شركات غربية تخطّط لاستغلال الحدود السورية الغنية بالنفط والغاز
ترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق
كتب نافذ أحمد في موقع: «Mint Presse News»:
الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و«إسرائيل»، وغيرها من الأطراف الضالعة في مجال الطاقة، قد تكون هي المستفيد الأول من العمليات العسكرية الكبرى الدائرة في سورية لتقليص قوة تنظيم «داعش»، وربما نظام بشار الأسد كذلك.
كانت إحدى الشركات العالمية المتخصصة في خدمات النفط، مدعومة من الحكومة الفرنسية ومقربة من الإدارة البريطانية التي يهيمن عليها المحافظون، قد أجرت دراسة نشرت في خضم أحداث «الربيع العربي»، وخلُصت إلى الإشادة بالموارد الضخمة من احتياطيات الهيدروكربون في المياه السورية.
نُشرت الدراسة التي أُجريت عام 2011 في مجلة «جيو أرابيا ـ GeoArabia»، وهي دورية متخصصة في الصناعات البترولية تصدرها الشركة الاستشارية «غولف بترو لينك GulfPetroLink»، والتي تحظى برعاية عدد من شركات النفط الكبرى في العالم، مثل: «تشيفرون»، و«إكسون موبايل»، و«أرامكو» السعودية، و«شل»، و«توتال» ، و«بي بي ـ BP».
الجدير ذكره أن المحتوى المنشور في «جيو أرابيا» لا يخضع لأي نظام توزيع مفتوح، وبالتالي يقتصر توزيعه على شركات الطاقة متعددة الجنسيات، والشركات الراعية، والمنظمات ذات الصلة، فضلاً عن بعض الجامعات.
وحدّدت الدراسة التي أجراها عالم الجيولوجيا البارز ستيفن باومان لمصلحة شركة «جي سي سي فيريتاس» ثلاثة أحواض رسوبية تقع في المياه السورية، وأطلقت عليها أسماء «الشام» و«قبرص» و«اللاذقية»، كما أشارت إلى أنّ الصوَر التي التقطتها الأقمار الصناعية تقدّم دليلاً كبيراً على وجود نظام بترولي نشيط في المياه السورية، إلى جانب كميات ضخمة من النفط، والغاز في منطقة الساحل، كما لوحظ وجود مؤشرات هيدروكربونية مباشرة DHI في مناطق الرشح الزلزالي والنفطي.
علاقة فرنسا السرّية مع الأسد
في وقت كانت الاضطرابات تجتاح فيه الأراضي السورية، وقعّت شركة «جي سي سي فيريتاس» عقداً مع وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة نظام بشار الأسد.
وتعدّ الشركة الفرنسية واحدة من كبرى شركات المسح الزلزالي على مستوى العالم. وكانت الشركة، التي تحظى بدعم الحكومة الفرنسية المالكة لنسبة 18 في المئة من حقوق التصويت في الشركة، قد حصلت على بيانات مسح زلزالية عام 2005 تفيد بوجود موارد في المياه السورية، ومنذ ذلك الحين صارت الشركة هي المزوّد الرئيس للبيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية نيابةً عن النظام السوري.
ثم وقّعت الشركة الفرنسية بعد ذلك، عام 2011، عقداً حصرياً مع الحكومة السورية تتولى بموجبه تقديم خدمات الدعم الفني في المؤتمر الدولي لعطاءات التنقيب في المياه السورية، والذي عُقد هذه السنة أمام الشركات الراغبة في التنقيب عن النفط والغاز وتطويرهما وإنتاجهما من ثلاثة مربعات بحرية في البحر المتوسط قبالة الساحل السوري.
كان باومان قد كتب موضحاً أن أنشطة التنقيب في منطقة شرق المتوسط قد ازدادت خلال السنوات المنصرمة في أعقاب سلسلة من اكتشافات الغاز الكبرى التي تقدر بتريليونات الأقدام المكعبة TFC في مياه البحر جنوب حوض «ليفانتين». وكان من المقرر أن يُعلن عن مواعيد مؤتمرات منح تراخيص التنقيب خلال عام 2011 بخصوص المناطق الواقعة في المياه السورية واللبنانية والقبرصية، والتي يُعتقد أنها تتمتع بخصائص جيولوجية قوية مماثلة لتلك الاكتشافات».
كان باومان، الذي سبق له أن شارك في عمليات تقييم بيانات موارد الطاقة في ليبيا التي أجرتها شركة «سي جي جي فيريتاس»، قد وصف المياه السورية بأنها منطقة حدود تنقيب ثمينة، مشيراً بذلك إلى اكتشاف عدد من مناطق الموارد المحتملة والتي، إن صحّت البيانات الواردة في شأنها، ستمثّل مناطق حفر تستهدف استخراج بلايين البراميل/تريليونات الأقدام المكعبة من النفط والغاز بالنظر إلى نطاق الهياكل التي تحيط بهذه المناطق وحجمها.
شركات الطاقة الغربية العملاقة
حصلت شركة «سي جي جي فيريتاس» على رخصة من الحكومة البريطانية كذلك للتنقيب في بحر الشمال، تلك المنطقة التي تولّى باومان خلال السنوات الماضية مهمة تقييم إمكانية العثور على موارد بها وكذلك تنسيق أنشطة مؤتمرات منح التراخيص.
نشرت وزارة الداخلية الأميركية، عام 2012، استقصاءً جيولوجياً بعنوان «النشرة السنوية للموارد المعدنية Minerals Yearbook» ذكرت فيه أن الشركة السورية للنفط المملوكة لحكومة بشار الأسد: «… تعاونت مع عدد من شركات النفط الدولية، كشركة ناشونال بتروليوم الصينية Chinese National Petroleum Co ، وشركة غولف ساند بتروليوم Gulfsands Petroleum البريطانية، وشركة أويل آند ناتشورال جاز ريسورسيز Oil and Natural Gas Resources Corp الهندية، وشركة رويال داتش شل Royal Dutch Shell plc البريطانية، وشركة توتال إس آي Total SA الفرنسية عبر شركات فرعية».
قبل سنتين من هذا التاريخ، استضافت العاصمة السورية دمشق النسخة السابعة من المعرض السوري الدولي للنفط والغاز، والذي عقدته وزارة النفط في حكومة بشار الأسد. وتعهّدت هذا المعرض بالرعاية كلّ من شركة «ناشونال بتروليوم» الصينية وشركة «شل» وشركة «توتال» الفرنسية، وحضره ما يربو عن مئة ممثل عن الشركات الدولية، 40 في المئة منها تقع مقراتها في القارة الأوروبية.
كانت شركة المتضامنة للمعارض «Allied Expo»، التي تولت مهمة تنظيم المعرض بالنيابة عن وزارة النفط السورية، قد طرحت مسوّدة عام 2010 تفصّل فيها كيف خططت شركة «شل» البريطانية للتعاون مع نظام بشار الأسد لتطوير إنتاج الغاز السوري، حيث نصّت المسودة على الآتي: «ستضع شركة شل خطة رئيسية لتطوير قطاع الغاز في سورية في أعقاب توقيع اتفاقية مع وزارة النفط»، وذلك بحسب ما ورد في العرض التقديمي، والذي طُرح في تشرين الأول من عام 2010 بهدف الترويج لخطط معرض النفط والغاز التالي في عام 2012. وتتضمن الاتفاقية تقييماً لإجمالي موارد الغاز غير المكتشفة بعد في سورية، وكذلك تقييم إمكانيات زيادة إنتاج الغاز، والحاجة لإنشاء شبكات لنقل الغاز وتوزيعه.
وعلى صعيد آخر، عقد مسؤولو شركة «شل» عدداً من الاجتماعات مع وزراء الحكومة البريطانية خلال عام 2010. حيث التقى مسؤولو الشركة ديفيد كاميرون في تموز لمناقشة المشكلات التجارية، كما التقوا وزير الخارجية ديفيد هويل لمناقشة شؤون الطاقة العالمية، والتقوا كذلك تشارلز هيندري، وزير الدولة لشؤون الطاقة والتغير المناخي.
استمرت الاجتماعات مع الإدارات الحكومية المختلفة وعشرات من كبار المسؤولين الحكوميين في الانعقاد بشكل شهري حتى نهاية العام التالي، باستثناء حزيران 2010. وضمت هذه الاجتماعات لقاءات مع بيتر ريكيتس مستشار الأمن الوطني لرئيس الوزراء ووزير التجارة فينس كيبل، وعدد من وزراء لجنة الطاقة والتغير المناخي بهدف مناقشة مشكلات الطاقة المتعلقة بدولة قطر، إضافة إلى عقد عدد من الجلسات مع ديفيد كاميرون ووزير الخزانة جورج أوزبورن.
بعد اندلاع الأزمة السورية، بدأت الحكومات الغربية في قطع علاقاتها بالأسد، بعدما صار جلياً لها أن نظام حكمه لم يعد مستقراً. ومع اندلاع الحرب، توقفت خطط «شل» وشركات النفط العملاقة الأخرى الرامية إلى التنقيب عن الموارد في المياه السورية من دون سابق إنذار.
تدخل عسكري لحماية النفط والغاز
تسببت الأزمة السورية المفاجئة في توقف الجهود المبذولة من فترة طويلة للتنقيب عن موارد الطاقة الغنية واستخراجها من شرق المتوسط.
كان التقرير الذي نشره معهد الدراسات الاستراتيجية «SSI» التابع للجيش الأميركي في كانون الأول من عام 2014 قد تضمن دليلاً قاطعاً على أن استراتيجيات الدفاع الأميركية والبريطانية والخليجية ترى في البحر المتوسط فرصة سانحة لوقف اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وكذلك تعزيز الاستقلال «الإسرائيلي» في مجال الطاقة.
وأفاد التقرير بأن التدخل العسكري، في سياق هذه العملية، يُعتبر إجراءً وارداً من أجل تأمين موارد الغاز غير المُستغلّة في المياه السورية، والتي تتداخل مع المياه الإقليمية لعدد من الدول الأخرى المُطلّة على البحر المتوسط، كـ«إسرائيل» ومصر ولبنان وقبرص واليونان وتركيا.
في تقرير أعدّه محمد الكتيري، مستشار وزارة الدفاع الإماراتية حالياً، والذي شغل في السابق منصب مدير قسم الأبحاث بمجموعة التقييم والبحث المتقدمة ARAG التابعة لوزارة الدفاع البريطانية، أوضح بجلاء أن مرحلة ما بعد الصراع في سورية ستفتح الآفاق أمام إمكانيات جديدة للتنقيب عن الطاقة.
وكتب الكتيري أنه بمجرد حل الأزمة السورية، فإن احتمالات الإنتاج في المياه السورية ستكون عالية، شريطة وجود موارد تجارية. حيث يرى أن بالإمكان تطوير موارد النفط والغاز بصورة أسهل نسبياً بمجرد أن يسمح الوضع السياسي بتنفيذ عمليات تنقيب جديدة في مياهها الإقليمية.
وذكر التقرير الصادر عن معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للجيش الأميركي أن الموارد الموجودة في المياه السورية تمثّل جزءاً من مصفوفة أكبر لمستودعات النفط والغاز في منطقة حوض «ليفانت»، والذي يضم مناطق المياه الإقليمية لهذه الدول المتنافسة. إذ تقدّر الموارد الموجودة في المنطقة بما يقارب 1.7 بليون برميل نفط و122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما لا يشكّل سوى ثُلث الموارد الهيدروكربونية في منطقة الحوض.
وخلُص التقرير إلى أن التدخل العسكري بقيادة الولايات المتحدة سيلعب دوراً رئيساً في إدارة النزاعات والتوترات في منطقة شرق البحر المتوسط، وبالأخص احتمال انزلاق الوضع السوري المضطرب إلى حرب فعلية.
كما أشار التقرير إلى أن الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي يلعب دوراً محورياً في المشهد الجيوسياسي المُعقّد في منطقة شرق البحر المتوسط، وستزداد أهمية هذا الدور بزيادة قيمة الموارد الطبيعية المتنازع عليها:
«قد يكون الدعم العسكري والأمني المقدّم من أميركا لحلفائها الرئيسيين في حالة اندلاع صراع على الموارد الطبيعية في منطقة شرق البحر المتوسط ضرورة من أجل إدارة الصراع المحتمل في المستقبل».
المحافظون الجدد
أحد أهم الصراعات الرئيسة المحتمل اندلاعها والتي أشار إليها التقرير، الصراع السوري ـ «الإسرائيلي» الذي قد ينجم عن تراخيص التنقيب عن النفط التي منحتها الحكومة «الإسرائيلية» للشركات من أجل التنقيب عن النفط في مرتفعات الجولان.
كانت «إسرائيل» قد احتلت مرتفعات الجولان عام 1967، ثم أعقبت ذلك بإعلان ضم الهضبة لأراضيها عام 1981 من خلال طرح قانون «إسرائيلي» للإقليم.
