لقاء الخيبة: أردوغان ـ سلمان

زيارة لا بدّ منها. فكلّ شيء يجري بعكس ما كانت قد خططت له كبرى الدول العربية والإقليمية بخصوص الملفين السوري والعراقي وكلّ ما لهما من امتداد وتأثير على المشروع الإيراني الذي يسمّونه مشروعاً توسعياً. فالأحداث كلها في الأسبوعين الماضيين علت صافرات الإنذار لدى أنقرة والرياض.

تصفية زهران علوش وتحرير الرمادي وتبادل سلس لمسلحين وعوائل بين الفوعا وكفريا والزبداني وتعاون ملحوظ من الجهات المعنية، يؤكد أنّ هناك حلفاً قادراً على فرض شروطه، وآخر بات غير قادر إلا أن يخضع لحضوره التامّ من اليوم وصاعداً. ربما كلّ هذا يؤشر إلى أنّ هناك سكة تسوية ستنطلق من دون أن يوقفها أحد وهو، على ما يبدو، قرار روسي تمّ اتخاذه.

ربما وبعكس التوقعات التي تتحدث عن تعقيد ملف التفاوض بخصوص الأزمة السورية بسبب الخلاف الكبير بين روسيا وحكومة أردوغان، فإنه وعلى ما يبدو روسيا لم تتأثر كثيراً بهذا وكأنها ترسل ما يفيد بأنّ لأنقرة باباً أصيلاً هو واشنطن وأنّ العلاقة والتنسيق السياسي معها تحت سقف زمني محدّد لن يكون قابلاً للتأثر بأيّ من محاولات تركيا لملمة أنقاض مشروع بائد عدا عن أنّ موسكو تعرف أنّ العقد التركية تنتفي بأمر أميركي مثل ذلك الأمر الذي جاء من أروقة البيت الأبيض ورتّب على أنقرة سحب القوات التركية من الموصل، وهو الأمر نفسه الذي أكد استحالة أن تحصل تركيا على أرض عازلة حاربت لأجلها خمس سنوات في الشمال السوري.

أما السُّعودية التي تعيش عجزاً مهولاً في ميزانيتها أعلن عنه ملكها، فهي تعيش الخيبة ذاتها التي تعيشها تركيا اليوم. وعلى هذا الأساس، كان لا بدّ من أن يدعو الملك سلمان إلى لقاء مطول لمدة يومين بينه وبين أردوغان من أجل الحديث عن كيفية مواجهة المرحلة المقبلة بعدما أيقن الطرفان أنّ كلّ شيء سيسير رغماً عن إرادتهما، خصوصاً أنّ الفرص التي منحتها روسيا للطرفين لحفظ ماء وجهيهما قد نفذت وأنّ العملية السياسية أصبحت في قطار قد يتسارع من دون انتظار تحديات بالية.

الملفت أنّ خصوم الأمس باتوا على قلب واحد، فإخوانية تركيا ووهابية السعودية والاقتتال بالمشروعين ودور السعودية الكبير في انتزاع الحكم من الإخوان في مصر وأذية مشروع أردوغان، كلّ ذلك بات اليوم وراء ظهر الدولتين بسبب المصيبة الأكبر التي على ما يبدو قد تجعل منهما مجرد أرقام إذا ثبت أنّ هناك اتفاقاً على العملية السياسية في سورية بين واشنطن وموسكو، وقد انضمت إليهما فرنسا مؤخراً مع الحديث عن دور فرنسي فاعل في مكافحة الإرهاب منذ حوادث باريس ليدرك سلمان وأردوغان أن لا مجال للعودة إلى الوراء.

لقاء لملمة الخيبة لا بدّ منه لتدارك الأمر بعد بدء استهدافات ورسائل روسية على مستوى هام مثل تصفية زهران علوش، وبالتالي على السعودية وتركيا أن تقتنعا بأنه حان الوقت للانضمام إلى سكة حلول بأقلّ خسائر ممكنة، وإلا فإنّ روسيا التي اتخذت قرار المضي بالتخلص من كلّ ما يعيق العملية السياسية ويسهم في تمدُّد الإرهاب لن توفر أحداً والقرار الأممي الأخير بشأن سورية خير دليل على إعلان عريض بأنّ السنة المقبلة هي سنة السياسة وثبات نجاح روسيا وحلفائها في حسم المشهد برمته.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى