والتي كان آخرها قتل قائد ما يُسمّى «جيش الإسلام» زهران علوش الذي يمثل اليد السعودية في سورية وأملها الأساس في الشراكة التي تتمناها في المشهد السوري المقبل. ولا بدّ أن نقرأ أنّ الاغتيال للشهيد القنطار، الذي ينحصر دوره في إعداد المقاومة ضدّ العدو الإسرائيلي، ولم يتدخّل في الأحداث السورية وفق منظومة الأولويات واختيار المهام، حيث اغتالته «إسرائيل» في جرمانا بعيداً عن جبهة الجولان للتملّص من المسؤولية لتجنّب الردّ من جهة وتحميل المسؤولية لبعض أطراف المعارضة السورية المسلحة ليضيع دم الشهيد القنطار، وقبل ذكرى استشهاده، تمّ قتل زهران علوش وقيادات أخرى في الغوطة الشرقية أيضاً، وأعلن الجيش العربي السوري مسؤوليته عن القصف، مما أظهر أنّ الخسائر لا تصيب جهة أو محوراً واحداً، بل إنّ الخسائر تتوزّع على المحورين المقاومة وأميركا وهذا جزء من الردّ على اغتيال الشهيد القنطار من الجهة السورية، ويبقى الردّ على الجبهة «الإسرائيلية».
وهنا يُطرح السؤال… هل الردّ على اغتيال الشهيد القنطار مسؤولية المقاومة في لبنان أم مسؤولية مشتركة مع حركات المقاومة الفلسطينية أولاً ثم المقاومة الشعبية السورية الناشئة؟
إنّ سمير القنطار يشكل نقطة تقاطع استثنائية بين المقاومات الثلاث، حيث انطلق قبل أكثر من ثلاثين عاماً نحو فلسطين في إطار تنظيم فلسطيني، وحرّرته المقاومة الإسلامية وحضنت أحلامه بالعودة إلى فلسطين وكان الممرّ إليها من سورية المقاومة عبر بوابة الجولان قائداً ومؤسّساً لها، وهو الذي ينتظر كيف ستثأر «إسرائيل» منه ويحاول الثأر من العدو قبل أن يتمكّن عدوّه منه.
يجب على الإخوة الفلسطينيّين العرب أن يتعاملوا مع القنطار كضيف شدّ الرحال إليهم، وقبل الوصول اغتاله قطّاع الطرق الصهاينة. والشهامة العربية تقتضي الدفاع عن الضيف الحامل إلى مضيفه سلال الكرامة وعناقيد الشرف ملفوفة بالحب والعشق. وأخاطبهم كعرب، وليس كمسلمين، حتى لا يضيع دم «سمير» في أودية العصبية أو ضبابية وغشاوة أفكار البعض الذين يتحالفون مع تركيا الحليف الاستراتيجي لإسرائيل ويعادون سورية في عقوق سياسي وأخلاقي ليس له مثيل، بل يُصيبهم الحرج عند تقديم التعازي بالشهيد القنطار!
هل تثأر المقاومة الفلسطينية للمهاجر اللبناني المقاوم «سمير القنطار»؟
هل تكتفي المقاومة الفلسطينية بتقديم التعازي ثم يضطر البعض لتوضيح أنه اضطر للتعازي، بعدما علم أنّ «إسرائيل» قتلت القنطار وليس المعارضة السورية المتحالفة مع «إسرائيل»، وما هو الفرق في القتل… طالما أنّ المعارضة السورية و«إسرائيل» حليفان!
أعتقد أنّ شباب فلسطين الذين يقاتلون باللحم الحي، وتجاوز عدد الشهداء الـ130، سيثأرون للشهيد القنطار مع أنهم ولدوا بعد عمليته الأولى في نهاريا، لكنهم عرفوه الآن عند استشهاده… ونحن بانتظار طعنات السكاكين وعمليات الدهس للصهاينة هدية للشهيد القنطار، لعلّ البعض يتحرّك ويستبدل الحجارة بالرصاص ويثأر لسمير من الجنود الصهاينة.
كانت أحلام سمير القنطار جميلة وعديدة تحقق بعضها، والباقي ينتظر ونحن نحلم بالردّ المشترك لسمير بأيدٍ لبنانية وسورية وفلسطينية ليعود سمير ويحيي عصر المقاومين العرب بمواجهة التكفيريين والصهاينة، حفظاً لما تبقى من الأمة وفلسطين… هل سيبقى ذلك حلماً أم يحققه شرفاء فلسطين الذين لم يدنّسهم المال أو المذهبية والغرور وقلة الوفاء!
سياسي لبناني