أقر التقرير بخطر اندلاع صراع مسلح آخر بين الطرفين في حال اكتشاف موارد هيدروكربونية ضخمة.
الجدير ذكره أن الشركة التي حصلت على حقوق التنقيب في مرتفعات الجولان هي شركة «جيني للنفط والغاز Genie Oil and Gas»، واحدة من كبرى الشركات الأميركية. وكانت البيانات التي حصلت عليها شركة «أفيك للنفط والغاز Afek Oil and Gas» «الإسرائيلية»، التابعة لشركة «جيني»، من الحقول الاستكشافية قد أكدت وجود كميات نفط وغاز ضخمة بعد الحفر لعمق 1150 قدم، حيث تقدّر بأنها عشر أضعاف المتوسط العالمي. إذ كشف يوفال بارتوف، كبير الخبراء الجيولوجيين لدى شركة «أفيك»، لمجلة «إيكونومست» مؤخراً أن شركته قد اكتشفت خزاناً نفطياً يُحتمل اشتماله على مليارات البراميل من النفط».
وتضم قائمة مالكي أسهم شركة «جيني للنفط والغاز»، مالكة شركة «أفيك»، روبرت مردوخ إمبراطور الإعلام العالمي.
وكان روبرت مردوخ قد تحالف مع اللورد جيكوب روتشيلد في أواخر عام 2010 لشراء حصة تقدر بنسبة 5.5 في المئة في شركة «جيني»، وبلغت قيمة الصفقة آنذاك 11 مليون دولار. ويترأس اللورد روتشيلد شركة «آر آي تي كابيتال بارتنرز»، وهي شركة استثمارية يُقدّر رأس مالها بـ 3.4 مليار دولار وارتبطت في السابق ببنك روتشيلد الاستثماري.
تتركز الاستثمارات الرئيسة لشركة «آر آي تي كابيتال» في الأسهم العامة، وأسواق السندات، والأسهم العقارية، والذهب والنفط، وأيضاً القطاعات التي تكون الشركة على دراية كبيرة بها، مثل الطاقة، والموارد الطبيعية، والخدمات المالية، والتقنيات والإعلام والاتصالات، والقطاعات الاستهلاكية.
الجدير ذكره أن روبرت مردوخ هو مالك شركة «نيوز كوربوريشان News Corporation»، التي تعدّ ثاني أكبر تكتل إعلامي في العالم قبل انقسامها عام 2013 إلى شركة «نيوز كورب News Corp»، حيث يشغل مردوخ منصب الرئيس التنفيذي، وشركة «توينتيز سينشاري فوكس 21th Century Fox»، حيث يشغل منصب الرئيس التنفيذي المساعد، ويعاونه في إدارة المؤسسة ولداه لاشلان وجيمس.
نتيجة لما سبق، يهيمن مردوخ على الصحف وجهات النشر وشبكات التلفاز في الإعلام الناطق بالإنكليزية، نذكر منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ «بي سكاي بي»، و«تايمز»، و«صن» في المملكة المتحدة وشبكة قنوات «فوكس» التي تضمّ «فوكس نيوز»، و«داو جونز»، و«وول ستريت جورنال»، و«نيويورك بوست»، و«ناشونال جيوغرافيك» في الولايات المتحدة و«أوستريليان»، و«ديلي تلغراف»، و«هيرالد صن» في أستراليا. في سياق توضيح أسباب استثماره في هذه الشركة، صرّح مردوخ قائلاً: أنا على يقين بأن تراخيص التنقيب عن النفط الصخري والتقنيات التي تملكها شركة «جيني» لديها قدرة حقيقية على إحداث تحوّل جيوسياسي عالمي مثالي عبر نقل جزء كبير من إنتاج النفط الجديد إلى أميركا و«إسرائيل» وغيرهما من الدول الغربية ذات التوجهات الديمقراطية.
