نائب مستشار الأمن القومي الأميركي يدعو للتحالف مع الأسد لبنان بين هزة أمنية واهتزاز السياسة تداهمه الهزات الجيولوجية
كتب المحرر السياسي
العراق يغيّر المنطقة وربما سيغيّر العالم وفقاً لما قاله تومي بيلنكن نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي، ومن خلال ما يجري فيه، سيكون التعاون الروسي الأميركي الجديد القائم على أولوية مكافحة الإرهاب بعدما صار خطر انتشاره وتمدّده قضية القضايا التي أملت الهدنة في أوكرانيا، كما أملت وتملي الالتزام بمتابعتها أمام عدم استيعاب اللاعبين المحليين لما هو أبعد من سعيهم المتقابل لتحقيق المكاسب، كلام بيلنكن في ورشة عمل للجنة الكونغرس لشؤون الأمن والدفاع الذي حصلت «البناء» على أبرز ما ورد ما فيه، نشر بعضه موقع «الدايلي بيست» المقرّب من البيت الأبيض والمتخصّص بشؤون الأمن وفيه:
«إنّ ارتفاع نسبة التطرف تؤدي إلى تقارب مصالح الولايات المتحدة وروسيا وحلفائهما في حكومتي سورية والعراق»،
«كلّ من يدعو إلى تغيير النظام في سورية مجرّد أعمى حيال الأحداث التي جرت خلال الأعوام العشرة الأخيرة»،
بيلنكن يعترف بوجود خلافات عميقة بين صناع القرار في الإدارة حول شكل وشروط التعاون مع روسيا وإيران والحكومتين السورية والعراقية، ويقول إنّ الرئيس أوباما أقرب إلى ما أورده وأنّ انتظار التفاهم حول الملف النووي مع إيران هو ما دفع الرئيس للاكتفاء بما قاله إعلامياً عن فانتازيا الرهان على معارضة مسلحة معتدلة، وأنّ ما يجري في «الائتلاف» و«الجيش الحر» من انقسامات ونزاعات وعجز دلائل لاحقة على هذا الاستنتاج، ويصل بيلنكن في كلامه إلى رسم سقف زمني لا يتعدّى نهاية الشهر الجاري، لبدء التحوّل في السياسات حرصاً على منح الحلفاء فرصة التأقلم مع المستجدات.
في ظلّ كلام بيلنكن بدا أنّ العراق ينتظر نتائج معركة تكريت الحاسمة التي ستقرّر مستقبل المعادلات الجديدة، بما فيها معادلات المراهنين على صفقة مع موقع إيراني سوري عراقي ضعيف إذا فشلت قوات المالكي في استرداد تكريت، التي تشكل بوابة بغداد وخط حمايتها، والتي يعني استردادها تحرّر حكومة نوري المالكي من الضغط الذي تتعرّض له من واشنطن للقبول بعملية سياسية تشاركية مع السعودية، ينطرح تغيير المالكي كشرط مسبق لقيامها في التوازن الراهن، وسيصير المالكي بعدها في منطقة الأمان مع دخول قواته إلى تكريت وتطهيرها بالكامل، وهي المهمة التي توقعت مصادر عسكرية عراقية أن تنجز مع نهاية الشهر، ومن المواعيد التي يتوقف أمامها المتابعون من خبراء عسكريين واستراتيجيين، التوقعات التي تتحدث عن فرضية أن تتمكن وحدات الجيش السوري من حسم الجزء الرئيسي من مدينة حلب في هذا الموعد أيضاً، بعدما أفصحت المعارضة المسلحة ببياناتها عن تهاوي قدرة الصمود لدى مجموعاتها في حلب، بحسم الجيش سيطرته على المدينة الصناعية في الشيخ نجار، وهو يكمل الطوق من بلدات الريف المجاورة والتي سيتحقق بنهايتها إحكام القبضة حول عدد من أحياء حلب الاستراتيجية بالنسبة إلى المعارضة، والتي بدأت وحدات داعش بإخلائها نحو الرقة قبل مدة وترك مجموعات النصرة والجبهة الإسلامية وحدهما تتحمّلان مسؤوليتها.
مع المعطيات الوافدة من ساحات قتال حلب وتكريت صارت الموصل عاصمة خلافة أبو بكر البغدادي بدلاً من تكريت، والموصل القريبة من الحدود مع كلّ من تركيا وسورية تجعل وجود داعش في الأنبار هشاً بمجرّد تمكن الجيش العراقي من استرداد محافظة صلاح الدين، ومعلوم أنّ الجيش العراقي يقاسم داعش محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين، بينما تخضع نينوى فقط كمحافظة لسيطرة داعش.
الاندفاعة الكردية نحو الانفصال أصابها الارتباك مع تقدم الجيش العراقي، وبرزت أصوات كردية عدة تدعو إلى التروي، وتطلب الإجماع السياسي قبل قرار تاريخي بهذا الحجم، قد يرتدّ وبالاً على الأكراد إذا قرّروا الخروج من العملية السياسية العراقية من دون ضمانات للفوز بالدولة المستقلة، وخصوصاً الاعتراف التركي بها، فالدولة ستملك حدوداً مع أربعة أعداء إذا وقفت تركيا وإيران وسورية مع الحكومة العراقية في رفض وجودها، وستخسر منفذها النفطي على البحر بمجرّد التعامل التركي السلبي معها.
في قلب التغييرات لا يزال لبنان يراوح مكانه، وبدا اللبنانيون المتصلون بواشنطن كأنهم لم يلتقطوا بعد الإشارات الأميركية الجديدة، لأنهم يستخدمون الهوائي السعودي، الذي لا يزال على رهانات استرداد الدور من العراق بثمن هو إطاحة المالكي، يجري توظيفه في معادلات المنطقة مقابل التغطية التي تقدمها السعودية للتخلص من داعش.
لبنان القلق بين اهتزاز السياسة والتحسّب للهزات الأمنية، جاءته الطبيعة بالهزة الجيولوجية وخطر تكرارها ليعيش قلقاً فوق قلق وخوفاً على خوف.
فقد شهد لبنان منذ منتصف ليل السبت وحتى صباح أمس الأحد 6 هزات أرضية إحداها بقوة 4.1 درجات والهزات الأخرى ارتدادية. وسارع الأمين العام لمركز البحوث العلمية في مركز بحنس معين حمزة إلى إبلاغ رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق والدفاع المدني لاتخاذ الحذر في اليومين المقبلين من باب الحيطة، لافتاً الى أنّ ما حصل هو بداية نوبة زلزالية بدأت تتضاءل منذ منتصف الليل، مؤكداً أنّ لا قدرة لأيّ مركز رصد زلزالي توقع حدوث الزلازل، إنما يمكن تحديد ودراسة نشاط هذه الزلازل.
في موازاة ذلك، يستمرّ الملف الأمني يقلق اللبنانيين بحياتهم وأرزاقهم بعدما جرى تنشيط الخلايا الإرهابية، ولولا العمليات الاستباقية التي نفّذتها القوى الأمنية وأدت إلى توجيه ضربات حاسمة للإرهابيين ورعاتهم، لكانت البلاد في مهب المجهول.
مصادر أمنية: المخاطر موجودة
وتستمر الأجهزة الأمنية باتخاذ أقصى درجات الاستنفار وتقصّي المعلومات حول وجود أكثر من سيارة مفخّخة في مناطق معينة، ومعها وجود انتحاريين وفق مصادر أمنية عليمة والتي أوضحت أنه على رغم وجود مخاطر أمنية على خلفية إعادة تحريك الخلايا المتطرّفة، إلا أن الأمور ممسوكة وليس هناك ما يثير المخاوف. مشيرة إلى أن الأجهزة المعنية تتابع بدقة الوضع في بعض المناطق التي قد تتحرك من خلالها المجموعات الإرهابية.
وبحسب معلومات أمنية، فإن حَراك المجموعات الإرهابية مستمر بهدف القيام بأعمال إرهابية جديدة، خصوصاً في جرود عرسال، حيث قام لليوم الثاني على التوالي الطيران السوري بضرب مخابئ هذه المجموعات لاستهدافها.
كذلك تستمرّ التصريحات التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي نقلاً عن المنظمات الإرهابية، وأخرها ما توجه به «لواء أحرار السنة – بعلبك» إلى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قائلاً له: «أنت وأجهزتك الأمنية الصليبية التي تتباهى بها تتمتعون بدرجة عالية من البساطة والسخافة، ستعجزون عن منعنا من تنفيذ عملياتنا الجهادية أينما نريد ومتى نشاء».
وكان الوزير المشنوق طمأن إلى أن الوضع الأمني جيد، وأن القوى الأمنية تقوم بواجباتها بشكل استثنائي. ورأى أنه «لا داعي للهلع»، معتبراً أن تهديدات ما يسمّى «لواء أحرار السنّة ـ بعلبك ـ صدرت عن جهاز استخبارات خارج لبنان».
كذلك وجه قائد محور الريفا «أبو تيمور الدندشي» الموقوف في سجن رومية جراء الحوادث الأخيرة في طرابلس، رسالة صوتية دعا فيها إلى تطبيق الخطة الأمنية في المدينة بالتوازي، وتوقيف جميع المتورّطين.
انتحاريون إلى عين الحلوة
في غضون ذلك، برزت إلى الواجهة برقية تتحدث عن انتقال مجموعة من الانتحاريين إلى عين الحلوة بواسطة هويات فلسطينية لتنفيذ عمليات إرهابية في الضاحية الجنوبية وبيروت.
وأكدت مصادر مطلعة في المخيم لـ»البناء» أنه لا يمكن الجزم بصحة ودقة هذه المعلومات، لكنها رفضت نفي إمكانية أن يكون عدد من الملاحقين لجأوا إلى المخيم، مشيرة إلى لقاء عقد في المخيم خصّص للبحث في هذا الشأن وضرورة اتخاذ الخطوات الآيلة لضبط الوضع.
القوة الأمنية الفلسطينية
تنتشر غداً في مخيم عين الحلوة
وفي السياق، تبدأ القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة بالانتشار داخل مخيم عين الحلوة الواحدة والنصف من بعد ظهر يوم غد الثلاثاء وتتألف هذه القوة من 150 عنصراً برئاسة المسؤول العسكري في حركة فتح العميد خالد الشايب ونائبه الضابط من حركة حماس.
وأكد مصدر من القوة الفلسطينية الأمنية لـ»البناء» أنّ الانتشار ليس أكثر من prestige، فصحيح أنّ عديد القوة أكبر مما كان عليه سابقاً والزخم الفلسطيني والدعم الذي أعلنه المسؤولون اللبنانيون كبير، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ معالجة جدية وجذرية ستحصل في القريب العاجل.
وأكد المصدر أنّ الانتشار هو شكلي ولتمرير الوقت، والأمن بالتراضي سيبقى سائداً، فهذه القوة لن تتمكن من إلقاء القبض على توفيق طه الملاحق من السلطات اللبنانية، فتحالف القوى الفلسطينية والإسلاميين وحركة فتح في المخيم لن يكون بمقدوره وضع حدّ للمجموعات التكفيرية، فالتحقيقات على سبيل المثال في محاولة اغتيال الكادر الفتحاوي محمود سلامة الملقب عبد سلطان لم تصل إلى نتيجة.
وعلى رغم ذلك قال المصدر القيادي الفلسطيني لـ»البناء»: إنّ كل الأمور التي كانت عالقة أمام تشكيل القوة وبدء عملية انتشارها قد جرى تذليلها. ولفت إلى أنه سيُصار إلى إقامة مهرجان يوم غد قبل بدء عملية الانتشار تشارك فيه كل الفصائل، للتأكيد على دعم القوة في حفظ أمن المخيم. وأوضح أنه سيكون هناك تنسيق دائم بين قيادة القوة وأجهزة الأمن اللبنانية خصوصاً الجيش اللبناني، مشيراً إلى أنه جرى تعيين لجنة ارتباط لهذه الغاية لكنها لم تباشر مهامها حتى الآن.
ورأى القيادي الفلسطيني أن تشكيل القوة هو إنجاز مهم، ويجب ألاّ يتأثر عملها بأي إشكال أو حادث، وأن تثبت الفصائل أنها قادرة على حفظ الأمن في المخيم. وأشار إلى أن ما تم هو نموذج جديد تجمع عليه كل الفصائل والقوى الفلسطينية، وإذا نجحت سيُصار إلى تعميمها على كل المخيمات.
جولة مشاورات جديدة لبري لتفعيل عمل المؤسسات
سياسياً، يبدأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري مطلع هذا الأسبوع جولة مشاورات جديدة واتصالات مع الأفرقاء تتمحور حول الأمن والانتخابات الرئاسية. وأكد مصدر نيابي في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» إلى أن الأمن هو الهاجس الأول عند اللبنانيين، ولذلك فإنّ مشاورات الرئيس بري ستتركز على تحصين الوضع الأمني وتفعيل عمل المؤسسات.
وأشار المصدر إلى أننا أمام استحقاقات داهمة من رئاسة الجمهورية وصولاً إلى الانتخابات النيابية، لافتاً إلى أنه من المؤسف أن يتعطل عمل المجلس النيابي بفعل مقاطعة فريق معيّن للجلسات. واعتبر المصدر أنّ المجلس أمامه مهمات كثيرة كإقرار عدد من المشاريع والاقتراحات، وأن يطلع النواب بدورهم، فأيّ قانون انتخابي لا يمكن أن يقرّ في ظلّ مقاطعة 14 آذار للجلسات.
وشدد المصدر على أن الرئيس بري سيقوم بحركة اتصالات بما يتوجب عليه دوره لتفعيل عمل المؤسسات التي ستبلور الشؤون العامة.
وتمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الدعوة إلى جلسات يومية وإلزامية لانتخاب الرئيس، لأنّ البلاد لا تستطيع أن تبقى بلا رأس.
وجدد الراعي الدعوة إلى الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.
ونقل زوّار الرئيس بري عنه قوله إن ما يحكم تعيين الجلسة هو أمر نظامي. وقال: «عندما يحصل شيء جديد فأنا مستعدّ للدعوة إلى جلسة في أقل من 24 ساعة». ولاحظ بري أمام الزوار «أننا ما زلنا في مرحلة الانتظار وما يفرض الجمود هو الوضع في المنطقة».
بو صعب يتابع مشاوراته: الأجواء ليست إيجابية
من جهة أخرى يواصل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب اتصالاته مع السياسيين لإيجاد حلّ لملفيْ الجامعة اللبنانية وسلسلة الرتب والرواتب. وعلمت «البناء» أنّ الوزير بو صعب سيلتقي اليوم وغداً النائب عن حزب الكتائب سامي الجميّل، ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط بعدما التقى الأسبوع الفائت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة. وأكد بو صعب لـ»البناء» أن الأجواء ليست إيجابية، والواضح أنّ فريقاً اتخذ قراراً بتعطيل مجلس النواب، وبطريقة أو بأخرى تعطيل مجلس الوزراء الذي اقتصر نشاطه منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية على نقل اعتمادات لا أكثر.
وأكد بو صعب أنه دعا القوى السياسية إلى فصل ملفيْ التربية والتعليم عن التجاذبات السياسية رأفة بالطلاب، إلا انه لم يلق تجاوباً، مشيراً إلى أنّ المفارقة اليوم أنّ الخلافات التي بدأت تظهر عند بعض القوى السياسية في ما يتعلق بملفيْ الجامعة والتفرّغ لم تكن موجودة. وشدّد بو صعب على أنّ البلد مشلول ولا أحد يعلم الى أين ستذهب الأمور.