وكشف تحقيق ليفيسون عن عدد من الاجتماعات السرية التي عقدها إمبراطور الإعلام العالمي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، حيث اتضح وجود علاقة وثيقة تربط كاميرون بمردوخ وعدد من كبار المسؤولين في شركة «نيوز كورب». كما عمل كلٌ من روتشيلد ومردوخ معاً كذلك في المجلس الاستشاري الاستراتيجي لشركة جيني. وضم المجلس إلى جانبهما كلاً من لاري سامرز، الرئيس السابق للمجلس الاقتصادي الوطني في إدارة الرئيس أوباما وجيمس وولسي الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والذي شغل كذلك منصب نائب الرئيس السابق لشركة بوز آلين هاميلتون إحدى الشركات المتعاقدة مع وكالة ناسا، ومدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ذات التوجهات المحافظة، وعضو المجلس الاستشاري لمعهد جيتستون، والذي يقدم نفسه باعتباره مجموعة مناهضة لكراهية المسلمين، وراعي دولي لجمعية هنري جاكسون وأيضاً ديك تشيني، نائب الرئيس السابق في إدارة جورج دبليو بوش وبيل ريتشاردسون، وزير الطاقة السابق في إدارة كلينتون، وحاكم ولاية نيو ميكسيكو، والمُرشح من قِبل أوباما لتولي منصب وزير التجارة.
تقسيم سورية
من بين الشركات الفرعية التابعة لشركة «جيني للنفط والغاز»، هناك شركة النفط الصخري الأميركية «American Shale Oil»، وهي مشروع مشترك بين «جيني» والعملاق الفرنسي «توتال». وكما نعلم فإن «توتال» كانت إحدى الشركات الراعية للمعرض الدولي للنفط والغاز الذي عقده الأسد عام 2010 في دمشق.
تعمل شركة النفط الصخري الأميركية واختصارها «إيه إم إس أو» في مُركّب النهر الأخضر في ولاية كولورادو، وأشارت التقديرات إلى احتوائه على 3 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج.
نشرت الشركة بياناً استثنائياً على موقعها على الإنترنت تعرض فيه أسباب تركيزها على موارد النفط والغاز غير التقليدية في الولايات المتحدة و«إسرائيل»: «يشكّل الوصول إلى ذروة الإنتاج النفطي تحدّياً أمام الولايات المتحدة والعالم. ثمّ يجب اتخاذ إجراء عنيف لتجنب تكبّد خسائر سياسية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة».
هذا البيان المُبهم يوضّح أن النوايا الكامنة خلف اعتراف شركة «جيني» بذروة إنتاج النفط تتعارض مع طبيعة الصناعة. فذروة الإنتاج النفطي لا تعني أن النفط سينفد من العالم، بل تعني نهاية عهد النفط الرخيص وسهل الاستخراج نتيجة لانخفاض إنتاج النفط التقليدي، وبالتالي إحداث تحول متزايد نحو عهد جديد يكون فيه النفط صعب الاستخراج وغالي الثمن.
أكدت الوثائق السرية المنشورة، إضافة إلى تصريحات كبار المسؤولين البريطانيين والأميركيين المشاركين في غزو العراق واحتلالها عام 2003 أن المخاوف من الوصول إلى ذروة الإنتاج النفطي قد لعبت دوراً محورياً في خطط إدارتي بوش وبلير للحرب.
يوضح ذلك أن الأنشطة التي تقوم بها شركة «جيني» في سورية عبر «إسرائيل» تظل جزءاً لا يتجزأ من هدف استراتيجي أشمل يرمي إلى السيطرة على موارد النفط والغاز المتبقية في العالم بحجة المخاوف من آثار الوصول إلى ذروة الإنتاج النفطي. ويبدو أن أوباما لا يعارض كثيراً فرضية قيام شركة «جيني للنفط والغاز» بأنشطة التنقيب عن النفط في مرتفعات الجولان السورية، ما يعني أن الإقليم سيُمنح لـ«إسرائيل» في نهاية الأمر.
وفقاً للصحافي جوناثان كوك المقيم في مدينة الناصرة، فإن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء «الإسرائيلي» قد استغل فرصة اجتماعه بأوباما ـ كان الاجتماع الأول لهما منذ 13 شهراً ـ لطرح مسألة تقسيم سورية في أوائل تشرين الثاني.
وبحسب ما أورده مسؤولون «إسرائيليون» اطلعوا على المحادثة، فإن نتنياهو أوضح أن على واشنطن أن تبدي موافقتها المتأخرة على ضمّ «إسرائيل» غير القانوني لمرتفعات الجولان، والتي سبق لها أن احتلتها في حرب عام 1967 وادعى نتنياهو أن سورية لم تعد دولة مستقرة، و«هذا الأمر يسمح لنا بالتفكير بشكل مختلف». وجاء ردّ أوباما لافتاً للنظر، إذ لم يبد لنتنياهو بوضوح أن مسألة تقسيم سورية أمراً غير مطروح للنقاش. أكد مسؤول بالبيت الابيض لم يذكر اسمه أن نتنياهو قد طرح هذا الأمر، وأضاف المسؤول: أعتقد أن الرئيس رأى أنه غير مُلزم بالردّ على هذا الطرح. فلم يكن واضحاً مدى جدّية نتنياهو في هذا الشأن.
هناك إذاً رابط قوي وعام يجمع المصالح الأميركية والبريطانية والفرنسية و«الإسرائيلية»، يضم قطاعات الدفاع والأمن والطاقة والإعلام، ويدفع باتجاه تقسيم سورية.
الدافع الرئيس إذاً وراء هذه العملية، يكمن في السيطرة على موارد النفط والغاز الهائلة غير المُستغّلة المحتمل وجودها في سورية ومنطقة شرق المتوسط عموماً. ولا ننسى هنا أن الولايات المتحدة وبريطانيا تسعيان إلى تقليص النفوذ الروسي الإيراني في المنطقة.
وفقاً للتقرير الجيولوجي الصادر عام 2012 عن وزارة الداخلية الأميركية بعنوان «النشرة السنوية للموارد المعدنية» حول الشأن السوري، فإن الحرب في سورية قد وضعت حدّاً لطموحات بشار الأسد في تحويل سورية إلى محور نقل شحنات الغاز إلى أوروبا من خلال التحالف مع إيران وروسيا.
وقّعت إيران وسورية والعراق، في صيف عام 2011، مذكرة تفاهم حول مدّ خط أنابيب بطول 5000 كيلومتر، على أن يطلق عليه اسم «خط أنابيب الغاز الإسلامي». وكان من المفترض أن ينقل خط الغاز المقترح موارد الغاز من حقل بارس الجنوبي في إيران، على أن يمر في العراق، ثم سورية، ثم لبنان، لينتهي في أوروبا، بعد أن يمر بالطبع أسفل البحر المتوسط. واقترحت إيران أن يكون «خط الغاز الإسلامي» بديلاً لخطّ أنابيب «نابوكو» المدعوم من قبل الاتحاد الأوروبي، والذي كان مقرراً له أن يزوّد أوروبا بموارد الغاز عبر تركيا والنمسا.
أما البديل الآخر فكان خط الغاز المقترح المدعوم من الولايات المتحدة، والذي سينقل الغاز من الجزء المملوك لقطر في الحقل الذي تشترك معها فيه إيران، والمعروف بِاسم حقل الشمال.
بالنظر إلى سعته البالغة 872 تريليون قدم مكعب، فإن حقل الشمال يشمل ثالث أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي في العالم. ومعاً، يشكل حقل الشمال القطري وحقل بارس الجنوبي الإيراني أكبر مستودع غاز طبيعي في العالم.
ومن المفترض أن يمر خط الأنابيب القطري عبر المملكة العربية السعودية وسورية وتركيا حيث يتم نقله من هناك إلى أوروبا. والجدير ذكره أن شركة «إكسون موبيل» الأميركية وشركة «توتال» الفرنسية من بين الشركات المشاركة في تطوير حقل الشمال القطري.
كما أن شركة «سي جي جي فيريتاس»، المدعومة من الحكومة الفرنسية والتي سبق لها أن وقّعت اتفاقاً مع الحكومة السورية لتقدير الموارد الموجودة في المياه السورية، شرعت في إجراء عمليات مسح زلزالية في حقل الشمال لمصلحة قطر، وأعقبت ذلك بتعاقد لإجراء مسح في حقل دخان القطري.
وتسبب الصراع الذي اجتاح سورية بعد فترة من توقيع الأسد مع إيران اتفاقية خط الأنابيب بدعم من روسيا في إلغاء مشروع خط الأنابيب الإيراني السوري، والذي كان مقرراً له أن يكتمل في عام 2016.
وبحسب ما ورد في التقرير الجيولوجي الأميركي، كان للحرب والعقوبات أثر سلبي على نشاط قطاع الهيدروكربون السوري، في ما يتعلق بالتطوير والتنقيب والتصدير والإنتاج والنقل والتوزيع. كما أضاف التقرير: مع استمرار الحرب في البلاد، تقلصت بشّدة فرص سورية في أن تصبح محطة نقل الطاقة إلى العراق ومنطقة البحر المتوسط.